مفسدات الأخوة الإسلامية ومفككات رابطتها
لن أزعم، ولن أدعي أنني سأبلغ شأو كبار العلماء المصلحين أو المفكرين الخبراء الذين شخصوا حال الأمة الإسلامية نهاية القرن التاسع عشر ، وبداية القرن العشرين ، يوم كانت معظم بلادها تحت الاحتلال الصليبي الذي أعاد يومئذ كرة من كرات حروبه الصليبية المتتابعة عليها عبر قرون ، والتي كانت طورا سجالا بين الهلال والصليب، وطورا آخر كان فيها غالب ومغلوب .ولقد حاول الغرب الصليبي أن يموه على طبيعة حروبه الصليبية مع الأمة الإسلامية خلال القرنين الماضيين ، ولكن روحها الصليبية ظلت حاضرة بقوة ، مع أن الأمم الغربية المحتلة لبلاد الإسلام نحت منحى العلمانية ، لكنها ظلت صليبية في عمق انتمائها ، ولا زالت تلك الروح حاضرة فيها إلى حد الساعة ، ولن تتغير حتى تقوم الساعة، مصداقا لقوله تعالى : (( ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا )) وقوله أيضا : (( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم )) .
والداعي إلى طرق موضوع مفسدات الأخوة الإسلامية، ومفككات رابطتها في هذا الظرف بالذات الذي يطعن فيه قلبها النابض في الصميم بفلسطين المحتلة ذات الرمزية الدينية الإسلامية القوية من طرف الصهيونية المدعومة بالصليبية ، هو تردي حال هذه الأمة المسلمة عما كانت عليه في القرنيين الماضيين ، وقد ازدادت سوءا عما كانت عليه ، فتمزقت كل ممزق ، وتفرقت شذر مذر، وما تجرأت عليها الصهيونية ومعها الصليبية في قلبها النابض إلا بسبب هذه الحال المزرية للغاية.
ودون الخوض بتفاصيل في توصيف هذه الحال المؤسفة والمحزنة، سنركز على الأسباب الكامنة وراءها ،وهي عبارة عن مفسدات للأخوة الإسلامية ، ومفككات لرابطتها ، وهي كالآتي :
1 ـ جمود أوضاع الأمة حيث تركها المحتل الصليبي الغربي بعد فترات احتلالها، حيث لم تلملم جراحها ، ولم تجمع شتات شملها بعدما قسمها إلى رقع ممزعة، وإلى قوميات متنافرة بعدما بث فيها سموم أفكاره الهدامة ، ومسخ هويتها الإسلامية مسخا غير مسبوق ، وزين لها هويات هجينة من اختراعه كي تظل تابعة له ، ومسخرة عنده تسخير عبودية، ومقدراتها قُنوت له ، وقد أغراها بالدخول إلى ما سماه عصر الحداثة ، كما أغراها باللحاق بركبه الحضاري المادي المتغول مقابل تخليها عن رصيدها الروحي الذي كانت تنافحه به عن هويتها طيلة نزالها الطويل معه خلال قرون خلت . وعن هذه السبب الأم تفرعت أسباب عدة ، نذكر منها :
2 ـ الخلاف العقدي والمذهبي المزمن الذي شطر الأمة الإسلامية إلى شطرين كبيرين، فجعلها سنة وشيعة ، وكل شطر منهما تشظى بدوره إلى شظايا يطبعها الصراع المحتدم ، والعداوة والبغضاء باسم الدين ، مع التماس المبررات والذرائع الواهية لذلك من خلال التعسف في تأويل نصوص الوحي قرآنا وسنة ، مع إقحام الأهواء الجامحة في التعامل معهما ، وافتراء الكذب والبهتان الصارخين عليهما ، وإلحاق أنواع من الأباطيل بهما ، وهو ما ألقى بالأمة في بحر حيرة لجي ، لا تدري كيف تنجو منها ، ولا أي طوق نجاة تتشبث به .وصارت تتشبث بحلم الانتماء إلى ما تسميه الفرقة الناجية المفارقة لسبعين فرقة كلها ضالة ، ولا تدري أهي بالفعل ناجية أم أنها مع الهالكات ؟ وكل ما تدريه أنها تعيش أسوأ حال بسبب خلافها العقدي والمذهبي الذي يرى كل طرف فيه أنه وحده على الحق المبين واليقين وأن غيره على أباطيل ، علما بأن أعداء الإسلام لا يفرقون بين شرائح الأمة الإسلامية المتباينة تصوراتها ومعتقداتها ، بل يحشرونهم جميعا تحت مسمى واحد يمثله الهلال كما كانوا يعتبرونهم دائما ، ولكنهم يستغلون شتات أمرهم، ويستفيدون من تشرذمهم ، ويوظفونه من أجل تسعير نيران العداوة والبغضاء بينهم التي سرعان ما تتحول من مستوى السباب والشتائم واللعنات إلى صراعات مسلحة دامية تجني الصهيونية والصليبية ثمارها كما هو الوضع في هذا الظرف بالذات .
3 ـ الخلاف العرقي أو الإثني الموروث عن صراع ثنائية العروبية والشعوبية إذ لا زالت الشعوب غير العربية التي دخلت الإسلام لم تتجاوز الخلاص من عقدة التشوق والحنين إلى ماضيها العرقي أو الإثني كسرويا أو قيصريا ... أو غير ذلك من الإثنيات ، علما بأنه لا تخلو رقعة من بلاد الإسلام إلا وتعددت فيها هذه الإثنيات ذات الحنين إلى عهد ما قبل دخولها الإسلام ، وبعضها يعتبر الإسلام مجرد غزو عربي . ولا زالت الشعوبية ضاربة أطنابها في البلاد التي دخلها الإسلام والتي تفضحها سلوكات عرقية متشنجة تصب في إضمار العداء لكل ما له صلة بالعروبة بما في ذلك اللغة العربية التي لولا أنها وعاء الوحي قرآنا وسنة، لكانت في خبر كان في كل تلك البلاد، ولكن الله تعالى كتب لها الحفظ الذي حفظ به كتابه. ومن تلك السلوكات على سبيل المثال لا الحصر التعصب ضد اللغة العربية نطقا ورسما في بعض البلاد المحسوبة على الإسلام ـ يا حسرتاه ـ حتى بلغ الأمر ببعضها حد سحب اليافطات أواللوحات المرسومة بالخط العربي من واجهات المحلات التجارية وغيرها ، ونذكر بلد تركيا نموذجا ، وقد سجلت عدة فيديوهات متداولة على أوسع نطاق عبر وسائل التواصل الاجتماعي هذا السلوك الشعوبي المتشنج، والمعادي للعربية فيها . ولا تقتصر الشعوبية على الأتراك وحدهم اوقد استبدلوا رسم لغتهم بغير الخط العربي، بل تشاركهم في ذلك غيرهم من الإثنيات التي وإن اعتمدت على الخط العربي في رسم لغاتها، لكنها لم يغيب عن وجدانها التعصب لإثنيتها على حساب الإثنية العربية ،والشعور تجاهها بالتفوق ، واحتقارها ، والترفع عنها ، علما بأن هذه الأخيرة في بعض البلاد العربية صارت عروبيتها أيضا متشنجة ومزمنة كما هو الحال في بعض البلاد التي أطغاها يسارها أو مقدراتها ، وصارت تنظر إلى غيرها عربا وعجما على حد سواء نظرة ازدراء ، و احتقار واستخفاف . وخلاصة القول أن جذوة الصراع بين العروبية والشعوبية لا زالت متقدة ، وقد وجدت وقودها الجزل في الاختلاف العقدي والمذهبي السني والشيعي، وما يتشظى عن كل واحد منهما من فرق ونحل شتى، مما يزيد الهوة اتساعا داخل التمذهب الواحد ، ويزيد من اتساع الفتوق على الرتوق .
