إبادة هادئة لمسلمي الصين
محمد هيثم عياش
برلين 21/11/14 هناك شعوب مسلمة تتعرض للاضطهاد والابادة لا يسمع عن آلامها الا القليل والمدافعون عنهم من دول العالم الاسلامي قلة قليلة فالسعودية وتركيا تراقبان عن كثب تطورات ما يعاني مسلمو بعض دول العالم من اضطهاد وتطالبان المجتمع الدولي بالانتباه الى امورهم الا ان تطورات ما يجري في اوكرانيا وسوريا والعراق واعلان الولايات المتحدة الامريكية الحرب ضد ربيبتها تنظيم / الدولة السلامية – داعش / تبقى المطالبة بوقف انتهاكات حقوق المسلمين صرخة في واد عميق .
وقد قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم مثل المؤمنين بتوادهم وتراحمهم كمثل الجسد ان اشتكى منه عضو تداعى له سائر الاعضاء بالسهر والحمى .
وقال محمود غنيم رحمه الله تعالى :
اني تذكرت والذكرى مؤرقة مجدا تليدا بأيدينا أضعناه
انَّى اتجهت الى الاسلام في بلد تراه مهضوما مقصوصا جناحاه
صحيح ان الغرب الاوروبي يطالب الكيان الصيهوني بالكف عن تهويد الاراضي المقدسة ووقف سياسة الاستيطان الا ان هذه المطالبة تبقى بدون مبالاة الصهاينة فما ان ينتقد سياسي ما سياسة الصهاينة الا ويتهمونه بالمعاداة للسامية فيضطر ذلك السياسي اللجوء الى الصمت . وعلاقة الغرب الاقتصادية والاستراتيجية مع الصين وحرصه على مرضاة بكين جعله يلتزم الصمت تجاه بطش الصين بمسلمي ما يُطلق عليهم مسلمي الايجور او مسلمي مقاطعة كسيانغ المعروفة بالتاريخ الاسلامي بـ / فرغانة / ويطلق عليها حاليا ايضا بـ / تركستان الشرقية / .
عرفت فرغانة / كسيانغ – تركستان الشرقية / الاسلام بعصر الخلفاء الراشدين وبالتحديد الى عهد سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه واستقرت اليد الاسلامية فيها في عصر خلفاء بني امية فقد ارسل الحجاج بن يوسف ابن عمه القاسم بن محمد الثقفي الى تلك البلاد وافتتح قتيبة بن مسلم الباهلي عاصمتها كشجر بعد حصار طويل واشتكى سكانها قيبة عند الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمهم الله تعالى اذ زعم سكانها ان قتيبة احتل مدينتهم غيلة فأمر قاضي المسلمين جيش قتيبة بالانسحاب من المدينة الا انهم عندما رأوا عدالة المسلمين طلبوا من القاضي الغاء شكواهم وبقيت اليد الاسلامية بتلك المناطق الى ان احتل الروس الشيوعيون تركستان فاخذوا غربها والتي تعرف الآن بتركستان وتآمروا مع الصين اخذ القسم الشرقي منها وتعرف الان بتركستان الشرفية وأطلقوا عليها مقاطعة / كسيانغ / وهي أغنى مناطق الصين بالموارد الحيوية مثل الذهب والنفط والغاز وغيرها فهي تعتبر هصب الصين الاقتصادية والصناعية . ومنذ الاربعينات يجاهد سكان كسيانغ للحصول على استقلالهم .
ومن خلال ندوة دعا اليها مساء يوم أمس الخميس 20 تشرين ثان/نوفمبر معهد برلين لحقوق الانسان بالتعاون مع الجمعية الالمانية لحماية الشعوب المهددة بالانقراض ، وصفت زعيمة المعهد بيئاتيه رودولف معاناة المسلمين في الصين بالمأساوية والحكومة الصينية تمارس سياسة التصفية والعنصرية وانتهاكات صريحة قاسية لحقوق المسلمين بالمناطق الآهلة بهم واعتقال سلطات بكين مؤخرا لناشط حقوق الانسان الهام تورتي في وقت سابق من شهر تشرين أول/اكتوبر المنصرم واصدار الحكم عليه بالسجن لمدة طويلة دليل واضح على مدى همجية الحكومة الصينية ضد مسلمي الصين والاقليات العرقية المسلمة التي تعيش في مقاطعة كسيانغ مثل الازبك وطشقند وعرقيات تركية اخرى والحكومة الالمانية التي تسعى لترسيخ علاقاتها الاقتصادية مع بكين لا تهتم بوضع مسلمي تلك الدولة فحقوق الانسان يجب ان تكون ضمن اولويات الحكومة الالمانية بتعاملها مع دول العالم .
