غضبةُ النِّيل

منذ أزل البشرية يعرف القدامى قبل المحدثين أن للنيل غضبة ًسنوية؛ يعرفها أهل السودان بالدقيقة؛ فضلا عن الحساب بالأيام والساعات!

وفي كل سنة يثور النهر الطويل الجميل الأَثيل؛ فيغمر ملايين الهيكتارات، ويدمر آلاف البيوتات، ويقتل العشرات، ويرمِّل المتزوجات .... وييتِّم البنين والبنات .... ولا استعداد كافيا لحل مثل تلكم المشكلات؛ ولو لخُطة من خمس سنوات!!

إذا كانت إسرائيل المجرمة قد سدت منافذ الإغاثة لغزة منذ أكثر من مئة يوم؛ فمن ذا الذي سد آلاف المنافذ عن السودان لوصول المعونات الأممية لأولئكمُ المنكوبين السمر؟!

الحرب تدور في السودان منذ أكثر من سبعة عشر شهراً؛ فهل يستحق أهل السودان من ذوي الدم الأَسود والبشرة السمراء أن يغضب عليهم النيل غضبته المشهورة منذ القدم، إضافة إلى غضبات القوات السريعة والقوات البطيئة.... والمتوسطة؟؟!

والحقيقة؛ إن الحروب الأهلية في السودان الدامي قد بدأت قبل ما يقارب أربعين عاماً، وما عرف السودان استقرارا منذ عقود.

لا عُرب ينقذون... ولا عجم .... وكأن السودان قد ابتلي بنقمة الأمواه ونقمة البشر السادرين السامدين العابثين؛ فهم أموات غير أحياء.... وما يشعرون أيان يُبعثون؟!!

في الغرب المتحضر؛ تقوم الأرصاد الجوية بتتبع الكوارث المحتملة؛ فتجلي السكان، وتتخذ التدابير الممكنة للتقليل من الخسائر المتوقعة للكوارث الطبيعية، وتغفو الأرصاد الجوية العربية بسبب الحر وحشرات التنويم غير المغناطيسي.

كأن أهل السودان قدرهم: حروب أهلية، ومجاعات مستمرة، وحشرة ال "تسي تسي" المسببة للكسل والإعياء، والتشرذم إلى سودان شمالي وآخر جنوبي، وما بينهما دويلات ممزقة داخل السودان الذي هو أكبر دولة عربية مساحة، وقد درسنا في الابتدائية أن السودان (سلة الغذاء لكل الوطن العربي)؛ فأين تذهب تلكمُ الغلال والسلال!؟

اللهم هيِّء للسودان أمر رشد، وأبرم لهم حلا لمشاكلهم ... وحشراتهم البشرية والحيوانية، وأطفئ نيران الحروب المستعرة الأهلية بنور وجهك الكريم.

** ذُبَابَة تْسِي تْسِي أو الشَّذاة أو اللاَّسِنَة أو ذبابة مرض النوم أو ذباب تسیتسی : (الاسم العلمي: Glossina هي جنس من الحشرات يتبع فصيلة اللاسنية من رتبة الذوات الجناحين. تعيش في إفريقيا بين خطي عرض 15 شمالًا و 30 جنوبًا تنقل داء المثقبيات الإفريقي مرض النوم.أول من ربط بين المرض وذبابة تسي تسي هو الطبيب والجراح الإنجليزي ديفيد بروس. حشرة التسي التسي حشرة خطيرة جدًا فإذا لسعت الشخص فقد تسبب له غيبوبة والنوم لفترات طويلة.

 

وسوم: العدد 1092