نديم العروضيين المجلس الثامن تفريغ دعاء عادل ومراجعة دينا عبد المعطي

سلام عليكم!

وعليكم السلام ورحمة الله!

طبتم مساء -يا أبنائي!- وطاب مسعاكم إلينا!

بسم الله -سبحانه، وتعالى!- وبحمده، وصلاة على رسوله وسلامًا، ورضوانًا على صحابته وتابعيهم حتى نلقاهم!

كيف حالكم، كيف أمسيتم؟

بارك الله فيكم، وشكر لكم، وأحسن إليكم، ويسر لنا ولكم كل عسير، وسهل كل صعب!

أرسلت أمس إليكم مثالًا لاختبار المنتصف، هل وصل؟

بعض الطلاب: نعم.

وكنا قديمًا نسميها أيام المنتصف -والأيام جمع يوم، واليوم عند العرب الحرب!- أسمي الاختبار أيام المنتصف، اليوم يوم موقعة! أذكر في مقرر من المقررات، عندكم مقرر اسمه تدريبات أو نصوص تدريبات نحوية؟

نصوص تدريبات نحوية.

جميل! أذكر أننا جلسنا في هذا الاختبار ساعات طويلة إلى أن طرَدنا العمال، مما قبل العصر إلى ما بعد المغرب في الاختبار، أذهب عنهم، وأرجع، وأذهب، وأرجع! هذه الدفعة التي كانت أكبر دفعة مرت، كانت من مئة وأربعين طالبًا؛ فكان الاختبار جديرًا باسم يوم (موقعة)! وهذا الاختبار يستحق؛ فمن استطاع أن يتجاوزه ممتازًا كان جديرًا بالتقدير، يستطيع أن يطمئن على نفسه، من استطاع أن يجتاز هذا الاختبار ممتازًا استحق أن يطمئن مبدئيًّا على نفسه وأنه على الطريق؛ فالاختبار كما ترون كلام مصبوب له أول وآخر، لكن لا تُدرَى أطرافه في الداخل، ولا تشكيل، ولا تقسيم، ولا ترقيم، ولا دلالة على شيء إلا مما أوتيت من علم بالعربية تعلمتَه منذ كنت طفلًا إلى الآن، تستحضر هذا كله لتقرأ به كلاما لم تقرأه من قبل، لتفهمه وتبني على فهمه تقسيمَه وأين بدأ وأين انتهى وكيف أنطق هذا، كيف كذا كذا؟ شيءٌ خلاصة الخلاصة، كما قلت لكم سميته لكم مقرر المقررات! كيف تقرأ هذا الكلام؟ تقرؤه بناء على علمك بالعربية الذي حصلت، تعتمد على ما حصلت من أجل أن تصل إلى التخريج العروضي، تستفيد من العروض في اللغة ومن اللغة في العروض كما قلت لك من قبل؛ نحن في أول الطريق نستفيد من اللغة في التخريج العروضي، وبعد قليل نستفيد من التخريج العروضي في اللغة، في الضبط اللغوي، وفي النهاية نستفيد من كل منهما في الآخر، أي نمزج بين بعضهما وبعض، نتكلم في تحليل القصيدة كلامًا واحدًا فيه خصائص لغوية وخصائص عروضية، لكن هذا في آخر المطاف، ما الذي في أول المطاف؟ نعتمد على اللغة، نعتمد على ما حصلنا من اللغة في التخريج العروضي، بعد أن نتعلم العروض بقليل نعتمد على ما حصلنا من قدرة على التخريج العروضي في الضبط اللغوي، في آخر المطاف نشرك علمنا باللغة وعلمنا بالعروض في تحليل النص إشراكًا مستويًا واحدًا، هكذا، يا جماعة، بارك الله فيكم! وسيكون كما حددنا في المحاضرة الثانية من الأسبوع السابع لكي لا نتأخر فتزداد الأعباء، الأعباء ما زالت سهلة، لكن إذا درسنا تسعة أبحر أو عشرة أو أحد عشر اختُبرتم فيها كلها -ها!- فثقل عليك الأمر -وإن كانت فيه فائدة؛ فالتدرب بهذه الأشياء تمهيد للمنتهى، ولا غنى بك عن أن تتدرب!- لكن على أية حال عندنا ملف وعندنا بحث وعندنا طرق كثيرة للتدريب، إن شاء الله! سيكون في المحاضرة الثانية من الأسبوع السابع، نحن الآن في الخامس، يأتي السادس، وبعده السابع مباشرة. في كم سنُختبر، في ستة أبحر مثلا، في سبعة، هذا أفضل من أن تختبر في بضعة عشر بحرًا، تمام؟ لكن سأتسلم منك الملف كاملًا بالواجبات والمحاضرات والاستطرادات، أريد الصفحات سوداء من الكتابات، من الواجب والتعليقات، وكذا سأتسلم كل هذه الملفات، سأحضر حقيبة، في بعض الأحيان جئت بحقيبة سفر أجرّها -ها!- سآتي بأكياس أرجو أن تتسع، تحتمل، آخذ هذا كله إلى بيتي لأقرأ وأعلق على الطلاب، أضع لك عبارة من الذكرى، أدعو لك دعاء طيبًا، وأوقع لك توقيعًا مؤرخًا، يظل هذا للذكرى، أعيد إليك الملف في المحاضرة التالية -إن شاء الله!- وفيها ستكون إجابة الاختبار وإبانة الأخطاء وتكريم الطلاب وإعادة الملفات -ها!_ ويكون يومًا آخر، هذا يوم الحرب، وهذا يوم الحب، حرب وحب، والإنسان بين الحب والحرب في كرب، الإنسان بين الحب والحرب في كرب عظيم، عافانا الله وإياكم!

آمين!

في لقائنا السابق استمتعنا بمقصورة أبي مسلم، ولم نكد نجد وقتًا إلا لتحليل البيتين الأولين على السبورة كما سأعيد. الآن أحتاج إلى إعادة هذا سريعًا سريعًا، من أجل أن نبدأ ونكمل. وقد علمتكم أن اللحن هو هذا:

حَتَّى مَتَى| كَأْسِيَ رِيـ| ـقُ حَيَّةٍ| وَمَطْعَمِي| مِنْ زَمَنِي| مُرُّ الْجَنَى

أُطَالِبُ الدْ| دهْرَ حُقُو| قًا كُلُّهَا| كَبَارِحِ الْـ| ـأَرْوَى مَنِيـ| ـعَاتِ الذُّرَا

وقد حققنا، ودققنا، واطمأننا إلى أدائكم، ويسرني أن أذكر لكم أنني عثرت على طالبة فذة أدت النص من المرة الأولى من غير خطأ واحد فكانت خرافية، وهي أسماء الحارثية، بنت متدينة هادئة لا تكاد تتكلم، طردتها مرة من قبل، يعني أصابها من الحب جانب، طردناها مرة، وأبت مرة أن تقرأ كأنها أوحت بأنها ضعيفة خوافة -ها!- وفي الثالثة -يقولون الثالثة ثابتة!- أدت أداء لا يؤديه الأساتذة، أتحدى أي أستاذ أن يؤدي كما أدت هذه الطالبة -ما شاء الله!- فصفقنا لها، وأعطيناها خمس درجات، مدهشة! كنت أدعو لها وهي تقرأ: أسألك اللهم ألا تخطئ! فلم تخطئ على رغم أنني لست مستجاب الدعوة، لكن استجاب الله لنا ذلك وهي تستحق! إنما ذكرت لكم هذا من باب الحفز، حفز الهمم بأن هذا موجود في الدنيا، هذا الإتقان موجود في الدنيا، ممكن، لأنني إذا بقيت أطرد فقط، أطرد أطرد أطرد- يئسنا إذن: هذا مستوًى لا يوصل إليه! والله -يا جماعة، نتكلم بالحق!- هذه فذة! هذا المستوى ممكن إذن، ممكن أن يكون -طيب، بارك الله فيكم!- الآن أدعوكم إلى أن تجهزوا أنفسكم: شدوا دساتين أعوادكم، وأحموا طبولكم ودفوفكم، واشربوا، واطربوا حتى تبتهجوا فتلائموا المقام؛ ينبغي لمن حضر معنا أن يبتهج:

"أَدَبُ الشَّرَابِ إِذَا الْمُدَامَةُ عَرْبَدَتْ فِي كَاسِهَا أَلَّا تَكُونَ الصَّاحِي"!

