مفهوم الحل السياسي القادم في سوريا

مفهوم الحل السياسي القادم في سوريا

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

كان اليوم حافلاً بتطورات سياسية هامة لصالح الثورة السورية ومن أبرز هذه التطورات هو اسقاط الشرعية عن نظام الحكم السابق في سوريا , ليحل محله ويتخذ مقعده في الجامعة العربية ممثل إئتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية معاذ الخطيب المستقيل حديثاً , ورئيس الحكومة السورية المؤقتة غسان هيتو المعين حديثاً من قبل الإئتلاف

لقد قرأت الكثير... الكثير من التعليقات المؤيدة للخطاب ولم أجد تعليقاً واحداً من مؤيد أو معارض يتناول خطاب معاذ الخطيب بصورة موضوعية تهم الثورة السورية , فالمؤيد اعتمد على التهليل والتبجيل كالثقافة السابقة قبل الثورة (كل مايقوله الرئيس هو يمثلني فله التهليل والتبجيل , والمعارض كل مايقوله الخصم فهو باطل ولا يحتاج قائله إلا مزيدا من معرفة الشتائم والسباب )

فمع قناعتي التامة أن البديل لبشار الأسد لن يكون إلا معاذ الخطيب إن بقي على قيد الحياة في حال نجا من الاغتيال من قبل أطراف لاترضى عنه , أو أصابته مصيبة الموت كغيره من المخلوقات الحية , فمعاذ الحسني هو الزعيم القادم لسوريا , وعلى هذا الأساس نستطيع أن نبن تصوراتنا للمستقبل عن طبيعة الحلول السياسية في سوريا , من خلال نقطتين هامتين طرحهما الرئيس في خطابه اليوم هما:

الأولى:الدعوة للحل السياسي والثانية كانت عن إنشاء منطقة عازلة من خلال المساعدة في عمل شبكة دفاع جوي تسمح بعودة اللاجئين السوريين إليها

علينا مناقشة مفهوم الحل السياسي والذي دعا إليه معاذ الحسني وأيد ذلك بيان الجامعة العربية والحل السياسي هنا يعني التفاوض بين المتخاصمين , يعتمد على حل النزاعات الداخلية أو الدولية ويعتمد بالأساس على الوساطة بين الطرفين , فقد تكون من قبل شخص أو مجموعة أو من قبل ممثل دولة أو دول أو عن طريق الأمم المتحدة , من خلال عقد مؤتمر محلي أو دولي أو أممي تشترك فيه كافة المجموعات المتصارعة والتوصل لحلول وسط تنتهي بمؤتمر يسمى المصالحة وقد ينتج عنها المحاصصة الطائفية أو العرقية أو المذهبية , حسب الصراع الموجود على الأرض كمؤتمر الطائف لوقف الحرب الأهلية اللبنانية في التسعينيات من القرن الماضي

فالحسني كما هو معلوم للجميع يميل للحوار مع النظام الحاكم في سوريا , والذي دعا إليه وما زال متمسكاً فيه ولعله هو السبب الرئيسي الذي دعاه لتقديم استقالته عندما لم يستطع تحقيق التفاوض , بالإضافة لموت البوطي والذي كما أظن كان يمثل حلقة الوصل بين المعارضة السياسية والممثلة بمعاذ الخطيب ورياض سيف , وبين البوطي وبشار الأسد بدعم واضح من الايرانيين والروس والدول المؤيدة لبشّار الأسد وبعض قوى المعارضة في الداخل والخارج

والحل السياسي المطروح في هذه الظروف أو في المستقبل يعتمد على الحوار بين السلطة والمعارضة بغض النظر عن الطريقة المتبعة في حل النزاعات الدولية ولن يخرج عن نطاقات معينة تمليها الظروف والقوى الداخلية والدولية والمتشابكة في مصالحها , سيكون هناك حلول سياسية للأزمة السورية تتخذ الأشكال التالية:

1-    تشكيل حكومة مكونة من المعارضة والنظام الحاكم يتقاسمان فيها المناصب الوزارية بنسب يقررها المتحاورون لحل الأزمة بين الأطراف المتنازعة وبقاء الرئيس في منصبه حتى إعداد دستور جديد وتكوين جمعية وطنية , وقد يسمح له في المشاركة في الترشح أو من عدمه

2-    الدعوة لمؤتمر وطني وتحت إشراف دولي ضاغط يتم من خلاله تشكيل حكومة مؤقتة تقود البلاد وتعمل على المصالحة بين الأطراف والتجهيز للإنتخابات القادمة وفيها يجبر الرئيس على ترك منصبة للحكومة الانتقالية المؤقتة , وفي حال رفض الرئيس التنازل يكون هنالك تدخل عسكري دولي مهمته انتزاع السلطة من الحاكم الحالي وتسليمها للحكومة التي أُقرت من خلال ذلك المؤتمر الدولي , وفي هذه الحالة ستكون المحاصصة الطائفية والعرقية والإثنية هي الأساس المعتمد في التشكيل , مع وجود قوات دولية ضامنة لانتقال السلطة سياسياً

3-    التقسيم وتشكيل دويلات على أساس طائفي أو مناطقي أو عرقي , والنقطة الثانية والتي طرحها الحسني في خطابه بعودة اللاجئين لمناطق حدودية آمنة ترتبط بمستقبل الحل السياسي في سوريا في تقسيم سوريا لعدة دويلات , وتوقيع اتفاقية سايكس بيكو جديدة في المنطقة

4-    إن استبعاد الحل العسكري والعمل على خلق توازن للقوى بين المعارضين والمؤيدين وهذا التوازن في القوى العسكرية هو الذي سيمهد الطريق لبناء الحوار والوصول إلى حل سياسي بين الأطراف المتصارعة على الساحة السورية

5-    والحل الذي يعتقد فيه الكثيرين من القوى الداعمة للثوار على الأرض والتي تمثل قوى معروفة للجميع أن القوى الكبرى لن تسمح بتحرير الساحل السوري , وعليهم أن يرضوا بالواقع في الموافقة على إنشاء دولة علوية في الساحل السوري , وحتى يتحقق ذلك الأمر على جميع الداعمين تهميش القوى الثورية في اللاذقية وريفها , ومنعهم من التقدم او المحاولة للسير في تحرير اللاذقية مهما كانت النتيجة السيئة التي ستقع في المستقبل

منذ فترة طويلة وأنا أبحث عن السبب الكامن وراء عدم الدعم المادي والعسكري لثوار اللاذقية , وكان يتساءل الكثير من المجاهدين المرابطين في جبال اللاذقية عن الأسباب الكامنة وراء ذلك , ولكن كنا لانجد جواباً لذلك إلى أن أتحفني أحد التيارات القوية والداعمة للثورة السورية بالجواب الشافي لكل تساؤلاتنا بجملة واحدة عندما كنت أطلب منه العون للثوار فقال (إن الدول القوية إيران وروسيا وحزب الله والعراق لن يسمحوا لنا بدخول المنطقة والدولة قائمة لامحالة فالمهم عندنا الآن هو الشام وحلب )

ولكن ثوارنا ومجاهدينا الأبطال كما بدأوا ببندقية صيد وحرروا مناطق كثيرة من جبالنا الساحلية وسيلقون الدعم من إخوانهم المجاهدين المخلصين في المحافظات الأخرى , ولن يكون هناك حل إلا الحل العسكري والنصر قادم وقريباً جداً بمشيئة الله وهمة أبطالنا الثوار والمجاهدين .