أراضينا المستباحة في جنجس وجوفة السّوق
قبل أيّام قليلة قام مستوطن إسرائيليّ وتحت حراسة الجيش الإسرائيليّ ببناء خيمة استيطانيّة على التلّة الفاصلة بين منطقة جنجس وجوفة السّوق، في براري عرب السواحرة قضاء القدس، وهي منطقة زراعيّة خصبة، وليست صحراويّة كما يسمّيها المحتلون، عندما يطلقون عليها "صحراء يهودا". وتبعد هذه المنطقة حوالي اثني عشر كيلومترا جنوب شرق المسجد الأقصى.
وبناء الخيمة الإستيطانيّة يعني البداية لبؤرة استيطانيّة، لن تلبث الحكومة الإسرائيليّة للإعلان عنها كمستوطنة معترف بها ضمن مخططها الإستيطاني والذي يهدف لربط ما يسمّى "غوش عتصيون" قرب بلدة بيت فجّار، بمستوطنة الخان الأحمر"معاليه أدوميم" حيث امتدّ الإستيطان بحيث يطوّق منطقة بيت لحم من جنوبها، ليضعها بين فكّيّ تجمّعات استيطانيّة من الشّمال والغرب والشّرق. وهذا يرمي إلى تطويق مدينة القدس بحزام استيطانيّ محكم، ليعزلها عن محيطها الفلسطينيّ وامتدادها العربي.
وأراضي السّواحرة التي يستهدفها غول الإستيطان الحاليّ ملكيّات خاصّة تعود لعائلات معروفة من السّواحرة، وأنا شخصيّا وإخوتي وأخواتي نملك في جنجس مئات الدونمات التي ورثناها عن المرحوم والدنا، وكانت مصدر رزقنا الذي يزوّدنا بالقمح والشّعير والعدس وغيره من الحبوب. كما أنّ لنا ذكريات في تلك المنطقة، فالمرحومة عمّتي نوّارة غرقت عام 1910 في بير السّوق الذي سقطت فيه قبل أن تبلغ الثّامنة من عمرها.
وهذه ليست المرّة الأولى التي يستهدف الإحتلال أراضي بلدتنا، ففي العام 1972 أقام المحتلون مستوطنة دار المندوب" أرمون نهناتسيف" على قمّة جبل المكبّر وسفوحه الغربيّة، وهي أراض يملكها أشخاص من السواحرة وصورباهر.
وبعدها أقاموا مستوطنة زراعيّة في أراضي خربة قمران على شاطئ البحر الميّت، وفي بداية ثمانينات القرن العشرين أقاموا مستوطنة كرفانات أسموها "نيئوت كيدار"على جبل أبو حسين الذي تملكه عائلة أبو حسين من حامولة الجعافرة، وتبعها لاحقا مستوطنة "كيدار" على أراضي الخلايل التي تملكها عائلة الحاج خليل من حامولة الشقيرات وعائلات من أبوديس.
وتأتي الخيمة الإستيطانيّة الجديدة، كبؤرة استيطانيّة ستتعدّى أراضي جنجس وجوفة السّوق ومنطقة الدّبّة.
لقد هبّ أبناء السّواحرة للدّفاع عن أراضيهم وأقاموا خيمة اعتصام قريبا من خيمة المستوطن المعتدي، وتوافدت للتّضامن معهم شخصيّات رسميّة ووفود شعبيّة. لكن السّؤال الذي يطرح نفسه هو إلى متى ستبقى الأراضي الفلسطينيّة، ومنها أراضي السّواحرة نهبا لقطعان المستوطنين، الذين ترعاهم الحكومة الإسرائيليّة، ويحميهم جيش الإحتلال الإسرائيليّ، وتموّل البناء الإستيطاني الإدارة الأمريكيّة، في ظلّ صمت عربيّ رسميّ مريب ومعيب؟
وسوم: العدد 843