حول الحكومة المؤقتة

بيان من إعلان دمشق إلى الرأي العام

حول الحكومة المؤقتة

تمضي ثورة الشعب السوري العظيمة في طريقها قدماً، وهي أكثر تصميماً على بلوغ أهدافها في الحرية والكرامة والديموقراطية، على الرغم من استخدام النظام لكل أنواع الأسلحة الفتاكة من طيران وصواريخ سكود وأخيراً السلاح الكيميائي رغم تحذيرات المجتمع الدولي والدول الفاعلة فيه من مغبة استخدامه والعواقب التي يمكن أن تترتب على ذلك في محاولة منه لاختبار ردات فعل المجتمع الدولي عند هذه الدرجه من التصعيد.

مايزال النظام مصراً على نهجه الأمني العسكري، في القتل والاعتقال والتهجير وتدمير كل مايمكن تدميره في هذا البلد، أياً كانت أهميته أو عائديته، ومع ذلك لم يفلح في محاولاته لوأد الثورة، ولم تفده كل المهل التي منحه إياها المجتمع الدولي، ولا الدعم غير المحدود بالسلاح والمال والرجال والعتاد الذي قدمته كل من إيران وروسيا، ولا الدعم السياسي الذي أمنته روسيا والصين في المحافل الدولية، ومحاولات إيران وحزب الله والمالكي تعميم الصراع في سوريا وتحويله إلى صراع إقليمي.

الثوار يتقدمون، ويحرزون النصر تلو الآخر، والنظام يترنح، أكثر فأكثر، الرقة تحررت وأغلب مناطق حلب وإدلب ودرعا ودير الزور وريف دمشق أصبحت شبه محررة، المعارك محتدمة في حمص، والثوار باتوا على مشارف العاصمة، لا بل في بعض أحيائها، وبشائر النصر تلوح في الأفق القريب.

إن تردد المجتمع الدولي تجاه الوضع في سوريا، وتجاهله لتطلعات الشعب السوري في الحرية والديموقراطية، والتراخي في لجم النظام عن الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب السوري، والتي ترقى إلى مستوى جرائم بحق الإنسانية وجرائم حرب، يأتي ضمن محاولات بعض الدول الفاعلة فيه إنقاذ ما يمكن إنقاذه من النظام، أو من دوره الوظيفي المناط به في المنطقة طيلة العقود الماضية.

إن قرار الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، تشكيل حكومة مؤقتة وتسمية رئيس لها، يناط بها إدارة المناطق المحررة، وفشل خيار الحكومة الانتقالية الذي كانت تسعى إليه روسيا بموافقة أمريكية، يأتي ضمن مشاريع التسويات السياسية التي رسم ملامحها اتفاق جنيف، حسب التفسير الروسي، وفشل كل الضغوط التي مورست على المعارضه السورية للاندراج في هذا الخيار ـ الذي لاتستطيعه - مادام الشعب السوري وفعاليات الثورة تصر على إسقاط النظام .

ويبدو أن بعض الدول المعنية بالوضع السوري، قد يئست من إمكانية تحقيق التسويات التي كانت تريدها، نظراً لانعدام الشروط الموضوعية لمثل هكذا تسويات وبعد أن فشلت كل محاولات الحوار الذي دعت إليه، بفضل تعنت النظام، ورفضه للحوار وتهربه من استحقاقاته والهزائم المؤلمة التي يتلقاها النظام .

إن التطورات الحاصلة في الوضعين الميداني والسياسي في سوريا ربما جعلت بعض الدول ومنها الولايات المتحدة الامريكية تبتعد عن الموقف الروسي الداعم بصفاقة للنظام، وربما جعلتها تعيد حساباتها تجاه الوضع السوري، وهو موقف يستدل عليه من بروز للدورين البريطاني والفرنسي إلى دائرة الضوء، والتهديد بتسليح المعارضة السورية بسلاح نوعي في محاولة للضغط على النظام الآخذ بالانهيار، وإرغامه على القبول بتسوية باتت تطورات الواقع الميداني وتقدم الثوار على الأرض محدداً رئيساً في رسم ملامحها التي تزداد صعوبة.

وحيث أنه تم الأخذ بخيار الحكومة المؤقتة،  الذي يلبي شرط الجامعة العربية بإشغال مقعد سوريا في الجامعة، فإن المطلوب من هذه الحكومة بادئ ذي بدء، الالتزام بالوثيقة السياسية التي تأسس عليها الإئتلاف، والتي ترفض الحوار مع النظام، وتصر على إسقاطه، بما ينسجم وطروحات الثورة وبرنامجها السياسي لإدارة المرحلة، وتأمين التفاف فعاليات الثورة حولها من أجل إدارة ناجحة للمناطق المحررة، وتأمين الدعم اللازم، وتذليل الصعوبات التي تعاني منها تلك المناطق، وإن نجاح هذه الحكومة يرتبط بمدى قدرتها على تأمين التفاف فعاليات الثورة ومجالس المناطق والمحافظات، التي تشكلت أو التي ينبغي أن تتشكل على مساحة الوطن حولها، والتي ينبغي لها أيضا أن تتوحد من أجل التعاون مع هذه الحكومة، بما يؤمن استمرارية الثورة حتى تحقيق أهدافها.

دمشق في  24 /3/2013                          

الأمانة العامة لإعلان دمشق للتغيير الوطني الديموقراطي