قراءات في واقع الإعلام العربي

قراءات في واقع الإعلام العربي

زياد علي خليل الطويسي

[email protected]

إن نظرة تأمل في واقع الإعلام العربي المعاصر بمختلف مضامينه وتعدد رسالاته في ضوء العولمة والغزو الثقافي الذي يعاني منه الوطن العربي ، وعجز هذا الإعلام عن مواجهة الغزو الثقافي ، وسوء معاصرته للتقدم التكنولوجي والمعلوماتي ، كما أن التطور السريع والمستمر  في الأحداث السياسية وتعدد وجهات النظر حول القضايا المختلفة ، والتغير السريع الذي يطرأ على جوانب الحياة المختلفة وخاصة الاقتصادية والاجتماعية منها وغير ذلك من مستجدات ، تستدعي الصمود والمواجهة والإبداع وهذا ما يعجز عنه الإعلام العربي الذي طال انتظارنا  لرجاله وأبطاله الذي اكتسب الكثير منهم شهرته من مجرد ظهوره على الشاشة لا من أجل عمل مميز ، أو مصلحة عامة نفع بها المجتمع ، ولغياب النظم الإسلامية وقلة الاعتماد على ما شرع به الله تعالى في بناء النظرة الإعلامية العربية وقلة الاهتمام بهذا الإرث الديني العظيم الذي استخلفنا الله تعالى بموجبه في الأرض ، لقوله تعالى    (( إني جاعل في الأرض خليفة )) ، دور كبير في غياب إعلامنا عن الكثير من القضايا المهمة ، وعجزه عن مواجهة التحديات المصيرية التي نواجهها مع العالم.

عزيزي القارئ ، قد يعجب الكثير من هذا العنوان الذي أدون خلفه صفحاتي بخصوص ما أسميته بجاهلية الإعلام العربي المعاصر ، ويزيد التعجب والاستنكار عند رجال الإعلام هم أنفسهم ، والذي أطمح أن أكون واحد منهم لأصحح ما وقع به من قبلي من أخطاء ، لكن هذا الواقع يفرض نفسه علينا ، دون أن نزعم على التحدي والمضي قدماً في بناء قاعدة إعلامية شاملة تغطي مختلف جوانب الحياة ، على أن تكون أكثر انفعالاً من الوقت الحالي في مختلف القضايا والأحداث ، وأن تعاصر التقدم والعولمة بمبادئ الفكر العربي والإسلامي ، وأن تنظر بالموضوعات والقضايا التي تخدم الأمة بعين الاعتبار ، راجياً من رجال الإعلام العربي أخذ جميع ما تحتويه هذه المؤلفة من ملاحظات وتوجيهات بجديه لأنها السبيل الناجح للرقي بالإعلام العربي وجعله أكثر فاعلية مع الشعب والقضية لا سيما أنه الطريق الأول والأهم  للاتصال بكافة رعايا البلاد العربية ، وأنه السبيل الوحيد الذي يستطيع نقل القضايا العربية إلى العالم وتعريف العالم بما يجري في هذا الوطن من صراعات وأحداث ، وتعريفهم أيضاً بالتراث العربي والإرث الحضاري ، وتغيير الصورة التي علقت بعقول الكثيرين عن واقع الوطن العربي  ، تلك الصورة التي شوهها الإعلام الغربي بنظرته الأنانية لواقعنا ولإرثنا وحضارتنا ، وتشكيل صورة جديدة في ذهن شعوب العالم تعكس مدى التقدم والتطور والحضارة التي وصل إليها الوطن العربي ، لتزيل بذلك نظرة العالم لوطننا ، تلك النظرة التي تكون من عين الجهل والتخلف ، وهذا يتحقق بظهور عدد من الوحدات الإعلامية العربية الناطقة بمختلف لغات العالم ، بشرط أن يكون طاقمها الإعلامي عربي .

عزيزي القارئ ، لا بدّ لنا أن نحسن استغلال هذا الإعلام الذي يمثلنا وينوب عنا ، ويعكس وجهات نظرنا ، وللمضي قدماً بهذا لا بد من توافر الكثير من الشروط التي من شأنها أن تكفل كل ما نطمح به وتحققه إن شاء الله وستسرد الشوط في صفحات هذا الكتاب ، على أن نتعامل معها بجدية أكثر من أي وقت مضى كي ننقذ أنفسنا من التخلف الذي نعيش ، ومن الغزو الثقافي الذي يحلق فوق رؤوسنا ويعيش في بيوتنا ويمزق أجسادنا ، حيث يعمل الإعلام العربي بصفته العميل الجاهل في المشاركة بهذا الغزو ، وكي نغير نظرة العالم إلينا ، ونثبت لكل من  يتهم العروبة بأي شيء أننا العرب أصحاب النظام الأسمى والأرض والحضارة  والماضي العريق الذي جعلهم أكثر تقدماً منا ، وكي نروي للأجيال الغربية أننا أصحاب الفضل الأول وخاصة في انتقالهم من مرحلة التخلف إلى مرحلة الرقي والتقدم ، ولكن يصاحب هذا كله شيء والذي ربما يلومني عليه الكثير ، ويشتمني بشأنه الملايين ، وهو التقليل من شأن بعض الوحدات الإعلامية العربية كتلك التي تنقل إلينا الموسيقى الغربية ، أو تلك التي تعنى أكثر مما هو لازم بشؤون الفن والغناء ، أو تلك التي تنقل إلينا مظاهر الحضارة الغربية السلبية التي تجعل من أجيالنا غربيين بفكرهم وسلوكهم ، دون أن يحققوا للوطن الذي ينتظر جهودهم ، ويتلهف لسماع صوت صهيل خيولهم ، فللخروج من المأزق  والدخول في المركبة الآمنة أشياء يجب التغاضي عنها ، وأخرى يجب إصلاحها وتطويرها ، وأخرى يجب استحداثها .

الفصل الأول

جاهلية الإعلام العربي المعاصر بالصورة الحقيقية

مدخل إلى الفصل الأول

إن الجاهلية في الإعلام العربي المعاصر أمر يقرع في ذهن المواطن الذي يسمع ويقرأ الخبر ويرى الظلم والقتل والبطش أمام عينيه ، وأخرى يرى بها الراقصة والمغني ، وأخرى يرى بها الشيخ يقرأ القرآن ويروي الحديث ، وأخرى يقف أمام صورة زعيم ... والاستمرار في هذا النوع من الإعلام يساهم في تشتيت ذهن المواطن ، والتأثير على إطاره المرجعي بصورة سلبية  مما يقوده إلى عدم القدرة على التفريق بين الأمور خيرها وشرها.

إعلام عربي يغزونا ثقافياً ، إعلام يحل مقام العميل الجاهل ، إعلام يدفعنا نحو اللذة والشهوة ، إعلام يوقع بين الفرد ودولته ، بين الوالي والرعية ، إعلام يشعرنا باليأس ويساعد على إشاعة روح اليأس والانهزام بيننا .

إعلاميون يسعون نحو المصلحة الشخصية ، وإعلاميون وإعلاميات يسعون نحو الشهرة ، إعلام العمالة والموسيقى وعرض الأزياء ، إعلام اقتطاع الخبر وكتم الحقيقة ، إعلام العلمانية والإلحاد .

إعلام الإسلام والمسلمين ، إعلام الثقافة والعلم والدين ، إعلام الطبيعة والسياسة ، إعلام الترفيه والترويح ، إعلام الأناقة والجمال ، إعلام البداوة والمدانة .... كله جاهلية ، أتتصورون الجاهلية ، جاهلية الإعلام العربي المعاصر  .

عزيزي القارئ عزيزتي القارئة لا بدّ لي وأنا أدون هذه الصفحات عن إعلامنا العربي المعاصر أن أبين لكم أولاً وفي الفصل الأول من هذا الكتاب الوسائل الرئيسية الإعلامية وواجباتها ، ومن ثمّ أنتقل لأبين لكم مدى الجاهلية ، ولكن لن أكتفِ بالوقوف عند الجاهلية في إعلامنا فقط ، بل سأذكر الحلول السليمة التي تجعل من الإعلام العربي إعلاماً ناجحاً وخادماً للشعوب العربية على امتداد ساحات الوطن العربي ، وسيكون الإعلام العربي مستقبلاً إن شاء الله الوسيلة التي تنصر الأمة واليد التي تعلي كلمة الله ، وراية العروبة والوحدة .

