أنياب الأخوة الأعداء ومخالبهم

كاظم فنجان الحمامي

كاظم فنجان الحمامي

[email protected]

أبشع ما نمر به اليوم هو هذا الكم الهائل من الأحزاب العربية التي احترفت ارتكاب الجرائم في السر والعلن, فاجتاحت مدننا من مغربها إلى مشرقها, ومن شامها إلى صومالها, فما نراه ونسمعه ونلمسه من مجازر جماعية تُرتكب ضدنا وضد أهلنا بقنابل ومتفجرات وعبوات ناسفة على يد عناصر الجماعات الملثمة, والكيانات المتطرفة والمنظمات الغارقة في بحار الدم, في مشاهد يومية تتكرر في ضواحي معظم المدن العربية المشمولة بتسونامي الفوضى السياسية, ومواسمها الانقلابية, المبتدئة بربيعها العربي, والمنتهية بربيعها البترولي, والمارة بخريفها الليبي وصيفها القطري وشتائها اللبناني, وزلازلها العراقية المضطربة, وعواصفها المصرية الهائجة في ميدان التحرير ورابعة العدوية.

الملفت للنظر أن تلك الأحزاب المولودة توا من رحم الفراغات السياسية الممتلئة بفقاعات الأحقاد الموروثة, كشَّرت عن أنيابها الشرهة للتعبير عن نواياها العدوانية في التسلط علينا والتلاعب بمصائرنا, بخيارين أثنين لا ثالث لهما, فأما أن نخضع لإرادتها بالكامل من دون اعتراض ولا امتعاض, أو نذوق الموت بأنيابها ومخالبها غصة بعد غصة.

أما إذا تضررت مصالحها, أو شعرت بفقدانها السيطرة على زمام الأمور, فأن خيارها الثالث هو التفجير والتفخيخ والتخريب والتدمير, وهو سلاحها الغادر الذي دأبت على اللجوء إليه لتقتيلنا وتمزيقنا وتقطيع أوصالنا في الشوارع والأسواق والمدارس والمساجد.

فالغاية عندها تبرر الوسيلة, والويل كل الويل لمن يقف في طريقها أو يحتج عليها, فهي أما أن تحكم لتنتقم, أو تنتقم لتحكم, والأنكى من ذلك أنها توصلت الآن إلى التلويح بخيارها الرابع, فمجرد ظهور حزب منافس لها من تلك الأحزاب الكارثية الفوضوية المشابهة لها في الشكل والمضمون, فأن الصراع المسلح هو خيارها الميداني لرسم ملامح الحزب السياسي الأوحد, فالبقاء في الساحة العربية الآن للأقوى والأشرس والأعنف وللأكثر استهتاراً من غيره, ونبقى نحن الضحية المتوقعة لكل نوع من أنواع هذه الصراعات المتلونة بواجهاتها الدينية والطائفية والديمقراطية والليبرالية والعلمانية والفوضوية والفهلوية. فنحن الذين ندفع الثمن في الأول والآخر في هذه المسارح الدامية المتفجرة بالكوارث من باب المندب إلى باب زويلة, ومن باب العزيزية إلى باب الزبير.

أما الدول العربية والغربية الداعمة لها, والمؤيدة لنهجها, والراعية لشؤونها, فقد تغلغلت معها في أقبيتها المظلمة الدامية, المتمثلة بدعم الإرهاب الكاسح, في ضوء تطبيقاته العربية الشاملة, وما العجلات المفخخة, والأحزمة الناسفة, والأسلحة الفتاكة المهربة عبر الحدود, والغازات السامة المتسللة ليلا لملاجئ الأطفال, إلا أداة من أدوات الجرائم المرعبة, التي ارتكبتها المليشيات العدوانية المسلحة, وعصاباتها الضالعة في الشر.

لو بحثنا الآن في شبكة البحث الالكتروني (جوجل Google) عن عبارة (ميليشيات عربية) لظهرت لنا أكثر من ستة ملايين واقعة من الوقائع الدامية الراعفة بنزيف الحزن والأسى من جسد هذه الأمة, التي مزقتها أنياب الأخوة الأعداء ومخالبهم السوداء.

ربنا مسنا الضر وأنت أرحم الراحمين