شرط الحضور معنا هنا الابتهاج، لا مكان للمكتئبين -ها!- لا مكان! أمس كانت معنا طالبة مكتئبة، فبقيت مكتئبًا طوال المحاضرة، ثم استحضرتها: ما لك؟ قالت: لا شيء. ما لك -هي أصلًا مكتئبة- قالت: مريضة شوية، شفاها الله، وعافاها! لا مكان للمكتئبين، المكان هنا للمبتهجين فقط؛ فابحث عن أي سبب يؤدي إلى الابتهاج، تذكر أكلةً مثلًا أكلتها، أو شخصًا قابلته، أو رحلةً سافرت فيها، تذكر أي شيء؛ المهم أن تبتهج، لا يجوز ألا تبتهج، تمام؟ و"اشربوا، واطربوا"، هذا مجاز عن طلب الابتهاج -كل واحد حُرّ- وربما تذكرت شيئًا ما يؤدي إلى الابتهاج، المهم أن نصل إلى الابتهاج- ولا يتقدمن عازف عازفًا؛ فإن ظن أنه يحسن فإنه يسيء، واجعلوا النغمة أكثر زرقة! كيف! لا أدري! هذا شيء يقال ولا يوصف؛ إن من الأشياء أشياء تحيط بها المعرفة...

ولا تؤديها الصفة.

الله! ولا تؤديها الصفة! ميس هي التي تذكرت؛ لهذا سأجد هذه العبارة في ملفها حين أجمعه مع الملفات! أريد أن أرى كل ما قلته وأفرح به كثيرًا حينما أجده، حينما أجد سخريات مثلًا، حينما أجد إضافات عجيبة لم تكن تخطر لي أن تكتب وتلتقط، أفرح بهذا جدًّا. طيب، انتبهوا، يا جماعة! هذا الوزن خدّاع، ثعلب مكار، طبعًا لأن التفعيلة تسلم وتخبن وتطوى وتخبل، يصيبها الجنون أحيانًا، تخبل أي تخبن وتطوى معًا، تجد التفعيلة قد سلمت ثم خبنت وطويت وخبلت؛ فتقول: سبحان الله، لله في خلقه شئون!

"مَا بَيْنَ غَمْضَةِ عَيْنٍ وَانْتِبَاهَتِهَا يُصَرِّفُ اللهُ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالِ"!

وكيف أعرف هذا؟ سبحان علام الغيوب! فعش على قلق، كأن الريح تحتك كما يقول المتنبي:

"عَلَى قَلَقٍ كَأَنَّ الرِّيحَ تَحْتِي أُوَجِّهُهَا جَنُوبًا أَوْ شَمَالَا"!

انتظر المفاجئات دائمًا! نبدأ بناء على ما فعلنا، وننتقل، سنبدأ جماعة أولًا، ثم نُقسّم الأعمال على الطلاب والطالبات، ثم نعكس، ثم نعمل عملًا فرديًّا، تمام؟ طيب، ها!

لا لا، لسانك حصانك، ألجم حصانك! الآن قلت "أُطَالِبُ الدَّهْـ"، فما هذه العلاوة كما قال الشاعر القديم، ما هذه العلاوة! حينما أمسكوا به في نهار رمضان قد شرب الخمر -يبدو أنكم طربتم أكثر من اللازم- فأمسكه الأمير، فجلده على الحد، وزاد عشر جلدات؛ فقال له: ما هذه العلاوة -كأنه أخد علاوة في المرتب- ما هذه العلاوة! قال: لجرأتك على الله في نهار رمضان.

الله!

فأنتم ينبغي أن تُضربوا على هذه العلاوة، على هذه الزيادة، أعيدوا!

لا لا، أريدنا كأننا اختفينا من الوجود!

أها، هذا هو، لحظة، لحظة! لم ننتقل، اسكت، ها! معًا معًا:

هذا هو آه -لَيْثُ، ضربتَ!- هكذا -يا جماعة!- هذه فائدة القائد القائد؛ حينما يشير بالصمت يسكتون وكأنهم اختفوا من الوجود! هذا العمل يحتاج إلى قائد، ها، أعيدوا، وأكملوا!

والله! تقلبون الصفحة! يا للعار، يا للعار! أنا عندي مشكلة في الجهاز، أنا معذور، لكنكم غير معذورين؛ هذا الجهاز لا يلائمني في بعض الأحيان! إلى أين وصلنا؟ لا يجوز -يا جماعة!- لا يجوز أن تمهلوا المستمع حتى تقلبوا الصفحة، لا يجوز! طيب! نقسم العمل بين الطلاب والطالبات، بدأ أنا والطلاب بالتفعيلة الأولى -ها!- لتثني الطالبات، معًا -يا جماعة!- معًا معًا، السادس -ها!- معًا:

لا لا، نكتفي بالأولى لتأخذ الفتيات الثانية، ونأخذ الثالثة، ليأخذن الرابعة، وهكذا، أعيدوا!

لحظة لحظة! تَصْحَابُهُ! أعيدوا!

لحظة نعكس، تبدأ الفتيات، ونثني -ها- أبدأ مع الفتيات للتقسيم فقط، ها!

أعيدوا، أعيدوا، ها!

أين الملفات؟ يكفي هذا، ننتقل إلى الأفراد، أمل! لأنني سمعتها تخطئ في التاسع -ها!- طمنيني على الأداء!

أريد أن أقرأها مع نفسي.

مع نفسك -ما شاء الله!- وكأنها لم تقابله من قبل، لم نستهلك فيه محاضرة كاملة!

لا، اقرئيه علي!

يُنْفِقُ فِي إِهَانَتِي صُرُوفَهُ وَأُنْفِقُ الْعَزْمَ وَإِنْفَاقِي زَكَا

الله!

ها! خطأ، كشفتك! أنت إذن أنت التي أفسدت النغم -ها!- زدت ضربة، خطأ أعيدي!

صحيح.

جميل.

صحيح، ها!

ها! خطأ، أعيدي!

خطأ

خطأ

أعيدي من الأول حتى تنسي

آها، لا حول ولا قوة إلا بالله!

دكتور، أعطني هذه العصا!

