ليت شعري كيف سيكون شكل مدونة الأسرة بعد تعديلها ؟
بالأمس تم الإعلام عن الأمر الملكي السامي لمن يهمهم الأمر بالعكوف على مراجعة مدونة الأسرة، تفعيلا لما جاء في خطاب العرش ،مع إمهالهم نصف سنة لتقديم التعديل لجلالته كي يصدر فيه أمره المطاع .
والرأي العام الوطني منشغل بهذا التعديل، الذي طالبت به عدة جهات غير راضية على المدونة في شكلها الحالي . وربما انقسم الرأي العام إلى مستبشرخيرا بالتعديل، ومتوجس منه نظرا لاختلاف التوجهات والمرجعيات .ولا شك أن من يعنيهم أمر هذا التعديل، سيضعون في حسابهم أولا المرجعية الإسلامية قبل كل شيء انسجاما مع إمارة المؤمنين، ثم سيحاولون التوفيق بين المطالب التي لا يمكن أن تخرج عن إطار مرجعيتنا الإسلامية ، وعن إطار إمارة المؤمنين . ولا مندوحة لمن يهمهم أمر التعديل على اختلاف تخصصاتهم عن الاحتراز من كل غريب دخيل عن مرجعيتنا الإسلامية وثقافتنا، وعاداتنا، وتقاليدنا الأصيلة ، قد يكون مناقضا لها ، ونقصد بالضبط ما ترومه العلمانية الغربية من فرض بعض تصوراتها علينا عن طريق أي شكل من أشكال الضغط ، وذلك بواسطة من ينوبون عنها من بني جلدتنا في تسويق تلك التصورات تحت شعارات الحداثة ،والمدنية، والحريات، والتسامح ، والتعايش... بالمفهوم الغربي البعيد عن مفهومنا الإسلامي.
ومعلوم أن المغاربة متشبثون بشرع ربهم كما جاء في كتاب ربهم سبحانه وتعالى ، وفي سنة رسوله صلى الله عليه، لا يقبلون عنه بديلا خصوصا في أحوالهم الشخصية . ولعل أهل الحل والعقد من العلماء بهذا الشرع هم حراسه الذين لا ولن يقبلون بغيره من الشرائع الدخيلة والمناقضة له ، وهم اليوم أمام مسوؤلية جسيمة، وقد دعوا إلى أن يكون طرفا في أمر تعديل المدونة ، وعليهم أن يستحضروا أنهم سيلقون ربهم، وسيسألون بين يديه يوم القيامة إن هم سمحوا بمرور ما لا يقره شرعه إلى المدونة في شكلها المعدل ، ولا عذر لأحد منهم إن حصل شيء من ذلك لا قدر الله . أما ما دون ذلك مما لا يتناقض مع ما قضى الله ورسوله، فلهم أن يعتمدوا فيه على ما حابهم به الله تعالى من علم ، وفهم، وفقه سديد في إطار ما تسمح به قواعد الاجتهاد، و دون خضوع لضغوط مهما كان مصدرها، وألا يخشون في ذلك إلا الله عز وجل .
والأمل معلق عليهم لإخراج المدونة في شكل يرضي أولا وقبل كل شيء الله عز وجل ، ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وعموم المسلمين ، وأن يكونوا في مستوى المسؤولية التي أوكلها لهم الله تعالى ، وأن يكونوا في مستوى الثقة التي وضعها فيهم أمير المؤمنين وفقه الله تعالى لما فيه خير شعبه المسلم .
وسوم: العدد 1051