الطوارئ والقوانين الاستثنائية
تلك اللعنة التي ما انفكت عن سورية
مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن
قانون الطوارئ هو في الأساس قانون لتشريع الاستبداد . وهو تلك الكلمة الكريهة والمُرعبة التي أُستبيح فيها الشعب السوري ظُلماً وعدواناً ورافقني هذا القانون طوال حياتي منذ الولادة وأبناء جيلي من السوريين منذ 47 عام ، والذي من خلاله استبيحت الأعراض وأُريقت الدماء البريئة للمواطنين في كل دولة طُبق فيها هذا القانون الخبيث ولاسيّما في بلدي سورية.
وإذا كان مفهوم الطوارئ أن يعمل به أياما وأسابيع في ظروف طارئة ، فإن قانون الطوارئ في سورية يعمل به منذ قرابة النصف قرن ، وزاد الطين بلّة صدور القوانين الاستثنائية المُتتالية ومنها قانون 49 لعام 1980 الذي يحكم بالإعدام على مُنتسبي الإخوان المسلمين ، وهو تنظيم سياسي لاعلاقة له بالعنف بل كان ضحية تآمر النظام عليه .وكان بنتيجتة تدمير مدينة حماة وإقامة المذابح في عدد من المدن والسجون السورية ومنها تدمر وصيدنايا ، وقتل تحت بنوده عشرات الآلاف ، ونفي مئات الآلاف من السوريين .
وما تزال هذه القوانين سارية المفعول إلى يومنا هذا ، وما تزال الإجراءات التعسفية تكوي بنارها أبناء الشعب السوري متجاوزة قوانين حقوق الإنسان وجميع الأعراف والمواثيق الدولية ، فاسحة المجال للفساد والإفساد في كل مناحي الحياة وانهيار البلاد على كل المستويات ولاسيما فيما يتعلق في أمور الدفاع عن الوطن ، وقد رأينا كيف اخترقت البلاد لمرات عديدة ولم يتم الرد إلا بالكلام ، وكذلك على باقي المستويات الأخرى التي رأينا فيها انهياراً اقتصادياً ، وسيطرة أفراد على المفاصل الأساسية للبلاد ، حتّى أضحت البلاد رهينة بأيدي أفراد معددودين ، ولا يُخفى ذلك على أحد ، وكذلك لا يحق لأحد الاعتراض ، رغمّ أنّ الفضائح صارت تزكم الأنوف ، فهل الأحكام الجائرة ستحمي البلاد أم أنّ مواجهة كل تلك التحدّيات والأمور الصعبة لن يحلّها إلا وقوف الشعب عبر التلاحم مع السلطات ، عن طريق تطبيق مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص والتداول السلمي للسلطة وإشاعة الديمقراطية وإطلاق الحريات ، وليس عبر مُصادرة الحريات وقهر الشعب
لأصل إلى نتيجة عقلية ومنطقية لمن يُطبق مثل هكذا قوانين وهي : بأنه ليس وراء ذلك التصرف سوى معنيين
الأول : إن أحسنا الظن هو التعبير عن عجز هذه السلطات القمعية وانفصامها عن الشعب ، فهي لاتستطيع أن تحكم إلا من وراء العصا الحديدية وإرهاب النّاس
والثاني : هو السادية ، ولن تستطيع تلك السلطة أن تُشبع رغباتها المُنحرفة إلا عبر ممارسة القهر على المواطنين ، وتجويعهم وقهرهم لتطيب لهم الملذّات ، عندما لم يروا أحداً يواجه أمراضهم وشذوذهم واعوجاجهم ونهب الدولة
فجميع الدول المُتحضرة عندها من القوانين المدنية مايكفي لتطويق الجرائم وحماية البلاد ، إلا تلك الأنظمة الاستبدادية فليس عندها إلا الأساليب القمعية لتُدلل على تخلفها ، ورفض الشعب لأولئك الحاكمين الذين لايستطيعون البقاء ، إلا بقوة الحديد والنّار .
وقد يقول قائل : بأن في الغرب قوانين لمكافحة الإرهاب .. فأقول بالفعل ، وأنها لقوانين عنصرية لاتُطبق إلا على الجنسيات الوافدة ، وحتّى ذلك في إطار القانون المدني ، والدولة المدنية وليس البوليسية ، بل عبر أحكام القضاء
وأخيراً أقول : إنّ الهجوم على البيوت والمنازل وعمليات الاختطاف في الشوارع والنوادي والمُنتديات وزرع الرعب والخوف في قلوب المواطنين على يد عناصر البوليس والاستخبارات ، وما يتبعها من عمليات الاغتيال والاختفاء القسري فيما بعد ، ليست إلا أعمال عصابات لايُقدم عليها إلا المُجرمين ، واعتقال السياسيين والمُفكرين والرموز الوطنية وكل حُرٍ يُعبر عن رأي ، ومُحاكمتهم بالمحاكم الجائرة العسكرية ، ليس إلا إرهاب في أعلى مستوياته تُدينه كل التشريعات السماوية والأعراف والقوانين الدولية ، وتأباه النفوس الأبية ، وهو عمل ممجوج سيسجله التاريخ على أصحابه ، وهو مايزيد من نقمة الشعب على تلك الحكومات والأنظمة ، ويُقلل من فرص بقاءها واستمرارها ، وإن استخدمت كل أدوات الفتك والإرهاب ، وما ملكت من السجون واقسام التعذيب
وعلى رابط مجموعة حب الوطن والتغني به وذكر مآثر وذكريات مدينتك وحارتك وأهلك واصدقائك في الفيس بوك كتبت مايلي ، وأرجو المُشاركة بما تجودون به في حب الوطن والحنين إليه ومآثره
حب الوطن من الإيمان ، وأكثر المتضررين من البعاد عنه هم المنفيين قسراً عن بلدانهم كاالفلسطينيين والسوريين والعراقيين ، ولربما أكثرهم مأساةً هم السوريين ، وأعدادهم تُقدّر بمئات الآلاف ، ومنهم المُغتربين الذين فارقوا البلاد لأسباب مالية أو قرفية واشمئزازاً من سلطة الاستبداد ، والذين قدّرت عددهم وزيرة المغتربين السابقة ومستشارة الرئاسة حالياً بثينة شعبان مابين 15 و17 مليون سوري مابين منفي ومُغترب قسراً ، فجادت قريحة هؤلاء لحناً في مُناجاة الوطن ، فلنسمع جميعاً ذلك الأنين وتلك الترانيم ، وسأبدؤها مما وصلني ، راجياً على الجميع وضع مشاركاتهم وتعبيراتهم بما تجول به حواصلهم في حب الوطن والشوق لذراه والأهل مكتوباً أو فيديو أو أي روابط ، والتعبير عن الظلم الكبير الذي وقع في ظل البعث العسكري الظالم والقوانين الاستثنائية الجائرة وقانون الطوارئ ، ومحاكم التفتيش العسكرية والأحكام الجائرة التي لم تستهدف إلا الأحرار وأصحاب الفكر والرأي والسياسة والرموز الوطنية ، وتلك القوانين الجائرة لازالت تربض على قلوب الشعب السوري منذ نصف قرن وهي تحصد يومياً المزيد من الضحايا ، والتي ذهب ضحيتها عشرات الآلاف من الشهداء من المواطنين الأبرار وتدمير المدن وقتل السجناء في مُعتقلاتهم وزنازينهم
*باحث وكاتب وناشط سياسي وحقوقي سوري