شكرًا لكم...لقد أنصفتم النساء

هنادي نصر الله

[email protected]

من أعماق قلوبنا التي تنزف ألمًا وتقطر همًا حزنًا على الأوضاع المزرية والخطيرة التي تكتسحُ الضفة الغربية والمتمثلة في الأعمال الإجرامية والتعسفية التي طالت كل شيء...أخط هذه الكلمات  بعد أن أرقتني  الأخبار المجحفة والأحوال السيئة التي سائر أجواء وأركان في الضفة الغربية المحتلة، ولعل أبرزها العنف الشنيع الذي يُرتكب ليل نهار بحق نساء وأمهات وزوجات أبطال فلسطين اللواتي عانين الأمرين وذقن ويلات الإبعاد والفراق وقسوة المطاردة والملاحقة التي ينتهجها المحتل الغاشم ضد أزواجهن وآبائهن وأبنائهن....

هؤلاء النساء الصابرات اللواتي لم يعد ـ فقط وللأسف ـ  المحتل الغاشم هو من يسبلهن فرحتهن وينغص عليهن حياتهن ويفرق بينهن وبين رجالهن بل أصبح الأقربون ينتهجون نفس الأسلوب متذرعين بأسبابٍ واهية ما أنزل الله بها من سلطان...

فعندما تضحي المرأة الفلسطينية وتجود بأغلى ما عندها"قائلةً بأعلى صوتها"فلسطين أفديك روحي وزوجي وابنيّ الأكبر والأصغر" من المفترض أن نقف احترامًا وتقديرًا لها من المفترض أن نضعها فوق رؤوسنا ونقدر صنيعها الحسن ونثني عليها،لا أن نطلق عليها الغاز المسيل للدموع ونعتدي عليها بالإثم والعدوان فنشارك المحتل الغاشم إجرامه وحملته الشرسة ضد المرأة الفلسطينية المجاهدة والمحتسبة والتي تعيش شهرها الكريم وحيدة الهم أسيرة الغم والفراق والعتمة والسواد....!!

يا من تنصفون المرأة ويا من تناضلون من أجل حريتها ويا من تقولون بأنكم ضد الكبت ومع حرية النساء في التعبير عن آرائهن ومعتقداتهن بكل حريةٍ هل اعتراضكم لمسيرةٍ سلمية نسائية كانت خارجة لمؤازرة المجاهدين في سجونكم هي إنصافٌ لحقوق المرأة؟
هكذا تعبرون عن احترامكم للمجاهدات الصابرات تعتقلون أبناءهن وتذيقونهم مرارة العذاب والتنكيل الذي فاق عذاب المحتل الغاشم لأسرانا وأسيراتنا في السجون؟..هل هذه هي حقوق الإنسان وهل هكذا أنتم تصونون النساء؟شكرًا لكم...شكرًا لكم ..فقد أثبتم أنكم أهلاً لحماية النساء والزود عنهن وعن أبنائهن في سجونكم الذين لم تُراعوا حقًا إلا وسلبتموه لهم... فهل أنتم محتلون جدد أم ماذا؟!!

لم تتركوا دربًا إجراميًا إلا وارتكبتوه إلى هذا الحد والمستوى وصل بكم الجرم فتعتدون على النساء في وضح النهار وأمام أعين الملأ...نريد منكم جوابًا واضحًا ..واعتذارًا صريحًا لكل امرأةٍ تأذت من أفعالكم والأهم من هذا أن تطلقوا سراح مجاهدينا وأبناءنا فلا يُعقل أن تقوموا بحجزهم وخطفهم فنحن نعرفُ أنكم من بني جلدتنا وليس من بني أعدائنا....!!

وهنا لا بد أن نعرج على حرق سيارة عضو بلدية بيتونيا إيمان الخروبي ومن بعدها بأيام كانت مداهمة قوات الإحتلال الغاشم لمنزل وزيرة شئون المرأة السابقة والنائب في التشريعي عن كتلة التغيير والإصلاح د. مريم صالح فهذان الحادثان لايُمكن فصلهما عن بعضهما البعض فالدور الذي تقوم به الأجهزة الأمنية ما هو إلا دور إستكمالي لما تقوم به قوات الإحتلال من حرب استنزاف تستهدف القضاء على المقاومة وعلى المرأة الفلسطينية التي تدعم المقاومة وتسلح أبناءها بنفسها وتفتخر حينما يستشهدون في سبيل الله والوطن وكرامة الأمة..وهنا لابدّ وأن أُحي هؤلاء الأخوات الصابرات المجاهدات المكابرات المضحيات اللواتي أقسمن برب العباد على مواصلة الدرب التحرري حتى تبزغ شمس الحرية مهما كلفهن ذلك من متاعب وحتى وإن تكاثفت قوى البغي والشر جميعها عليهن وحتى وإن اشتدت عليهن المكاره والمخاطر...

كما لايفوتنا في أن نُحي النائب المجاهدة  منى منصور زوجة الشهيد المجاهد جمال منصور وكافة أخواتها وزميلاتها اللواتي تعرضن لأذى الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية أثناء قيامهن بمسيرة سلمية نسائية هدفنّ من خلالها إلى مؤازرة أبنائهن وإخوانهن المعتقلين في سجون السلطة الذي حُرموا هم وأطفالهم من الإجتماع على مائدة إفطارٍ هانئة وأصبحت حياتهم موشحة بالسواد وأنات الفراق ومشاعر التظلم ..

وبعد هذه المشاهد البائسة للصورة القاتمة في الضفة الغربية لم أجد أفضل من قول الشاعر "عبد الناصر رسلان"لأختم به مقالي هذا حيث جسد الظلم بصورته القبيحة من خلال قصيدته التي تحمل عنوان"اللهم إني مظلومٌ فانتصر"

ظُلِمتُ..وظُلمُ الناسِ قدْ مَلأ الثرى         كأنِّ   القلوبَ   اليومَ  لحمٌ   تحجرا

 كانَّ   قلوبَ   الأصفياءِ  دماؤها        شرابٌ   لهُ   سوقٌ   يُباعُ   ويُشترى

وكمْ  بسهامِ الغدرِ فاضتْ مدامعي         ولكنَّ غدرَ الصحبِ أدهى إذا اعترى

نسأل الله أن ينصرنا على من عادانا وأن يطهر بلادنا من النفوس المريضة التي تتعاون مع الإحتلال على حساب شعبها ودينها وأرضها وعرضها.