إلى علماء السوء

محمد فريد الرياحي

[email protected]

تظنون، من فخفخة فيكم، أنكم علماء تملكون العلم، فيما تملكون من القدرة على بسطه وشرحه وتقديمه بالطريقة التي لديكم، وتظنون أنكم، وبلغتم الدرجات العلى، ألقابا أنتم بها تفرحون،ومنابر أنتم عليها مقيمون،ومقامات أنتم لها عاكفون، تظنون أنكم أنتم العلماء والفقهاء والمجتهدون الذين إذا قالوا بلـّغوا، ما عندهم من الصهيل، وإذا كتبوا شفوا الغليل بما لهم من الدليل الذي لا يرقى إليه دليل، تظنون، وملكتم من الدنيا مفاتحها ومفاتيحها، ونلتم من المال والجاه ما به تمشون في الأرض مرحا، وتباهون به الخلق زينة وفرحا، تظنون أنكم أنتم الأعلون، وأن لكم من الدرجات ما به تزكون أنفسكم، فأنتم الغالبون لا يخبو لكم نجم، ولا ينهد لكم بنيان، ولا يرتد لكم أمر هيأتموه بالهدى، وحضرتموه بالتقوى، تظنون، وأنتم مشدودون إلى هذا الاعتقاد بأصفاد من الهوى لا تنكسر، أنكم أنتم الحق بما تقضون، وتفتون، وأنكم الأبدال بما تجدون في أنفسكم من الطمأنينة التي تثبت أقدامكم، يوم تزل الأقدام، وتهدي أفئدتكم يوم تضل الأفئدة، وأنكم الهداة المهتدون، العابدون القانتون، تظنون هذا وذاك في دوامة من الخبال هو لكم، وجحيم من الهوس هو فيكم، وتغفلون، والشيطان قرين لكم، عن حال أنتم فيها من شهادة الزور،وفعل المنكر، وقول الكذب، وأكل السحت، والتعاون على الإثم والعدوان، والوقوف إلى جانب الحاكم الغشوم الذي ران على قلبه ما كسب من السيئات، وجنى من الموبقات، فما أصبركم على النار حين تكبكبون فيها أنتم وأسيادكم الذين أضلوكم السبيل، فأنتم وهم سواء، في سواء الجحيم،  تظنون أنكم بمنجاة من هذا المصير، وأنتم غارقون في السوء حتى الحد الذي لا أمل معه في الرجاء، ولا رجاء فيه للأمل، فذوقوا، وكنتم أعزة في الدنيا، ما كنزتم لأنفسكم من المكاره، ألم تكونوا أيها الضالون المضلون في نعيم من العيش، ورخاء من الحياة، تعرفون الحق حق المعرفة، وتجحدون به ابتغاء مرضاة الشيطان؟ ألم يعدكم الشيطان خير الدنيا فاتبعتموه وعبدتموه، وبئس الوعد والاتباع، وأنتم في حال من الإعجاب بأنفسكم وأعمالكم، لا تحيدون عنها؟ ألم تقولوا للمحسن أسأت وللمسيء أحسنت، فكذبتم وأصررتم على الكذب؟ ألم تسكتوا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيما عاهدتم عليه أنفسكم من الإسراف عليها، وإدخالها المدخل الوعر؟ ألم تصدروا الأحكام تقتيلا للمؤمنين وتنكيلا بهم، وتبجيلا للحكام وتجميلا لأفعالهم التي سولتها لهم أنفسهم في حال من الغرور يلبسونها، وطريقة من الفجور يسلكونها، وهيهات هيهات الخروج مما هم فيه من الغي والبغي؟ ألم يفعل هؤلاء المفلسون المبلسون الشر في الذي زينتموه من الأقوال، وسوغتموه من الأفعال؟ بلى. وكذلك تقولون، وكذلك تفعلون، فأبشروا، وقد اتخذتم من دون الله آلهة تعبدونها، أبشروا بعذاب عظيم أنتم فيه لابثون، لا يخفف عنكم، ولا أنتم منه تخرجون.((إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون. لوكان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون. لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون.إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولائك عنها مبعدون)).