الوسائل الإعلامية الرئيسية في البلاد العربية

إن الدور المنوط بكل مؤسسة إعلامية عربية لوحدها لا يكفي لبناء إعلام عربي متوازن قادر على التحدي ومواجهة التحديات ، كما أن التعاون بين هذه المؤسسات صعب وغير ممكن ، فكيف نستطيع إذن بناء إعلامنا العربي الذي نريد دون تعاون بين الجهات الإعلامية المختلفة ؟

قد يظن الكثير أن هذا من الصعب ، لكني أرى أن هذا من أبسط الأمور، لكنه بحاجة إلى عمل جاد وصريح ، وسأبين لكم في الجدول التالي الوسائل الرئيسي للإعلام العربي والدور المنوط بكل جهة.

الجهات الإعلامية :-

1)  الصحافة

أ‌)  صحافة وطنية على مستوى الدولة : هدفها الأساسي  التعبير عما يجري في دولة معينة من أحداث مختلفة ، وهي خاضعة إلى الدولة نفسها .

ب‌)  صحافة عربية : وهي الصحافة التي تعبر عن الأحداث والمجريات التي تتعلق بالوطن العربي خاصة ، وغالباً ما تشبه الصحافة الوطنية من حيث القانون والرقابة .

ج) صحافة عربية تصدر خارج حدود الوطن العربي أو ما يسمى بالصحافة المهاجرة : وغالباً ما تكون هذه الصحافة خاصة تعود ملكيتها إلى فرد أو جماعة ، وهي تعبر عن الأحداث المختلفة ، وخاصة القضايا العربية ، وكثيراً ما تحمل صفحاتها آراء ووجهات نظر ساخنة وحرة ، لأنها لا تخضع إلى الرقابة الفعلية من قبل الحكومات العربية ، ومثالها صحيفة القدس العربي التي تصدر في لندن .

د) صحافة خاصة : وهي الصحف التي تصدر عن هيئات حكومة أو حزبية لغايات خاصة بالجهة الصادرة عنها ، ومثالها الصحف التي تصدرها الجامعات والأحزاب .

هـ) الصحافة التجارية : وهي الصحافة المقامة لأهداف تجارية مثل عرض الإعلانات التجارية وغيرها  وهذا النوع من الصحافة لا يهمنا كثيراً في هذا الكتاب .

2)      الإذاعة والتلفزيون .

أ) إذاعة وتلفزيون وطني على مستوى الدولة : هدفها الأساسي  التعبير عما يجري في دولة معينة من أحداث مختلفة ، وهي خاضعة إلى الدولة نفسها .

أ‌) إذاعة وتلفزيون على مستوى الوطن العربي : وهي مؤسسات الإذاعة والتلفزيون التي تعنى بتقديم النشرات الإخبارية والبرامج المختلفة من وثائقية وإخبارية وفنية واجتماعية على مستوى الوطن العربي  ،دون التحيز لدولة بعينها ، ويكون دورها في نقل الحدث وتغطيته أفضل وأوسع من الإذاعات والتلفزيونات المحلية ، ويعود هذا إلى نسبة الدخل العام للمؤسسة الإعلامية.

ج) إذاعة وتلفزيون خاص : وتكون مؤسسة لأغراض خاصة ، فتكون إما إخبارية أو فنية أو اجتماعية أو ترفيهية أو اقتصادية وهكذا ومثالها قناة mbc وروتانا .

دور الجهات الإعلامية الرئيسية

·  الصحافة المحلية

·  على مستوى الدولة الواحدة

الإذاعة والتلفزيون المحلي

تعتبر المؤسسات الصحفية ومؤسسات الإذاعة والتلفزيون على مستوى الدولة نواة الإعلام العربي وأساسه ، إذْ ينوط بها عدد من الواجبات تجاه الإعلامي والتي يجب أن تأخذها بعين الاعتبار ، خاصة أنها تعد المهيأ الأساسي والأول للإعلامي  الذي قد ينتقل ويصبح إعلامياً على المستوى العربي ، ومن أهم هذا الواجبات :-

1.     التهيئة السليمة للفرد الإعلامي وتدريبه بشكل سليم بحيث يتيح له هذا التدريب التكيف والتأقلم مع الأجواء الإعلامية المختلفة .

2.     إعطاء الإعلامي حرية الكاملة للتعبير عن رأيه  وأفكاره .

3.      إرفاق الإعلامي بعدد من الدورات التدريبية ودورات الخبرة التي يكتسب من خلالها ثقافة واسعة تجعله أكثر انفعالاً مع الحدث الإعلامي وأكثر عطاءً للمسيرة الإعلامية .

4.     توظيف مواهب وإبداعات الإعلاميين في العمل الإعلامي لما له من دور مهم في نجاح العمل الإعلامي ونجاح الإعلامي نفسه .

5.     إتاحة الفرصة لأكبر عدد من الإعلاميين بالمشاركة في المؤتمرات والندوات الإعلامية ، وإرفاقهم بعدل مع الوفود والمبعوثين .

6.     تثقيف الإعلامي بالعمل الذي يقوم به والعمل على دعمه وترغيبه بالعمل الإعلامي كي يكون أكثر عطاءً ومحبة لعمله .

7.     جلب أصحاب المواهب والإبداعات التي تخدم الإعلام وتوظيفهم كإعلاميين .

بهذه النقاط التي تعتبر من أهم واجبات المؤسسات الإعلامية المختلفة على مستوى الدولة يتمكن الإعلامي من بناء قاعدة إعلامية شخصية قوية يستطيع خلالها التأقلم مع كافة الأجواء الإعلامية ، كما تجعله أكثر إبداعاً في العمل الذي يقوم به ، بحيث يكون بمقدوره الانتقال إلى أجواء إعلامية أخرى بكل يسر وسهولة ، خاصة إذا انتقل إلى الإعلام العربي الذي يعتمد غالباً في اختيار طاقمه الإعلامي على شخصيات الإعلاميين في المؤسسات الإعلامية الحكومية والوطنية ، وحين يلتحق الشخص بالإعلام العربي تزداد واجباته بعض الشيء خاصة أنه يمثل وطن عربي بأكمله وهنا ينوط بالإعلام العربي عدد من الواجبات المهمة...

واجبات الإعلام العربي

إن الإعلام العربي وما يحمله من وجهات نظر شعبيه ودولية وإقليمية ، وما يواجهه هذا النوع من الإعلام من مصاعب كثيرة ربما تقيده بعض الشيء ، أو تفرض عليه واقعاً آخر غير واقعه تحتاج إلى القيام بالكثير من الواجبات كي تؤدي دورها على أكمل وجه ، وهنا تتعدد الواجبات فمنها واجبات نحو الإعلامي ، وواجبات أخرى نحو الوطن العربي وطناً وشعباً .

واجبات الإعلام العربي نحو الإعلامي

1.     اختيار الإعلامي وفق أسس سليمة من حيث المؤهل العلمي والخبرة والحالة الصحية والثقافة الواسعة والشخصية..

2.     زيادة الشعور القومي عند الإعلامي العربي بأهمية الوطن العربي وأهمية العمل من أجله .

3.     تحمل مسؤولية أي شيء يمس كيان الإعلامي أثناء العمل من إصابة أو قتل أو اعتقال أو اختطاف .

4.     توفير الجو الملائم للإعلامي وتوفير كل ما يحتاجه أثناء فترات العمل .

5.     تقديم الحوافز من أجل زيادة العطاء والاستمرار الجاد في العمل.

واجبات الإعلام العربي تجاه الوطن العربي

1.     التغطية السليمة الدقيقة للحدث من حيث المكان والزمان والعدد...

2.     إعطاء كل قضية القدر الذي تستحقه من حيث الاهتمام والمدة .

3.     إبراز وجهات نظر الشعوب العربية في القضايا المختلفة ، وإعطاء حق المشاركة للجميع .

4.     عرض الأحداث والمجريات والأفلام الوثائقية والبرامج التي تخدم الشارع العربي ، والابتعاد عن عرض العلوم والمبادئ الغربية التي تؤثر سلبياً على الشارع العربي .

