الاحتلال الإيراني لسوريا
الاحتلال الإيراني لسوريا
معتز فيصل
ما تكلمنا عنه منذ فترة طويلة بدأ يظهر على لسان أصحاب التقية والكذب والنفاق عندما وجدوا أنهم لا يردهم أحد ولا يحاسبهم أحد ولا يقف في وجههم أحد. أعلنوها صراحة وعلى المكشوف أن سوريا هي ولاية إيرانية تابعة لإيران.
تطالب إيران الدول العظمى بإدراج الملفين السوري والبحريني على جدول مفاوضات ملفها النووي. (أين العربجيون الذين زاروا الأسد منذ أيام؟ ماذا بقي من عروبتكم يا خونه؟)
في نفس التوقيت يعلن رياض حجاب أن سوريا يديرها قاسم سليماني منذ فترة طويلة وهو فيها الآمر الناهي.
تزامنا مع هذا يقول الروس: هناك عشرات آلاف المسلحين يدخلون سوريا حاليا، ويضيف الأمريكان إن جبهة النصرة تحشد قواتها في سوريا.
كل هذا تمهيدا لدخول خمسين ألف مقاتل من إيران وحزب اللات رسميا إلى سوريا وبشكل علني ليقوموا باحتلال البلد بعد أن فشل الأسد نهائيا في إيقاف مد الجيش الحر ومنع تقدمه في دمشق وحلب. الحل الوحيد أن يستعين الأسد رسميا بإيران ويطلب تدخلها بناء على التحالفات والمعاهدات الموقعة معها سابقا.
طائرات النظام تتهاوى وهو يعرف تماما أنه لن يستطيع الاعتماد على طائرات إيران إلا إذا كانت هناك أوضاع على الأرض تسمح بالتدخل الإيراني المباشر. وجيش الأسد يتهاوى ويهرب من مواقعه بعد أن استطاع الثوار السوريون الحصول على بعض الأسلحة الثقيلة يدكون بها حصونه.
هذا التدخل السافر والواضح والمعلن وهذا الاحتلال الرسمي لا يمكن أن يتم بدون موافقة إسرائيل، وهنا يحتار بعض الناس ويتساءلون: هل ستسمح إسرائيل لإيران أن تصبح على حدودها؟ هؤلاء لم يدركوا البعد الصهيوني لدولة فارس الجديدة، ولم يعرفوا أن خنجر الغرب في قلب العالم العربي يتم استبداله بخنجر جديد يمزق قلب العالم الإسلامي كله. فبعد أن نجحت إسرائيل منذ إنشائها في تدمير قوة العرب ورميهم خمسين سنة خلف كل أمم العالم, يأتي الدور الإيراني الفارسي لإرجاع العالم الإسلامي كله خمسين سنة إلى الوراء. بماذا تحلم إسرائيل والغرب بأفضل من حرب إسلامية بغطاء شيعي سني لا تبقي في العالم الإسلامي ولا تذر؟ حرب قد يستطيعون جر تركيا إليها لتدمير اقتصادها الذي لم يعد مناسبا للقارة العجوز التي تغرق تدريجيا في أزماتها الاقتصادية؟ حرب تدمر دول النفط وتعطيه مجانا فيما بعد لأوروبا وأمريكا؟ حرب يتخلص فيها الروس من الامتداد التركي في الدول الروسية الإسلامية؟ حرب تتفرج فيها إسرائيل على المسلمين يقاتلون ضد أشباه المسلمين وهم يخربون بيوتهم بأيديهم؟ كما تفرجت على الحرب العراقية الإيرانية وأمدتها بالسلاح لمدة ثمانية أعوام.
هل يصدق هؤلاء أن كل دول العالم ظلت عشر سنوات عاجزة عن منع إيران من صنع القنبلة النووية وهي تحاور وتناور معها في مباحثات لا هدف لها سوى إطالة الوقت واللعب بأعصاب الناس؟ هل كان العراق أقل قوة من إيران عندما قصفته الطائرات الإسرائيلية ومرغت أنفه في التراب؟ هل كانت إيران عندما بدأت برنامجها النووي أقوى من العراق حينذاك؟ لكنها لعبة الأمم تسمح لها بامتلاك قوة نووية تهدد بها دول الخليج وتساعد الغرب على شفط النفط والغاز بأرخص الأسعار أو مقابل خردات الأسلحة، أو حتى مقابل أحدث الأسلحة مع وقف الاستعمال طبعا.
