اولمرت مهرج.. عباس يحتضر

عرفات الحاج

[email protected]

أعطى اولمرت مؤخرا قرار بتوسيع استيطاني في منطقة ' جفعات زئيف' ومناطق أخرى ضمن حزمة من القرارات المشابهة بضغط من حركة شاس, الحركة التي كانت قد هددت مرارا بالانسحاب من الائتلاف الحكومي إذا ناقشت المفاوضات مع الفلسطينيين ملف القدس أو وصلت لوضع متقدم, هذا القرار يتنافى طبعا مع ما تعهد به  للإدارة الأمريكية بتنفيذ المرحلة الأولى من خارطة الطريق وتعهدات أخرى لحث عملية المفاوضات ومسيرة التسوية مع الفلسطينيين, ولكن تعليله بأنه قرار يهدف إلى إرضاء شاس لتبقى بالائتلاف الحكومي للحفاظ عليه , هذه معضلة مضحكة بقدر كونها شائكة طبعا

فقرار اولمرت ومبرراته أشبه بالقول , أنا أريد أن أدمر فعليا أي إمكانية لاستمرار المفاوضات,  لإرضاء شاس وإبقائها في الحكومة, وبقاء شاس في الحكومة بهدف الاستمرار في عملية المفاوضات, وان حدثت المعجزة ووصلت المفاوضات  لمرحلة متقدمة, أو بحثت المفاوضات في قضية القدس التي يستحيل بدونها الوصول لتسوية فان شاس ستسقط الحكومة كما تعهدت.

بغض النظر عن موقف كاتب هذه السطور من عملية التسوية إجمالا ومسارها الحالي فإننا نتحدث هنا عن ألعاب مهرجين يقوم بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بهدف البقاء في السلطة لأطول وقت ممكن, على أمل النجاة بمرور الوقت من تبعات إخفاقه في حرب لبنان, وفضائحه والقضايا الجنائية التي تلاحقه وليس عن سلوك سياسي واضح أو خيار بالمضي قدما في عملية المفاوضات بهدف التوصل لتسوية, وهذا السلوك من اولمرت يعطي مؤشر واضح لمدى عدم جدية الطرف الإسرائيلي في موضوع المفاوضات مع الفلسطينيين وأنها مجرد لعبة علاقات عامة يستثمرها اولمرت لضرورات داخلية تخص وضعه المهتز بعد حرب لبنان, ولاعتبارات دولية تتعلق برغبات الإدارة الأمريكية في المنطقة. 

 ففي نظرة لسياسات إسرائيل منذ انابوليس حتى الآن,  نجد  أنفسنا إزاء زيادة في النشاط الاستيطاني, ومواصلة بل وتصعيد الجيش الإسرائيلي لعملياته في الضفة الغربية, وفي مناطق سبق تسليمها للأجهزة الأمنية التابعة للشريك في عملية التسوية محمود عباس,  بل وملاحقة أشخاص من المفترض أن تكون شملتهم اتفاقات العفو عن المطلوبين التي أبرمت مع السلطة واعتقالهم أو قتلهم, هذا إذا تجاهلنا الحصار والذبح في غزة على فرض أنها خارج نفوذ شريك السلام عباس,  ناهيك عن سيل التصريحات المتناقضة التي تخرج عن هذا الرجل, فتارة يتحدث عن ' اتفاق رف' ليس للتطبيق, وتارة يقول بان المفاوضات قد تستمر عشرين عام, ومرة يعد بأنه لن يفتح ملف القدس في المفاوضات وبعد ساعات قليلة يؤكد أن هذا الملف مفتوح للتفاوض ولكن مؤجل.

 على الجانب الآخر تزداد السلطة الفلسطينية ضعفا كل يوم,  ومن الواضح انه نتيجة للممارسات الإسرائيلية فان مواصلة رهان عباس على نهج التسوية هي مقامرة   تضعه في حالة الاحتضار السياسي و ستودي بسلطته نهائيا, ومن يتحدث للشارع الفلسطيني عن التسوية والحل السلمي في ظل هذه الممارسات يجعل من نفسه مادة للسخرية والتندر,  والحقيقة الواضحة هي أن حديث اولمرت عن نواياه بالوصول لتسوية ما هي إلا جزء من المناورات للبقاء في الحكم, وتبرير وجوده سياسيا بوجود مشروع سياسي لديه وهو عملية التسوية في محاولة لإرضاء جزء من جمهور الناخبين وإحراج جزء من الشارع السياسي الإسرائيلي بحيث لا يجرؤ على إسقاطه حاليا, وكل هذه الألعاب البهلوانية انفة الذكر, لا يمكن أن تخفي الحقيقة القائلة أن هذا الرجل مشروعه السياسي هو البقاء في الحكم لمجرد البقاء ولأطول فترة ممكنة.