ها! هذه العصا، لا هذه العصا، عصا الملوك هذه! مع أن طالبة مرة سألتني أن تأخذها، فأعطيتها إياها، وجلسَت معها وقتًا، فاكتشفت أنها كانت تقرأ عليها أورادًا، تقرأ عليها أورادًا فلم أُقِرَّ بهذا، طالبة من الشرقية يبدو أن لهم تقاليد في هذا!

وَلِمَ تقرأ عليها!

أخذَتها، وقرأَت عليها بعض الأوراد، هذا من أكثر من عشرين سنة! وطالبة أخرى ساعديّة كتبت فيها، وطالب مصري كتب فيها، الطالبة مريم الساعدية -وقد حصلت على الماجستير من أعوام- حينما كانت طالبة صغيرة كتبت مقالًا في هذه العصا، والطالب محمد فتحي النادي وهو أستاذ كبير -ما شاء الله!- تذكَّرَ أيامنا منذ ثلاثين سنة، فكتب مقالا سماه "يسمي عصاه ليلى"، مقالا بهذا الاسم، ذكريات جميلة، ها، أعيدي!

وَأُنْفِقُ...

جميل جميل جميل!

ها، من؟ مريم!

ذَنْبِي إِلَيْهِ جَنَفِي عَنْ لُؤْمِهِ وَقُدْرَتِي عَلَى احْتِمَالِ مَا جَنَى

ما معنى جَنَفِي؟

الميل.

ليست معنا، لا شيء في ملفها، الملف أبيض ناصع إلا قليلًا، مساكين، مساكين، صفر، صفر من عشرة، صفر من عشرة؛ فماذا ينفع -ولو حصلت على تسع، على كذا قريب من التسعين؟- ضاعت عشر درجات! ها -مريم!- خرجي في علم العروض!

ذَنْبِي إِلَيْـ

أين العزف؟ لا أسمع، اضربي بالقلم، أو بالقدم، أو بآلة حادة -ها!- ربما كانت الإصبع أحدَّ من القلم؛ كل واحد حر، كل واحد أعلم بأعضائه، ها!

مجنونة.

مخبولة (مجنونة)، اسمها في العلم "مخبولة"، والخبل -يا جماعة!- زحاف مركب من زحافين. وهذه فرصة حتى أحدثكم حديثًا عاطفيًّا عن الزحاف. اسمعوا، يا جماعة! الزحاف عندنا ثلاث مراتب: عليا، وسفلى، ووسطى،  عليا وسفلى...

ووسطى.

ووسطى. السفلى الزحاف القبيح، والعليا الزحاف الحسن، والوسطى الزحاف الصالح. عندنا إذن زحاف قبيح في الحضيض، وزحاف حسن في السماء، وزحاف صالح في الوسط. على أي أساس رتبوا المراتب؟ ها -قولوا!- على أي أساس؟ وهل هناك هنا إلا أساس واحد هو كثرة استعمال الشعراء وكثرة قبول المتلقين! هذا هو الأساس، لا أساس غير هذا. ترتيب المراتب إذن -يا جماعة!- إنما يكون على حسب كثرة استعمال الشعراء و قبول المتلقين؛ فمن الزحاف زحاف كثر من الشعراء استعماله ومن المتلقين قبوله، فكان حسنًا، ومنه الخبن -لا أظن أن في الزحاف زحافا أحسن من الخبن- وزحاف لا يكاد الشعراء يستعملونه ويحس المتلقي أنه كأنه كسر، ومنه الزحاف المركب كله؛ الزحاف المركب كله قبيح عندنا -يا جماعة!- وعندكم في كتاب ميزان الذهب الذي حملته لكم على الموقع، مبحث اسمه الزحاف المفرد والزحاف المركب، الزحاف المفرد هذا الخبن والطي والقبض والكف والعصب إلى آخره، والزحاف المركب زحاف مركب من زحافين حدثا معًا، بدلًا من خبن "متفعلن" وطي "مستعلن" يقول "متعلن"، لتكون مخبونة ومطوية معًا، ويسمونهما اسمًا واحدًا...

الخبل.

الخبل، ستجدون هذا في كتب العروض. ومن لم ينتبه توهم عند الخبل أن البيت مكسور، كما إذا سمع:

ذَنْبِي إِلَيْهِ جَنَفِي عَنْ لُؤْمِهِ وَقُدْرَتِي عَلَى احْتِمَالِ مَا جَنَى

فإنه إذا تعجل قال لك: هذا مكسور، فتقول له: لا لا، بل فيه زحاف قبيح، فيقول لك: ولماذا استُعمِل القبيح؟ فتقول له: هذا شبيه بمكروهات الصلاة، فيقول لك: سبحان الله! مكروه في الصلاة وتستعمله! تفعله وهو مكروه، يا من تصلي لرب العالمين الذي يكره هذا، تفعله وهو يكرهه، ما شاء الله! يقول لك: هذا زحاف قبيح، تفعله وهو قبيح، كيف هذا! ينبغي ألا تفعل هذا إلا مضطرًّا، ولا يجوز هذا في حق الشعراء الكبار، لا يجوز في حقهم أن تقول: اضطُرّ فلان إلى كذا! ما الذي اضطره! فليحذف البيت كله أصلًا كما قال المعري! كان المعري يوصي الشاعر أن ينقح قصيدته ويحذف منها، وألا يبخل على الإتقان بحذف ما لا يستحسن. بعضهم يكتب قصيدة من خمسين بيتًا، ويفرح بأنه وصل إلى رقم خمسين -ولم يصل إليه من قبل- وكلها كلام فارغ، الجيد فيها مثلًا عشرة أبيات، لكنه لا تطاوعه نفسه على حذف أربعين بيتًا والاكتفاء بعشرة! لا، يقتضي الإتقان ألا تبخل عليها بحذف أربعين منها إذا سلمت عشرة؛ قال بشار: "لي عشرة آلاف بيت، ثكلتني أمي، إن لم يسلم لي منها ألف"! يشير إلى أن له شعرًا كثيرًا جدًّا، وأنه لن يستحيل أن يسلم له عُشرُه، وأن في عشره كفاية الشهادة له بالإحسان والأستاذية! ومثل بشارٍ كثرةَ شعرٍ كثرةً لم يتيسر لأحد أن يقوم لإحصائها، السيد الحميري شاعر الشيعة الكبير، كلاهما لم يحص شعره لكثرته الشديدة، شعر هائل! طيب، أعيدوا، أعيدي، يا مريم!

عَنْ لُؤْمِهِ

وَقُدْرَتِي

عَلَى احْتِمَا

لِ مَا جَنَى

أحسنت -يا مريم!- أحسنت، ليث!

نعم.

خرج التالي!

أحسنت أحسنت، ما شاء الله! تُرى كيف سيكون الناصري! معقول أن يكون على هذا المستوى!

أفضل منه.

لا لا لا، معقول! لنستمع!

ها الله ها الله ها الله، جميل جدًّا، جميل جدًّا! طروب هذا الناصري، طروب؛ لو تركتَه لتمايل، لو تركتَ له الحرية لرقص لك مع البيت، طيب! ثُم من؟ ها! أصيلة، أتبعي السيئة الحسنة!

وَأَنَّنِي

لا، اقرئي أولًا!

وَأَنَّنِي لَا أَعْرِفُ الْحَدّا

ها، حَدّا! لا، لا نقول في عموم العربية: لَا أَعْرِفُ الْحَدّا، ها، أعيدي!

وَأَنَّنِي لَا أَعْرِفُ الْحَدَّا

ها، لا لا!

