إيران "وإسرائيل" وأمريكا ولعبة شد الحبال

إيران "وإسرائيل" وأمريكا ولعبة شد الحبال

د. ماهر الجعبري-الخليل-فلسطين

[email protected]

نقلت الجزيرة نت (في 30/10/2012) عن وكالة إيرنا الإيرانية الحكومية أن سفينتين حربيتين إيرانيتين رستا في ميناء بورتسودان لنقل "رسالة سلام وصداقة إلى دول الجوار...". وكانت الجزيرة نت قد نقلت (في 29/10/2012) عن مسئول إيراني قوله أن بلاده تمتلك صورا لقواعد ومناطق حساسة بإسرائيل التقطتها الطائرة من دون طيار التي أسقطتها "إسرائيل" في وقت سابق من هذا الشهر، وأكد أن طهران قادرة على صناعة طائرات من دون طيار تستطيع تنفيذ هجمات عسكرية، واعتبر أن هذه القدرات هي التي تدفع إيران إلى التهديد باستهداف مواقع إسرائيلية إذا قررت تل أبيب شن هجوم عليها، وأكد أن حزب الله يملك طائرات أكثر تطورا من تلك التي أسقطتها إسرائيل. وكان حزب الله قد أكد أن طائرة "أيوب" الإيرانية الصنع قد تم تجميعها في لبنان، وهي التي تم إسقاطها قرب مفاعل ديمونة النووي.

إن القراءة الواعية للرسائل السياسية والإعلامية المتبادلة بين ثلاثي إيران "وإسرائيل" وأمريكا تكشف عن جوهر الموقف السياسي: إذ لا زال موقف إيران يتمترس حول "الردع" المبارك أمريكيا:  "إذا قررت تل أبيب شن هجوم عليها". أما "إسرائيل" فهي تقلق من أي قوة يمتلكها المسلمون، حتى ولو كان حكامهم عملاء للغرب، لأنها تخشى أن تؤول هذه الأسلحة للأيدي المخلصة بعد زوال هذه الأنظمة المأجورة، عندما تنعتق الأمة من قبضة حكامها، وتقلب الأمور رأسا على عقب. لذلك فإن "إسرائيل" لن تهدأ طالما أن في الأمة قوة عسكرية يمكن أن تنالها سطوتها يوما ما.

ولا شك أن أمريكا التي تعيش حالة انعدام الوزن السياسي في فترة الانتخابات لا تسمح لحرب في الشرق الأوسط، خصوصا والأراضي الأمريكية مستباحة اليوم من قبل الأعاصير التي تجتاحها، وهي لم تكن تسمح لإسرائيل بالتورط في ضرب إيران قبل حالة البطة العرجاء هذه، خصوصا وهي تملك زمام حكام إيران وتسخرّهم لمصالحها.

ولذلك لا زالت أمريكا تعطي إيران فرصة توصيل هذه الرسائل الرادعة "لإسرائيل"، وتعمل أمريكا على كبح جماح "إسرائيل" المدلّلة، التي تمثل أمام إيران دور الضعيف المتغطرس، ذي منطق: "امسكوني وإلا تهورت".

إن تحركات "إسرائيل" وأمريكا المصلحية ليست مستغربة على دول تحقد على الأمة الإسلامية وتخشى انعتاقها من الهيمنة، ولكن المستنكر شرعيا وسياسيا على الأنظمة التي تدعي أنها "إسلامية" وتريد تحرير فلسطين، أن تظلّ ضمن حالة الردع أمام الاحتلال "الإسرائيلي" المجرم، وضمن حالة التوافق مع أمريكا -عدوة المسلمين- وأن تستمر في تأمين مصالحها في المنطقة، فيما تتغافل عن ثقافة الأمة وعن تاريخها الجهادي، الذي لا يرضى بمنطق السكون يوما إذا احتُل شبر من أرض المسلمين.

ولا شك أن موقف إيران الفاضح من الثورة السورية قد أزال الضباب من أفق من كان ينخدع بشعار "الموت لإسرائيل"، وشعار "أمريكا الشيطان الأكبر"، إذ يتكشف الخطاب الرسمي الإيراني عن موقف "الكبح لإسرائيل"، وعن ممارسات "التحالف مع الشيطان الأكبر" في سوريا، من خلال حماية النظام العميل لأمريكا فيها، ومن خلال توفير عباءة الحماية السياسية والعسكرية التي تغطي عورات بشار وعصاباته.

وقد سبق لإيران أن تعاونت مع الشيطان الأكبر في أفغانستان عندما زودته بمعلومات حول مواقع المجاهدين من طالبان وغيرهم كما كشفت فضائية بي بي سي مطلع 2010، وتعاونت معه في العراق عندما مكنته من تدمير العراق ومن تنصيب حكّام يديرون شؤونها ومصالحها فيه.

إن وجه النظام الإيراني ووجه حزب الله يزدادان قبحا يوما بعد يوم، مهما حاولا من عمليات التجميل وتزيين مواقفهما من "إسرائيل" أمام الأمة، وخصوصا بعد افتضاحهما في موقف العداء لثورة الأمة في الشام، فهل يمكن لعاقل أن ينخدع بشعارات إيرانية فارغة وبتصريحات "الكبح"؟ وهل يمكن أن تستقطبه حركة لحزب الله؟ الذي لا زال يقدس بشار وعصاباته، وينافح عن نظام قتل الأطفال واغتصاب الحرائر وتدمير البلاد!

"لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ".