الرفق بالحيوان لا يكون بالإساءة إلى علاقة الجوار
لقد انتشرت مؤخرا في مدينتنا بشكل لافت ظاهرة بيع الطعام المجفف الخاص بالكلاب والقطط التي ما زالت في تناسل وتكاثر مستمرين حتى أن صاحب وراقة في حينا أدار ظهره للورق والكتب والمجلات التي صارت تجارة كاسية ، وأقبل على تجارة هذا طعام لأنها صارت رائجة ومربحة .
ومعلوم أن هذه الحيوانات المنتشرة في كل أحياء المدينة ليس لها أرباب يربونها في بيوتهم و يتعهدونها بالعناية والرعاية من خلال توفير أماكن تأويها ، فضلا عن تطبيبها ، وتنظيفها خصوصا القطط الطوافة على الناس بحكم طبيعتها.
ومعلوم أن هذه الأخيرة إذا أهملت فإنها تقتات من القمامات، وهي بذلك معرضة للأمراض التي يمكن أن تنشرها بينهم ،خاصة وهي لا تجد مساحات تقضي فيها حاجتها ، فتعمد لقضائها إلى كل مساحة فارغة في واجهات المساكن خصوصا تلك التي توجد فيه مساحات خضراء ، فتنتشر فيها الروائح الكريهة المنبعثة من أبوالها وفضلاتها التي تدسها في ترابها ، ومع تكاثرها يوما بعد يوم تصير مصدر قلق لأصحاب تلك المنازل التي تدنسها تلك القطط الشاردة التي لا أرباب لها ، ومع غياب هؤلاء بدأت ظاهرة إطعامها تنتشر في الأحياء حيث يعمد بعضهم إلى توزيع الطعام المجففة عليها ، وقد ألفت منهم ذلك ، وهم يفعلون ذلك رغبة في الأجر والثواب عند الله عز وجل ، ولكنهم يطلبون هذا الثواب على حساب جيرانهم ممن يعانون من أذاها اليومي ، ولا يمكن أن ينال الإنسان أجرا عند الله عز وجل وهو يؤذي جاره بل هو يكسب سوءا متعمدا وعن سبق إصرار كما هو الشأن على سبيل المثال بالنسبة لأحد جيراننا حيث يخرج إلى صلاة الصبح ، فيجد قططا تنتظره عند باب منزله ، فيوزع عليها وجبة الصباح ثم يدخل المسجد وفي اعتقاده أنه قد تقرب بذلك إلى الله عز وجل وهو لا يلقي بالا إلى حجم الإساءة التي يسيء بها إلى جيرانه ممن تتبول وتتغوط تلك القطط في محيط منازلهم خصوصا وأن واجهة منزله مبلطة وهي بذلك في منأى عن الاذى لا تستهوي تلك القطط كما تستهويها المساحات الخضراء، ولقد نبهته مرارا وتكرارا إلى إساءته للجوار لكنه أصر على فعله .
ولو كان بالفعل يبتغي الأجر عند الله عز وجل، لتبني واحدا أو أكثر من تلك القطط ، وهيأ لها في بيته مأوى يؤويها ، وطبّبها عند البيطري ، وأعد لها خلاء تختلي فيه ، وكان بذلك أبا هريرة حيّنا لكنه ممن يلتمسون الحسنة السهلة الميسرة والمشوبة بإذاية الغير، وقد نسي أنه من صنف المفلسين الذي يأتون يوم القيامة بحسنات يصرفونها لمن أساءوا إليهم ، وقد تنفذ حسناتهم ، فلا يجدون ما يصرفون منها ،فتوضع على كواهلهم ذنوب من أساءوا إليهم ، وتكون عاقبتهم سيئة كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأخيرا ومن هذا المنبر أدعو كل من يحاكون فعل جارنا هذا غفر الله لنا وله ،وبصره وبصرنا بعيوبنا أن يتقوا الله تعالى في جيرانهم ، وليكن إحسانهم إلى تلك الحيوانات الطوافة عن طريق احتضانها في بيوتهم ورعايتها إيواءا ، وتطبيبا ، وإطعاما ، وتنظيفا ، وليعلموا أن الرفق بها لا يكون بالإساءة إلى علاقة الجوار
وسوم: العدد 1016