السقوط في حضن الأسد

"الحزب الشيوعي السوري نموذجاً"

ربحان رمضان

كاتب وناشط سياسي

والحزب الشيوعي السوري اسم حمله أكثر من فصيل ، أساسهم البكداشيون ، أتباع ابن حي الأكراد الدمشقي الرفيق خالد بكداش قوطرش الذي تسلم قيادة الحزب الشيوعي السوري منذ عام 1933 ، أي بعد انتسابه بثلاث سنوات للحزب الشيوعي بواسطة فوزي الزعيم حتى مماته في الرابع والعشرين من تموز 1995 ، دعى طيلة فترة قيادته لحزبه إلى التضامن الأممي ، وحق تقرير المصير للشعوب ، ولم يعترف بحق تقرير المصير لشعبه الكردي في سورية ، فورث قيادة الحزب لأرملته السيدة وصال فرحة التي أورثت القيادة لابنهما عمار .. وبهذا لم تكن أية إمكانية لشيوعيي بكداش أن يعارضوا توريث الأسد للأسد الابن .

بل صفقوا للوريث هم ، والمنشقين الذين انشقوا عنهم والذين عاد وووحدهم حزب البعث بعدما شرذمهم إلى أجنحة ُعرفت ب جناح ليوسف فيصل وجناح لمراد يوسف ، وآخر ليوسف نمر أسماه اتحادالشيوعيين السوريين ، ثم قام النظام بجمعهم في إطار مايسمى بالحزب الشيوعي السوري – جناح فيصل .. أما اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين التي تزعمها البهلوان الحاصل على الدكتوراه من موسكو " قدري جميل " فقد شاركت النظام بالهجوم على الثورة السورية ، وفي إضفاء اسم العصابات المسلحة عليها .

في يوم الجمعة الواقع في 4،أيار/ 2012 صرح الدكتور قدري جميل لقناة NBN اللبنانية مايلي : الحل الامني يجب ان يكون جزء من المنظومة السياسة الشاملة.. معتبرا ان "المطلوب هو ان يرتبط الحل الامني بالحل السياسي"....

وقام بلعب دور " اللقلوق" بين دمشق وموسكو مســتميتا ً بالدفاع عن سيده بشار الأسد .

لو عدنا في الذاكرة إلى الوراء قليلا لعرفنا أن انهيار الأممية الثانية إثر الحرب العالمية الأولى في آب 1914 كان جراء وقوف الأحزاب الاشتراكية المنضوية تحت سقف الأممية الثانية إلى جانب أنظمتها العدوانية في حكومات القيصرين الألماني والنمساوي،والملك الإنجليزي،والجمهورية الثالثة البرجوازية الفرنسية وذلك بحجة الشعور القومجي مثالا يجب أن يحتذى به ، أخاطب الأحزاب التي ادّعت بماركسيتها القومية سيما في بلادنا سورية ، هذه الأحزاب الماركسية - القومجية تسترجع ذاكرتنا إلى تلك الأحزاب التي سقطت من عضوية الكومنترن ..

يومها صوّت النواب الاشتراكيون في فرنسا وألمانيا على موازنة الحرب في البرلمان، معلنين تضامنهم مع حكومات اللصوصية ، تماما كما فعل الدكتور قدري جميل الذي تضامن مع النظام المجرم الحاكم في دمشق ودافع عنه في المحافل الدولية ، وخاصة مع الروس الذين باعوه شهادة الدكتوراه حسب ما صرح به الكثير ممن كانوا شركاءه في الحزب المذكور ، وكافئه نظام الذل الحاكم في دمشق بمنصب نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية .

إنه مثال مخزي على سقوط الشيوعيين الذين تربوا في مدرسة بكداش المتهم بتسليم فرج الله الحلو للمخابرات السورية ، حيث صرح يومها ، عقب إعتقال الحلو قائلا َ : " اذا خلص الرفيق فرج الله من إيد عبدالناصر، ما رح يخلص من إيدنا".* .