3 ـ انتشارعدوى العلمانية في ربوع البلاد الإسلامية بسبب خضوعها للاحتلال الغربي الصليبي ، ذلك أن العلمانية كانت هي الجمرة الخبيثة التي انتشرت عدواها بين شرائح مستلبة من أبناء الإسلام ، خصوصا تلك المنتمية منها إلى إثنيات معادية للإثنية العربية ، وقد تحول أفرادها إلى طوابير خامسة تنوب عن الدول الغربية المحتلة سابقا في نشر علمانيتها ، وقد بدأت حركاتهم أول الأمر محتشمة ، تتحاشى التصريح بحقيقة هويتها العلمانية، لكنها سرعان ما خرجت إلى العلن بدعم من الغرب العلماني الذي تبناها ، واستماتت في الدفاع عن هويتها المكتسبة ، وصارت تعتبر نفسها أصلا بينما تعتبر الهوية الإسلامية فرعا أو دخيلة . ومعلوم أن من مكن للعلمانية في بلاد تركيا المسلمة هم تلك الطوابير العلمانية الخامسة والتي كان على رأسها مصطفى أتاتورك ،وقد وجدت الشعوبية التركية يومئذ ضالتها في التيار العلماني فاحتضنته بقوة ، وانبرت لإظهار العداء للإسلام ومحاربته باعتباره عروبيا بالنسبة إليها ، وباعتباره أيضا قد صادر أمجادها ، وقضى على حضارتها التي كانت لها قبل انتشار الإسلام في بلادها .وتعتبر العلمانية المتغلغلة في البلاد الإسلامية سلاحا فتاكا استعملته الصليبية الغربية من أجل محاربة الإسلام ، والقضاء على هويته دون الكشف عن خلفيتها الصليبية المتوارية خلف توجهها العلماني ، ودون تحسيس الأمة الإسلامية بأن الأمر يتعلق بجولة من جولات الحروب الصليبية مع التمويه على ذلك بما سمي عولمة القيم العلمانية في كل المعمور ، وما تلك القيم سوى قيم الغرب الصليبي عقيدة ، والعلماني منهجا .
4 ـ غياب الكارزمية والقيادة العلمية الموجهة لشعوب الأمة الإسلامية كي تستفيق من حالة الجمود والركود الحضاري ، ومن حالة التبعية الفكرية لمحتل الأمس المستحوذ عليها فكريا وإيديولوجيا ،وهو الذي رحلت جيوشه الغازية ، ولكن بقي غزوه الفكري وهاجا ومتجذرا في الأمة ، وقد كفاه هذا الغزو الخطير إنفاق الأموال الطائلة على عمليات الغزو العسكري التي كان الغرض منها أصلا هو تكريس الغزو الفكري المدمر للهوية الإسلامية . ومع كثرة علماء الأمة الإسلامية ، فإنه لا أحد منهم تحققت لديه كاريزما تجتمع حوله الأمة بسببها . ومن المؤسف أن علماء الأمة انقسموا على أنفسهم ، فصار منهم علماء السلطان المترسمون كما سماهم أبو حامد الغزالي في مقدمة كتابه إحياء علوم الدين ، وهم يستفتون أصحاب السلطان عوض أن يفتوهم ، وصار منهم أيضاعلماء إرضاء العامة والسوقة والتقرب إليهم بأحاديث كلها انتقاد لأصحاب السلطان ، عوض توجه هؤلاء مباشرة بالنصح إلى زملائهم المترسمين لثنيهم عن خيانة أمانتهم العظمى وذلك بالنصح لولاة الأمور عوض تملقهم طمعا في الرسوم ، وصار منهم كذلك ساكتون سكوت الشياطين الخرس عن قول الحق ، وصار منهم أيضا علماء الجماعات والطوائف يتفانون في خدمتها عوض خدمة الأمة ، مع أنهم يدّعون ذلك وواقع الحال يكذب ادعاءهم . وكل هؤلاء لا رابط بينهم يوحدهم من أجل لمّ شمل الأمة ، وبينهم صراعات عميقة تصل أحيانا إلى درجات مؤسفة من الشراسة والعدوانية ، وهو ما جعل الأمة تفقد الثقة فيهم ، وهي اليوم بمثابة رعية بلا رعاة يرعونها الرعاية الشرعية التي استأمنهم الله تعالى عليها ، والتي سيحاسبهم عليها يوم لقائه .