5.     الأمانة الإعلامية ( الموضوعية بمعناها العلمي ) ، أي بث الحدث كما هو دون زيادة أو نقصان كما يراه الإعلامي وكما تصوره الكاميرات  .

6.     جعل الشارع العربي أكثر انفعالا مع الأحداث من خلال الأمانة الإعلامية .

7.     محاولة التدخل في حل القضايا التي تخص الشعوب وخاصة القضايا العامة كالفقر بعرضه على المسؤولين ، والبنية التحتية بمناقشة قضاياها مع المسؤول عنها .

8.     توعية الشعوب للأزمات والمخاطر الطبيعية والسياسية التي تهدد أي قطر عربي.

الجاهلية الإعلامية

ومن هنا نستطيع أن نحكم على مدى الجاهلية ، في ذكري للنقاط السابقة ، لكن تطبيقها على أرض الواقع من قبل الجهات الإعلامية جاهلية  ، فدعونا نغوص في عمق الإعلام العربي على الصعيدين المحلي والعربي ونرى مدى الجاهلية من خلال واجباته السابقة التي طبقها المختصون والمسؤولون كما يروا وكما تريد أهوائهم لا كما هو الواقع. 

أولاً : جاهلية الإعلام المحلي

لقد ملّت عيوننا من النظر إلى المسؤولين الذين تطاردهم كاميرات التلفزة والصحافة ، ففي كل زيارة يقوم بها مسؤول إلى قرية يطارده عدد من الإعلاميين بشكل روتيني وكلهم ظناً أن هذا هو واجبهم ، حتى أصبح بعض الإعلاميين مختص فقط بمطاردة ذلك المسؤولين ، مع تجاهل القضايا الوطنية التي لا تبرزها الصحافة في الكثير من الأحيان إلا حينما يتطرق لها المسؤولين ، يقول الأستاذ الدكتور عصام الموسى في كتابه ((تطور الصحافة الأردنية 1920 – 1997 )) : " إن شرح القضايا الهامة التي يتعرض لها الوطن والمواطن , يجب أن يكون في رأس أولويات الصحفي.وقد قامت الصحافة الأردنية في أحيان كثيرة بدور فاعل في هذا المضمار . رغم أن أحد الصحفيين , قد تسائل مرة "لماذا تبقى قضايانا دوما مهمشة منسية على مدى الأيام والسنين ...ولا نتذكرها ونضعها على راس أولوياتنا إلا حين يطرحها جلالة الملك أو سمو ولي العهد" ؟

  ليس المسؤولين وحدهم من يطارد من قبل الصحافة بل الكبار من رجال الدولة ، والمشاهير منها ، وحتى الفنان والمغني والراقصة اصبحوا مطاردين من قبل الإعلاميين وكاميرات التلفزة ، حتى أصبح البرنامج الناجح على مستوى الإعلام المحلي وعلى مستوى الإعلام العربي أحياناً هو البرنامج الذي يلتقي المشاهير ، وقد يلومني الكثير من هؤلاء على اعتبار هذا جاهلية ، ويتساءل الكثير أيضا أين الجاهلية ، فالجاهلية موجودة هنا والجاهلية كبيرة هذه المرة ، ففي الدخول بحياة المشاهير الخاصة جاهلية ، والمبالغة في السؤال عن أخبارهم وأعمالهم الفنية جاهلية ، والاهتمام بشؤونهم  وخاصة أهل الفن والغناء جاهلية ، وحتى وجود الإعلاميين المختصين بذلك في الأغلب جاهلية ، لأن هذا النوع من التغطية الإعلامية لا يسمن ولا يغنى من جوع ، لا يشبع جائع ، ولا ينصر مظلوم ، ولا يشفي مريض إلا إذا كان لقاء المسؤول عن ذلك ، وكان الهدف من لقائه مصلحة الشعب .

وهناك جاهلية أخرى يتميز بها الإعلام المحلي على مستوى الدول العربية ، وهي سوء بث الأفلام الأجنبية المترجمة ، وقد يعارضني البض هنا قائلاً : هذا نوع من التعارف على ثقافات الشعوب ، فأقول : ولكن ليس بهذه الطريقة البشعة التي تظهر بها امرأة شبه عارية ، أو امرأة يقبلها رجل ، أو مجموعة يشربون الخمر ، يمكننا الإطلاع على ثقافات الشعوب بالكثير من الطرق ، ولكن ليس بما ذكرته ، ووجود العديد من المحطات الخاصة بنقل هذه الأفلام جاهلية ، وهنا يذكر أحد الطلبة الأردنيين أن إحدى الفضائيات العربية المشهورة تقدم عدد من البرامج الأجنبية التي لا يسهل على المواطن الأجنبي نفسه الحصول عليها وذلك لارتفاع أسعار الاشترك بها بينما تصل إلى مواطنينا بكل سهولة علماُ بأن هذه البرامج في أغلبيتها تتحدث عن الثقافة الأجنبية البحتة وأن منتجوا هذه البرامج يقدموها لنا بسهولة ويسر من أجل النجاح في عملية الغزو الثقافي والفكري لأبناء أمتنا ، فمثل هذه المحطات تهدف إلى جلب المشاهدين من خلال هذه الأفلام ، والعامل في المحطة يقوم بعرض هذه الأفلام بهدف إلى الحصول على الأجر آخر الشهر ، فمن يريد أن يطلعنا على ثقافات العالم ؟

ومن الجاهلية في هذا النوع من الإعلام التناقض فيما يعرضه الإعلام المحلي في خصوص الشؤون الوطنية مع ما يعرض في الإعلام العالمي والأوروبي منه بوجه خاص ، يقول سامي دسوقي في كتابه ((قضايا الإعلام الدولي)) : " في أسرع زيارات الرئيس المصري إلى أوروبا عام 1986 والتي التقى فيها بعدد من الزعماء الأوروبيين وكول وكراكسى والسيدة تاتشر ، وبالرغم من أن الصحف المصرية أجمعت على أن الهدف من زيارة الرئيس مبارك هو هدف سياسي بالدرجة الأولى وأنها جرت لتحريك جهود السلام في الشرق الأوسط ، إلا أن إذاعات وصحف العالم ذكرت تفصيلاً للمباحثات التي جرت بيت مبارك والقيادات الأوروبية وكان الجانب الاقتصادي هو الذي ركزت عليه الميديا العالمية ، أما في مصر فلم يذع شيء من الشق الاقتصادي من جولة مبارك إلا تلميحاً ، وقد جاء ذلك في جريدة الأهرام في 19 ديسمبر 1986 في باب – رأى الأهرام تحت عنوان دلائل طيبة وحقائق ثابتة ... إن رحلة الرئيس مبارك حققت نتائج اقتصادية وسياسية هامة سوف تظهر آثارها في القريب العاجل ....."

وعين الجهل الإعلامية الكبرى ما تقوم به الكثير من المحطات الإعلامية من مشاركة بغزو ثقافي ، في الحقيقة نجدهم يقولون على شاشات التلفزة ، وعبر أثير الإذاعات أنهم يريدون إنقاذنا من الغزو الثقافي والفكري ، لكن الكثير من البرامج الإعلامية تغزونا دون أن تعلم ، تغزونا بجهل ، تغزونا وكأنها عميلة للغرب ، وهذا الغزو الثقافي يتمثل فيما تعرضه البرامج من موضات حديثة تتنافى كاملة مع قيم ديننا الحنيف ، وتغزونا من خلال تشبه الإعلامية   بالغربيات من موضة وتبرج أمام الشاشة تدمر من خلالها الأجيال ، تغزونا عن طريق نقل الفكر الإعلامي الغربي وتوظيفه في البرامج التي تقدم إلى المواطن .

إلا أن بعض القضايا الخارجة عن نطاق السيطرة من قبل الإعلام المحلي أحياناً ، كالمديونية أسباب تحول دون قدرة هذا الإعلام على التحكم برأي مستقل خاصة أنه الكثير من مؤسسات الإعلام تعتمد على المديونية لتنفيذ مشروعاتها ، فجاء أيضاً في كتاب (( قضايا الإعلام الدولي)) ، لسامي دسوقي " المعروف أن مشروعات هيئة التلفزيونات في مصر تمت بقرض من كرنسوريتوم يتكون من 3 دول أوروبية غربية وأن قيمة القرض بلغت نحو ثلاثة مليارات من الدولارات ، ومعنى زيادة الاعتماد هو زيادة القروض "

هكذا يغزونا الإعلام دون أن يعلم ، فكيف نعمل سوياً لغزو غيرنا ثقافياً وفكرياً هذا ما ستبينه الفصول القادمة من الكتاب .

