طبيب معتقل في فرع "المنطقة" يروي شهادته حول قتل 124 معتقلاً خلال أقل من شهرين
قُتلوا جوعا وتعذيبا ومرضا في سجون مجرمي سورية
طبيب معتقل في فرع "المنطقة"
يروي شهادته حول قتل 124 معتقلاً
خلال أقل من شهرين
فارس الرفاعي
عنصر من قوات النظام يأخذ صورة قرب جثث سوريين قتلوا تحت التعذيب - زمان الوصل
سرد معتقل سابق في فرع المنطقة (227) بكفر سوسة تفاصيل من اعتقاله ومشاهد الإذلال والتعذيب التي تعرض لها مع رفاق له.
وكان المعتقل وهو طبيب بيطري قد اعتقل على حاجز للأمن العسكري في مدينة حماة بعد قدومه من مصر واتهامه بالعمل مع تنسيقيات الثورة، وعلاج الجرحى في أحد المشافى الميدانية، رغم أنه طبيب بيطري.
ويؤكد الطبيب المعتقل أنه كان شاهداً على وفاة 124 شخصاً في زنزانته خلال 52 يوماً من اعتقاله بفرع المنطقة، وأن أحدهم تم ضربه حتى الموت لأنه أنكر اعترافاته عليه عند مواجهته".
أما الباقون –كما يقول– فـ"ماتوا بسبب الأمراض الجلدية أو الغرغرينا نتيجة الضرب وعدم العلاج".
ويضيف أن من بين الضحايا "شاب من داريا قتلة العقيد الدكتور لأنه من داريا، وكانت قدمه مصابة بالغرغرينا وبدأ الدكتور بضربه، حتى انفصلت قدمه من الكعب وحتى منتصف الساق عن باقي جسده".
ويضيف المعتقل السابق:"رأيت هذا المشهد المروّع بعيني لأني كنت أحقن إبرا للمساجين الذين تُرسل أسماؤهم للدكتور، لأن الدكتور المذكور كان يشعر بالقرف من هذا العمل، وعندما علم بأن هناك طبيبا بيطريا مسجونا قال بالحرف: "جيبوه يعالج هالجحاش"، ولذلك -كما يقول- تنقّل بين 4 زنزانات وبعض المنفردات".
ويردف المعتقل السابق: "في كل زنزانة كان هناك شاويش بدرجة شبيح -حسب وصفه- يوزع الأكل على المساجين، ويقدم 10 أشخاص من المعتقلين لتسلية العساكر، والترفيه عنهم، وأحياناً كان هذا الشاويش يدلك العساكر ويجري لهم المساج ولا يتوانى عن تعذيب المعتقلين".
وأكد الطبيب المعتقل أن "المعتقل كان يضم مقبرة مؤقتة يضع الشبيحة فيها الجثث".
ويتابع: "كان عناصر المهجع يرغمونا على تسمية المتوفين بالفطايس وعندما يموت أحد المعتقلين كنا نطرق الباب من الداخل، ونقول لهم "عندنا فطيسة ثم ننقل جثته إلى الحمامات التي كانت تحتوي جثثاً كثيرة مكدسة فوق بعضها البعض تشبه جثث الصور المسربة التي نشرها القيصر".
ويضيف محدثنا:"وعندما كنا نعود حاملين جثة جديدة لم نكن نرى جثث اليوم السابق".
ويؤكد المعتقل السابق أنه كان شاهداً على وفاة معتقل لأن عناصر المعتقل وجدوا في جيبه أثناء التفتيش بيضة مسلوقة فأطعمه إياها أحد العناصر بقشرها، وكان الرجل يعاني من مرض في معدته فتوفي على الفور".
وحول تفسيره لانتشار الغرغرينا بين المعتقلين ممن كان واحداً منهم أوضح الطبيب المعتقل:"من شدة الضرب كانت أجساد المعذّبين تتورم، وحتى يعود الجسد إلى حالته الطبيعية بحاجة إلى تدليك بماء ساخن، ولعدم توفر ذلك يتجمد الدم بسبب استخدام الماء غالباً مما يؤدي لتفسخ وتشقق الجلد". ويضيف محدثنا: "مع ظروف الوسخ والبول الذي يملأ أرض الزنزانة وكثرة الجروح مما يؤدي إلى الدمامل والغرغرينا من نوع الرطبة أو الجافة".
وكان الطبيب الحموي قد اعتقل على أحد حواجز النظام وتم اقتياده إلى فرع الأمن العسكري بحماة حيث أمضى فترة من اعتقاله، ثم حُوّل الى فرع الشرطة العسكرية وجرى تحويله فيما بعد إلى فرع الشرطة العسكرية في القابون بدمشق ومن ثم إلى فرع المنطقة 227 في كفر سوسة بدمشق، وإلى سجن عدرا وبعد عرضه على محكمة الإرهاب، تم إطلاق سراحه لعدم وجود أدلة، ولعدم حضوره جلسات المحاكمة تم تحويله لجنايات الإرهاب وحُكم فيما بعد غيايباً بـ 15 سنة.
ويعلق الطبيب والمعتقل السابق على هذا الحكم بمرارة: "كانت أمنيتي الخروج من سوريا، ووصيتي إن متُّ خارج سوريا ولم يكن لدى أهلي ثمن قبر أن أحرق بحاوية" ويعقّب بنبرة يأس قائلاً: "حتى ولو سقط النظام فلن أعود إلى سوريا أبداً".