عظمة الماضي التليد !!!
عظمة الماضي التليد !!!
سليمان عبد الله حمد
مصنع الجنيد من أعرق وأقدم مصانع السكر في السودان.. أنشأه الانجليز في أواخر الخمسينيات.. وقد أحدث قيامه نقلة نوعية ليس على نطاق شرق الجزيره فحسب وإنما علي نطاق الولاية، بل على مستوى القطر.. يعمل به قرابة الـ800 عامل وأكثر من 450 موظفاً؛ هذا بالاضافة إلى التجار الثابتين والمتجولين ومن يعيشون على خيراته والذين يتجاوزون 200 مستفيداً.
يحقق المصنع أرباحاً عالية جداً.. وأكبر دليل علي ذلك الخدمات التي نلتسمها في المرافق التعليمة؛ فقطاع الخدمات بالجنيد يدعم المدارس سنوياً بـ 150من إجلاس الطلاب.. والأهم من ذلك نجد أن مصنع سكر الجنيد ساهم بنسبة 50% في عملية سفلتة الطريق الشرقي من الخرطوم وحتى رفاعة وساهم أيضاً بـ50% من سفلتة طريق الشهيد عبدالقادر ودحبوبة البالغ طوله 37 كيلومتراً وكان دعم المصنع برصف الطريق كله بواسطة آلياته ومعداته.. أما بالنسبة للعمال والموظفين نجد أن المصنع يقدم خدماته لهم من خلال منحهم السكر بنصف القيمة بالاضافة إلى الألبان والبيض بنصف القيمة أيضاً.. هذه بعض المعلومات البسيطة التي يعلمها شخصي الضعيف !..
فنحن ندون هذه الحقائق ونكتبها ويعتصرني الألم في بلد أذاقنا المر وهدّنا بالأوجاع والفشل.. وتساءل معي:
ــ ما مصير 1400موظف وعامل؟
ــ ما مصير المنطقه والولاية المسلوبة الإرادة وهي تتراجع بسرعة جنونية ستسقطها في أقرب(فرصة)؟! الولاية التي لا حول لها ولا قوة سوى الصبر على الأذى..!
إن بيع هذا المصنع العريق أمر مؤسف للغاية ــ إن لم يرقى لمستوى الكارثة بحق..!
النــــص:
لقد ظلت المجالس تتداول بيع المصنع... (وغموض) مصيره المنتظر ما يزال هاجس أرياف الجنيد على وجه الخصوص.. بل الواجب أن يكون هاجس أي مواطن في أنحاء السودان...! كيف تستطيع آلة البيع أن تقنع الناس بجدوى التخلص من مؤسسة تسهم بفاعلية في الحياة (اقتصادياً واجتماعياً)؟! هذا إذا استثنينا رمزية التاريخ..!
وحين يتساءل مواطن عن مصير منطقة، فإنه على يقين بأن (الباقي باقي.. والمقدّر كلو صائب) كما تقول الأغنية.. فالقادم مخيف لأولي الألباب بحكم تجربة العقدين الآخرين ــ إن لم تحدث معجزة...!
زوايــة حـــادة :
وأمامنا كيف تحول ذاك العملاق الذى هوى مشروع الجزيرة إلى (خرابة) وكيف تغير المكان العامر فيه إلى بقايا طوب يحكي عظمة الماضي التليد !!!