المجزرة الصهيونية بحق أسطول الحرية
المجزرة الصهيونية بحق أسطول الحرية:
حدثنا النائب
أ.د. ناصر أحمد سنه - كاتب وأكاديمي من مصر
حشد واحتشاد، واستقبال حار وسار بعودته سليماً من المجزرة الصهيونية بحق أسطول الحرية ، بعدما حمل ـ كسائر المجاهدين المناضلين الأحرار المشاركين في رفع الحصار الظالم الغاشم المفروض علي مليون ونصف المليون من أهلنا غزة منذ ما يزيد عن ثلاث سنوات ـ أرواحهم علي أكفهم.
حدثنا (مساء الأربعاء 2/ 6) ـ وليس من سمع كمن رأي ـ نائب مصر في أسطول الحرية الأغر عن بعض مشاعره التي عاد بها من هذه التجربة مع هؤلاء الصهاينة المجرمين المعتدين علي الحرية. هؤلاء الذين قتلوا وسفكوا دم نحو تسعة عشر شهيداً وجرحوا العشرات واسروا من كان علي الأسطول (750 أسيرا من عمر يوم وحتى ما فوق الثمانين).
كيف ولماذا توحدت توجهات ومشارب ممثلي 44 دولة من اندونيسيا شرقا وحتى أمريكا غرباً، ومن السويد شمالا وحتى اليمن جنوباً؟. هكذا جاء السؤال في بداية حديث نائب مجلس الشعب المصري أ. د. "محمد البلتاجي" ثاني أثنين من النواب المصريين المشاركين في أسطول الحرية والتحرر والعزة والإباء.
وحدثنا قائلاً:" لغاتهم شتي .. وسحناتهم مختلفة، شيوخا ورجالاً ونساء وأطفالاً (أصغرهم عمره عام)". يضيف قائلاً:"وحد هؤلاء وسيوحدهم ويجمعهم ـ وغيرهم ممن لم تتح لهم فرصة المشاركةـ هدف واحد وقضية عادلة .. نصرة للمظلوم، ورفعاً للظلم وللحصار والتجويع والقهر المفروض عليه، ووقوف في وجه الظالم المتغطرس العربيد".
وتعلو نبرات صوت " النائب" مستحضرا ما طبع في ذهنه عشية يوم الاثنين يوم القرصنة الدموية لأسطول الحرية من قبل شذاذ القوات الصهيونية: "قضينا عشية عدوانهم الغاشم علي السفينة وحتى فجر الاثنين، وفي أذهاننا ذلك التوعد والوعيد من رؤساء عصاباتهم، في سكينة وهدوء وصلوات ودعاء. وبدأ السعات تمر شاعرين أن شيئا مبيتا لهم بليل يوشك أن يحدث، وتبدو نذره تظهر رويدا رويداً.
يقول البلتاجي:" وتري الشيخ .. شيخ الأقصى الصامد المرابط "رائد صلاح" يخطب فينا بالعربية ، وثاني بالتركية، وثالث بالإنجليزية ورابع وخامس ، ويترجم من يقدر علي الترجمة.. لغات شتي، هدف واحد قضية واحدة، صمود ورباطة جأش منقطعة النظير، صدور عارية إلا من الإيمان بالله تعالي ثم بما وجب وتوجب عليها فعله.
يصمت قليلاً، ليعاود الحديث، وقد تعلقت أعين الحاضرين إليه:"حامت حولنا زوارقهم ، وحواماتهم، سطوا علي السفينة، لا يري إلا أعين هذا القرصان أو ذاك، مدججين بكل سلاح ودرع، مصداقا لقوله تعالي:" لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (الحشر:14)، يقتحمون خائفين مذعورين رغم عتادهم وعدتهم،.. قنابل صوت وغاز ورصاص حي ومطاطي يقتلون ويبطشون "من وراء جدر".. تسيل الدماء وتغمر أسطح السفينة.. قراصنة لكنهم جبناء أمام بسالة وشجاعة وصمود وتصدي كل من علي السفينة البواسل الكرام الأحرار الأقوياء".
ارتقي شهداء بررة..ـ يقول النائب ـ تبكي زوجة أحدهم، فيواسيها أحدنا بالعربية ويترجم لها آخر، فتقول ما معناه:"إنه لشرف لي بأنه قد سبقني شهيداً، وتقبله الله في الشهداء.. لكنها لوعة الفراق، وألم الحزن".