الْحَدَّ

وَأَنَّنِي لَا أَعْرِفُ الْحَدَّ لِمَا أَسْطِيعُ...، أعيدي!

وَأَنَّنِي لَا أَعْرِفُ الْحَدَّ لِمَا أَسْطِيعُ أَنْ أُنْجِزَهُ مِنَ الْعُلَا

جميل، خرجي، واعزفي بآلة حادة على الخشب، أسمعينا!

ها، ما هذا!

ما هذا! يبدو أنها تريد أن تجرب المطعم!

ما شاء الله! أنا متأكد من أنك تعرفين، أنا متأكد من أنك تعرفين التقطيع، لكن المسألة مسألة إضافة العزف إلى التقطيع. ربما قال بعض الطلاب: وما فائدة هذا؟ يكفيني أنني أحسن التقطيع. لا، هذا هو روح الشعر أصلًا، هذه الدندنة التي يدندنها الشاعر في نفسه قبل أن يتكلم. حكيت لكم حكاية سيدنا علي وصوت الناقوس؟ حكيتها مرة، حكيتها؟ طيب، اسمعي، اسمعي، يا أصيلة! يُحْكى -وفي هذه الحكاية نظر!- أن سيدنا علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه!- سمع صوت الناقوس، فقال لمن معه من أصحابه: أتدري ما يقول هذا الناقوس؟ -ما أعجب هذا السؤال، وهل يقول الناقوس شيئًا!- فقال: الله ورسوله أعلم، وابن عمه أعلم. فقال: إن علمي من علم رسول الله -صلى الله عليه، وسلم!- وإن علم رسول الله من علم جبريل، وإن علم جبريل من علم الله، تعالى! هذا الناقوس يقول-تأملوا كيف يترجم صوت الناقوس، كيف يتكلم نيابة عن الناقوس-:

حقًّا حقًّا حقًّا حقَّا صدقًا صدقًا صدقًا صدقَا

-تأملوا تمثيل صوت الناقوس، ما الذي سمعه من الناقوس؟ دن دن دن دن دن دن دن دن، فحولها إلى كلمات قريبة من الدندنة، ثم انطلق-

يَا ابْنَ الدُّنْيَا جَمْعًا جَمْعًا إِنَّ الدُّنْيَا قَدْ غَرَّتْنَا

الله!

يَا ابْنَ الدُّنْيَا مَهْلًا مَهْلًا لَسْنَا نَدْرِي مَا فَرَّطْنَا

مَا مِنْ يَوْمٍ يَمْضِي عَنَّا إِلَّا أَوْهَى مِنَّا رُكْنَا

مَا مِنْ يَوْمٍ يَمْضِي عَنَّا إِلَّا أَمْضَى مِنَّا قَرْنَا

حقًّا حقًّا حقًّا حقًّا صدقًا صدقًا صدقًا صدقًا

تأملوا كيف بدأ بتحويل "دن دن"، إلى كلمتين قريبتين منها (حقًّا، صِدْقًا)! أنتم  لا تعرفون طبعًا أصوات نواقيس الكنائس، لكننا في مصر معنا النصاري، وحينما كنت طالبًا في الإعدادية كنت أسكن في مكان فيه كنيسة، وهكذا تصوت النواقيس: دن دن دن دن دن دن دن دن دن دن دن دن دن دن دن دن، يُمسك لسان الناقوس ويُضرب في إطاره؛ فترجمه سيدنا علي: "حقًّا حقًّا حقًّا حقّا صدقًا صدقًا صدقًا صدقا"، ثم ذهب يبين الحق والصدق! هذه الحكاية ممرضة أي ضعيفة، لكنني أستفيد منها في مثل هذا المقام رواها التبريزي في الكافي منسوبة إلى سيدنا علي، وفيها كلام طبعًا، لكنها مفيدة جدًّا في تمثيل ما نحن فيه؛ فلا يقولن لي طالب إذن: ما فائدة هذه الدندنات، هذا العبث! هذا الذي فجر الشعر، هذا الذي سمعه سيدنا علي فأخرجه بالكلام، سبحان الله! ها، فاحرصي -يا أصيلة- على إتقان العزف كما تتقنين التقطيع؛ عندك تقطيع وتوقيع وتفعيل وتوصيف، وفي الاختبار للتقطيع درجتان، ولكل من التوقيع والتفعيل والتوصيف درجة، تمت لكل بيت خمس درجات، والاختبار في أبيات كثيرة، تستخرجين منها خمسة فقط، لكل بيت خمس درجات بخمس وعشرين، تمام؟ أهم شيء إذن هذه الخطوة الأولى بضعف ما لما بعدها، وأنت بانتباهك تختصرين المراحل، أعيدي!

وا! ما "وا" هذه! من العربي الذي يقول: "وا"!

ليست سالمة، "مستعلن" مقبوضة!

أحسنت-مطوية- أحسنت أحسنت؛ لهذا قلت لها: لا تشبعيها، لا تقولي: "حَدَّا لِمَا"، لأن "حَدَّا لِمَا"، تورطك في تسليم التفعيلة، وهي مغيرة، تمام؟ ويا أخي، من الذي يقول في النثر: لا أعرف الحدا لهذه الأشياء؟ من يقول هذا؟ لا أحد؛ الإشباع في الشعر إذن كالإشباع في النثر، إلا على الأطراف، أكملي!

عدت إلى "أُنْجِيزَه"! تدرون: من أين جاءت أصيلة بهذا الأداء؟ من الإنشاد، من عادات الإنشاد؛ تأملوا المنشدين كيف يقولون: وَأَنَّنِي لَا أَعْرِفُ الْحَدَّ لِمَا أَسْطِيعُ أَنْ أُنْجِزَهُ مِنَ الْعُلَا"، أتوقع مثل ما قالت أصيلة، أنا كل يوم أسمعهم هكذا يفعلون، "أُنْجِيزَه"، خطأ، يقولون لك: لكن هذا لا يستقيم في الموسيقى! بل يستقيم -إن شاء الله!- لكنك لم تكلف نفسك إقامته:

وَأَنَّنِي| لَا أَعْرِفُ الْـ| ـحَدَّ لِمَا| أَسْطِيعُ أَنْ| أُنْجِزَهُ| مِنَ الْعُلَا

أرأيت، يا أصيلة! إن الذي ورطنا في هذه الورطة إذن، عادات الإنشاد السيئة، وقد ورطَتنا كذلك في سوء إنشاد الشعر عاداتُ الخطابة الإذاعية المدرسية؛ فللإذاعة المدرسية عادات في الإنشاد أفسدت علينا، من ضمنها مثلًا وقوفكم على أواخر الأشطار الأولى من الأبيات، تقولون هنا مثلًا:

وَأَنَّنِي لَا أَعْرِفُ الْحَدَّ لِمَا

أَسْطِيعُ أَنْ أُنْجِزَهُ مِنَ الْعُلَا

خطأ، خطأ؛ كيف تقف على "لِمَا"، وما بعدها شديد الصلة بها! طيب! ثم من؟ مسعود -ها!- وبعده عمر، وبعده فيصل!

