الغارة الإسرائيلية على سوريا

باتت سوريا مقررا يوميا في الصحف العالمية، وأرضا وسماء مستباحتين للطيران وفرق الكوماندوز الإسرائيلية !

منذ أسبوع والدنيا كلها تتكلم على "النزهة" الإسرائيلية داخل الأراضي السورية، بل إن صحفا بريطانية قالت إنها لم تكن "نزهة" واحدة .. وأن وحدات الكوماندوز الخاصة كانت "رايح جاي" بـ"تتفسح" داخل سوريا، وأنها صادرت بسهولة وبأريحية "معدات نووية" اشترتها "دمشق" من كوريا الشمالية وكانت جزءا من مجمع نووي قيد الإنشاء !

ما نشر كان إهانة كبيرة للمؤسسة الأمنية والعسكرية السورية، بل استهدف إهانة الشعب السوري كله، والاستخفاف بقياداته السياسية وبالجيش السوري ذاته، بل ربما استهدف النيل من سمعة العالم العربي، وإظهاره على أنه لا يزال تحت رحمة الطيران الإسرائيلي يفعل به الأفاعيل متى شاء، ولمن شاء حتى لو كان من دول "الصمود والتصدي" والتي من المفترض أنها في حالة حرب مع الكيان الصهيوني، ومن العيب بل ومن العار، أن يدخلها العدو ويتنزه فيها ثم يرحل منها حاملا ما لذ وطاب من معدات وأجهزة، اشترتها القيادة السياسية السورية من مال ودم وعرق الشعب السوري المغلوب على أمره، ثم يعود إلى ثكناته قرير العين وكأنه كان في رحلة تسوق بسوبر ماركت مجاور !

الدنيا كلها تكلمت إلا "السوريون"، وكأن الأمر لا يعنيهم، وكأن الغارة أو "النزهة" الإسرائيلية استباحت أراضي وأجواء "جزر القمر" .. دمشق، لم تؤكد "الفضيحة" ولم تنفها، ولم يفتح عليها المولى سبحانه وتعالى بكلمة واحدة بشأنها، وتركت الإسرائيليين، "يتمنظرون" عليها ـ وعلينا ـ عبر التسريبات الصحفية، ويقدمون كل يوم تفاصيل أقرب إلى مغامرات الخيال العلمي منها إلى الحقيقة .

الكل يعلم أن "الغارة ـ النزهة"، وطريقة المعالجة الإعلامية الإسرائيلية لها والتي اتسمت بالاستعلاء من جهة وتعمد الاستخفاف بكفاءة العسكرية السورية من جهة أخرى.. الكل يعلم أنها جاءت من قبيل إعادة غسيل سمعة الجيش الإسرائيلي الذي كان أداؤه "مسخرة" وملطشة لمقاتلي حزب الله في عدوانه الأخير على لبنان

فما خسره الإسرائيليون في جنوب لبنان أمام "مليشيات" مسلحة، يحاول استرداده شمال سوريا أمام جيش نظامي من المفترض أنه في حالة استنفار دائم، بحكم أن بلده لازالت في حالة حرب مع العدو الصهيوني، أو أنها تحاول الادعاء بذلك !

هذه الفضيحة .. لن تكون الأولى ولن تكون الأخيرة طالما ظل النظام السوري، على حاله لا توجد فيه أية مؤسسات ديمقراطية تستطيع أن تحاسب المقصرين وتطارد الفساد الذي استشرى في كل مؤسسات "القوة" في سوريا، والذي أفرز وضعا سياسيا وعسكريا وأمنيا رخوا، أحال البلد وأجوائها إلى حديقة خلفية للطيران الإسرائيلي وقواته الخاصة يتنزهان فيها كيفما شاءا .