5 ـ غياب الكاريزما القيادية أو السياسية لدى ساسة الأمة ، ووجود هوة سحيقة تفصلهم عن شعوبهم ، ذلك أنهم لا تجمع بينهم روابط أخوة وتعاون حقيقيين، بل علاقتهم فيما بينهم شكلية إذ يجتمعون في محافل صورية موزعة ما بين ما هو قومي عروبي ، وما هو ديني، لكن دون فعالية أو جدوى، بل يحضرونها بين الحين والآخر ، وفي مناسبات تكون غالبا كارثية ، ثم ينصرفون منها بقرارات عبارة عن حبر على ورق دون أن يحققوا حتى الحد الأدنى من تجاوز النزاعات فيما بينهم ، وإنهاء الخلافات بل العداوات فيما بينهم . ولم تتمخض أبدا عن تناوبهم على رئاسة تلك المحافل كاريزما قيادية أوسياسية حقيقة توحد وتجمع ولا تفرق ، وتصلح ولا تفسد، ولا تعمق الخلافات والعداوات ، ولذلك لا يوجد بلد مسلم ليس له قطيعة وعداوة مع البلد الجار بسبب الخلافات بين القادة ، والتي تنتقل منهم عدواها إلى الشعوب لتعمق من شتات الأمة وتمزقها .
6 ـ انشغال الأمة عن فريضة التداعي أو التآزر في الملمات حيث لا تتداعى شعوبها تجاوبا أو استجابة لشكاة بعضها البعض كما جاء في وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم للأمة المسلمة حين شبهها بالجسد الواحد الذي تتداعى أعضاؤه سهرا وحمى إذا اشتكى العضو الواحد منها . والمؤسف أن يصل الأمر إلى حد شماتة شعب مسلم بشعب شقيق حين تحل به المصائب والكوارث ، ولهذا صارت لقاءات شعوب الأمة عند أداء مناسك الحج والعمرة صورية فارغة من الدلالة على الأخوة الإسلامية الحقة ،حيث يحضر المسلمون عند بيت الله الحرام ، و عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ينصرفون عنهما كما أقبلوا عليهم لم يشهدوا منافع لهم كما أمر الله تعالى في كتابه الكريم ، وعلى رأس تلك المنافع التواصل الحقيقي ، والتداعي عوض التهافت على اقتناء بضائع الأمم الأخرى التي تغتني بأموال المسلمين من أجل رفاهيتها ، وفي حين يموت المسلمون جوعا ومرضا ، ولا يصل إليهم شيء مما يجبى سنويا إلى بيت الله الحرام بل يصرف على اللهو والعبث من فن ورياضة ...
7 ـ رقة تدين الأمة الذي يعكسه الانصراف الكلي عن بذل الجهد والاجتهاد في العبادات بالرغم من كثرة بيوت الله التي صارت كالكنائس تفتح لبضع دقائق من أجل الصلوات الخمس ثم تغلق ، فلا علم يلقن فيها ، ولا توجيه ولا إرشاد يعطى فيها إلا القليل منه في شهر رمضان . ويقع التركيز على عمارتها الهندسية مع الانصراف الكلي عن عمارتها البشرية ، فيهتم بالبنيان ، بينما يهمل الإنسان . ولن تعود الأمة إلى ما كان عليه سلفها الصالح من استقامة وحسن تدين إلا بانتقالها من رقة تدينها إلى شدته ، ولن يصلح حالها إلا بما صلح به أمر اولها ، وهذه مسؤوليتها، وعلى رأس المسؤولين عن ذلك قادتها وعلماؤها.