وَأَنَّنِي لَا أُبْطِلُ الْجَهْدَ إِلَى

حَدِّ سُكُونِي بَيْنَ أَطْبَاقِ الثَّرَى

وَأَنَّنِي لَا أُبْطِلُ الْجَهْدَ إِلَى حَدِّ سُكُونِي بَيْنَ أَطْبَاقِ الثَّرَى

رأيتم كيف انتبه مسعود من غير أن أنبهه! كيف تفصل بين الجار والمجرور، كيف! هذه عادات الإذاعة المدرسية هذه -ها!- خرِّج!

بَيْنَ...

أرأيتم ما حدث؟ حينما تعثر لم يجد من حل إلا أن يعود ويكمل، أما أن يكمل قبل أن يعود فلن يستقيم! أحسنت، يا مسعود! حينما تتعثر ينبغي أن تعود وتعيد تعود وتعيد، عمر!

وَأَنَّنِي أُدْرِكُ أَنَّ عَازِمًا مُثَابِرًا يُدْرِكُ غَايَاتِ الْمُنَى

خرِّج!

وَأَنَّنِي

أُدْرِكُ أَنَّ

ها عدنا إلى "أُدْرِكُ أَنَّ"!

أُدْرِكُ أَنْ

أحسنت،  أعد!

وَأَنَّنِي فِي مِحَنٍ سَاوَرْتُهَا عَلِمْتُ مَا جَهِلْتُهُ مِنَ الْوَرَى

جميل!

الله! أحسنت، أحسنت! مسعد، يا تنور، يا مجمع الزينات، مسعد -ها!- اقرأ "وَأَنَّ فِي حُسْنِ التَّدَابِيرِ"!  بالمناسبة خرج لك منافسون في الحفظ -ههه!- صار عندنا منافسون لك في الحفظ، يحفظون الملف؛ فانتبه، حافظ على نفسك!

وَأَنَّ فِي حُسْنِ التَّدَابِيرِ غِنًى عَنْ خُدَعٍ وَهُوَ عِمَادُ مِنْ وَهَى

"وَهْوَ"،  لا "وَهُوَ"؛ "وَهُوَ" هذه تكسر الوزن؛ ما الحل؟ ها، خرّج!

"بِيرِ (ي) غِنًى"! عدنا إلى المدرسة -ها!- لا، بل عدنا إلى الإنشاد إلى الإذاعة؛ هذه نقول فيها إذن: عدنا إلى الإذاعة، أما الوقف على الأطراف فنقول فيه: عدنا إلى المدرسة! ها، أعد!

أحسنت!

أهملت ضربة، ارتبكت طبعًا، معذور أعد من الأول!

أعد!

أحسنت!

أحسنت، أحسنت! مروان!

نعم.

وَأَنَّنِي لَا أَسْتَثِيرُ سَيِّئًا وَلَا أُسِيءُ دَفْعَهُ إِذَا عَنَى

طيب!

ها!

أحسنت، أحسنت! مهلب!

وَلَا أُدَاجِي مَالِئًا وَذَامَهُ

وَلَا أُدَاجِي مَالِئًا وِذَامَهُ عَلَيَّ غَيْظًا بِفُقَاعَاتِ النَّثَا

ما الوذام؟

حزام.

الحزام، يا سلام، ها، خرج!

أعد؛ فقد أخللت ببعض الأشياء!

أحسنت، أحسنت! عبد الرحمن!

وَلَا أُحَابِي مَلَقًا ذَا ظَاهِرٍ يَشِفُّ لِي ظَاهِرُهُ عَمَّا انْطَوَى

يا سلام، يا سلام!

بِي مَلَ...

أعد!

ها! عدنا إلى الإنشاد، إلى الإذاعة!

أعد من الأول!

أما في الإذاعة فيقول لك: ظَاهِـ(ـيـ)ره، ظَاهِـ(ـيـ)ره، والولد صوته جميل -أعرفه- صوته رخيم جميل، تعرفون، هذا أشهر المنشدين في الإذاعة، لكنه يتورط في مثل هذه المصائب، عافاكم الله! ميس!

تِلْكَ وَمَا يَفْضُلُهَا خَصَائِصِي وَلَيْسَهَا عِنْدَ الزَّمَانِ تُرْتَضَى

أي تلك وأكثر منها، ومع هذا لا يقبل ولا يتكرم علي، خرّجي!

أعيدي!

أعيدي!

أحسنت!

ها!

أحسنت، ها!

أعيدي!

جميل، ها، أعيدي!

هذا صحيح، انتصار!

أَرَى الْحَيَاةَ كُلَّهَا ذَمِيمَةً وَخَيْرَهَا وَشَرَّهَا إِلَى مَدَى

يا سلام، يا سلام -ها!- خرجي!

لعله معظم أبيات الرجز أو لنقل معظمها أو أغلبها تتغير فيها القوافي!

القوافي! تقصد نظام المزدوج؟ دع القوافي الآن، نتكلم عن الوزن؛ القافية غير الوزن، هي مع الوزن في العروض، صحيح، لكن الوزن شيء والقافية -وهي سياسة بعض الحروف المتأخرة- شيء آخر. ها، أحمد

ربما لأن البحر هذا هو بحر طرب، فبما أنه بحر الطرب فهي لا تستقيم هكذا.

لا، ها!

يوجد -يا دكتور!- بيت كامل تفعيلاته.

هنا؟

لا.

هل حدث هنا؟

لا.

نعم.

وهذا يكثر في الكامل كثيرًا؛ فيبدو أن بحر الكامل استولى على هذه الصورة من الرجز لنفسه؛ ومن أجل أن يتميز منه الرجز ترك له هذه الصورة، لأن البحور ينبغي أن تتميز، وإلا التبست وكانت شيئًا واحدًا! فهمتم شيئًا؟

لا!

أعيد إذن: لو سلمت تفعيلات البيت من الرجز لأشبهت البيت من الكامل الذي أصاب تفعيلاته كلها زحافُ الإضمار، وهذا كثير في الكامل؛ فبدا بيت الرجز كأنه بيت من الكامل بعد هذه الشهرة التي انتزعها منه بحر الكامل -وبحر الكامل كثير الاستعمال من أكثر بحور الشعر استعمالًا على مدار التاريخ- فانتزع بحر الكامل هذا الإيقاع: "دن دن ددن دن دن ددن دن دن ددن دن دن ددن دن دن ددن دن دن ددن"، من الرجز، انتزعه وهو في الأصل حق الرجز، مثل ماذا هذا؟ مثل شخص يجيد حرفتين أو ثلاث حرف أو كذا، ثم جاء شخص فأخذ منه حرفة وانفرد بها وتألق فيها وشاع ذكره بها، فقال الأول: ولماذا أتعب نفسي؟ أتركها له، وأشتغل بغيرها، وعندي ما يكفيني، على رغم أن الحرفة الأولى حرفته كذلك، رجل طبيب وشاعر ومترجم جميعا معا، صحبه رجل مترجم فقط، فاستقل وتألق وانتشر له بالترجمة ذكر حسن؛ فقال الأول: لا حاجة لي بالترجمة بعدما استقل بها وتألق فيها؛ فلأتركها له! لكن يحدث أحيانًا أن يترجم الطبيب شيئًا، فيقدم قصة مثلًا من ترجمته. هناك أشياء عربها بعض شعرائنا المشاهير، عندنا مثلًا الشاعر أحمد رامي، هذا الذي يسمى شاعر الشباب، ترجم رباعيات عمر الخيام، وهو شاعر أصلًا، لكن كان يعرف الفارسية والفرنسية وغيرهما، وهو من أحسن من ترجموا رباعيات الخيام من العرب، أو هو أحسنهم على الإطلاق، طيب! أهذا الرجل مترجم محترف مترجم؟ لا، لكنه يحسن الترجمة مثلما يحسن غيرها، فعملها مرة، وهناك رجل غيره انقطع للترجمة، وأخرج فيها أشياء كثيرة جدًّا؛ فعرف بالترجمة، إذا ذكرنا المترجمين لم نكد نتذكر أحمد رامي، لأنه لم يمتهن الترجمة على الرغم من أنه كان قديرًا عليها! نعود إلى أين وصلنا؟ من المسئول؟ ها! سالمة في الآخر، غبت عن المحاضرة السابقة، اقرئي البيت الثاني عشر -ها!- الثالث عشر؟ طيب، الثالث والعشرين، أرأيتم البيت  الثاني والعشرين. كلُّه مخبونٌ، إيقاع آخر، والآخر كذلك مختلف، كأنه ركض خيل:

