كوسوفو تثير المخاوف
كوسوفو تثير المخاوف
جميل السلحوت
[email protected]
من اللافت للانتباه ان الولايات المتحدة الأمريكية دعمت "استقلال" كوسوفو قبل
اعلانه ، وكانت أول الدول التي تعترف بالدولة الجديدة ، وقد انطلى هذا الموقف على
مسلمي كوسوفو الذين رفعوا علم الولايات المتحدة بجانب علمهم ، وهم يرقصون فرحين
بإعلان الاستقلال ، وقد سارعت الدول العربية والاسلامية الى الاعتراف بدولة كوسوفو
، وابتهج ملايين المسلمين في العالم لقيام دولة " اسلامية " في أوروبا ، واعتبروا
ذلك بمثابة فتح ونصر عظيمين .
واذا كان من حق جميع شعوب الأرض أن تقرر مصيرها ، وأن تحصل على استقلالها ، الا أن
ما يثير الشك هنا هو تجزئة يوغسلافيا على اسس طائفية دينية ، مع ما كانت تمثله هذه
الدولة في السياسة الدولية، كونها أحد أضلاع المثلث المؤسس والرئيس في تشكيل دول
عدم الانحياز زمن رئيسها الراحل جوزيف بروزتيتو ، ومع الهند زمن نهرو ، ومصر زمن
جمال عبد الناصر ، فهل موقف الولايات المتحدة تصفية حسابات، وأخذ ثارات من هذه
الدولة على سياستها قبل انهيار الاتحاد السوفيتي ومجموعة الدول الاشتراكية ؟؟ ومنذ
متى أصبح تقرير مصير الشعوب يُبنى على أسس طائفية دينية ؟ وهل الولايات المتحدة
المعروفة بسياسة الهيمنة والسيطرة الاستعمارية، والتي تحتل العراق وأفغانستان،
وتدعم بلا حدود احتلال اسرائيل للأراضي العربية معنية حقاً بإقامة دولة اسلامية في
أوروبا أو في غير أوروبا ؟
فمن المعروف أن سياسات الدول - خصوصاً الدول العظمى - تقوم على المصالح ، والولايات
المتحدة الأمريكية ترى مصلحتها في جعل كوسوفو محمية أمريكية على حدود روسيا التي
رأت في " استقلال " كوسوفو تهديداً لمصالحها، وستتخلى عنها فور انتهاء مهمتها ، كما
أن الولايات المتحدة التي استغلت انهيار الاتحاد السوفياتي ، واستغلت انفرادها
بالهيمنة على العالم كونها القوة الأعظم الوحيدة ، من أجل اعادة تقسيم العديد من
الدول ، وتجزئة المجزأ منها لاثارة النعرات والصراعات الدينية والطائفية والعرقية،
بما يضمن هيمنتها – الولايات المتحدة – على العالم لعدة عقود قادمة . ولعل ما طرحته
أمريكا ، وما أسمته مشروع الشرق الأوسط الجديد ، والذي يستهدف الدول العربية
تحديداً اضافة الى بعض الدول الاسلامية خير دليل على ذلك .