غاز مصري ..

غاز مصري ..

وبقلاوة دمشقية !

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

في الوقت الذي كان فيه الشعب الفلسطيني يصرخ نتيجة القصف الجوى الذي تقوم به طائرات الغزاة النازيين اليهود ، ويلملم أشلاء ضحاياه ليدفنهم في بيت حانون ودير البلح ورفح وغزة ومخيم جباليا ؛ كان صاحب الفخامة آية الله محمود رضا عباس ميرزا ، رئيس إدارة الحكم الذاتي المحدود في رام الله ، يحمل طبقاً من البقلاوة الدمشقية الشهيرة في صندوق مطعم بالعاج ، ويهديه إلى صديقه وحبيبه السفّاح " إيهود أولمرت " في مفاوضاتهما العبثية التي لم تنجح في إزالة حاجز ترابي واحد منذ أنابوليس حتى الآن . كان هناك طبق آخر صغير نسبياً قدمه فخامة الرئيس إلى الإرهابية الصديقة " تسيبي ليفنى " وزيرة خارجية العدوّ ، وفى غطاء كل طبق من الداخل تم تثبيت نص " المبادرة العربية " التي أكدها مؤتمر القمة العربي في دمشق ( مارس 2008 ) بعد إقرارها منذ سنوات ، ولم يلق إليها الغزاة النازيون اليهود بالاً ..

البقلاوة الدمشقية كانت إشارة واضحة من دمشق ، بما معناه أن العرب " يتمنون الرضا " من القتلة الغزاة اليهود ، وأنهم مصمّمون على الاستسلام مهما كان التمنّع العدواني اليهودي !

بالطبع ، فقد ابتهج السفّاحون الغزاة بالبقلاوة الدمشقية ، وظهرت في الأخبار آنئذ حكاية عن قبولهم إعادة الجولان إلى سوريا مقابل سلام كامل ! ولم يطل أمر هذه الحكاية ، حيث أسرعت الولايات المتحدة ، وأعلنت أنها هي التي أمرت بتدمير المنشأة النووية التي قيل إن سوريا تقيمها في شمال البلاد ، بمساعدة كوريا الشمالية وأنها أبلغت وكالة الطاقة النووية ، لتتخذ الإجراءات العقابية ضد سورية وتمردها النووي الذي تم القضاء عليه بالغارة النازية الصهيونية في الصيف الماضي ( سبتمبر 2007م ) ! وضاعت حكاية إعادة الجولان في ضجيج التمرد النووي السوري المزعوم الذي وضع سوريا مرة أخرى في مواجهة الغضب الأمريكي !

كان ابتهاج السفاحين الغزاة أكثر وأعمق ، عندما تدفق إلى عسقلان وتل أبيب أنبوب الغاز المصري منطلقاً من الشيخ زويد في سيناء ليزود الآلة العسكرية والصناعية والكهربية الاستعمارية اليهودية بالوقود الرخيص بما يُعادل عشرين بالمائة من احتياجاتها لمدة عشرين عاماً ، فتتمكن من القتل المريح للعرب والشعب الفلسطيني ، وتنتج صناعياً وكهربائياً ، ما يُحقق لها المزيد من التقدم التكنولوجي والاقتصادي . وما بين الغاز المصري والبقلاوة الدمشقية ، تتحرك الآنسة كوندى( وزيرة الخارجية الأميريكية )  ذهاباً وإياباً بين تل أبيب والقدس ورام الله ، ولا تزحزح حاجزاً واحداً عن مكانه في الضفة الغربية ، ولا تفتح معبراً واحداً في قطاع غزة ، ولا توقف مبنى واحداً في المستعمرات الصهيونية ، ولكنها تجد وتنشط في تمزيق الفلسطينيين وتحريض فتح على حماس ، وتفتيت بقية بلاد العرب : لبنان أوشك أن تأكله النار ويتحول إلى كانتونات بلا عدد ولا حصر وأصدقاؤها ( أي كوندى ) يرفعون عقيرتهم لتأمين الوجود النازي الاستعماري اليهودي ، وذلك من خلال المطالبة بسحب السلاح من حزب الله ، أما العراق فأمره معروف ، ولا يحتاج إلى إيضاح فقد تقسّم إلى طوائف والطوائف تقسمت إلى جماعات ، وامتد نفوذ الجيران إلى أرجائه المختلفة بما فيهم الصهاينة الذين يلعبون ويمرحون في دولة كردستان إلى دولة المنطقة الخضراء إلى دولة البصرة إلى دولة النجف الأشرف .

السودان تتكاثر أجزاؤه ، ودوله ، ودولة الجنوب الصليبية تكبر وتنضج وصار لها سفارات وسفراء ووزراء وجيش ، وتطرد الإسلام والمسلمين من هناك ، وتهدّد الخرطوم وتتوعدها ، وتشجع دارفور الشمال ودارفور الجنوب ، وأهل المشرق السوداني على الاستقلال والتحرر من قبضة السودان الموحّد .

الصومال شأنه ليس بغريب ، فإثيوبيا التي تعاني المجاعة كشرت عن أنيابها وصارت دولة صليبية استعمارية ( أكثر من نصف سكانها مسلمون !) تقتل الصوماليين كل يوم ، وتساندها الولايات المتحدة بطائراتها المتوحشة ، فتقصف وتقتل وتهدم ، وتسوّغ جرائمها الحربية بأنها تحارب " القاعدة " ! فقد صارت القاعدة مسمار جحا في كل مكان على أرض الإسلام .

أما أرض الكنانة فينشط فيها الطائفيون واليساريون المتأمركون والمتشيّعون الجدد ، فضلاً عن البهائيين والماسون ، لتفكيك عقلها وإلغاء إسلامها وإدخالها الدائرة الجهنّمية التي لا يعلم إلا الله كيف ستكون !