جَرَتِ الْخَيْلُ فَقَالَتْ حَبَطَقْطَقْ حَبَطَقْطَقْ!

هناك شعراء يجتهدون أن يقلدوا...

أن يقلدوا الأصوات.

أن يقلدوا الأصوات، فهذا شاعر يقول:

جَرَتِ الْخَيْلُ فَقَالَتْ حَبَطَقْطَقْ حَبَطَقْطَقْ!

مرةً أردت أن أُخَيِّلَ صهيل الحصان، فقلت:

صَاهَاهَصَا يَا وَيْلَتَا مَا أَقُولْ صَاهَاهَصَا مَاذَا أَصَابَ الْخُيُولْ

كَانَتْ قُيُودَ الْوَحْشِ فِيمَا مَضَى وَالْيَوْم تَزْدَانُ لِمَسِّ الْبُعُولْ

لَمَّا رَأَتْنِي اسْتَبْشَعَتْ طَلْعَتِي فَكَيْفَ لَوْ صَادَفْتِهَا يَا خَذُولْ

ها!

الله!

ها يعني هذا كلام على لسان بعض الخيول الأصيلة، حينما رأى بمزارع المترفين الخيول المرفهة، رأى هذا الحصان البدوي الخيول المرفهة في مزارع المترفين عندكم في عمان -وترى فيها الحصان بشعر ناعم مسترسل على جانب!- والآخر مسكين متوحش! فتكلمتُ بلسان الحصان عن المساكين -ها!-: "كانت قيود الوحش فيما مضى"، جعل امرؤُ القيس حصانَه قيدَ الأوابد، ماذا قال: بمنجرد...

"وَقَدْ أَغْتَدِي وَالطَّيْرُ فِي وُكُنَاتِهَا بِمُنْجَرِدٍ قَيْدِ الْأَوَابِدِ هَيْكَلِ"!

كان إذا جرى قيَّد الوحش في مكانها، سبقها، وقيدها في مكانها؛ سبقها فكأنها مقيدة لا تجري، وصارت كالطواويس مزينة في المزارع -ولا حول ولا قوة إلا بالله!- طبعًا هذا كناية عن أحوال المسلمين بعد أن كانوا مقاتلين في المعارك، صاروا يشترونها الأسلحة ولا يفعلون بها إلا أن ينظفوها ويتزينوا بها ويضعوها في المتاحف، ولا حول ولا قوة إلا بالله! ها -سالمة! ها، خرجي، وارفعي صوتك، واضربي على الخشب!

لا أسمع!

ها! مَرْءُ (و) عَلَى، عدنا إلى الإذاعة!

أكملي!

وضحي الفواصل -يا سليمة!- لا يجوز أن تدخليها بعضها في بعض هكذا:

هذا الفاصل الذي نضع عنده الخط الذي كالسيف، إن لم تقطعه قطعك! وأخيرًا -ها- سلمى!

يَعِيشُ لَا تَنْدَى صَفَاةُ كَفِّهِ يَخْزُنُ لِلْوَارِثْ يَخْزُنُ لِلْوَارِثِ كُلَّ مَا اصْطَفَى

خرّجي!

أحسنت، أحسنت، أحسنت، جميل، جميل، عاش، عاش! أعود إلى البيت الأول حتى نحدد القافية، ما قافية البيت الأول؟ ربما قال بعضكم لبعض: ضَيَّعَ الوقت! كان يمكننا أن نفعل أشياء أخرى! لا، لم يضع، لأمر ما فعلت ما فعلت!

جَنَى، الْجَنَى.

ها، ما قافية البيت الأول؟ "جَنَى" خطأ، "الْجَنَى" خطأ!

رُ الْجَنَى.

الْجَنَى خطأ!

رُ الْجَنَى.

رُ الْجَنَى، لماذا؟

تفعيلة.

قدمت لك... لا، لا علاقة لهذا بالتفعيلات، يا ليث، لا تعلقها بهذا الشكل، أحيانًا تكون القافية تفعيلة، وأحيانًا تكون تفعيلة وزيادة، وأحيانًا تكون جزءًا من تفعيلة، القافية لا علاقة لها بالتفعيلات ،ربما كانت القافية تفعيلة، وربما كانت أقل، وربما كانت أكثر، كتبتم هذا؟ لا طبعًا!

نعم.

إذن لماذا قلت ما قلت، لأن ليثًا قال: آخر تفعيلة، فقلت له: لا؛ ربما كانت القافية أكثر، وربما كانت أقل، وربما كانت تفعيلة. ما منطلقنا؟ منطلقنا شيء آخر: آخر ساكنين في البيت مع ما بينهما من متحركات ومع المتحرك الذي قبلهما، هذا الكلام المعاصرين المُرِكِّين، أما القدماء الفصحاء فيقولون -ها!- من آخر ساكن إلى أول متحرك قبل ساكن يليه -يا سلام!- هذا الكلام العربي، طيب! وهذا -يا فيصل- كما قلت، رُ الْجَنَى، الساكن الأول؟

لام.

اللام، والأخير.

الألف.

الألف، وبينهما الجيم المفتوحة...

نعم.

والنون المفتوحة.

نعم.

وقبلهما...

الراء.

الراء الثانية، لا الأولى؛ فالقافية إذن "رُ الْجَنَى"، ها!

تِ الذُّرَا

تِ الذُّرَا ها

مُبْتَغَى

مُرْتَجَى

مُرْتَجَى

مَا أَتَى

مَا أَتَى

مَا قَضَى

مَا قَضَى

ـهِ عَلَا

ها!

ـهِ عَلَا

ـهِ عَلَا

مُرْتَجَى

مُرْتَجَى

زَكَا

"زَكَا" خطأ، قِي زَكَا.

مَا جَنَى

ـنَ الشَّجَى

ـنَ الشَّجَى

مُبْتَلَى

مُبْتَلَى

ـنَ الْعُلَا

ـنَ الْعُلَا

قِ الثَّرَى

قِ الثَّرَى

تِ الْمُنَى

تِ الْمُنَى

نَ الْوَرَى

نَ الْوَرَى

مَنْ وَهَى

مَنْ وَهَى

ذَا عَنَى

ذَا عَنَى

تِ النَّثَا

تِ النَّثَا

مَا انْطَوَى

مَا انْطَوَى

معقول "مَا انْطَوَى" -ما شاء الله، سبحان الله!- أين الساكنان؟ النون والألف، بينهما؟

الطاء.

