سنقف إلى جانب إيران رغم ما وجهت إلينا من سهام

محمد فاروق الإمام

سنقف إلى جانب إيران

رغم ما وجهت إلينا من سهام!!

محمد فاروق الإمام

[email protected]

وأخيراً وبعد خمسة أشهر من المداولات تحت الطاولة وفوقها ووراء الكواليس وأروقة الأمم المتحدة وداخل الغرف المغلقة والمشرعة أبوابها، اتخذ مجلس الأمن قراره بفرض عقوبات صارمة بحق إيران بسبب مشروعها النووي، ولم يعارض القرار سوى تركيا والبرازيل وامتنعت لبنان عن التصويت، في حين وقف الصديقان والشريكان الاستراتيجيان لإيران الصين وروسيا (وهما من الدول العظمى ويملكان حق النقض – الفيتو ومقعد دائم في مجلس الأمن) إلى جانب قرار فرض العقوبات نزولاً عند الضغوط الأمريكية والغرب واللوبي الصهيوني الذي يهيمن على القرارات السياسية في أمريكا ومعظم دول الغرب.

هذا القرار الذي أثلج صدر الأمريكيين والأوربيين ولم يحظ بكل الرضا عند الدولة العبرية التي كانت تريد أن تكون العقوبات صارمة وأمرّ من العلقم وأمر من الحنظل، كما كان الحال مع العراق وشعب العراق الذي دفع ثمناً لتلك العقوبات الجائرة التي فرضت عليه ظلماً وعدواناً، والتي كان من بينها الحصار البري والبحري والجوي الذي أدى إلى موت أكثر من مليون طفل لشح الغذاء وفقدان الدواء، وخسارة وتبديد ثروات العراق النفطية، ودفع ديون تقدر بمئات المليارات، وللأسف كان لإيران نصيب الأسد في نجاح هذا الحصار ونجاح تنفيذ هذه العقوبات!!

اليوم يُراد لإيران أن تشرب من نفس الكأس الذي شرب منه العراق، ولكن من حسن حظ إيران أن جوارها عرب ومسلمون رفضوا ويرفضون مثل هذه العقوبات وهذا الحصار لإخوة لهم يدينون بدين الإسلام وتربطهم معهم وشائج الجوار التي أوصى بها نبينا محمد عليه الصلاة والسلام (جارك.. ثم جارك.. ثم جارك) ونحن ملتزمون بوصية نبينا وأوامره، وسنقف إلى جوار الجارة المسلمة إيران رغم كل ما سببته لنا من جروح ونكأت من أحقاد ونفثت من سموم، وتطاولت على قامات الصحابة الغر الميامين الذين أوصلوا لنا هذا الدين الحنيف بكل نقائه وصفائه وصدقه وأصالته، وما طعنت به من خناجر مسمومة بشرف أمهات المؤمنين الطاهرات النقيات اللائي كن عترة بيت رسول الله وبيت سره وجهره!!

سنكون إلى جانب إيران في محنتها رغم ما قامت به من تسهيل مهمة الأمريكيين والأوروبيين لوجستياً ومخابراتياً في احتلال أفغانستان والعراق، وما أقدمت عليه فيالقها الصفوية من عمليات اغتيال وقتل بدم بارد بحق الآلاف من علماء العراق وشيوخ عشائره ورموزه الوطنية وطياريه وكبار ضباطه وأساتذة الجامعات امتثالاً لحرمة الجوار ورابط الدين.

إن موقفنا النبيل هذا يجيء امتثالاً لقوله صلى الله عليه وسلم: (أحسن لمن أساء إليك)، ونتمنى على الجارة المسلمة إيران أن يكون جزاؤها لنا في قابل الأيام – إذا ما تجاوزت هذه المحنة – ما أمرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وما جزاء الإحسان إلا الإحسان)!!

نتمنى على إيران الجارة المسلمة أن تؤب إلى رشدها وتحفظ حق الجوار معنا وتتوقف عن إرسال مبشريها الذين يريدون حرف الأجيال من أبنائنا عن حقيقة الدين وأصالته التي ورثناها كابراً عن كابر، وتتوقف عن دعم أعداء الأمة في أفغانستان والعراق وتقف على مسافة واحدة من كل الأطياف السياسية والدينية والعرقية في البلاد العربية وخاصة في العراق ولبنان ودول الجوار، وتعيد الجزر العربية التي احتلتها إلى أصحابها الشرعيين (دولة الإمارات العربية المتحدة) وأن تعاملنا بما نستحق لا بما ورثته من أحقاد وعداوات زرعتها في عقولهم وقلوبهم حفنة من المشعوذين والدجالين والأفاكين من أحفاد المجوس، وقد شرح الله قلوبهم للإسلام فكان منهم العلماء والفاتحون والقادة العظام، الذين كان لهم دور كبير في نشر الإسلام في أصقاع الدنيا ومجاهل المعمورة، والمشاركة في بناء منارات الحضارة الإسلامية التي تفيأ العالم بظلالها لقرون طويلة، ولا يزال مديناً لها حتى اليوم.

الأيام القابلة ستكون هي الامتحان الحقيقي للجارة المسلمة إيران.. فهل سنجد عندها تغيراً تجاه دول الجوار العربية المسلمة التي لم تخذلها عند تنكر الصديق والعدو لها؟!