يتابعـ أ.د. البلتاجي وهو الأستاذ بكلية الطب جامعة الأزهر الشريف ـ سراعاً ـ ولم يكن بالحسبان أبدا ما أقدمت عليه جحافل القراصنة، وقاطعي الطرق، وسارقي الأرض والشجر والحجرـ نحاول إسعاف هذه وذاك من الجرحى الكُثر، والتعامل مع جثث الشهداء المتناثرة.. بينما هم يُشهرون رشاشاتهم في وجوهنا لإرهابنا، ويتغولون في دماء الشهداء.
حدثنا "البلتاجي" بقوله:" قيدونا .. من عمق المياه الإقليمية اقتادونا، وإلي ميناء أسدود اعتقلونا، ليجروا ما يسمونه"إجراءات التحقيق".. متغطرسين يحاولون الثأر لهذا الصمود والتصدي المدني لهم..لكننا صامدين ثابتين فخورين، وقد حسبوا أننا " سنفر أمامهم كفئران مذعورة" وهيهات هيهات. تواصلنا بعزم وثقة وأمل في الله كبير وأكد المشاركون فيما بينهم جميعاً علي معاودة تكرار هذا الأمر مرة ومرة ومرة.
يحاول النائب اختصار كلمته: ـ وقد علت أصوات تقول له: حمداً لله علي سلامتكم، رفعت رؤوسنا يا دكتور"ـ إن ما حدث، وما قد يحدث، لأنموذج يعطي آمالاً كبيرة، وثقة في عدالة قضيتنا، وثقة أكبر في أمتنا التي لم ولن تموت": يقول تعالي:"وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" (آل عمران:139).
خابوا وخسروا.. وكسبنا أنفسنا وكل شعوب العالم، إلا تلكم "العصابة" المتحكمة فيه، المستبدة به، التي تديره وأعوانها.. ظلما وقهرا وفساداً واستخراباً وأنتهابا.. كمزرعة خاصة لهم.
ويبقي الحزن والألم يعتصر القلوب، والسؤال الذي يطرحه كل شعوب العالم وقد رات ما رات وخرجت لتعبر عما شاهدت: هل كان ينبغي لكل هذه الدماء الذكية العاطرة أن تسيل كي تعيد تلكم العصابة حساباتها؟؟، وتتحدث "خجلي" :"أن هذا الحصار وغلق المعابر، والتجويع والعقاب الجماعي والقتل وجرائم الحرب والإبادة والقرصنة من هذا الكيان الغاصب المحتل المارق الدنئ.. غير مقبولة.. وقد آن الأوان لرفع الظلم والحصار عن فلسطين عموماً، وغزة خصوصاً".
لكنه التدافع بين الحق والباطل..واختبار وإثابة الصادقين علي صدقهم، وكشف وإثابة الكاذبين في دعواهم. ثمن مطلوب ومُستحق، ما أغلاه، للتحرر وللحرية:
وللحرية الحمراء بباب بكل = يدٍ مضرجة بالدماء يُدق.
الحرية..تلكم النعمة الغالية التي الله وهبها الله تعالي للإنسان، ولا ينبغي لبشر أن يسلبه إياها: (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرار؟).
كل التقدير والاحترام والإعزازـ لهؤلاء المنظمين الشجعان المجاهدين الأشاوس، المناضلين الأحرار منظمي "أسطول الحرية" لكسر الحصار عن أهلنا الصابرين الصامدين في غزة. وددنا لو كنا معهم وشاركناهم هذه القافلة الغراء..لكن المزيد قادم، ولا عذر لمعتذر.
والدعاء لله العلي القدير أن يتقبل الذين قضوا في الشهداء ويلهم ذويهم (عزاء خاص لأخوتنا وأهلنا الأتراك)، والإنسانية السلوان والصبر علي هذه الجريمة النكراء، والقرصنة والمجزرة الصهيونية الجديدة والمتكررة.
يبقي الشكر موصولا لتركيا.. شعباً وحكومة منظمات مدنية وقيادات رسمية: "ولو لم أكن..... لوددت أن أكون تركياً".
عانق الحضور النائب المحترم د. محمد البلتاجي، ومضي لسبيله.. وفي الختام يبقي أن: "من شاهد وعاين وعايش وعاني، ليس كم سمع عن الأحداث أو شاهد التلفاز أو قرأ الأخبار.