إيران وحاخاماتها يراهنون على عنجهيتهم وغبائهم ويظنون أنهم سيربحون اللعبة وسيؤسسون دولة فارس الجديدة والهلال الشيعي الجديد الذي يحلمون به. البعد الديني لدى الجميع ظاهر في هذه المعادلة المعقدة: فإيران بانتظار المهدي واليمين الأمريكي والأوروبي المتطرف بانتظار المخلص يسوع، واليهود بانتظار الدمار الذي يسبق بناء الهيكل، وتوافق الجميع على تفجير المنطقة مهما كانت العواقب، كل يغني على ليلاه وكل يحلم بحكم العالم.
العرب والمسلمون السنة في سكرتهم يعمهون، يكدسون الأسلحة وهم يعرفون أنهم ممنوعون من استخدامها إلا ضد شعوبهم. الواعي منهم عاجز، والقادر منهم خائن، والشعوب تحاول استباق الأحداث وإمساك زمام الأمور ولكنها بعد تهميشها لمدة خمسين سنة ترى نفسها ضائعة مقسمة عاجزة جاهلة أصول اللعبة لا تكاد تصل إلى هدف إلا وتضيع منها أهداف ولا تكاد ترقع خرقا إلا ويتفتق أمامها مائة خرق. تفتقد إلى القيادات، تفتقد إلى العلم، تفتقد إلى الدعم، تفتقد إلى التخطيط الاستراتيجي وإلى الخطط الموحدة.
ولكن ختاماً، هل ستسير الرياح بما تشتهي إيران وإسرائيل والغرب أم أن هناك عوامل أخرى قد يغفل عنها الجميع؟ من منطلق إيماننا بالله عز وجل نقول: تباً لكم جميعاً، وتباً لمخططاتكم ومكائدكم وأهدافكم البعيدة والقريبة، وتباً لتحالفاتكم وأحلافكم. عنكم يقول الله تعالى: "ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين" إن كنتم تظنون أنكم ستنتصرون على شعبنا لأنه أعزل، فأنتم واهمون. فهذا الشعب قد عرف طريقه وكشف ألاعيبكم ورفع سلاحه الذي يغتنمه منكم ووقف في وجهكم بالمرصاد، يغني للشهادة ويتغنى بالكرامة ويصدح للحرية، لن تخيفه إيران ولا إسرائيل ولا الغرب من ورائهما، سيصد جحافلكم وسيردها خائبة وسيطفئ نار المجوس وسيدوس الرايات الصفراء التي يعبر لونها عن لؤمكم وحقدكم، وستتنتفض الشعوب العربية الذليلة والشعوب العربية التي قامت فيها الثورات لتصحح مسار هذه الثورات ولتوجهها في الطريق الصحيح، ولتدعم هذا الشعب الذي يذبح في كل يوم فهي تدرك تماماً أن معركة هذا الشعب هي معركتها هي وأن معركته من أجلها هي وأن معركته في سبيل حريتها وبقائها. وإن لم يدرك قادة هذه الدول ومن وصل إلى قيادة هذه الشعوب المنتفضة هذا المعنى وهذا الخطر وإن لم يقفوا في وجهه بكل ما يملكون من قوة لا من كلام، ومن دعم عسكري لا مؤتمراتي تفاوضي، ومن رباط خيل ومن مال ومن عتاد فستكون هذه بداية نهايتهم.
ختاماً، إلى كل من يدعم الطاغية المجرم في بلاد الشام، هل ستقبلون بالحكم الإيراني المجوسي الفارسي بديلاً عن الحرية والكرامة والعزة والتقدم؟ إن كنتم رضيتم بهذا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وبعذاب على أيدينا إن شاء الله.
ملاحظة:
من ظن أن المعلن عن أن سوريا هي الولاية 35 لإيران قد أخطأ في التعداد فهو المخطئ. صحيح أن إيران مقسمة حاليا إلى 31 ولاية والمفروض بناء عليه أن تكون سوريا هي الولاية 32 لكننا يجب ألا ننسى أن الولاية 32 هي العراق التي استحوذت عليها إيران بعد وصول المالكي إلى الحكم ولبنان الولاية 33 التي استحوذت عليها إيران بعد وصول حزب الله إلى الحكم، ويعتبرون البحرين الولاية 34 لأنهم واثقون من انفصالها قريبا عن الجسم العربي. وبذلك تكون سوريا هي الولاية 35 بعد استلام قاسم سليماني للحكم.