خالد بكداش حرّف نهج الماركسية – اللينينية منذ أن أصبح قائده في عام 1935 وابتعد عن عن الأسس النظرية لللماركسية اللينينية ، مما سبب في انشقاقاته العديدة سيما بعدما سلم بكداش حزبه لحافظ أسد ، وخلف ورائه جيلا من شيوعيين لايفقهوا من الشيوعية إلا ترديد شعارين فقط " عاشت الشيوعية ، وعاش خالد بكداش" فسقط الشيوعيين بيد عائلة الأسد ، ومات خالد بكداش .

الحزب الشيوعي وافق على الانصياع للأسد الأب والابن رغم أنه كان ممنوعا عليه التحرك ليس بين صفوف العسكر فقط ، وإنما منع تحركه في صفوف الطلبة من الابتدائية وحتى مرحلة التخرج من الجامعات والأكاديميات ، ومشلولا ً لأن الخطوات التي قيل عنها خطوات اشتراكية نفذها حزب البعث ولم يكن للشيوعيين أي دور فعال فيها .

وللتدليل على تبعيته لنظام حافظ أسد غيرّ من لهجته الكوسموبوليتية حيال القومية العربية ، والتي كانت أحد أسباب انشقاق ابن العم " رياض الترك" عن بكداش عام 1972 ، فأورد الحزب الشيوعي السوري " اللجنة المركزية " أي جناح بكداش في نظامه الداخلي مايلي :

" إن الحزب الشيوعي السوري هو فصيل من فصائل حركة التحرر الوطني العربية, ويناضل, بالتعاون مع الأحزاب الشيوعية والعمالية والأحزاب والحركات التقدمية الأخرى في البلدان العربية, من أجل تحقيق التضامن بين الشعوب العربية ضد الاستعمار والصهيونية والرجعية, وفي سبيل تحرير الأراضي العربية المحتلة, وتأمين حق الشعب العربي الفلسطيني, في العودة وتقرير المصير وإقامة دولته الوطنية المستقلة, وفي سبيل وحدة عربية تقوم على أساس الديمقراطية, وضد الإمبريالية, وبالاستناد إلى الجماهير الشعبية وقواها الوطنية والتقدمية, كما يناضل الحزب ضد كل أشكال التمييز على أساس القومية أو الدين أو الطائفة أو الجنس.

ويعمل الحزب الشيوعي السوري على إحياء التقاليد العربية الوطنية والديمقراطية الثورية, وتطويرها, وعلى إحياء التراث التقدمي الذي يزخر به تاريخنا."

هذا الحزب " الأممي لم يتطرق بأي شكل من أشكال إلى شراكة الشعبين الكردي والعربي ، ولم يتطرق إلى وجود الآشوريين أيضا .. بل ساعد النظام على طمس وجود كل ماهو غير عربي في سورية المتعددة القوميات عبر التاريخ .

ونتيجة لتثقيف هؤلاء الأمميون " فوق العادة " رفاقهم بالثقافة القومجية الخاصة بالسلطة نسمع بين الفينة والفينة أصوات بعضهم النشاز المعادية لشراكة العرب والأكراد في سورية المستقبل .

هاهو الدكتور عمار قط رئيس صحيفة روسيا اليوم يستهجن في مقال له نضال الشعب الكردي من أجل سورية ديمقراطية ، تضمن تحقيق تقرير المصير للشعب الكردي ضمن إطارها الوطني التعددي بقوله :

" وصدرت عن أطراف كردية مختلفة تدعو نفسها بالمعارضة، تصريحات وأقوال تتنافى مع الثورة، ومهينة للشباب. وهدفت إلى اللعب بمشاعر البسطاء والعامة من الأكراد وبالتالي حرفهم عن طريق الثورة الحقيقية التي رفعت شعاروحدة الشعب”. وأخذ ممثلو الأحزاب الكردية يطرحون على الثورة شروطهم الخاصة ما لا ينسجم ووحدة الشعب في الواقع، كان من تلك الشروط – رفع العلم الكردي إلى جانب العلم السوري، ما يدفعنا إلى التساؤل لماذا لا يُعجب هؤلاء علم الوطن الواحد؟! ولو طلب أصحاب الأعراق المختلفة تعليق أعلامهم المنفصلة أيضا فسيصبح الموضوع “مولد” أو مخيم “نَوَر”. أما من طالب بمدارس وجامعات باللغة الكردية فهو إما جاهل حتى الثمالة أو إنه قومي فاشي لا يختلف عن البعثيين في شيء أبدا، لأن اللغة الكردية مثلها مثل الكثير من اللغات في المنطقة العربية والعالم لا يمكن استخدامها كلغة علم وعلوم وسياسة واقتصاد، وبالتالي فإن هذه الطروحات تعمل على زرع الفتنة والفُرقة في صفوف الشعب والثورة.