ثانياً : جاهلية الإعلام العربي

الإعلام العربي ذلك الجزء العظيم من الصورة العربية التي تنعكس وتعلق في نظر العالم ، فهو ممثل الشعوب والدول ، ونائب الفكر والدين والحضارة ، ألا يحق لنا أن نقف وقفة المرشد والواعظ أمام هذا الإعلام ونروي له حكاية الجاهلية التي يعيشها ، ونعمل سوياً على تحريره منها .

إن تحرير الإعلام العربي من الجاهلية التي يعيشها واجب على كل مثقف ومفكر من أبناء الأمة العربية ، لأن هذا الإعلام لا يمثل سياساته المتعددة ، أو وجهة نظر العاملين فيه بل هو الحدث الذي يطّلع عليه العالم ليرى مدى واقع أهله وواقع العروبة التي ينتمي إليها  .

فعلينا كمثقفين عرب مهما كان واجبنا ومها كان حقنا أن نلوم الإعلام العربي على جاهليته العظيمة هذه ، كما من حقنا أن نصحح كل خطأ جاهلي يشوه به إعلامنا صورتنا الحقيقية ، وفيما يلي ذكر لأبرز معالم الجاهلية التي يعيشها الإعلام العربي .

مظاهر جاهلية الإعلام العربي :-

الإعلام السياسي 

إن إعطاء قضية حقها دون أخرى صفة بارزة يتميز بها الإعلام العربي لا بدّ من التخلص منها بالعدل في الاهتمام بشؤون القضايا المختلفة ، كما أن الاهتمام بالشخصيات البارزة وقضاياهم وخاصة الشخصية منها أكثر من الحد المطلوب جاهلية ، فلا بدّ للتخلص منها بإعطاء المشكلات الجماعية التي تعاني منها الشعوب المختلفة حقها اللازم ليتسنى للجميع التفكر بهذه القضايا ووضع الحلول المناسبة لها ، كما أن الاعتماد على وجهات نظر المختصين المختلفين في القضايا المختلفة وحدها جاهلية ، حيث تأخذ هذه الآراء وقت طويل دون أن تجدي نفعاً ، ودعونا نضرب مثالاً بسيطاً لنرى به مظهر بارز من جاهلية إعلامنا العربي المعاصر .

مثال

وجود مفكر إسلامي يدعو إلى مقاومة الاحتلال العسكري لفلسطين بالجهاد في سبيل الله ،ووجود محلل سياسي يدعو إلى السلام والابتعاد عن المقاومة .

كلاهما وجهتا نظر يجب علينا أن نحترمهما ، فلماذا نوقع بين من يدعو إلى الجهاد ، ومن يدعو إلى السلام ونحول الموضوع من قضية فلسطين إلى خصام بين الطرفين ؟ أليست هذه الصورة الواقعية التي نراها دائماً على شاشات الإعلام العربي ، ما الهدف من عرض مثل هذه البرامج ؟ هل الهدف الرئيسي هو جلب المشاهدين إلى شاشة إعلامية معينة ؟ ، وهذه جاهلية عظمى يتميز بها إعلامنا العربي ، أما إذا كان الهدف هو الاهتمام بالقضية ووضع حدٍ لها فيمكننا هذا وبكل يسر ، ويمكننا معالجة القضية التي أخذنا عليها وجهتي نظر بطريقتين ، فننظر بوجهة النظر الأولى وهي الدعوة إلى الجهاد ، والثانية وهي الدعوة إلى السلام ، ونأخذ وجهة النظر التي تخدم القضية ، فإذا كانت وجهة النظر المناسبة هي السلام ، فعلينا أن نكثف من البرامج ووجهات النظر التي تدعو إلى السلام ، وعرضها بأساليب مقنعة كي نزرع السلام في نفوس المشاهدين ونقلل من شأن أي شيء آخر غير السلام ، وهذا يمكن تطبيقه بالأسلوب نفسه في وجهة النظر الأولى وهي الدعوة إلى الجهاد ، وبهذا نكون قد ساهمنا في التقليل من المعاناة ، وساعدنا في حل قضية ، وابتعدنا عن الجاهلية .

ومع أن النظريات الأولى للصحافة لا سيما نظرية الحرية قد ركزت على ضرورة طرح وجهات النظر المختلفة في سوق حرة للأفكار ، إلا أن طرح وجهات النظر بصورة تؤدي إلى تشتيت فكر المشاهد ، وتباين وجهات النظر ، أمر يجب الابتعاد عنه.

وهناك مظهر جاهلي أخرى يتميز بها إعلامنا العربي ، وهو محاولة إبعاد الشعوب عن القضية الرئيسية بتلوين الخبر وعدم نقل الصورة على حقيقتها ، مثل المعاناة التي تشهدها الدول المحتلة وما يجري بأرضهم وحرمتهم من انتهاك واغتصاب .

وبما أني أدعو الإعلام إلى خدمة الشعوب والابتعاد عن التظاهر ، فمحاولة إبراز الإعلامي مهارته الإعلامية بشكل لا يخدم موضوع الحوار جاهلية ، وهذا يعود إلى جاهلية الإعداد المسبق للحوار الإعلامي فعلينا أن نحدد القضية ، ومن ثمّ نستدعي المختص ( طرف الحوار ) ، ومن ثمّ نفكر بأسلوب الحوار الذي يخدم القضية ، وبهذا يستطيع الإعلامي إبراز موهبته الإعلامية بشكل يخدم القضية ويعين على فهمها .

ولعل أهم مظاهر جاهلية هذا النوع من الإعلام هي عدم مقدرة الإعلام السياسي على مواجهة التحديات ، وعدم مقدرته على عرض القضية العربية وإخراجها من إطارها المحلي إلى الإطار العالمي كي يتعرف العالم على المشكلة التي نعاني منها ، فيعرفُ حينها مَن الظالم ومَن المظلوم ، ويتم هذا بإنشاء وحدات إعلامية وخاصة الإذاعية والتلفزيونية منها الناطقة بأهم لغات العالم كالإنجليزية والفرنسية وغيرها ، وعين الجاهلية في هذا النوع من الإعلام استخدام العبارات اللغوية كما يقولها العدو لا كما هي ، كقوله للمجاهدين في سبيل الله : إرهابيين ، وللشهيد : قتيل ، وللعملية الاستشهادية انتحارية .....

الإعلام الفني والمنوع

هنا أتحدث عن نوع من الإعلام العربي ، كثير بجاهليته قليل بنفعه ، وأعني بالإعلام الفني والمنوع ، الإعلام الذي يسير وفق العادات الغربية أو العادات الحديثة من موسيقى ومسلسلات وأفلام وبرامج غنائية ومسابقات مختلفة وبرامج متنوعة وموضات وأزياء .... ولعل هذا الإعلام يتميز كثيراً عن الإعلام السياسي بشدة الجاهلية بالرغم من أن عملية الإصلاح والتجديد في هذا النوع من الإعلام أبسط وأسهل منه في الإعلام السياسي .

