الجهل سيّد الموقف
زلازل: تقصف اسرائيل أحياء سكّانيّة وتدمّر بيوتا، وتقتل مدنيّين من مختلف الأعمار، وتبرّر ذلك، ويبدي قادتها أسفهم لقتل المدنيّين! وتعلن عن تشكيل لجان تحقيق حول ظروف قتل المدنيّين، وتكسب الرّأي العامّ العالميّ، مع أنّ تقارير لجانها لاحقا تبرّر بأنّ الجنود قد تصرّفوا حسب القانون!
وتصدر فصائل فلسطينيّة بيانات رنّانة بأنّ ردّها سيكون مزلزلا، وكأنّهم هم من يزلزلون الأرض! فتنعكس الأمور وينظر إلينا الرّأي العامّ العالميّ كإرهابيّين مع أنّنا ضحايا للإرهاب.
تبرئة: يستهدف جنود الاحتلال الأطبّاء والمسعفين، والصحفيّين والأطفال والنّساء والشّيوخ، وتتسابق بعض الفصائل بتبنّي الضّحايا، حتّى أنّ البعض دبلج صورا لطبيب استشهد في ساحة المستشفى وهو يسعف مصابين، ليظهر بلباس عسكريّ وبيديه بندقيّتان وعلى صدرة بندقيّة ثالثة، دون أن يدركوا أنّ هذه الدّبلجة براءة لقاتليه من دمه، فهل يوجد محارب يخرج إلى الحرب بثلاثة بنادق؟
قيادات: ومن العمى الإعلاميّ والسّياسيّ أنّه كلّما ارتقى فتى أو فتاة سلّم المجد شهيدا، وقد يكون مظلوما، فنجد فصيلا أو فصائل يتبنّونه وينعونه بالشّهيد القائد! فكيف صار قائدا وهو لا يزال طفلا؟ وإذا كان فتياننا كلّهم قيادات، فمن أين سنأتي بشعب يأتمر بأوامر هذه القيادات؟ ويزداد الطّين بلّة عندما ينعى الضّحيّة ذووه"بكل فخر واعتزاز"! ويتقبّل البعض منهم التّهاني "بابنهم الشّهيد"! فعن أيّ فخر واعتزاز يتكلّمون؟ وكيف علموا أنّ ابنهم شهيدا؟ وهل ابنهم زائد عن الحاجة كي يتقبّلوا التّهاني بوفاته؟
التّكفير والتّخوين: ولجهل الكثيرين منّا فإنّ حرّية الرّأي التي ينادي بها كثيرون دون أن يطبّقها بعضهم على نفسه، فإنّ البعض منّا لا يستوعب مفهوم الاختلاف في الرّأي، وهو على قناعة تامّة بأن من ليس معي فهو ضدّي، لذا تعدّدت الفصائل والأحزاب، وكلّ منها يزعم أنّه المالك الوحيد للحقيقة، رغم عدم وجود انجازات ملموسة، لذا انتشرت سياسة التّكفير والتّخوين بين ظهرانينا.
أسوأ محامين: تمتلك الحركة الصّهيونيّة طاحونة إعلام هائلة، ولديها إعلاميّون محترفون، استطاعوا من خلالها تضليل الرّأي العامّ العالميّ، الذي يعتبرها "واحة الدّيموقراطيّة في الشّرق الأوسط، رغم أنّها تحتلّ الأراضي العربيّة، ولديها قوانين عنصريّة، وتتجاهل القانون الدّوليّ، ولوائح حقوق الإنسان. وفي المقابل هناك إعلام عربيّ عاجز، مهمّته تسويق سياسة النّظام الذي يموّله، ومنه ما يخدم السّياسات المعادية ويروّجها ليساهم في تضليل شعوبنا، ولا يخدم قضايا الأمّة المصيريّة كالقضيّة الفلسطينيّة، ولا يعرف كيف يخاطب الشّعوب الأخرى، فلماذا نلوم الشّعوب الأخرى لأنها تجهل حقيقة ما يجري في بلداننا وعلى أراضينا، ما دمنا أسوأ محامين لأعدل قضيّة؟
وسوم: العدد 1002