ماهو أصل تسمية (جحش العيد)؟
وما علاقته بثورة الثامن من آذار؟
طريف يوسف آغا
يطلق الناس في سورية والوطن العربي على اليوم الذي يسبق العيد اسم (يوم الوقفة)، ولكن السوريين حصراً يطلقون على اليوم الذي يأتي بعده اسم (جحش العيد) لسبب لاأحد يعرفه، ربما لمجرد أنهم يحبون أن يكونوا مختلفين. وحين كنا مانزال طلاباً في المدرسة وخاصة الابتدائية والاعدادية ونحب أيام العطل، كنا دائماً نسأل أنفسنا لماذا تعطل المدارس في (يوم الوقفة) ولاتعطل في (جحش العيد)، ونسأل أيضاً من أين أتت هذه التسمية الغريبة؟ وقد كان بعض الأهل يمزحون مع أولادهم ويقولون لهم أنهم عندما يتواجدون يوماً إضافياً في المدرسة، وليس في البيت، فهم يتعلمون أكثر، والتعلم أكثر بطبيعة الحال يحمي صاحبه من أن (يطلع جحش) في المستقبل.
لم أعرف، كما ذكرت، من أين أتت هذه التسمية الغريبة، ولكني وبعد أن كبرت واستوعبت حقيقة مايجري في سورية وحقيقة مايسمى (ثورة الثامن من آذار)، استطعت أن أكون فكرة عن الجواب، وكانت هذه الفكرة تزداد قناعة ورسوخاً مع مرور السنوات وآن الأوان لأن أشارككم بها. اليوم كما تعلمون هو (يوم وقفة) مايسمى (عيد ثورة الثامن من آذار)، وهو بطبيعة الحال عيد ليست له أي علاقة بمعنى العيد لامن قريب ولامن بعيد. بل على العكس من ذلك، كان اليوم المشؤوم في تاريخ سورية الذي أوصل (حزب البعث) المسمى زوراً (بالعربي)، إلى سدة الحكم عبر انقلاب عسكري كان السادس بعد الاستقلال. ولكن هذا الانقلاب بالذات كان مختلفاً عن سابقيه كونه الذي مهد، وعبر مراحل استمرت سبع سنوات، لتحويل سورية إلى (دولة علوية) بامتياز وبرعاية فرنسية ومباركة إسرائيلية وغربية كما سبق وذكرت في مقالات سابقة. ومن أول وأخطر مافعله هذا الانقلاب المشؤوم كان تسريح نخبة ضباط الجيش السوري من ذوي الرتب والكفاءات العالية على خلفية أنهم من (الأغلبية السنية) التي ستقف في طريق تحقيق مخططهم الطائفي القادم. وهو إجراء مهد الطريق لهزيمة حرب حزيران بعد أربع سنوات والتي (منحت) إسرائيل مرتفعات الجولان على يد (الأسد الأب) الذي كان حينها وزيراً للدفاع وأمر الجيش بالانسحاب الكيفي دون قتال. والكل يعلم أن النظام حينها خاض هذه الحرب بجيش تم تجريده من كفاءاته بعملية التسريح الجماعية الآنفة الذكر من جهة وبضباط احتياط وجنود من معلمي المدارس وغيرهم من موظفي الدولة البعثيين الذين لايعرفون الفرق بين البندقية الحربية وبندقية (الخردق).
وبالعودة إلى السؤال في عنوان المقال، فقد لاحظت أن الشخصيات السياسية والاقتصادية والعسكرية التي أتت بعد (عيد الثامن من آذار) عام 1963 هذا، والتي أنتجها حزب البعث السئ السمعة، طابقت التسمية التي يعطيها السوريون لليوم التالي الذي يتبع أعيادهم. فكانت كل واحدة من هذه الشخصيات تأتي لتكون (أجحش) من سابقتها، ابتداءً من تلك التي ظهرت في اليوم الأول ووصولاً إلى من نراهم الآن في هرم الحكم من رأسه إلى أخمص قدميه. هل أصبح بامكانكم تخيل حكام سورية اليوم، وهل عرفتم الآن أصل التسمية؟