وأبرز مظهر من مظاهر جاهلية هذا الإعلام وأكثرها شيوعاً ، هي كشف عورة المرأة وتبرجها على الشاشة ، حتى أن بعض المؤسسات الإعلامية تشترط على المرأة الإعلامية أن تكون مكشوفة ، بالرغم من أن تبرج المرأة أمام الشاشة محرم في الشرع ، ويقودنا هذا المظهر إلى شيء آخر يرتبط به وهي نوعية البرامج الذي تتطلب من المرأة الإعلامية أن تظهر بهذا المظهر المؤسف ، وهذا يقودنا إلى شيء آخر من الجاهلية وهي الإرهاق الاقتصادي الجاهلي على المؤسسات الإعلامية ، حيث يترتب على أزياء المرأة الإعلامية ( المذيعة ) ، وعلى مكياجها .... إنفاق اقتصادي يفوق كمية الفائدة من البرنامج الذي تقدمه أحياناً مما يؤدي إلى عجز في المقياس الإعلامي[1]، أما أثرها الجاهلي على المشاهد كبير جداً حيث تولد عند الذكر الفتنة وتدعوه إلى الانسياب وراء الشهوات ، وكذلك عند الأنثى فهي تدعوها إلى ارتكاب الشيء المؤسف والمحرم شرعاً من الجاهلية وهو التقليد الجاهلي أو الأعمى لهذه الإعلامية ، حيث تسير بتقليدها في لباسها وتسريحة شعرها وربما حركاتها الهزلية ، ولعلي هنا أطلعكم على نص من كتاب " جاهلية القرن العشرين " للشيخ محمد قطب ، إذْ يقول : " ((الإذاعيون)) و((السينمائيون)) و((التليفزيونيون))00 الخ0 فهم ولا شك يكرهون الإسلام!

يكرهونه لأن (التجارة) التي يقومون بها ويربحون عن طريقها "

يا ترى هل الإعلامية العربية بمظهر التبرج في شخصيتها تكره الإسلام لأنه عملها وطريقتها لكسب المال ، لعلي أضيف شيئاً إلى ما قاله الشيخ محمد قطب في كتابه ، فإن النمط  الغربي الذي فرضته علينا أيضاً الجاهلية في الإعلام العربي جعل المرأة الإعلامية تسير بهذه الصورة ، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هل الإعلام الحديث يكره الإسلام ؟ 

لعلي أستنتج الإجابة عن هذا السؤال من نفس القول ، فالعاملون في الإعلام هي أنفسهم يربحون من مثل هذه البرامج التي تعرض أجساد النساء من إعلاميات متبرجات وفنانات ، حتى أن التبرج وكشف أجزاء الجسد أصبح الوسيلة الملائمة التي تكتسب منها الفنانة قوتها ، والمذيعة شهرتها ، والمؤسسة الإعلامية مشاهديها.

ويدعونا هذا المظهر من جاهلية الإعلام العربي المعاصر إلى النظر في قول آخر من نفس الكتاب " جاهلية القرن العشرين "وهو" وسائل الإعلام00 الصحافة والإذاعة والسينما والتليفزيون00 والصهيونية العالمية من وراء ذلك تبارك الفساد، وتفرك يديها فرحاً بتدمير((الأميين))00 "

 فهل تبارك وسائل الإعلام الدمار وتفرك يديها فرحاً بتدمير الأميين ؟ ومن هم الأميين ؟ لا أعتقد أن وسائل الإعلام وخاصة الحديثة منها تبارك الفساد لأن الكثير منها يدعو إلى محاربة الفساد ، ولكن حتى بدعوتها إلى محاربة الفساد دعوة إلى الفساد أيضاً ، قد يتساءل الجميع كيف تدعونا إلى الفساد ؟ إنها حينما تعاصر المستجدات العالمية بما فيها من تقدم وتطور ، تدخل علينا كل ما تراه دون أن تستند إلى أهم مميزات الفكر العربي وهي المعاصرة وتعني : مسايرة روح العصر وأخذ ما يتناسب مع عاداتنا وثقافتنا العربية والإسلامية وتنحية مالا يتناسب.

أما في الفرع الثاني ،من هم الأميين ؟ قد لا يكونوا من لا يجيدون القراءة والكتابة أو من لا يحسنون استخدام الكمبيوتر فقط بل أحياناً نكون نحن المتعلمين أميين أمام ما تدخله علينا وسائل الإعلام ، الكل يعرف أنها تسعى لتثقيفنا ، لكنها حينما تقوم بإبعادنا عن مشكلاتنا الحقيقية ومشاركتها في الغزو الثقافي للعالم العربي تجعلنا نقف مكتوفي الأيدي أمام مواجهة التحديات التي تواجهنا .

وبما أني ذكرت أنها تشارك في الغزو الفكري والثقافي للعالم العربي ، فهي حقاً تقوم بهذا العمل الجاهلي بجاهلية ، وأحياناً دون أن تعلم حقيقة ما تقوم به وسأخصص فقرة كاملة للتحدث بهذا في الصفحات القادمة .

ومن أبرز مظاهر جاهلية هذا الإعلام ، الاهتمام بالكماليات وإعطائها حقاً وافراً من الرعاية على حساب الكثير من الضرورات ، ومثالها برامج الموضة والمستحضرات ، وبرامج الطبخ ..... فلا أنكر أن لبعضها أهمية لكن قدر الاهتمام بها والإنفاق عليها ووقتها يفوق أهميتها

ولبعض هذه البرامج دور في الانحلال الخلقي والبعد عن الدين والغزو الثقافي والفكري الجاهلي ، وخاصة فيما تعرضه المحطات والصحف عن الموضات العالمية والمهرجانات المتعددة التي تسلك الكثير منها طرقاً بعيدة عن الدين . 

والمقابلات والشخصية مع الفنانين والمغنيين والراقصات ... بحد كبير جاهلية ، فهل يهمنا طول المغني أو الفنان ووزنه ، ووجبته المفضلة ، وحياته وعدد أطفاله .... ، حتى أني أصبحت أرى الكثير من شباب الأمة يركبون السيارة الفلانية لأن الفنان الفلاني يحب نفس نوع السيارة ، ويفضلون الوجبة الفلانية لأن المغني الفلاني يحبها ، حتى أن الكثير منهم أصبح يضع صورهم في منزله وفي سيارته ومحله التجاري ، وبعض الطلاب يضع صورهم على كتبه ودفاتره المدرسية والجامعية ، والكثير يهتم بتواقيع هؤلاء وكل هذا ناتج عن الجاهلية الإعلامية التي تتبعها المؤسسات الإعلامية المختلفة بالاهتمام بشخصيات هؤلاء من فنانين ومغنيين وممثلين وراقصات وغيرهم ، دون أن يبدوا أي اهتمام بحفظة القرآن الكريم وشيوخه ، وأصحاب الفكر الكبير في جوانب الحياة المتعددة الذي لا نسمع بأسمائهم إلا قليلاً ولا نراها إلا في مؤلفاتهم ، ولعلي أضرب لكم هذا المثال البسيط لأبين لكم مدى الجاهلية الإعلامية في الاهتمام ببعض الشخصيات دون غيرها.

مثال 

ذات يوم وضعت توقيعاً وهمياً على دفتر ذكرياتي وادّعيت أنه توقيع المغني الفلاني ، فأخذه ما يقارب الخمسين وقاموا بتصويره للاحتفاظ به ، وبعدها بمدة وضعت توقيعاً آخراً وادعيت أنه توقيع الشيخ الفلاني إمام المسجد النبوي وهو شيخ جليل حافظ لكتاب الله تعالى ، فلم يقبل عليه أحد ، باستثناء واحد نظر إليه مجرد نظر.

وهذا يدعوني إلى التساؤل ، لماذا يهتم الإعلام العربي بالفنانين أكثر من حفظة القرآن وغيرهم من الشخصيات التي لها دور بارز تجاه الأجيال كالمعلمين ؟ لقد رأينا الكثير من المقابلات مع الفنانين والفنانات ، يُسألون خلالها عن أغانيهم وآخر إنتاجاهم وكيفية مشاركتهم في مهرجان معين ، ولم نرَ بحياتنا إلا القليل من اللقاءات مع المعلم يُسأل به عن نوعية طلابه وأسلوب تدريسه ورأيه في المواد المدرسية ، ولم نرَ اهتماماً كبيرا من قبل الإعلام العربي بالجندي العربي حارس الحدود وحامي الوطن ، أي من هؤلاء الشخصيات يخدم مجتمعه أكثر ، لعل هذا يدعوني إلى وضع جدول أبين فيه مدى خدمة كل منهم إلى مجتمعه ، ومدى اهتمام الإعلام العربي به.