الطاء المفتوحة، والواو المفتوحة، قبلهما؟

الميم الـ…

الميم الثانية، وأين بقية الأشياء؟ لا قيمة لشيء، لا قيمة لألف "عَمَّا"، ولا لهمزة "انْطَوَى"، لأنهما لم تنطقا، القيمة عندنا للمنطوق فقط؛ لو تخيلنا مثلًا أننا كتبنا سطرًا لم ينطق منه إلا نصفه، لكان نصفه هذا هو وحده المعتبر، وبقية الأشياء التي كتبناها أعراف كتابية، أعراف كتابية يمكن أن تتغير؛ ما قولك إذا كتبنا هذا البيت بالحروف اللاتينية؟ ينهدم العروض؟ لا ينهدم؛ فاللغة هي المنطوقة. أستطيع أن أسجلها بالحروف العربية أو اللاتينية أو الصينية أو ما شئت، والكتابة دائمًا مقصرة عن شَأْو النطق، لماذا؟ لأن النطق سريع التطور، والكتابة بطيئة التطور. أريدكم أن تسمعوا محاضرتنا التي على قناتنا بعنوان "تمكين القارئ من النص المخطوط" إذا وجدتم وقتا؛ فيها أتكلم عن رحلة الكتابة العربية، لأنتقل إلى موضوع المحاضرة -ها!- "وَلَيْسَهَا عِنْدَ الزَّمَانِ تُرْتَضَى" ها!

تُرْتَضَى

تُرْتَضَى

لَى مَدَى

لَى مَدَى

مُنْتَهَى

مُنْتَهَى

مَا اصْطَفَى

"مَا اصْطَفَى" مثل "مَا انْطَوَى". طيب! السؤال الصعب: ما أقوى الحروف المكررة، ما روي هذه القافية؟

الواو.

الواو، عمر يقول: الواو، أين هذه الواو، يا مسكين!

لا لا …

أنت قلت: الواو!

لا!

ها، تقول: ما لا تريد

لا …

يقول فمي ما لا أريد، ها!

الألف.

الألف! ومتى كانت الألف رويًّا -يا مسكين!- متى كانت الألف رويًّا؟ ها! تقول ابنتنا: ما فيها روي! كيف تتكون قافية من غير روي! هذا وضع خاص -يا جماعة!- تسمى.. نعم، يا عمر!

هو الصوت يعني نفس المخرج، قريبة من المخرج، بس ما أعرف!

انظروا إلى عمر كيف يقول، يتفلسف -ها!- يقول: هو جمع بين حروف متعددة متقاربة؛ فلم لم يتمسك بحرف واحد؟ ولكنه يعني جاء بحروف متقاربة، طيب! فكر! هل النون قريبة من الراء؟ ما شاء الله!؛ هذه في واد، وهذه في واد! طيب! مثلًا لحظة، لحظة حاولوا أن تختبروا فلسفة عمر، الغين في واد الجيم في واد والتاء في واد، لا؛ هذه مصيبة هذه؛ كل حرف في واد، ما الحكاية، ما الجواب؟ مسعود!

في بحر الرجز يُلتزم بحرف الروي.

ليس هذا مما تقول، هذا الذي تشير إليه انتبهوا -يا جماعة!_ علم دقيق جدًّا، هذا الذي يشير إليه مسعود نوع متطور ليس من العمودي، أما هذا فعمودي الذي تشير إليه أنت فشعر مشطَّر، نوع آخر، كما في ألفية ابن مالك، ها!

نعم.

"كَلَامُنَا لَفْظٌ مُفِيدٌ كَاسْتَقِمْ...

نعم

وَاسْمٌ وَفِعْلٌ ثُمَّ حَرْفٌ الْكَلِمْ

بِتَا فَعَلْتَ وَأَتَتْ وَيَا افْعَلِي وَنُونِ أَقْبِلَنَّ فِعْلٌ يَنْجَلِي"!

كل بيت على طريقة، هذا اسمه الشعر المشطَّر، وهذا من داخله اسمه المزدوِج القائم على تنسيق شطرين، ثم تزداد الأمور قليلًا قليلًا حتى تتألق في الموشحات.

نعم.

ففي الموشحات أكبر هندسة للأشطر، لم تكن تكاد القصيدة فيه أصلًا تتجاوز خمسة أبيات، والبيت في نفسه قطعة من دور وقفل، والدور من أشطر، والقفل من أشطر، حكاية، لا، نحن هنا ما زلنا في العمودي، ها، من يجيب؟

على السطر؟

ها! على السطر، أي سطر.

الحرف قبل الروي.

تريدين الألف إذن، تريد سلمى كما ذكر أبناؤنا أن تشير إلى أنه التزم انطلاقة الهواء المفتوحة، وهذا هو الصحيح مع الأسف، هذا هو الصحيح! قصيدة تبدو كأنها غير ملتزمة لحرف واحد مكرر، إلا ما ترون من انطلاقة هواء الألف، "رُ الْجَنَى"، "تِ الذُّرَا"، "مُبْتَغَى"، "مُرْتَجَى"، ...، لم تلتزم شيئًا إلا هذه الانطلاقة، انطلاقة الألف فسموها المقصورة.

نعم.

أي التي اعتمدت بدلًا من الروي المعهود على الألف، لكننا وجدناهم يشترطون هنا شرطًا -فانتبهوا!- يشترطون أن تكون هذه الألف في هذه الحال الصعبة، هي لام الكلمة، أي أن تكون أصلية؛ هيا؛ فلنعد إلى تخريج هذا في الصرف! في عروض نحن الآن أم في صرف! شيء عجيب -والله!- شيء عجيب! يقولون لك: بشرط أن تكون الألف أصلية؛ ما لنا وللصرف، نحن في أصوات، في نغم! هكذا قالوا، وعلاقة الصرف بالعروض ثابتة، بل أدعي أن الصرف هو الذي هيأ للعروض مكوناته؛ ففي القديم، في الزمن الأول، قدم الصرف للعروض الصيغ التي يكررها، خذ كلمة صَبُور؛ فقال: صَبُورٌ صَبُورٌ صَبُورٌ صَبُورُ صَبُورٌ صَبُورٌ صَبُورٌ صَبُور؛ فبالإلحاح على الصيغة ولد الإيقاع، ثم تعقد قليلًا قليلًا. أنا مؤمن بهذا، وهذا موجود، ليس من اختراعي؛ هذا من كلام من تأملوا نشأة الشعر العربي. بعد هذا تعقدت الأمور وكذا وكذا، لكن هل يعد هذا من هذا؟ سبحان الله، يا أخي! في "صَبُورٌ صَبُورٌ..." إيقاع موجود، هنا إيقاع، أضافوا إلى ذلك ملمحًا آخر من ملامح مساعدة الصرف للعروض في مقام القافية، في القافية المقصورة التي لا حروف مكررة فيها إلا ما كان من انطلاقة الهواء؛ فالروي هنا -يا جماعة!- الألف، بشرط أن تكون أصلية! حاولوا أن تزنوا معي، زِنُوا في الصرف؟ ما وزن "الْجَنَى"؟

فَعَل.

الجني.

ما وزنه في الصرف؟

فَعَل.