اللعب الأمريكي النشيط لم يدع اليمن ولا المغرب ولا الجزائر ولا باكستان ولا تشاد ، فضلاً عن أفغانستان وموريتانيا .. والأيام حبالى بالمزيد !

هنا ، يكون السؤال : أفي هذا المناخ يكون الغاز المصري مع البقلاوة الدمشقية عبر أبى مازن ؛ ومن قبلهما لقاءات تطبيعية مع قادة ومسئولين عرب في الدوحة ، وسيلة غزل للعدوّ النازي اليهودي بينما الدم الإسلامي ينزف غزيراً ومدرارا على أرض فلسطين وخارجها ؟

إن السيدة كوندى تهيئ المنطقة كي تضرب الولايات المتحدة إيران ، وبعد الانتهاء من إيران تمزق ما تبقى من بلاد العرب والمسلمين لتسود دولة الإجرام النازية اليهودية وتجلس فوق جماجم العرب الطيّبين !

وقد وصل الذكاء بالسيدة كوندى إلى الحد الذي وصفت فيه حركة حماس بأنها تحارب الكيان الصهيوني الإرهابي نيابة عن إيران . كأن حماس التي تمثل 75% من الشعب الفلسطيني تقدم نفسها لمن يدفع ، وليست صاحبة قضية ، ولا تنتمي إلى وطن محتل اغتصبه الغزاة اللصوص ، وأذلوا أهله وشرّدوه ودمّروه وجربوا معه كل صنوف الإجرام التي لم يسبق لها مثيل في التاريخ !

وفى الوقت نفسه ، فإن الفاسدين المفسدين ، في بلادنا التعيسة يلقون باللوم على " حماس " لأنهم لم ينجحوا في مفاوضاتهم مع العدوّ النازي اليهودي ولم يتمكنوا من تحرير أسير واحد ، أو فك الحصار عن أهل غزة المظلومين . وقد قبلت (حماس ) التهدئة ، ومعها بقية الفصائل ، ولكن القتلة اليهود ركلوا هذه التهدئة ، وأعلنوا بمنتهى الغطرسة أنهم لن يكفوا عن ضرب الشعب الفلسطيني وقتله ، وصحفهم تدعم هذا الإعلان، وتطالب بالمزيد من القسوة مع من تسميهم الإرهابيين ونسميهم المقاومة  . والغريب أن فخامة الرئيس أبا مازن فاجأنا بتطهير جنين من سلاح المقاومة والمقاومين ، ووضع فيها خمسمائة جندي من حراسه وقواته لتحمى جنود الاحتلال وحواجزه ومعابره وجداره ! وفي الوقت ذاته تنتعش إمبراطورية رام الله العظمي بمهرجانات للرقص والغناء ، ويبذل آية الله محمود رضا عباس ميرزا مع سفيره في القاهرة ؛ جهودا مضنية لإقناع مطرب مصري مغمور بإقامة حفل في أريحا بعد أن رفض المطرب الدخول إلى الأرض المحتلة بتأشيرة صهيونية !

المناضلون يؤمنون أن التحرير لا يتم إلا بالرقص والأغاني !!

مائة عام أو يزيد ونحن العرب نجرى وراء السراب الاستعماري والوعود الاستعمارية الكاذبة  ، ويسلمنا الإنجليز إلى الفرنسيين وهؤلاء إلى الأمريكان والألمان والطليان ، دون جدوى ، ودون أن يتحقق وعد واحد ، وعد به الصليبيون الاستعماريون الهمج . في الأثر أن المؤمن لا يُلدغ من جحر مرتين ، وقد لُدغنا مئات المرات ، ومع ذلك لم نتعظ ولم نعتبر أبداً ، فهل نحن مؤمنون حقا ؟ ، وها هو أبو مازن يسلم سلاح جنين ، بعد أن سلم سلاح الضفة ، ويضغط لتسليم سلاح غزة ، وبعدها يسهل الترانسفير ، أي طرد ما تبقى من الفلسطينيين إلى الشتات أو الذبح على الطريقة اليهودية ! ، وما أحلى بقلاوة دمشق ، وغاز مصر ، وتطبيع القادة ، وبيزنس الأشاوس والنشامى من المناضلين القدامى وأبنائهم وأحفادهم ،على وقع الصواريخ والمذابح والدمار ، والعوض على الله .

[email protected]

المجد في 5/5/2008م

 يا ويل الفقراء!

تغولت السلطة البوليسية الفاشية وتوحشت، ولم تجد غضاضة أن تعلن عقب  ما قيل إنه زيادة 30% من أصل المرتبات عن رفع مفاجئ للأسعار تجاوز 50% وأشعل النار في البيوت والقلوب والصدور ، مع سيل من الأكاذيب يدعي أن ذلك لحماية الفقراء وتحقيق العدالة الاجتماعية بالنسبة لهم .. ونسي القوم أن المليارديرات والمليونيرات من نواب الوطني ؛ الذين تناولوا الكباب في الفندق الفخم قبل الموافقة على الزيادات الملتهبة في الأسعار ، لم يدفعوا 37 مليار جنيه من الضرائب المستحقة عليهم ، ولو دفعوها لتضاعفت المرتبات دون الارتفاع المتوحش للأسعار ، ولو أن السلطة خفضت نفقاتها السفيهة إلى النصف لكان الأمر أفضل للفقراء التعساء .. أما الأبواق المأجورة المنافقة التي خرجت تكذب وتدلس وتواصل الخداع أو تميع المواقف ، فنسأل الله أن يصيب أصحابها  ببعض ذنوبهم ، ويشربوا من الكأس ذاتها في يوم قريب .. وهو وحده المستعان !