أين الماركسية التي يتبجح بها د. قط ؟ ألم يرفع لينين الذي قتله ستالين معلم بكداش وأتباعه شعار : " يا عمال العالم ، وياأيتها الشعوب المضطهدة اتحدوا " ؟

لقد ضيع قدري والفصيلين الشيوعيين الآخرين ، بكداش ويوسف فيصل فرصة عظيمة على الشعب السوري بتحالفهم مع النظام الذي نهب الدولة والشعب ، أم أنهم فصلوا أنفسهم عن الجماهير التي تغنت بهم .!!

 وهنا ، ولإن الجماهير لا تملك تجربة خوض النضال كان على شيوعيو قدري جميل ويوسف فيصل وأرملة بكداش قيادة هذا النضال من أجل واقع أفضل ، من أجل سورية الحرية والكرامة والعدالة التي تبجحت فيها قيادات تلك الأحزاب .

الثورة السورية المجيدة ســــتقش كل المتذلقين ، والانبطاحيين ، والتحريفيين على شاكلة قط وغيره .. الثورة التي رفعت شعار : آزادي في دير بعبدة العربية شرق مدينة حمص ، ورفعت شعار : " واحد واحد واحد " في عامودا الكردية لن تبقي لهذه الفكر والنهج أثر .. لأن أصحابه وقفوا إلى جانب نظام الاستبداد وأطالوا الحبل لبشار الأسد كي يخنق فيه السوريين جميعا ..

وماقيل عن عن أحزاب التحريف يقال عن أحزاب االضباب السورية الأخرى ذات اللون الرمادي ، والنهج السياسي الضبابي ، يجب عليها أن تستيقظ أيضا ً ، وأن تتوقف عن مراوحتها في المكان ، عليها أن تستنكر ماتقوم بها حواجز الميليشيات الموالية للنظام ، وكفى بكل هذه الجماعات الموالية رفع العصا بوجه الجيش الحر الثائر بحجج واهية ، لاسيما منها الأحزاب التي تدعي بالماركسية والتي والت النظام المجرم في دمشق بمسميات هزيلة ، ك " سورية لن تركع ، وبشار الأسد إلى الأبد "

متى كان بشار الأسد ممانعا ، ومتى كان ضد الامبريالية والصهيونية ؟ متى كان الأسد وأبوه المقبور ديمقراطيين ؟ !!!

ألم يستولي المورث على النظام بقوة السلاح ؟ وألم يورث الحكم لابنه الذي اعتقدنا بأنه سيكون أميرا مثقفا توريث الملك لخلفه ؟

وصدق أنه ملك ، وأنه يمكن أن يزيح حكومة ويأتي بغيرها إرضاءً للمتظاهرين المتصدين للرصاص بصدورهم العارية ؟

لماذا لم يحترم شيوعينا السوريون قول ماركس حين اعتبر الدولة، في ظل الرأسمالية، إنما هي مجرد أداة لاضطهاد وقمع الطبقة العاملة؟

ألم تكن الدولة بقيادة الأسد عصابة رأسمالية نهبت أموال الدولة والشعب مستخدمة شعار الدفاع عن الوطن لضمان بقاءها على دست الحكم ؟

من المعيب أن تشيحوا بأنظاركم عن جرائم الأسد ..

لاتتركوا الشعب وحيدا في الشارع ..

 استيقظوا ، لم يعد هناك وقت للندم ..

سيسقط النظام ، وستسقط أحزابكم بسقوطه ..

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

** اقرأ " مؤامرة اغتيال فرج الله الحلو " للأستاذ جورج حداد – الحوار المتمدن .