إفراغ الثورة من محتواها الشعبي

معاذ عبد الرحمن الدرويش

معاذ عبد الرحمن الدرويش

[email protected]

مع انطلاق الثورة السورية المباركة أول ما وجه نظام الإجرام أصابع الإتهام للفلسطينيين و أكد أن السوريين لا علاقة لهم بما يحدث هنا و هناك.

ثم و مع اتساع رقعة التظاهرات كان إعلام النظام يعتبر أن ما يحدث مجرد حالات بسيطة في بعض المناطق في سوريا،و مع اشتداد قوة المظاهرات راح النظام يركز على حلب و دمشق باعتبارهما الكتلتين الأكبر في سوريا و هما بعيدتين عن الثورة.

و عندما زحف التظاهرات بدأ يدق أبواب دمشق و حلب ، سعى النظام جاهداً لتسريع و دفع الثورة للانتقال من التظاهرات السلمية لتدخل في مرحلة التسليح المعلن قبل انفجار دمشق و حلب سلمياً.

و قد نجح النظام بذلك.

و عندما تحولت الثورة من السلمية إلى مسلحة ، سعى النظام جاهداً لضرب القاعدة الشعبية لها.

بحيث أن الويل ينزل على أي مكان تخرج منه أي رصاصة، و مع اشتداد عود الثوار عسكرياً بدأ النظام  بضرب المدن و القرى و الأحياء عشوائياً.

كانت سياسة  النظام تعتمد على خنق المدن و القرى و تطويقها  بالموت من كل الجهات و يترك طريقاً واحداً آمناً يترك الناس تهرب منه بكل أمان.

فالنظام كان يدرك أنه من المستحيل أن يقتل كل الشعب السوري، لكنه قادر على قتل الثورة من خلال إفراغها من محتواها الشعبي.

و مع ازدياد وتيرة الإجرام و التدمير استطاع  النظام من إفراغ سوريا من أهلها و بقي الثوار لوحدهم يقاتلون في المدن و القرى و الأحياء ، و بذلك نجح النظام بفصل الثوار عن أهليهم مكانياً مما ساعد على ازدياد المسافة الفكرية بينهما أكثر و أكثر.

ثم بدأ النظام يركز على جبهة النصرة و دولة العراق و الشام على أنهما فصيلين وافدين و غريبين عن سوريا ،و لم يعد يذكر الجيش الحر و غيب عن الساحة الثورية بشكل كبير جداً.

و باتت الثورة اليوم عبارة عن حرب بين النظام و مجموعات إرهابية غريبة و هكذا استطاع النظام تفريغ الثورة من محتواها الشعبي و كأن الثورة باتت لا علاقة لا من قريب و لا من بعيد بالشعب السوري.

مع أن النظام استعان بالإيرانيين و حزب اللات و بالروس و الكوريين و الأفارقة و غيرهم إلا أنهم كانوا يقاتلون جميعاً بين صفوف شبيحته و تحت إمرته.

أما المرحلة الأخطر من ذلك و التي بدأت تلوح بالأفق أن يتحول الإقتتال بين هذا و ذاك من فصائل الثورة لاختلاف بعض الإيديولوجيات فيما بينها،و بذلك يقف النظام موقف المتفرج الشامت ، ليعلن انتصاره على ثورة قدمت من تضحيات ما لم تقدمه ثورة من قبل في التاريخ الإنساني.

الصورة على الأرض ليست بتلك الصورة السوداوية ، لكن النظام من اللحظة الأولى كان يعرف إلى أين يسير.

 و يتوجب علينا أن نحاول إعادة توجيه دفة الثورة باتجاه اسقاط نظام الإجرام و بدون أي تشعبات  لنلتف حول هذه الفكرة فقط مدنيين و مقاتلين وبذلك نكون أعدنا بوصلة الثورة إلى إتجاهها الصحيح.