رأي حول تصريحات الشيخ معاذ الخطيب

رأي حول تصريحات الشيخ معاذ الخطيب

رئيس الائتلاف السوري

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

حتى نبتعد عن الانتقادات الكبيرة من قبل المؤيدين للشيخ الخطيب , وبدراسة الوقائع على الأرض , ومن خلال مسيرة الحياة التي عشنا خلالها يمكننا تحليل هذه التصريحات لعلنا نصل لحقيقة أو حقائق تقينا من الانجراف وراء العواطف الفياضة والتي هي متأصلة في اعماقنا , والمنفصلة عن التحكم فيها من قبل عقولنا .

حتى نستطيع الحكم على هذه التصريحات المثيرة للجدل علينا أن نحلل المواقف المحيطة بهذه الدعوة للحوار ومن بعدها يمكننا الاستنتاج في المجال الذي تصب فيه هذه الدعوة .

أولاً : إن الحوار مع أي نظام ديكتاتوري شمولي طائفي مرتبط بالقوة التي يمتلكها الطرف المضاد , والنظام حتى الآن لايعترف بالقوة المضادة ولا يرى فيها إلا عصابات مسلحة , ويعتقد أنه يمتلك القوة اللازمة للقضاء عليها , وبالتالي فإن أي حوار معه لايمكن أن يصل إلا إلى اصلاحات شكلية  وهمية مصطنعة مرتبطة بالحالة الزمنية , ليعدل عنها في وقت لاحق , والحوار عند النظام يرتبط دائماً بهدف واحد هو تفتيت قوى المعارضة والدخول في متاهات يكون هو المستفيد الوحيد منها .

ثانياً : النظام الديكتاتوري صاحب النفسية السّاديَّة المطلقة يعتقد دائماً بأنه هو المنتصر  لذلك عندما يتعرض لخطر خارجي أو داخلي نجد أن انهياره يكون مفاجئاً , وخصوصاً إن كان المستهدف رأس النظام والذي يملك الخيوط كلها في يده , وفي نفس الوقت أي تنازل من قبله لصالح معارضيه يكون بمثابة سقوط ركن هام من بنائه , وبالتالي لن يهدِم أياً من أركان وجوده والذي يعني فيه ...الموت الحتمي لوجوده .

ثالثاً : إفشال المبادرات الدولية من قبل النظام ذاته  والإصرار على الحل الأمني  

رابعاً : السعي الحثيث من قبل النظام في ايجاد معارضة بديلة يتحاور معها , ويتحكم فيها لشق صفوف المعارضة والداعمين لها والتي ستنعكس سلبياً على قدرة الثوار في الداخل السوري .

خامساً : من أهم الأسس الذي نشأ عليها الائتلاف هو عدم التحاور مع النظام ,أو أركانه ممن تلوثت أياديهم بدماء السوريين , وفي هذه الحالة عند تجاوز هذا البند من الميثاق , من حقنا هنا التساؤل أولاً , لقد قام الكيان على هذا الأساس وعند تجاوز الميثاق يعني بالضرورة سقوط الكيان كله , وهنا الدعوة للحوار من قبله مرفوضة تماماً وبالتالي يكون التصريح هو رأي شخصي فقط لاقيمة له في الميزان السياسي , فالرأي يعبر عن صاحبه ولا يمثل أحداً غيره , ولكن الشيخ يمثل تكتلاً كبيراً فالسؤال المطروح هنا:

هل يحق له تجاوز شركائه والتصريح خلاف الميثاق الأساسي لكيانه ؟ والميثاق هنا بمثابة الدستور وبالتالي هو تجاوز على الدستور فيكون تصريحه باطلاً لاقيمة له , أو ينتمي للتسلط السلطوي الفردي ضارباً بعرض الحائط كل المواثيق والدساتير , ليقف مكان ضده الديكتاتوري في التفرد بالحكم .والقول أنه يدعو لحوار مشروط مع من لم تتلوث أياديهم بالدم السوري , بإطلاق سراح المساجين , وتجديد وإعطاء جوازات السفر للسوريين في الخارج , والسؤال موجهاً للشيخ مع أي جهة أو طرف يمكنك التفاوض ؟ ومَن هو الطرف القوي الموجود في السلطة ويده نظيفة من الدم السوري حتى تتفاوض معه !! ؟؟

سادساً يمكننا القول أن هذه التصريحات والدعوة للحوار تصب في خانة الاشاعة المقصودة لاستطلاع الرأي عند القوى المضادة للنظام ومعرفة مدى القبول أو الرفض عندها للحوار مباشرة مع النظام القاتل , فإن وجد أن الدعوة قد لاقت صدى إيجابياً يمكن الانتقال بعدها لخطوة أخرى تصب في نفس الهدف  للفخ المنصوب وإيقاع قوى الثورة فيه وخروج النظام منتصراً في النهاية , وفي نفس الوقت هي دعوة صريحة لتكوين تيار قوي داخل المعارضة تلتقي مع رؤى الكثيرين ممن يسعون لإصلاح جزئي , في مقابل بقاء النظام بكيانه المجرم كاملاً , والعمل على تفتيت شمولية الهدف عند الجميع ...وهو اسقاط النظام كاملاً .

وفي اعتقادي فإن أية دعوة للحوار مع النظام لافائدة مرجوة منها مطلقاً , وخصوصاً بعد أن وصل الاجرام في سورية إلى هذا المستوى والذي لا يمكن أن يغفر لمرتكبيه مطلقاً , وفي نفس الوقت النظام لايمكنه التنازل للطرف المقابل , وشعاره الوحيد الأسد أو نحرق البلد , والدعوة للحوار هي عنصر تبديد وتفريق ولا تصب مطلقاً في التجميع أو الانقاذ لصالح الشعب السوري أو الثوار .

فالثوار يقتربون من النصر , وهنا يجب أن تكون كل الدعوات والتحليلات والآراء موحدة , النصر ثم النصر أولاً ولا بديل بالمطلق عن الحل العسكري , فالمجرم بشار ومن معه هو اختيارهم الوحيد , ومن الواجب المنطقي والحتمي أن نعد ونسعى لمجابة هذا الاختيار بما يناسبه والتصدي له , وعندما نجد كل الأصوات متفقة على أنه لاحل إلا بانتصار الثورة عسكرياً , مع التقدم البطولي للثوار على الأرض , نكون قد شكلنا كياناً موحداً يجذب القوى الداعمة باتجاهه , وتتخلى القوى الداعمة للنظام عنه فيكون سقوطه حتمي وقريباً بإذن الله تعالى.