فليستقل وزير الداخلية أولا
افتتاحية النداء :
هيئة التحرير
3-7-2010م
قبل أكثر من شهر، اعتقل المواطن جلال الكبيسي (33 سنة) من مكان عمله في سوق الحميدية لأسباب تافهة، وسيق على قدميه، ليحتجز في فرع الأمن الجنائي بدمشق ويخرج منه جثة هامدة بعد يومين. إذ تم تسليم جثمانه إلى ذويه، مغطى بالكدمات وآثار التعذيب، وليصبح ضحية جديدة من ضحايا التعذيب الهمجي داخل الفروع الأمنية.
وكالعادة، أكدت وزارة الداخلية أن الوفاة "طبيعية"، كما جاء في التحقيق الذي نشر في الموقع المحلي شبه الرسمي "سيريانيوز" قبل أن يعاد حذفه بعد دقائق.
فمن "الطبيعي" جدا، أن يصاب المواطنون في الفروع الأمنية المختلفة بالأزمات القلبية والجلطات وغيرها من أسباب الوفاة التي دائما تخالف ما يظهر على جثامين أصحابها من آثار تنكيل وتعذيب، أو حتى أن يصابوا بلوثة رمي أنفسهم على الأرض حتى الموت، كما ادعت الجهات الرسمية في حالة جلال.
جلال لم يكن أول ضحايا الاستهتار بحياة الناس وكرامتهم ولن يكون الأخير طالما أن الجناة فوق القانون، وأن أساليب التحقيق الوحيدة المتبعة في فروع الأمن الجنائي كما في الفروع الأمنية المختلفة، قائمة على وسائل بدائية وهمجية من تعذيب وإساءة معاملة وامتهان لكرامة المواطن وإنسانيته.
وحتى القضاء السوري الذي لجأ إليه ذوو الضحية، فقد أدنى مصداقية له في ظل خضوعه المفضوح لتوجيهات الأجهزة الأمنية وأوامرها وافتقاره إلى أية استقلالية ونزاهة تذكر.
حدث ذلك على الرغم من توقيع الحكومة السورية عام 2004على الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب. لكن سرعان ما تمت العودة إلى الأساليب القديمة في عمل الأجهزة الأمنية المختلفة، وتعزّز ذلك بصدور المرسوم رقم 69 لعام 2008 الذي أضاف حماية أخرى لعناصر الشرطة والأمن السياسي والجمارك من المساءلة فوق ماكانت قوانين سابقة قد قدمته لعناصر أمن الدولة ! .
فضلا عن ذلك، تلاحظ المفارقة المفجعة بين تداعيات مقتل الشاب خالد سعيد تحت التعذيب على يد رجال الشرطة في الاسكندرية ، والذي مازال يحرك الرأي العام والإعلام والشارع المصري ، وبين مقتل الشاب جلال في دمشق، خصوصا لجهة الصمت الإعلامي المريب حوله محليا وعربيا، مما أدى لتغييب أية حساسية بشأنه !.
إن استمرار هذه الحوادث ومشابهاتها يستدعي الإدانة والاستنكار من مختلف الأوساط الحقوقية والسياسية والشعبية وبأشد العبارات . كما يستدعي دعوة السلطات السورية للكف عن استمرار نهجها في استخدام أساليب التعذيب المختلفة في شتى الفروع الأمنية والتحقيقية ،وحماية الجناة بالقانون حينا وبالتحايل عليه أحيانا أخرى، كي يبقى المواطن أعزلا في مواجهة عسف السلطات، فاقدا ثقته بالقانون والقضاء وغير قادر على الاعتراض أو المطالبة بأقل حقوقه تحت طائلة الترهيب والتعذيب.
وإن ما حصل مع جلال وقبله مع كثيرين، يقتضي في دولة تحترم القانون، أن يتقدم وزير الداخلية باستقالته أولا بدلا من الدفاع عن الجناة، الذين من المفترض تاليا أن ينالوا العقاب العادل بعد تحقيق نزيه ومستقل . وهذا أقل ما يمكن أن يقدم من جهة لصورة المستقبل التي تستحقها سوريا، ومن جهة أخرى إلى ذوي جلال الذين لن يعوضهم في مصابهم شيء، والذين علينا أن نتقدم إليهم بأحر التعازي .
هيئة التحرير 3/7/2010
اعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي
موقع النداء
نداء سوريا