مجال العمل

الخدمات التي يقدمها للمجتمع

مدى الاهتمام الإعلامي

نسبة الاهتمام 

فنان

الطرب والغناء والمشاهد  ، شيء من الحكمة ، الفساد ، الدعوة إلى الفاحشة والانحلال الخلقي

كبير جداً

99%

معلم

تربية الأجيال ، التعليم ، تثقيف الأجيال ، رعاية مواهبهم العلمية والأدبية

ضعيف جداً

0,34%

جندي

حراسة الحدود ، حماية الوطن وقائد الوطن ، السهر من أجل حراسة الوطن ، خدمة الشعب

ضعيف

0,66%

 لقد بين هذا الجدول مثالاً بسيطاً لثلاثة نماذج من الناس الأول فنان وهو الأقل خدمة إلى المجتمع وأكبر من يحظى باهتمام إعلامي  ، والآخر جندي وهو من أكثر الناس خدمة للوطن وقليل ما يحظى بالاهتمام الإعلامي  ، والثالث معلم وهو أكثر الناس خدمة إلى الوطن وأقل الفئات التي تحظى بالاهتمام الإعلامي ، ومن خلال هذا المثال أستطيع أن أكشف لك عزيزي القارئ مدى جاهلية الإعلام العربي الحديث ، فللفنانين محطات إعلامية هائلة ، وهي المحطات الأكثر دخلاً والأفضل حالاً حتى أن بعضها يحق له مالا يحق لغيره ، فمتى نرى محطات خاصة أو صحيفة  أو إذاعة تكرم الجندي وتقدر واجبه تجاه الوطن ، ومتى نرى محطات وصحف وإذاعات تعنى بشؤون الخادم الأكبر للوطن والمربي لأجياله : المعلم ، الذي كاد أن يكون رسولاً ، لما تتميز به رسالته من إخلاص وأمانة وفائدة للأجيال ، فلولا الجندي لن يأمن الفنان على أمنه ، ولولا المعلم لم يكن بما هو عليه ، حتى الإعلام العربي وأقصد الإعلاميين العرب لم يصلوا إلى ما هم عليه من عمل وشهرة دون البصمات الواضحة التي تركهـا عليهم المعلم ، وهنا تتضح الجاهلية .

ومن خلال هذا نستطيع أن نتوصل أيضاً إلى أساس الجاهلية التي تنطوي تحتها الاهتمام بفئة دون أخرى ، وهي جاهلية الإعلام العربي في مطاردة المشاهير ، وبهذا تقول الإعلامية العربية كوثر البشراوي في مقابلة شاهدتها على تلفزيون لبنان: " أندم على عشرة سنوات من عمري اقضيتها في مطاردة المشاهير " ، علماً  بأن الكثير من  المشاهير وخاصة على صعيد الفن والغناء لا يستحقون هذه المطاردة والاهتمام كما ذكرت سابقاً ، وأكتفي هنا بذكر مثال ضربته لنا الإعلامية العربية كوثر البشراوي في نفس المقابلة التي أٌجريت معها على تلفزيون لبنان ، حيث قالت " كان الكثير من الشعوب المنكوبة الفقيرة أطيب وأكرم من هؤلاء المشاهير ، حيث أنهم كانوا يستدينون الأموال من أجل شراء شيء يكرمونا به ... ولم يكن هذا الحال عند العديد من المشاهير ......... وأين الأفضل أن أذهب إلى أمير يعطيني 100000 دولار ، أم أُكرّم عند مسكين لا يملك ثمن قوته " ، دعونا نعود إلى القول الأول لهذه الإعلامية الذي احترمت فيها روح العروبة حين تندمت على عشرة أعوام أقضتها في مطاردة المشاهير ، فهي بكل تأكيد أدركت من خلال تجربتها الإعلامية الجاهلية الإعلامية في " مطاردة المشاهير " .

 ومن مظاهر جاهلية الإعلام العربي الحديث ترفيه المشاهد أكثر من تثقيفه ، وهذا يظهر كثيراً وخاصة في البرامج الفكاهية وبرامج الكاميرا الخفية ، وفي حقيقة الأمر لا أُنكر أن المشاهد بحاجة إلى مثل هذه البرامج لكنها أخذت تسير إلى حد المبالغة .

ولعل المزج بين الثقافات المختلفة جاهلية بات الإعلام العربي يتوسع في سلوكها ، حيث أن المزج بين الثقافات المتعددة والمذاهب الفكرية الكثيرة يجعل المشاهد أحياناً عاجزاً عن التمييز بين هذه الثقافات كالمزج في البرامج والكليبات المتعددة بين الثقافة العربية والغربية ، أو الأعمال المشتركة بين شخصيات مختلفة الثقافات ، وتتمثل الجاهلية هنا بتفوق ثقافة على أخرى وخاصة إذا تفوقت الثقافات الأخرى على ثقافتنا العربية الإسلامية.

وبالانتقال إلى جاهلية أخرى هي الأخطر وخاصة أنها تؤثر هذه المرة في فئة الأطفال ، وهي الفئة الغير قادرة على التمييز بين الأشياء خيرها وشرها ، وهي ما يعرض للأطفال من (( أفلام الكرتون )) وبرامج ، وخاصة أن الكثير منها مترجم أو مدبلج عن لغات أخرى ، علماً بأنه لأصحاب العمل الأصلي الذي أخذناه عنهم بالدبلجة والترجمة ثقافة أخرى غير ثقافتنا ، وقد تعرض هذه الأفلام الكرتونية في طياتها عادات وتقاليد مناقضة لعاداتنا وقيمنا ، دون أدنى مراعاة لأعمار هؤلاء وفي الحقيقة أن المترجم الذي يقوم بترجمتها غالباً ما يكون هدفه الحصول على الأجر ، والمحطة التي تعرضها يكون هدفها تعبئة البرنامج اليومي لها دون النظر في سلبيات مثل هذا النوع من الأفلام ، والواجب المنوط بالمترجم والمؤسسة المنتجة لهذه الأفلام ، والمحطة التي تعرضها ، هو النظر في هذه الأفلام والبرامج ومعرفة إيجابياتها وسلبياتها خاصة أنها مقدمة لأطفال لا يميزون بين الأشياء كما ذكرت ، وقد تدعوهم بعض اللقطات إلى تقليد دون علم ووعي ، وكثيراً ما تقودهم هذه الأفلام إلى الاهتمام بها منذ الصغر ، أي يكون لها دور أساسي في إبعادهم عن دينهم وعن قيمهم الإسلامية ،   يقول الدكتور محمد معوض في كتابه ( إعلام الطفل : دراسات حول صحف الأطفال وإذاعتهم المدرسية وبرامجهم التلفزيونية ) : " نلاحظ أن هناك خطراً يجب تلافيه ، وهو الاعتماد بشكل واسع على المادة المعلبة والمستوردة من الخارج ، مما قد يكون له أثره غير المرغوب في طفل المستقبل الغريب " ، وسأضرب مثالاً على هذا ، أبين لكم فيه مدى تأثير بعض هذه الأفلام وخاصة المدبلجة على الأطفال .

مثال 

عرض على المحطات سابقاً برنامج كرتوني للأطفال " بوكيمون " ، وحظي هذا البرنامج بالاهتمام الكبير من قبل الأطفال ، حتى أصبحوا يفضلوه على دراستهم ... وأرهقوا أسرهم في شراء المنتجات التي تحمل صور البوكيمون ، وبعد مدة صدرت نشرات تدعو إلى وقف هذا البرنامج بسبب حمله  أسماء من لغات أخرى متناقضة مع القيم الإسلامية .

 وقد تولد عن هذا البرنامج الذي نجح وأشتهر بسبب الجاهلية الإعلامية آثاراً سلبية على المجتمعات العربية ، ومن هذه الآثار .

1.     المشاركة الجاهلية في الغزو الثقافي والفكري لعالمنا العربي

2.     إبعاد الأجيال عن دينهم ودراستهم

3.     إرهاق الأسر في شراء المنتجات التي تحمل شعارات وصور البوكيمون .