8 ـ انصراف الأمة إلى الاشتغال الكلي بالدنيا ليس اشتغال عبادة، بل اشتغال طلب للملذات ، وهو ما جعل إقبالها على الاستهلاك المادي أقصى غايتها ، وشغلها الشاغل الذي يشغلها عن عظائم الأمور من قبيل ضياع مقدساتها ، والغفلة عما يحوكه أعداؤها ضدها من مؤامرات تستهدف دينها ، وهويتها الإسلامية ، وتهدد كيانها الأسري من خلال قصف النواة الصلبة للمجتمعات الإسلامية التي هي الأسر وهي ركائزها المحافظة على ثباتها وبقائها وصيانة بيضتها . ومما تقوم به الأمم المتربصة سوءا وشرا بالأمة المسلمة صرفها إلى التهافت على زينة الحياة الدنيا والانشغال بها عما يدبر لها حتى صارت تقبل على سلع توفر الأموال الطائلة لمن يحتل أجزاء من أرضها ، ويقتل أهلها ، ويهجرهم ، ومن المؤسف أن تستغل هذه الأموال لإطعام المحتل ، والمسلمون المحتلة أرضهم جياع . ومن الانشغال بالدنيا الانشغال بكل أنواع اللهو واللعب ، وعلى رأسها لهو ولعب كرة القدم التي صارت شعوب الأمة المسلمة تحاكي غيرها في الإدمان على متابعتها ،والمشكل أنها صارت شبه يومية ، وصارت مواسمها تستهلك من أيام الحول معظمها، ويهدر وقت الأمة فيها، وهي في الدرك الأسفل من التخلف وسوء الحال .
9 ـ إهمال الأمة تربية ناشئتها التربية الصحيحة على قيم دينها القويم حيث تخلت الأسر المسلمة على واجب رعاية هذه الناشئة ، وهو واجب شرعي ستسأل عنه أمام الله عز وجل يوم القيامة ، وقد أهملتها ، وتركتها ضحية لتنشئة غريبة عن دينها تمررها لها أمم أخرى عبر وسائل الإعلام ، ووسائل التواصل الاجتماعي التي تعمل في الإنسان عمل المعول في البنيان . ولقد صارت ناشئتنا المسلمة في وضع أخلاقي هجين بسبب طمس معالم هويتها طمسا مقصودا ومتعمدا ، وقد أثر ذلك على تحصيلها التعلمي والعلمي ، وجعلها في مؤخرة الركب بين شعوب المعمور، وحتى نوابغها إنما يقطفون كما تقطف الزهور الجميلة ،وتوضع كباقات في مزهريات يستمتع بها الأغيار. ومما استهدفت به أيضا ناشئة الأمة المسلمة لمسخ هويتها شغلها كليا بغريزة الجنس ، وتزيين الفواحش لها بما فيها فاحشة قوم لوط المقرفة ، وترغيبها في الشذوذ ، وتزيينه لها لصرفها عن الطهر والعفاف ، والتطويح بها في أوحال الدنس والقذارة ، وذلك في غياب أو غفلة الآباء والأمهات والمربين ، وفي عطل المنظومات التربوية التي لم تسلم من المؤامرات والدسائس وقد أوكل أمرها إلى الأعداء والسفهاء .
10 ـ خضوع الأمة واستسلامها الكلي لما يراد بها سواء ممن يسوسونها أو ممن كانوا يحتلون أوطانها عسكريا ،وصاروا يحكمونها فكريا وإيديولوجيا ، ومجاراتها لمسرحيات انتخابية هزلية ، توهمها بأنها ذات إرادة ، وقد سلبت منها ، وهي لا تعرف من حرية الرأي ،أو حرية التعبير ، أوحرية التصويت إلا شعاراتها ، وليس لها تمثيل حقيقي في برلمانات أقطارها ، ولا أثر لتشريع يصدر عنها ، فهي تستهلك فقط ما يفرض عليها فرضا ، ويكون رد فعها على ما يفعل بها الخضوع والخنوع التامين ، وقد تُرعب بواسطة مشاهد من القمع الشديد حين تقوم طوائف منها بالانتفاض ضد الاستبداد والقهر ، وتكون عبرة لباقي الطوائف الخاضعة والمستكينة، والتي تؤثر السلامة على الندامة .
هذه العشر المفسدة للإخوة الإسلامية ، والمفككة لرابطتها، تغني عن سرد غيرها مما لا يتسع الجمال للخوض فيها ، وحسب ما ذكر منها أن يكون منبها للأمة كي تفيق من غفلتها ، إذا توفرت لديها الإرادة والعزم ، وما التوفيق إلا بالله عز وجل الذي يؤتي الخير من يعلم فيه خيرا.
وسوم: العدد 1082