يستهدفون المساجد والكنائس
جميل السلحوت
اضرم مستوطنون يهود فجر اليوم النّار بكنيسة "جبل صهيون" في القدس الغربية وخطوا شعارات مسيئة للمسيح عليه الصّلاة السلام. وكانوا يوم أمس قد أحرقوا مسجد قرية الجبعة جنوب غرب بيت لحم، وخطوا شعارات مسيئة للرسول محمد عليه الصلاة والسّلام، ودعوات لقتل العرب"الموت للعرب" وهؤلاء الارهابيّون الذين يستهدفون العرب، سبق لهم وأن أشعلوا النّيران في عدّة مساجد ودور سكن وأحرقوا أشجارا وجرّفوا أراضي وقتلوا واعتدوا على مزارعين، ودنّسوا مقابر وكنائس وأديرة، وكتبوا شعارات مسيئة للرّموز الدينيّة الاسلاميّة والمسيحيّة في الضّفة الغربية وداخل الخط الأخضر، كما أنّهم يقتحمون المسجد الأقصى بشكل شبه يوميّ تحت حراسة الأمن الاسرائيلي. وبالرّغم من أنّ الجماعات اليهودية الاستيطانيّة تتّخذ تسميات مختلفة، إلّا أنّها تشترك بعنصريّتها وعدائها للعرب وللدّيانتين الاسلاميّة والمسيحيّة فقط لأنهم مسلمون ومسيحيّون عرب. وهذا نتاج للتربيّة والتثقيف التي ترعاها المؤسّسة الرّسميّة الاسرائيليّة.
واذا كان "الدّواعش" يستهدفون المسيحيّين وغير المسلمين ودور عبادتهم، كما يستهدفون الأضرحة الاسلاميّة من منطلقات عقائدية، فإن جماعات التطرّف اليهودي تستهدف غير اليهود ودور عباداتهم، وتحظى برعاية رسميّة، في دولة تزعم أنّها ديموقراطية، ولهذه الجماعات وزراء وأعضاء كنيست"البرلمان" حيث أنّ الحكومة الاسرائيلية تخصّص ميزانيات ضخمة كدعم ماليّ لزيادة البناء الاستيطاني، كما توفّر الحماية للمستوطنين وهم يمارسون عدوانيّتهم وجرائمهم. لكنّ "الدواعش" يجدون من يحاربهم من أبناء جلدتهم ودينهم ومن غيرهم، بينما المستوطنون المتطرّفون يجدون من يحميهم ويدعمهم.
وما اعتداءات المستوطنين على دور العبادة الاسلاميّة والمسيحيّة إلا تأكيد جديد على عدم أهليّة اسرائيل التي يريدها قادتها "دولة يهودية" على السّيطرة على المقدّسات الاسلامية والمسيحيّة، لأنّ اليهودية لا تعترف أصلا بالدّيانتين السّماويتين الأخرتين"الاسلام والمسيحية". لكن اللافت أنّ العالم الغربيّ يغضّ النّظر عن التطرّف اليهودي، وكأنّ الأمر لا يعنيه، تماما مثلما يغضّ النظر عن تطرّف الحكومة الاسرائيلية التي تقف في سياساتها الاستيطانيّة التّوسّعيّة في مواجهة العالم جميعه. بل إن هناك دولا مثل الولايات المتّحدة الأمريكيّة تموّل السّياسات الاسرائيلية ماليا وعسكريا وسياسيّا رغم معارضتها الخجولة لها.
واذا كان الارهاب لا دين له، فان ارهاب المستوطنين، وتطرّفهم ستتخطى نتائجه حدود فلسطين والمنطقة، تماما مثلما تخطّت خطورة الدّواعش حدود سوريّا والعراق وليبيا، وعلى عقلاء العالم أن يدركوا أنّ عدم حلّ القضيّة الفلسطينيّة بشكل عادل هو من أنجب التطرّف "الاسلاميّ" بل ويغذّيه.