زهير بن أبي أميَّة

منذ نعومة أظفارنا درسنا في الابتدائية عن حصار شِعب أبي طالب، وما عاناه الرسول – صلى الله عليه وسلَّم – من تعنت المشركين في تجويع المسلمين والضغط عليهم لكي يتنازلوا عن منهج الحق المبين.

   والقتل بالتجويع عقوبة قديمة يفرضها الطغاة على منكري ألوهيتهم وربوبيتهم، ولا يزالون يتفننون في سُبل تركيع مناوئيهم حتى يثنوهم عن فكرتهم التي يعتقدون.

   وغزة تقع تحت الحصار منذ ما يقارب عَقدين من الزمن العصيب، ثم جاءت الحرب المجرمة الأخيرة ليعلن قادة التجويع اليهودي عن قطع كل سبل الحياة عن غزة لإجبار أهليها على عدم دعم المقاومة الشريفة المحقة.

   حتى الزبالة – أجلكم الله- فإنهم يحاربون أهل غزة بها؛ فحسب التقارير المذهلة الأخيرة، فثمة ملايين الأطنان من ركامات النفايات مجمعة في غزة منذ عشرة شهور .. ويزيد!

   لقد طبق طاغية الشام كل هذه العقوبات الجماعية على شعبه قبل أكثر من عَقد مرير من الزمان المرِّ العلقم، ونجح للأسف في تطويق الثورة الشعبية، وإرغامها على الاستسلام؛ فالشعب كان قد ملَّ من أكل لحوم الكلاب والقطط والحُمُر الأهلية!!

     ومر أكثر من مئة يوم على وقف إدخال أية مساعدات أممية إنسانية لغزة، وشعبها صامد يتضور جوعا ومرضاً ووهَنا.... وما هان ولا استكان!!!

   فأين اليوم "زهير بن أبي أميَّة" لكي يمزق "الصحيفة"؛ ولكي يعمَّ الأمن والاستقرار في ربوع غزة المعطاء؟!

   إن الرهان على شعب غزة الصبور رهان رابح؛ لأنهم منذ سبعة عشر عاماً لم يحنوا ظهورهم للعدو الغشَّام. وهكذا دوماً فإن الحق الضعيف بإرادته ينتصر على قوة الباطل الجرارة، ولا يلين أمام سياسات التجويع من أجل التخنيع والتركيع، وتنتصر الإرادات الحرة المؤمنة على سلطات البغي والضلال .... ولو بعد حين.

وسوم: العدد 1092