يوميات شاهد عربي 2
يوميات شاهد عربي
طلعت شعيبات
شاعر فلسطيني مقيم في بيت لحم
[email protected]
الحلقة الثانية " لا أقصد ما قلته"...
تركنا فاصلة وصل لربما كان من الممكن أن نترك نقطة "وكفى المؤمنين شر القتال" ولكن
كيف لي أن أكتفي وهذا الكم من القضايا الكبرى والصغرى والوسطى تتدحرج تباعا أمامي
وكأنها كرات من الثلج؟!... "واو" الثلج أبيض وسيم ولكنه ليس بوسامة و"هضامة" وخفة
دم "هيثم مناع" الناشط الحقوقي السوري وهو يرصد تجاوزات الأنظمة العربية الحبيبة...
غريب أن يكون بين ظهرانينا هذا الكم من المؤسسات الحقوقية ونحن لا ننعم بالحد
الأدنى من الحريات والعجيب أننا مطالبون دائما ك"عرب" وك"مسلمين" أن نقسم بالولاء
للحاكم والوطن والقضية الكبرى ونترك لغيرنا الاهتمامات بالقضايا الصغرى والوسطى!...
هنا أعود لقضية صغرى بحجم قضية الجدار العازل وما نتج عنها من واقع ملموس وكيف
أصبحت من وصفة سياسية للفصل أحادي الجانب إلى قضية كيان يتمزق وحلم بإنشاء دولة أو
شبه دولة أو إمبراطورية بحجم الضفة الغربية وقطاع غزة "ستيت" قابلة للحياة يتلاشى
أمام هذه الكارثة الإنسانية التي لم يعطها المثقف العربي أي اهتمام إما بجهل أو
بانشغالاته الكثيرة بالقضايا المصيرية الكبرى!... والمثقف الفلسطيني المحترف أدب
المقاومة غارق في بحرٍ من التيارات العاصفة فمرة يقاوم ومرة يهادن ومرة يصرخ ومرة
"يمسح جوخ" وفي كل أحواله فهو مغيب بفعل عوامل الطبيعة كالمطر، والحرارة، والرطوبة،
والثلج...لا أقصد ما قلته ولا أنفيه بالضرورة...
يقول الكاتب أوليفر هولمز: "إن أعظم الأمور في العالم ليس أينما نقف ولكن في أي
اتجاه نسير" انتهى قول الكاتب وأجدني قد كتبت هذه العبارة على ورقة وعلقتها كتعويذة
تقيني شر الاتجاه المعاكس وهنا يخطر على ذهني فيصل القاسم وهو "يشربح" بيده للمخرج
مرة وللضيفين الأعزاء مرة أخرى، وغالبا ما يستوطن أحدهم كرسيا في الأستوديو والآخر
يقيم في لندن ولماذا لندن بالذات؟...
فهل لندن تلك امرأة حسناء أم هي تلك الأرصفة الجليدية التي أتلف عليها كتابنا
وشعراؤنا وعشاق حرياتنا جلود أحذيتهم وشيئا من أقدامهم وأحلامهم عليها؟!...
المهم أنني أتابع هذا البرنامج كأحد الملايين المنشغلين بالقضايا الكبرى والساخنة
والدافئة والباردة والذي يثيرني هو كم المعلومات والحريات والياقات التي يستضيفها
الدكتور فيصل القاسم كل أسبوع وعادة ما أعود بذاكرتي إلى الوراء "فيد باك" قبل
اختراع المستر"دش" وكيف أضاع الكثيرون أعمارهم شاردي ذهن وفاغري أفواه دون مشاهدة
الاتجاه المعاكس، كان العالم في اتجاه واحد...يا إلهي كم كنا سعداء!...لا أقصد ما
قلته بل أصر عليه...
لا أحب أن أختلف مع أحد أو أتفق معه كضرورة ولو على القواسم المشتركة...فالاختلاف
لا يورث سوى الصداع وأنا لا احتمل الألم بكل أشكاله ومسمياته ومسبباته...أرغب في
رؤية العالم كما كان منذ ما قبل اختراع " الحديد" أود لو تختفي مصانع الحديد والصلب
ونعود إلى ما قبل أي شيء لنرى بوضوح ونحب بوضوح ونرقص لا لعرض الأردفة بل
للاحتجاج...أقصد بعضا مما قلته...
"واو" لن يجبرني السيد "عبد الباري عطوان" على متابعته فاقترحت على نفسي الأمارة
بشيء من الدهاء أن أنتقل إلى مباراة كرة قدم تبث على محطة رياضية متخصصة... أولا
وقبل كل شيء لا تعجبني طريقة التعليق على المباراة ولا شكل اللاعبين ولا مستواهم
اللياقي والمعرفي والكروي يا ألله متى ستأخذ السعودية كأس العالم؟... ومتى سيستعد
المنتخب الأردني بالصورة المثلى لأية بطولة؟... وأية دولة عربية ستسضيف أولميبات
بصورة تليق بتاريخنا وحضارتنا دون استيراد كل شيء من الرموت كنترول إلى سرج الحصان
وصولا إلى الكاميرات الديجيتال " آلات التصوير الرقمية"...؟! أحلامنا أكبر من ليلة
في ألف ليلة وليلة شاهدت بعضها في الدوحة...كنتُ كأي مواطن عربي فخور وهذا العرض
الراقي والباهر والكبير...كنتُ أبحث عن فلسطين، سوريا، العراق، اليمن، السعودية،
الأردن وباقي دول الخليج لم أجد سوى قطر وحدها تصفق لما يحدث على أرضها ولم أجد سوى
الصين تحصد الذهب... ما أكبر خيبتنا!...كرويا لا أعتقد أن العرب بحاجة إلى أكثر من
معلقين ومأدلجين وموجهين ومرشدين روحيين للاعبين لإقناعهم أنهم لا يمثلون سوى
أوطانهم لا أكثر من ذلك ولا أقل... تسعون دقيقة تكفي لتضع شعبا ما في أوج الفرح
وأنت تبخل عليه إلا برقص الباليه والترنح كل الوقت...أشفق على وطنك قليلا والعب كما
يجب ولو لمرة واحدة... العب بالكرة ولا تلعب بأعصابنا وأنت تبحث عن تعادل مقيت...
