هل للمجتمع الدولي مصلحة بـ دويلة علوية؟

وليد فارس

كثر الحديث عن التقسيم, حلفاء سورية تكلموا كثيراً عن الأمر, روسيا وحليف النظام في لبنان ومسئولين إيرانيين وكذلك رأس النظام نفسه في خطابه الأخير, واليوم تستضيف بريطانيا مؤتمر دولي لمعارضين وخبراء ومحللين لبحث مستقبل سورية و"تفادي مخاطر المرحلة الانتقالية", وكثيراً ما يخطر على بالنا سؤال هل للمجتمع الدولي مصلحة بـدولة علوية؟.

في الحقيقة المجتمع الدولي معروف أنه ليس شيئاً واحداً ولكن في هذه القضية بالتحديد أعتقد أن شيئاً ما يجمع المجتمع الدولي ويجعله متفق على أمر واحد هو أن دولة علوية غير مرغوبة في الوقت الراهن في سورية.

ليس خوفاً من تقسيم سورية بكل تأكيد وليس حباً بوحدة الأراضي السورية, فلقد سعت دول مثل فرنسا في منتصف القرن الماضي لتقسيم سورية ولكن الأمر فشل بسبب وعي السورين, كما أن دولة مثل إسرائيل لها كل المصلحة بأن يكون هناك دول مبنية على أساس ديني مما يبرر لها قيام دولتها ويعطيها المزيد من القوة والحجة, التقسيم سيضعف سورية وسيجعلها أكثر انصياعاً وأسهل للانقياد, إذاً لماذا ليس من مصلحة المجتمع الدولي أن لا يكون هناك تقسيم لسورية في المرحلة القادمة؟, نستطيع أن نسوق هنا بعض الأسباب وهي:

1.   الدولة السنية: في حال تم بناء دولة علوية فمن المؤكد أن ما يقابلها هو دولة سنية في الأماكن الأخرى, هذا أمر مخيف للمجتمع الدولي حيث ستحتوي هذه الدولة على لون سني فاقع غير مشوب مما يسبب خطراً كبيراً على "أمن المنطقة" وربما يجعل منها المكان الأخطر بالنسبة لدول العالم.

2.   العدوى والتمايز: قد يصل هذا الأمر بكل تأكيد لدول مثل العراق ولبنان ربما يصبح الأمر في كل المنطقة تقريباً متمايز بين دول ذات طابع ديني مما يجعل المنطقة مشتعلة دائماً ومحل صراع دائم.

3.   دولة علوية منعزلة تحتاج لرعاية: الدولة العلوية -فيما إذا تم تشكيلها- فستكون منعزلة تماماً من حيث المحيط ومن الناحية الاقتصادية وتحتاج إلى من يتبناها ويراعها, وقد يقول قائل أن إسرائيل قد تقوم بالأمر والحقيقة أن إسرائيل على الرغم من مصلحتها بأن يتم تبرير وجودها على أساس ديني إلا أنها تدرك تماماً كلفة قيام دولة علوية عليها بالدرجة الأولى, لقد صرح مسئولون في الجيش الإسرائيلي أنهم بصدد الاستعداد لاستقبال لاجئين من الطائفة العلوية في الجولان السوري مما يؤكد أن إسرائيل لا تدعم قيام دولة علوية, ثم أنها من ناحية أخرى ستتكلف عبئ ضخم في تحملها والتكفل بها, كذلك روسيا لا مصلحة لها في المدى المنظر بدعم دولة لدرجة التبني دون ثمن كبير تحصل عليه.

4.   الطوائف الأخرى: سورية لا تحتوي على السنة والعلوية فقط فالمسيحين هم نسبة جيدة كذلك الدروز وغيرهم ومن ناحية أخرى لدينا الأكراد والتركمان والشراكس فأين سيكون مصير هؤولاء؟, لو قلنا أن الدولة العلوية قامت على أساس علماني لتجذب الطوائف الأخرى هذا سيعزز بشكل كبير بعبع الدولة السنية في الطرف الأخر وسيجعلها أقوى وأنقى, وإذا قلنا أن لكل مجموعة من هذه المجموعات دولة فهذا سيجعل المنطقة تقع في مشاكل وفوضى وعدم استقرار دائم مما يسبب مشكلة كبيرة للجميع.

لا أعتقد أن الظروف الراهنة تسمح للمجتمع الدولي بدعم مشروع تقسيم سورية باتجاه إقامة دويلات على أساس ديني, علينا كسورين أن نلتفت أكثر للوضع الداخلي وأن نُزيل عوامل الخوف لدى الطوائف والمجموعات كلها ويتم تفعيل دور الوجهاء في هذا الاتجاه, في النهاية هناك بلد سيتحرر وسيقوم على أساس عادل, العدالة التي ستأتي بحق  الجميع بدون أن تمس بكرامة السورين.