الْجَنَى الْفَعَل، والذُّرَا الْفُعَل، والْمُبْتَغَى الْمُفْتَعَل، والْمُرْتَجَى الْمُفْتَعَل، وأَتَى فَعَل، وهكذا؛ فالألف كما ترون.

لام...

لام أصلية. لكن -سبحان الله، يا أخي!- نحن في إيقاع، لا في صرف لكن هذا هو الذي قالوه، أما أنا فأقول: إن الإيقاع القافية في هذه القصيدة أقل من إيقاع غيرها، أنا أتهم هذا، أنا فعلت مثل هذا، حاولت أن أقلده -ها!- لكن أحس أن القافية مضطربة غير مستقيمة على العادة؛ كأنها ناقصة، لكن هذا حدث، وهو موجود في الشعر العربي من قديم، يسمون هذه القصائد باسم هذه القوافي العجيبة، يسمونها المقصورات جمع تسليم والمقاصير جمع تكسير؛ فهذه مقصورة أبي مسلم، وأشهر المقصورات على الإطلاق مقصورة ابن دريد التي مطلعها:

"يَا ظَبْيَةً أَشْبَهَ شَيْءٍ بِالْمَهَا تَرْعَى الْخُزَامَى بَيْنَ آرَامِ النَّقَى"!

ها! هذه أشهر مقصورة، وقد قلدها حازم القرطجاني، وقلدها أبو مسلم كما رأيتم، ومن خصائص المقصورات أنها في الأدب أي التأديب، وكلمة أدب عند نقادنا القدماء معناها تهذيب الأخلاق، إذا ذهبتم إلى الدواوين إلى الفهارس وجدتم باب الأدب، نعرف الهجاء، ونعرف المدح، ونعرف الرثاء، فما الأدب هذا؟ هو باب تهذيب الأخلاق، فقد كانوا يسمون تهذيب الأخلاق الأدب، ويصنفون على أساسه الشعر، يقولون: هذا القسم من الديوان في الهجاء، وهذا في المدح، وهذا في الغزل، وهذا في الرثاء، وهذا في الأدب. تكتشف أن الغالب على المقاصير الأدب، أرأيتم كيف كان أبو مسلم يؤدب نفسه ويؤدبنا: افعلوا كذا، وافعلوا كذا مع الزمن، ولا أقبل كذا، يؤدبنا من خلال اشتراطه على نفسه أن يلتزم بعض الأخلاق، هكذا يفعلون في المقصورات، سبحان الله! طيب! كيف نقول في تخريج هذه القصيدة إذن، ها! في البيانات، في إضافة البيانات: هذه القصيدة...

رجزية.

رجزية الأبيات، وبين قوسين أرجوزة، لأن القصيدة الرجزية الأبيات مشهورة في علومنا باسم أرجوزة، وصاحبها معروف باسم...

راجز.

وجمع راجز...

رُجّاز.

رُجّاز، ومِن أشهر الرجاز...

رؤبة بن العجاج.

رؤبة، وأبوه، وابنه، وأبو النجم...

العَجْلي.

العِجْلي.

العِجْليّ.

ولما استفزوا بشارًا -ها!- دمرهم بأرجوزة غلبت على الأراجيز حتى هربوا واختفوا من الساحة! كنت أمس أقرؤها، أعدت قراءتها أمس في ديوان بشار استمتاعًا، يا سلام:

"وَصاحِبٍ كَالدُّمَّلِ الْمُمِدِّ

حَمَلْتُهُ فِي رُقْعَةٍ مِنْ جِلْدِي"!

يتكلم في الأدب كذلك -ها!- ومطلعها كما ذكرنا من قبل:

"يَا طَلَلَ الْحَيِّ بِذَاتِ الصَّمْدِ

بِاللهِ خَبِّرْ كَيْفَ كُنْتَ بَعْدِي"!

كلام جميل! فغلب على الرجاز! ماذا قلنا هذه القصيدة إذن؟ رجزية الأبيات وبين قوسين...

أرجوزة.

أرجوزة، ها!

مقصورة.

التامة.

التامة، ها، كيف العروض والضرب؟

الصحيحة العروض والضرب

الصحيحة العروض والضرب كما قال فيصل، لماذا؟ لأن التفعيلة تدور على السلامة تسلم وتتغير فتسلم وتتغير، كلتا تفعيلتي العروض والضرب تسلمان وتتغيران؛ فإذا كان هذا هكذا غلبنا السلامة، ثم ذكرناها في هذا المقام باسم الصحة، لأن هذا المقام في العروض والضرب مقام إعلال، مقام تغيير بالعلة؛ فلما سلمت من العلة وصفناها بالصحة، وأنبنا الصحة عن السلامة؛ فعممنا وقلنا: هذه القصيدة رجزية الأبيات -بين قوسين أرجوزة- التامة الصحيحة العروض والضرب، ما جمع عروض.

أعاريض.

ها!

أعاريض.

أعاريض، وهو جمع شاذ شاذ، من أراد منكم أن يجمع قال: صحيحة الأعاريض والضروب، عجيبة هذه، عروض على أعاريض، وما جمعها المعتاد؟ عُرُض مثل جمع صَبُور على صُبُر وغَفُور غُفُر، لا، هذه عروض قد جمعت على أعاريض، كأنها جمع إعريض! طيب، ماذا قلتم؟ هذه القصيدة...

صحيحة العروض.

رجزية الأبيات -بين قوسين أرجوزة-...

التامة.

التامة الصحيحة العروض والضرب. انتقلوا إلى القافية! مقصورة -انتهينا!- فقط فقط!

فقط؟

فقط، لا لا، كثرة الكلام مفسدة، مقصورة، هل سمعتم بهذا؟ هل سبق مثل هذا؟ لم يسبق، ولن يلحق! مقصورة، إذا قلت كلمة مقصورة تخيل الناس وعرفوا ما الحكاية، والمقصورة كما تعرف أو كما لا تعرف، يستحيل أن تكون مردفة؛ كيف تردف!

وهي مقصورة.

فمستحيل.

وأما احتمال تأسيسها فكالمستحيل وليس بمستحيل.

كالمستحيل.

هو ليس بمستحيل، ولكنه كالمستحيل فعمّمنا الاستحالة، واستغنينا عن إضافة "مجردة"، تمام؟

دكتور، ذكرت أن الألف في المقصورة أصلية، وهي منقلبة عن واو أو ياء!

أحسنت، يا نورة! هذا لا ينفي أن تكون أصلية. ما معنى أن تكون أصلية؟ أن تكون من حروف الأصول. سبحان الله! كأنك -يا نورة!- لم تدرسي عليَّ حينما قلت لك: ليست هناك ألف أصلية، إذا كانت أصلية كانت بين أمرين: إما أن تكون منقلبة عن واو، وإما أن تكون منقلبة عن ياء، أما الألف الخالصة غير المنقلبة فهي الزائدة فقط -ها!- هذا سؤال مهم، سؤال طالبة علم، تقول: أنت ادعيت أن من شروط الألف هنا لتصح القافية المقصورة، أن تكون أصلية؛ فكيف تكون أصلية وقد رأيت بعض الكلمات ترجع الألف فيها إلى الواو، وبعضها ترجع فيه إلى الياء؟ ليست هناك ألف أصلية لا ترجع إلى شيء، يستحيل، إلا الزائدة! بارك الله فيكم، وشكر لكم، وأحسن إليكم، والسلام عليكم!

وسوم: العدد 1096