لن أبخل بقليل من الوقت على المطرب كاظم الساهر فهو بحاجة ماسة لنا كما نحن بحاجة
إليه ولكن أين هو؟!...أين المطرب الذي كان يرتل في قصائد نزار قباني كما ينبغي لها
أن ترتل ؟!... أين ذلك العراقي الذي كان سفيرا لبلاده صار مسافرا؟... لا بل قل أصبح
شيئا يشبه أي شيء...لا يمكن أن نسرع الخطى ونحن نتحدث عن شخص استثنائي مثل كاظم
الشاهر فهو صورة مصغرة لعالم أصبح أقل جمالا وبريقا وموسيقى...عندما أتحدث عن الفن
أقصد الجمال وعندما أتحدث عن الجمال أعنيهما معا...أقصد كل ما قلته...
لن يغضب مني سوى بعض القلة القليلة من الأقلية مممممممم أيتها الأقليات العرقية في
وطني المتفسخ ما أجمل أغاني كردستان التي تنادي بحرية الإنسان أولا وثانيا
وثالثا... آه من الرقص الشركسي وهو يخطف في كل نبضة قلب عاشق ويلهو بكل خطوة عذراء
بشهقة متيم...أنتم أزهار بلادي الباقية إلى أبد الآبدين...
هل أكتب عن قصيدة أم أكتب قصيدة؟... سأترك فاصلة بحجم تلك التي تركتها قبل ذلك،
الحلقة الثالثة " أية أمة نحن!؟"...
لن أكتب قصيدة ولكنني كما وعدتكم سأفي ولو بشيء من الشعر أو الحديث عنه ليس لكونه
أحد أهم القضايا الدافئة التي تعنيني ولكن لكوني أحد أولئك المهتمين والمؤمنين
بجمال هذا الكائن الفني...القصيدة هي لشاعر فلسطيني بامتياز هو "سميح القاسم" وهي
بعنوان "جوليا دومنا" ولماذا هذا الاسم بالذات؟...تساءلت ولكن القاسم يضع تمهيدا
ساردا قصة هذه الإمبراطورة السورية التي كان لها مجد غابر... كأية ملكة أسطورية
تدور عليها الدوائر بعد قصة حب تربطها بأحد القادة الملوك الرومان فتذبل و تموت في
ظروفٍ مأساوية وهنا لا يعنيني أن أقع فريسة التخيل التاريخي والتفلسف حول استحضار
روح الفتاة في هذه القصيدة والذي يعنيني بالضبط هو أنني لاحظت لا كناقد بل كقاري ء
أن الشاعر سميح القاسم ليس لديه سوى قليل من النساء اللواتي يتناولها في شعره وهنا
أترك المجال لباحث ما ليحدد لنا "نساء سميح القاسم" علما أنه غالبا ما يستحضر نساءه
من التاريخ لا أعرف سببا لذلك...
بعيدا عن الشعر وقريبا من أشياء كبرى أخرى كالملف النووي الإيراني مثلا وهذه الضجة
حول خطر إيران المحدق بنا كأمة عربية لا تسعى سوى لدرء أخطار الغزاة القادمين من
الشرق ومن الغرب ومن الجنوب ومن الشمال... أية أمة نحن؟!... يا الله كم أنا مشفق
على أمتي!... وأضحك ولربما أضحك لو علمتُ بامتلاك إيران قنبلة نووية وإسرائيل عشرات
القنابل النووية ونحن ههههه!... صمت مطبق...لا أقصد سوى "أية أمة نحن؟!.."
"ماذا لو" صار النفط ماءا ؟!... ستختفي ثلاثة أرباع قنوات العربسات...."واو"
الاحتلال سيفنى و ستصبح محطة ال
cnn
أكثر عروبية من قناة النيل الثقافية وستغرق إسرائيل في الديون... أقصد ما قلته بشأن
قنوات عربسات فقط...
"ماذا لو" لم ينتظر المواطن الفلسطيني من قادته الاستقالة الجماعية حماية لشعب
فلسطين ولتراب فلسطين ولمقدسات فلسطين؟!...لن يحدث ذلك وللأسف أقصد ما قلته
حرفيا...
وأخيرا ظهرت قناة الجرس ل "نضال الأحمدية" ماذا فعلت؟!... ما هي الإضافة
النوعية...فقط أرى تراكم كمي...وبالمناسبة أغلب الفضائيات العربية بحاجة إلى إعادة
بناء وإعادة البناء حتما أصعب من البناء الجديد وعليه أنصحكم بمتابعة القمر هوتبيرد
وأترك فاصلة وصل،