الأسير أسامة عبد ربه بين نارين المرض والبعد عن الأهل

أحرار:

الأسير أسامة عبد ربه

بين نارين المرض والبعد عن الأهل

يمارس الاحتلال الاسرائيلي اعتقال الشبان الفلسطينيين معتبراً ذلك من أهم أولوياته، بل ويركز على تلك الفئة باعتبارها الأقوى والأنشط في المجتمع الفلسطيني، ففي كل يوم هناك اعتقال للعشرات معظمهم من الفئة الشابة التي يعتقلها الاحتلال إما عبر الحواجز، أو بإرسال جنود يرتدون زياً مدنياً، أو باقتحام البيوت ليلاً ومداهمتها واعتقالهم، وطرق أخرى كثيرة ومتعددة تمارسها "اسرائيل".

في التقرير الآتي لمركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان، تظهر إحدى الطرق التي لا تمس للإنسانية بصلة باعتقال الشباب الفلسطيني عبر الحواجز التي تنصبها في كل مكان، وهنا من على حاجز زعترة المقام بين مدينتي نابلس ورام الله، والذي يعج بعشرات الجنود ليلاً ونهاراً.

والحديث هنا حول قصة اعتقال الشاب أسامة برهان حسين عبد ربه، من مواليد: 25/11/1985 من مخيم طولكرم، وهو الابن البكر في عائلته، من بين أربعة أبناء.

تروي حادثة اعتقاله لمركز أحرار، والدته السيدة أم أسامة، وتقول: كان أسامة في اليوم الذي اعتقل فيه في مدينة نابلس، وفي طريقه إلى المخيم سلك طريق حاجز زعترة، مع صديقه، وبينما جنود الاحتلال وكعادتهم يفتشون ويوقفون السيارات المارة من على الحاجز، أوقفوا السيارة التي كان يتواجد فيها أسامة وصديقه، وأنزلوه من الحافلة وفتشوه وأخذوه إلى زاوية منفردة، وقاموا بضربه ضرباً مبرحاً على مرأى الناس وكان ذلك بتاريخ: 14/1/2005.

قضى أسامة في أقبية التحقيق 30 يوماً متواصلة، وسمح له خلال تلك الفترة بمحادثة واحدة مع عائلته، وهي المكالمة التي يسمح بها الاحتلال للأسير في بداية اعتقاله، وليست عطفاً منهم، وإنما هي أسلوب قهري لأهل الأسير الذي يتحدث معهم وصوته لا يكاد يسمع من شدة الآلام الناتجة عن التعذيب.

وتكمل أسامة حديثها وتقول:" في أول أيام اعتقال أسامة كانت ترادوني خيالات شبحه وتعذيبه وتكبيله وحرمانه من النوم، حتى في أحلامي كنت أراه يتألم ويبكي، إلا أنني الآن أعيش وضعاً مختلفاً بعد انقضاء تلك السنوات وانتظار ما تبقى له في الأسر وبعد أن حكم عليه بالسجن 10 أعوام".

وتواصل:" أخذ الاحتلال ينقل أسامة من سجن لآخر، فتارة يضعه لوحده وتارة أخرى يضعه مع الأسرى الآخرين، وكنا نواجه صعوبات كبيرة في الزيارات عندما كانوا ينقلونه من سجن لآخر، وكانت تكمن الصعوبة الأكبر في الحصول على تصريح للزيارة الذي يمكث الأهالي بانتظار صدوره أشهراً طويلة، مشيرة إلى إن أسامة يقبع الآن في سجن إيشل بعد نقله من سجن النقب الصحراوي".

أم أسامة هي من تتولى كافة الإجراءات الخاصة بأسامة، فزوجها متوفي منذ زمن وقبل اعتقال نجله، كما تشارك أم أسامة في كافة المسيرات التي تنظم من أجل الأسرى، منوهة إلى وجود ضعف كبير جداً في التضامن مع الأسرى في السجون ومشاركتهم آلامهم.

من جهة أخرى، تحدثت أم أسامة عن الوضع الصحي لابنها والأمراض التي حلت به منذ اعتقاله، والتي لم يكن يعاني من أي منها قبل الاعتقال، وأكدت أنه يعاني من وجود ديسك في ظهره وآلام في القدمين والعينين، كما يعاني من قرحة في المعدة وإصابته بالقولون العصبي، وكلها أمراض أكدت أم أسامة أنها جاءت بعد فترة التحقيق الذي تعرض لها، وبعد الإضرابات المفتوحة عن الطعام والتي شارك فيها أسامة مع العشرات من الأسرى في السجون.

وكما هو الأمر المعروف في السجون، لا يتناول أسامة إلا المسكنات، رغم أنه في بعض الأوقات تنتابه نوبات من الألم الشديد وخاصة الناتجة عن قرحة المعدة والقولون العصبي، وهما مرضين بحاجة إلى تناول أنواع معينة من الطعام وفق ما ينصح به الأطباء، الأمر الذي يفتقر إليه الأسرى في سجون الاحتلال.

وبالإضافة إلى الأمراض الجسمانية التي يعاني منها أسامة، قال فؤاد الخفش مدير مركز أحرار فإنه يعاني حالة نفسية صعبة نتيجة المرض ونتيجة الأسر والعزل، ونتيجة رفض الزيارات لأهله في كثير من الأحيان، وهو الوضع الذي يعيشه الآلاف من الأسرى، نتيجة عدم خروجهم والتضييق عليهم في داخل الأسر، وازدياد معاناتهم جراء ممارسات الجنود المهينة ضدهم.

ويؤكد الخفش، إن الاحتلال الاسرائيلي يعتقل الشبان الفلسطينيين في مرات كثيرة لتعطيل مسيرتهم الأكاديمية، وهو الأمر الذي رصده المركز لحالات اعتقالات كثيرة، والتي تبين فيها أن هناك العشرات من الشبان الفلسطينيين الذين اعتقلوا وهم طلبة في الثانوية العامة أو طلبة جامعيين يحكم عليهم الاحتلال بالسجن أعواماً يعطل بها مشوارهم الدراسي، بل ويعيد ويكرر اعتقالهم أكثر من مرة.