وعزا خبير الاسلام في الصين من المعهد الالماني للعلوم والسياسة دانييل كراهل / الهاء تكتب ولا تقرأ / محاصرة الحكومة الصينية ورقابتها الشديدة لاقليم كسيانغ لغنى ذلك الاقليم بالموارد الحيوية فالنفط والغاز اللذين يعتبران شريان الصينالاقتصادي الرئيسي موجود بتلك المناطق بكثرة اضافة الى الذهب وموارد حيوية تعتبر نادرة بالعالم مشيرا بأن مناطق كسيانغ لا تعتبر من الناحية الجغرافية اراض صينية فسكانها يختلفون بعاداتهم وثقفاتهم ولغتهم حتى أو أوجههم عن الصينيين والمؤامرة على مسلمي الصين مدعومة من الولايات المتحدة الامريكية اذ وضعت واشنطن منظمات اسلامية صينية تدعو الى الوحدة والتعايش السلمي مع اقلية الـ / هان / الصينية بقائمة الارهاب ، مضيفا ان الصين تمارس سياسة ابعاد المسلمين عن اراضيهم في كسيانغ الى أدغال الصين بل الى صحراء تركستان وتحاول إسكان اقلية الـ / ان فيها فمثلا كانت نسبة الـ / هان / في كسيانغ عام 1949 لا تتجاوز الـ 23 بالمائة لترتفع نسبتهم بضربة معلم حتى نهاية عام 2012 الى 51 بالمائة ومع ذلك فمحاولات تهميش وتهجير المسلمين من ديارهم تبوء بالفشل لشعور وحس الصينيين المسلمين بالتمسك باراضيهم وعقيدتهم فالمساجد التي تم إغلاقها يعاد فتحها بضغط كبير ولخوف الحكومة الصينية من بوادر ثورة عارمة شاملة لمسلمي الصين .
ويؤكد كرال ان اعمال العنف والقسوة التي تنتهجها الشرطة الصينية ضد مسلمي الـ / ايجور/ مصدرها اقليات الـ / هان / الا ان حكومة بكين تتهم المسلمين بانهم وراء العنف وتشن السلطات الصينية حملة تشويه عمران وتاريخ مدينة كشجر عاصمة اقليم كسيانغ بشكل ماساوي فاكثر معالمها التاريخية تم هدمها ومسجدها الرئيسي التاريخي الذي يعود تشييده الى عصور بني امية تم تحويله الى متحف .
ويرى خبير الاسلام بآسيا الوسطى اولريخ فون شفيرين ان مسلمي الصين يبادون بهدوء مصحوبا بتعتيم اعلامي وبدم بارد اذ وصل عدد القتلى منهم خلال عام 2013 الى حوالي أربعة آلاف و 328 شخصا بينما وصل عدد الذين تم تهجيرهم خلال العام المذكور الى حوالي الفي عائلة ووصل عدد الذين تم تهجيرهم منذ استيلاء الصين على مقاطعة كسيانغ عام 1949 الى حوالي ست مليون نسمة ووضع المسلمين بتلك المناطق الاجتماعي والاقتصادي يرثى له .
وأشارت رئيسة فرع المانيا لمنظمة / هومان رايتس وتش – منظمة حقوق الانسان الدولية / سيلفيا بروتش ان الكومة الصينية تشن حملة ابادة ضد مسلمي الايجور ضمن ما يُطلق عليه بالتحالف الدولي ضد الارهاب ذلك التحالف الذي قام عقب حوادث 11 أيلول/ سبتمبر من عام 2001 فبكين تدعي ان كل امرأة مسلمة ترتدي الزي الاسلامي ارهابية متعصبة ولا مكان للحجاب واطلاق اللحى وارتداء بعض الشباب للثوب الطويل / الدشداشة / في كسيانغ مشيرة ان منظمتها قالت في تقريرها الذي وضعته عام 2014 الحالي عن وضعية المسلمين في الصين بأنهم يعانون من كبت شديد ولا تستطيع امرأة مسلمة ترتدي الزي الاسلامي الخروج الى بعض شوارع المقاطعة بمفردها فهناك من ينتظرها لازالة الحجاب عنها الى انتهاج الصين سياسة عنصرية ضد كل مسلم يريد البحث عن عمل .
وأعرب المشاركون عن أملهم مبادرة من الاتحاد الاوروبي للافراج عن المعتقلين من نشطاء المجتمع المدني المسلمين بالافراج عنهم وضغط دولي يُمارس على الحكومة الصينية لإنهاء سياسة الإبادة الجماعية بتلك المناطق .
الجدير بالذكر انه يوجد في سجن جواتيمالو باي الذي يقبع به شجناء تنظيم القاعدة اربع وعشرون من مسلمي الايجور ، ولما زعم الرئيس الامريكي باراك اوباما بانه يريد إغلاق السجن وطلب من بعض دول العالم استيعاب بعض السجناء بادرت الحكومة الالمانية لمساعدته وكانت تريد استيعاب سجناء الايجور الا ان الحكومة الصينية هددت برلين بعواقب اقتصادية وخيمة فكفت الحكومة الالمانية عن ذلك .
وقد كان مقررا مشاركة رئيس المجلس العالمي لمسلمي الايجور بديعة قدير / 80 عاما / التي تعيش في واشنطن المشاركة بندوة يوم أمس الخميس الا ان ظروفها الصحية حالت دون ذلك .