حيث نشأ من هذه الجاهلية الكبيرة للإعلام العربي في بثها وإنجاحها ظهور شركات مختلفة عربية وأخرى غربية اهتمت بتصنيع المنتجات التي تحمل صور البوكيمون وخاصة الألعاب والملابس ، وقد نجحت بعض الشركات الغربية في إدخال منتجاتها وتسويقها داخل البلاد العربية وكان نتيجتها إبعاد الأجيال عن دينهم ، وكنت أذكر وقتها حينما كنت في الثالثة عشر من عمري أن مجموعي العام في الفصل الأول الذي عرض به " البوكيمون " نقص بمقدار خمسة علامات عن السنة السابقة ، كما ظهرت بعض الشركات التي دعت إلى جمع منتجاتها الفارغة واستبدالها بصور البوكيمون ، وهي شركات غربية ، فكنا نقضي وقتنا في المدرسة بجمع الصور وتبادلها وإلصاقها على الألبوم الخاص بها وفي النهاية لم نكسب أي شيء ، وأذكر أن مدير المدرسة حينها قام بجمع الصور ، وحصل على ما يقارب 2000 صورة في مدرسة عدد طلابها 270 طالباً .

وفي نهاية المطاف أكتُشف أن الكثير من أسماء هذه البوكيمونات ، أسماء تحارب الدين الإسلامي ، وهذا مثال كافي على إظهار الجاهلية في الإعلام العربي الذي لم يتأكد من مدى تناقض هذا البرنامج مع قيمنا وعاداتنا ، وأوقع الأجيال في الكثير من المآسي المؤلمة التي قد تمتد وتصبح عتماً على مستقبلهم ومستقبل الأمة .

وبخصوص هذا النوع من الإعلام الخاص بالطفل ، يقول الدكتور محمد معوض في كتابه ( إعلام الطفل : دراسات حول صحف الأطفال وإذاعتهم المدرسية وبرامجهم التلفزيونية ) : " تعاني صحف وبرامج ومجلات الأطفال من ضعف مستوى المادة المنشورة فيها على المستوى العربي بنسبة 44,4% كما نلاحظ القصور الواضح في استخدامها لفنون وأشكال العمل الصحفي كالخبر والمقال والحديث والتحقيق وعدم الفهم لماهية كل منها ووظيفته ، كما يعوزها التشويق والتنويع وأساليب جذب الانتباه ، كما تفتقر إلى الأخبار والموضوعات التي لها علاقة بحياة الأطفال. هذا بالإضافة إلى أن بعض مجلات الأطفال مثل ( سمير وسبكي ) تعتمد على المصادر الأجنبية فيما تقدمه من مضمون بصفة عامة ، والأمريكية بصفة خاصة. 

وبانتقالي إلى مظهر جديد أصبح ينتشر شيئاً فشيئاً على الفضائيات العربية ، وهو ذلك الشريط الذي يجري في أسفل الشاشة والذي غالباً ما يكون في الإعلام الفني ، وهدفه كما يدعي الإعلام تقديم تبادل التحية وتقديم الإهداء بالمناسبات المختلفة ، لكن الهدف الرئيسي من هذا الشريط كما اتضح لي هو الكسب المادي من خلال القيمة المادية  للرسالة التي يرسلها المشاهد ، لكن هذا الشريط بات يسلك مسلكاً آخر غير المسلك المحدد به ، وهو تقديم الإهانات وتبادل الشتائم بين الأشقاء ، وهذا ما يزيد من شدة العنصرية والإقليمية عند المواطن العربي ، فذات يوم بعد خسارة دولة عربية من شقيقتها أخذ أبناء الدولة الخاسرة بتقديم الإهانات لأبناء الدولة الفائزة في مباراة كرة القدم ، وأدى هذا إلى تبادل الإهانات فيما بينهم ، ومما يوضح الجاهلية الإعلامية هنا أن المسؤول عن هذا " الشريط الجاهلي " في المحطة الإعلامية لا يبدي رقابة واضحة لما يظهره هذا الشريط ، فهو يُظهر لنا على الشاشة كل ما يرسله المُشاهد من عبارات تبدو روح العنصرية والإقليمية فيها واضحة ، ومن الأحرى بإعلامنا العربي أن يكون حريصاً على ما يظهره على الشاشة من عبارات يرسلها المشاهد ، حتى لا يكون سبباً في بث روح العنصرية والتفرقة بين رعايا الوطن العربي .

الجاهلية الكُبرى .... الكفر والفساد

ومن هنا تستمر الجاهلية ، والمنافسة الجاهلية ، وجاهلية الجاهلية في إعلامنا العربي ، من الإعلام الغنائي ، من الإنفاق المادي على هذا الإعلام ، من الخسائر المادية التي أوقعنا بها هذا الإعلام ، من التعري والتبرج ، من الكمالية الفاجرة ، والإسراف ، والبعد عن الدين ، والفساد والدمار ، من برامج المسابقات الغنائية ، والأكاديميات الإعلامية التي بدأت تظهر يوماً بعد يوم ، ولن أكتفي بجاهلية هذا النوع من الإعلام بل سأبين حكم موضوعه الرئيسي في الإسلام وسأتحدث عن الطرب وعن غناء المرأة واختلاط الجنسين في الغناء ، وسأضرب أمثلة من واقعنا الإعلامي العربي ، على هذا النوع من الإعلام وجاهليته وآثاره على الأشخاص والمجتمعات  ((الجاهلية الناتجة عنه )) .

بما أننا نتحدث عن الإعلام الفني والغنائي فلا بدّ من التأمل بهذا الحديث لرسول الله r  : "ليكونن في أمتي أقوام يستحِلّون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف"([2]) .

والمعازف يندرج تحتها الغناء والموسيقى وما شابهها ، وبالتأكيد حكمها الشرعي محرم .

ثمّ دعونا ننتقل إلى إحدى علامات الساعة فيما ورد في كتاب      (( عمر أمة الإسلام وقرب ظهور المهدي )) للمهندس أمين محمد جمال الدين وهي :-

(( فتنةٌ تدخل كل بيت من بيوت العرب وغيرهم كالتلفاز والأغاني فقد اقتحما كل بيت)) .

وأبرزها الأغاني فبعرضها فتنة عظيمة ، ودعوني أعرفكم على شيء من هذا العالم المحرم الذي أصبح جاهلية بارز في  الإعلام العربي وهو أساس الفن والغناء :-

1)  الطــــرب

هو مظهر من مظاهر جاهلية إعلامنا العربي التي تحمل معها  الإحساس الذي يدق في قلب المغني ، والكلام الملحن المرفق بالموسيقى ، أو المعاني التي تنشأ من أعماق العاطفة ....

هذا العالم الذي جلب الكثير منا إلى وده باشتراكنا معه في صفة مؤسفة ، ومرض نفسي خطير (( الجاهلية الإعلامية )) ، كان لا بدّ له من أن يشمر عن يديه ، ثمّ يفرد ساعديه .... ليقدم لنا كل ما يجول بخاطره ، من كلام ملحن ، وأجساد عارية ... وحركات سخيفة ، ومناظر مخيفة ....

ذلك العالم الذي أصبح يحظى باهتمام الكثيرين منا ، ومهما تعددت اهتماماتهم ، فأصبح الطرب هو الرفيق الذي يطاردنا إلى كل مكان نذهب إليه ، حيث نسمع في منازلنا ، وفي حافلات النقل ، وفي المطاعم والمتاجر ، وفي الشوارع أيضاً ....وكل هذا جاهلية .

فبالإضافة إلى أنه رفيق المكان ، فهو أيضاً رفيق الزمان ، فلكل وقت أغنية تنطبق معه ، فللفرح أغنية ، وليوم الثلج أغنية ، وليوم الحب أغنية بل أكثر الأغاني حب وغرام ، وحتى ليوم الحرب أغنية ، قد يكون الكلام جميل ، والعواطف صادقه ، والألحان مناسبة ، كنا نسمعه في الزمن الماضي مجرد صوت يجول في أنحاء المكان ، إلى أن أصبحنا نرى المغني أو المغنية كل منهما يقف على مسرح الغناء ، يرتدي أجمل ما يملك من ثياب ، والفرقة الموسيقية خلفه منهم من يعزف ، ومنهم من يقرع الطبول......

