من نحن؟

من نحن؟

أبو طلحة الحولي

مرت الشهور ثم الأعوام والثورة ولله الحمد تزداد ثباتا ، والعالم يزداد لفا ودورانا لا يكف عن المراوغة والمماطلة والتخطيط وزرع الفتن هنا وهناك ، وتزداد طلباته كل يوم ..

وفي كل مرة تكون هناك أوامر خارجية للمعارضة بالتوحد وإنشاء هيكل سياسي جديد ، وخلال هذه السنوات لم يكن هناك هيكل سياسي بصناعة سورية خالصة ، بدون أوامر وضغوط من الخارج .. وهذا في حد ذاته مصيبة كبرى يجب أن ندرسه بعناية ، فكان المجلس الوطني ، ثم الائتلاف الوطني ، ثم الحكومة المؤقتة !!!!

ويتساءل الناس بعد عامين من الثورة والتضحية أين نحن الآن ؟ وأين صرنا ؟ وسيختلف الناس في الإجابة ، فبعضهم سيقول : نحن الآن في موقع جيد ومتقدم وسيكون لنا دور كبير في المؤسسات السياسية والعالمية ، وسيكون صوتنا مسموع أكثر ، وطلباتنا مستجابة أكثر ..

وسيقول البعض الآخر : لم نستفد من المجلس الوطني ، ولا من الائتلاف شيئا ولن نستفيد من الحكومة ، فنحن الآن  في واقع سيء متشائم ..

وبينما نحن كذلك نخوض معركة الأصوات الفارغة ، ونتجادل ويخطئ بعضنا بعضا ، يستمر الوحش في إجرامه ، ويستمر الغرب في خططه الماكرة لنصحو في يوم من الأيام على واقع جديد لم نحسب له حساب كما استيقظت أفغانستان على تدميرٍ أمريكي رغم أنف الشعب الأفغاني المسلم ، ورغم أنف المجاهدين .. والعالم يتفرج على الضربات تلو الضربات .. فقد تحولت قضية الشعب الأفغاني عبر الأيام والشهور والأعوام من قضية شعب يناضل في سبيل حريته ووجوده وقيمه ومبادئه ، ويجاهد في سبيل الله ضد العدوان الشيوعي إلى قضية سياسية بحتة ، وفي هذا درس كبير للثوار في الداخل والمعارضة في الخارج ..

إن هذا التساؤل : أين نحن الآن ؟ هو سبب التشاؤم والغفلة عما يجري من حولنا من مخططات ومؤامرات .

وهو سبب للتنازع والاختلاف والاضمحلال الفكري ، ونقص الخبرة السياسية ، ويصبح الفيسبوك للقيل والقال والسب والشتم .. والشائعات والتفاهات !!

وحتى نخرج من هذه الغفلة والتنازع والانحسار السياسي يجب أن نلغي هذا التساؤل ، ونسأل سؤالا آخر ، فيه الأمن والأمان للثورة ولمستقبلها ، وفيه سعة الأفق والتعاون رغم الاختلاف : من نحن ؟

إن الإجابة على هذا السؤال سوف يجعلنا نتعرف على أنفسنا ، وهويتنا وبالتالي نضع أقدامنا على الصراط المستقيم للثورة ، ونرسم إستراتيجيتنا الذاتية التي لا تعتمد على التبعية والانطواء تحت الغير .

وعندما نجيب على هذا السؤال حقا سوف يتعرف العالم كله علينا بثباتنا وشمولنا وايجابيتنا وعلاقاتنا الحضارية .. وسوف يعرف العالم كله شرقه وغربه أن الشعب السوري له حكومة مميزة لتميزه وتفرده في ثورته ، وله رسالة عليا لا ترتبط بالمصالح النفطية والاستعمارية وعبودية البشر ، وإنما ترتبط بالإنسان لإسعاده وإخراجه من عبودية العباد والمصالح والمادة إلى عبودية رب العباد .

ومن هنا على الثوار في الداخل والمعارضة في الخارج أن تعي هذا السؤال تماما : من نحن ؟ فتتوحد الإجابة ، وباتحادنا تتوحد نظرتنا إلى ألاعيب السياسة ، وكيف نقلب الطاولة على أعدائنا ، وتتوحد جهودنا من اجل قطف  النصر ، فلا يسرقه غيرنا ، ونتوحد على عملية البناء بصناعة سورية خالصة .. وباختلافنا على الإجابة على هذا السؤال ستختلف نظرتنا لما حولنا ، ويختلف حكمنا على مستقبل الثورة ، ويسرق النصر غيرنا .

لقد حدد الوحش الإجابة على هذا السؤال ولذا فهو مستميت في الدفاع عن باطله !!!

وحددت أمريكا وأوربا وروسيا إجابتها على السؤال من نحن ؟ ولذا فهي تحافظ على مصالحها العدائية والمادية في المنطقة ، وبالتالي تنتظر البديل ولو أبيد الشعب السوري على بكرة أبيه .

وحددت الدولة اللقيطة المحتلة لفلسطين إجابتها من نحن ؟ ولذا فهي تعلن كل يوم وبصوت عال : نحن دولة يهودية ، ولن نرضى بديلا عن الوحش .

فهل حدد الثوار والمعارضة الإجابة على السؤال : من نحن ؟

إن تحديد الإجابة هو الذي سيفرز الحكومة المنتظرة والتي تعبر بصدق عن الشعب السوري ..

وتعبر بصدق عن الشهداء والشهيدات والجرحى والجريحات والمعتقلين والمعتقلات  والمفقودين والمفقودات ، والمشردين والمشردات ...

وتعبر بصدق عن النساء والأمهات والأرامل والأطفال والأيتام ...

وتعبر بصدق عن حضارة الثورة وقوة الثورة وعزة الثورة ..

وتعبر بصدق عن مستقبل الثورة ...

والله اكبر والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين

والله أكبر والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين.