أهل الجولان عينة مما هو عليه الشعب السوري

محمد فاروق الإمام

محمد فاروق الإمام

[email protected]

لم تكن انتفاضة أهلنا في الجولان المحتل يوم الأحد الماضي 11 تموز الحالي هي الانتفاضة الأولى، ولا تصديهم للعدو المحتل هو التصدي الأول.. فتاريخ أهلنا في الجولان مليء بالعنفوان والثورة والصمود والتصدي الحقيقي على الأرض منذ تخلى عنها حزب البعث العقائدي في الخامس من حزيران عام 1967 وترك أهلنا لقدرهم في مواجهة الصلف الصهيوني والوحشية الصهيونية والحقد الصهيوني يقاومونهم بلحم أجسادهم وعنفوان رجولتهم.

فقد حملت لنا الأنباء أن قوات الاحتلال الصهيوني قامت بالاعتداء يوم الأحد الماضي على منزل أحد المواطنين من أهلنا في بلدة مجدل شمس بالجولان نفذه

مئات من جنود الاحتلال لحماية من يسمون جباة الضرائب الذين حاولوا دخول منازل المواطنين واقتحموا أحد المنازل وتصدى لهم أهالي البلدة مما أدى إلى إصابة خمسة وعشرين مواطناً بينهم أطفال ونساء جراء استنشاقهم للغاز المسيل للدموع وتعرضهم للرصاص المطاطي الذي أطلقه جنود الاحتلال.

وقد حطم أهالي البلدة الغاضبين آليتين للاحتلال وأصابوا جندية إسرائيلية واحتجزوا ثلاثة من جنود الاحتلال أفرج عنهم لاحقاً.

إن ما قام به أهلنا في الجولان المحتل يوم الأحد الماضي يذكرني بقول الفرزدق وهو يفتخر بأهله:

هؤلاء آبائي فجئني بمثلهم ** إذا جمعتنا يا جرير المجامع

نعم هؤلاء هم أهلنا الذين نفتخر بالانتساب إليهم وهم يتصدون بلحم أجسادهم للمحتل دون أولئك الذين سلموا الجولان وتخلوا عن أسلحتهم دون دفع أو مدافعة أو مقاومة.. أهلنا في الجولان هم عينة أصيلة لما عليه الشعب السوري البطل الذي ما عرف الاستكانة والخنوع لعدو محتل على مدى سفره الذي تضرب جذوره في عمق التاريخ لآلاف السنين.

أهلنا في الجولان هم الصورة الحية التي تعكس حال شعبنا السوري الذي يُحال بينه وبين الجولان منذ العام 1967 ولا تتاح له الفرصة ليقوم بدوره المطلوب منه تجاه أهلنا في الجولان والهضبة المحتلة التي ينعم الصهاينة بالهدوء والأمن بين شعابها وظلال أشجارها وعبق هوائها ورقراق مياهها ولذيذ الفاكهة والخضرة التي حباها الله بها منذ العام 1974، بعد إبرام أهل الحكم في دمشق اتفاقية فك الاشتباك مع العدو الصهيوني عند الكيلو (54).. ومن حينها لم يسمع لأزيز رصاصة ضالة في سمائها يعكر صفو حياة وأمن المستوطنين الصهاينة الذين تملكوها دون أهلها.

الشعب السوري مطلوب منه أن يرفع صوته عالياً مطالباً أهل الحكم في دمشق أن يسهلوا له طريق مقاومة المحتل كما فعلوا مع المقاومة الوطنية اللبنانية– وهو ليس أقل حماسة ووطنية وتضحية منها - والتي تمكنت من دحر وإجلاء العدو الصهيوني عن الجنوب اللبناني عام 2000، فأهلنا في الجولان المحتل أحق بنجدتنا، وتراب الجولان أحق بمالنا ودمائنا.

المفاوضات العبثية المباشرة وغير المباشرة لن تعيد الأرض، والمثال ما أقدمت عليه سلطة رام الله خلال تسعة عشر عاماً وقد تخلت عن المقاومة ووضعت بيضها كله في سلة واشنطن وعملية السلام وحل الدولتين والمفاوضات الماراتونية البيزنطية العقيمة، ولم يتبق من أرض فلسطين للفلسطينيين إلا 20% بعد اغتصاب الباقي من قبل المستوطنين الصهاينة. ومن العبث أن يسير أهل الحكم في دمشق على خطاهم حتى نفقد الجولان نهائياً ويصبح مادة منسية في بطون كتب التاريخ.