إلى أن أتت العولمة ، وأدخلت علينا ما يسمى بالـ " فيديو كليب " ، لكننا لا نحسن استغلال أي شيء تدخله علينا الأمم الأخرى ، فأخذ الفنان والفنانة كل منهما يستخدم هذا اللون الغنائي الجديد ، لكنهم كانوا وما يزالوا في هذا أكثر تشبهاً بالغرب ، وويح لمن يتشبه بالكافرين ، حيث قال رسول الله r:  " من تشبه بقوم فهو منهم " ، لم يكن هذا التشبه بالكافرين وحدهم ، بل أصبح المغنيين أكثر تشبها بالنساء ، فتجد كل مغني يصطحب معه في الـ " فيديو كليب " ، امرأة مكشوفة العورة ، وورائه عدد من الكاسيات العاريات  (الراقصات) ، وكذلك المطربة ، تجدها تصطحب معها في كل أغنية رجل ساقط ، ترقص معه ويرقص معها ، يحملها على ذراعيه ، يقبلها يعانقها .... يدنس شرفها وكرامتها ، لم تعد تحسب حساب للشرف ، لأن زمن الشرف قد انتهى بسبب الجاهلية الإعلامية  ، وأصبحنا في زمن الغناء والعري والابتعاد عن الدين ، زمن لا نعشق به إلا الراقصة ، ولا نحب به إلا المغني ، بسبب الجاهلية الإعلامية .

3)      اختلاط الجنسين في الغناء

إنه من المحرم أن نرى الرجل يرقص مع المرأة ، ويحملها ويعانقها ويقبلها أحياناً ، ويسبح معها في البحر ، ويجرها من قدميها على تراب الشاطئ ، فإذا كان من المحرم أن يصافح الرجل ابنة عمه مجرد مصافحه ، فكيف أباحت هذه الجاهلية للرجل أن يرقص ويحمل المرأة  ويلامس جسدها ، وكيف للمرأة  أيضاً أن ترضى هذا على نفسها ، لقد انحرفنا عن الدين كثيراً بسبب الجاهلية الإعلامية ، وتشبهنا بالشعوب الساقطة ، فضحينا من أجل رسالة الفن المقدسة من قبل إعلامنا، وأهملنا رسالة الإسلام ، إلى الطغاة ليدنسوها ، ويقتلوا أهلها ، لماذا لا يستغل المغني الراقص  طاقته هذه في نصرة وطنه وأمته التي أصبحت تعاني من كيد الكائدين وعدوان المعتدين ، ولماذا لم تستغل المرأة نعومة يدها التي تقبل في الأغاني في خدمة الإسلام والمسلمين ، إن الاختلاط هذا إنما هو أكبر مقدمة للفاحشة والزنا ، وهتك الأعراض ، فهل ترضوه لأخواتكم ، أو لأمهاتكم ..... ، بالتأكيد لا ، فلو قارنا التعاون بين نساء الإسلام الطاهرات العفيفات الخالدات في التاريخ ، لو قارنا عمل سكينة بنت الحسن بن علي بن أبي طالب بعمل الفنانة ، لوجدنا سكينة من أبرز نساء عصرها حيث كانت تتعاون مع المسلمين في المعارك ، تعد لهم الطعام ، وتسعف جرحاهم ، لا ترقص معهم وتتعرى لهم ، وتطلب من أحدهم أن يقبلها وهي تغني كما تفعل أحدهن، أين أنتن أيها الراقصات أيتها المغنيات ، أيتها المتبرجات أين أنتن من سكينة وعائشة وغيرهن ، وأين أنت أيها المغني الذي تستسلم لعالم الفن والغناء وأنت في أول سنك ، وأنت ابن السادسة عشر ، والعشرين ..... ، أين أنت من زيد بن حارثة الذي قاد جيش المسلمين في مؤتة وهو في السادسة عشر من عمره؟,

لعل الجاهلية الإعلامية باهتمامها بالمغني أكثر من غيره من أبناء المجتمع دفعت الكثير من الرجال والنساء إلى التوجه لمثل هذا العمل ، خاصة أنه يحقق لهم شيئاً مهماً وهو (( الشهرة )) ، وفي الشهرة جاهلية أيضاً .

4)      الجاهلية في غناء المرأة وظهورها متبرجة على الشاشة

وقبل أن أنتقل إلى هذا النوع من الغناء الذي تسوده الفتنة ، دعوني أطلعكم على علامتين بارزتين من علامات الساعة الصغرى كما ذكرهما أمين جمال الدين في كتابه (( عمر أمة الإسلام ، وقرب ظهور المهدي عليه السلام )) :-

1-    اتخاذ الَقْينات (المغنيات).

2-    ظهور النساء الكاسيات العاريات اللائي يغطين بعض جسدهنّ ويكشفن بعضاً أو يغطين بالملابس الضيقة والشفافة وماهنّ بمغطيات.

قال رسول الله r: (( استوصوا بالنساء خيراً )) ، فقد انتظرنا كثيراً حتى شابت رؤوسنا ، وحتى أوشكت أوطاننا على الهلاك في بحر الغناء ، إذا كانت المرأة مغنية ، وأخرى راقصة ، وأخرى عازفة ، وأخرى تقرع الطبول ، وأخرى يقودها المغني معه في أغنية " الفيديو كليب " ، وأغلبية النساء المتبقيات منهمكات في الاستماع إلى الأغاني ، ومتشددات في حب المغنيين ، ينفقن جزءاً كبيراً من أموالهن في سبيل حضور حفلة لمغني ما في مكان ما ... وكل هذا جاهلية ، فيا ترى كيف سيكون مجتمعنا ، كيف يكون حال ابن المغنية ، الذي يرافق أمه وهو ابن أسابيع ، وأشهر .... ، على حفلة الغناء وصوت الموسيقى والغناء يدقان في أذنيه البريئتين ، وحركات الراقصات تلفت انتباهه لتلهيه عن البكاء ، ماذا سيكون حينما يكبر ؟ ابن مغنية أو راقصة ، فإذا كانت تصطحبه معها في الصغر إلى الملهى أو المرقص .... ، فأين سيبقى حينما يكبر ، لا يكون إلا ابن شوارع يجولها ، أو موسيقار خلف أمه وهنا جاهلة في التربية .

لكن يا ترى ما حال إخوانها وأمها وأبيها ، بالتأكيد فهم مكروهين من الناس عامة ، لأنهم أهل فنانة ، لا تقدم لهم سوى ما يفسدهم وما يضرهم ، ولو نظرنا إلى حياتها الزوجية لوجدنا مليئة بالمشكلات ا اليومية الناتجة عن جاهلية فكرها المقيد بدنايا الدنيا ، فيا ترى ما هو حال الزوج حينما تغيب عنه زوجته مدة فنية ، تسافر فيها لتنشر فنها ، أو لتصوير ما يسمى بالفيديو كليب ؟ ، من يحضر له الطعام ؟ ، من يعد له الملابس ؟ ، من يرعى أبنائه ؟ بالتأكيد لا أحد سوى الخادمة التي تحضرها ، وكنت أكرر قولي كثيراً بخصوص الأمهات اللائي يحضرن الخادمات ، حيث قلت : أمهات لم يعدن أمهات ، يربن أبنائهن تحت أيدي الخادمات.... ، وماذا إذا تربى الابن على أيدي الخادمة ، وماذا إذا قامت الخادمة برعاية الزوج ، بالتأكيد الخادمة همها الأول أن تحصل على الأموال مقابل هذا فلا يهمها إذا انحرف الابن ، وقد يقع الزوج معها في علاقة  محرمة ، ويكون لهذا دور كبير في الفساد والتفكك الأسري ، حيث يقول الشيخ جلال العالم في كتابه الشهير  قادة الغرب يقولون : دمروا الإسلام أبيدوا أهله : " المرأة إذا انحرفت انحرف معها من تحت يدها من زوج وأبناء واخوان وأخوات ، ففي انحراف المرأة انحراف وتفكك للأسرة بأكملها "

أما من ناحية المجتمع ، فجاهلية المرأة في فنها وغنائها ، وجاهليتها في تعريها وتبرجها ، وجاهليتها في حركاتها السخيفة التي تدلي بها ، انحراف لأبناء وبنات المجتمع ، فالشاب ينحرف دينياً وخلقياً ، لأن كل ما تقدمه المغنية من حركات ساقطة ، وصور مخلة بالآداب إنما هو مقدمة للفاحشة ، فلا يستطيع الشاب الصمود أمامها مما يجعله أكثر تمسكاً بملذات الدنيا وشهواتها ، وبهذا تقول عطاف عبد الحميد في بحث لها بعنوان (( إما راقصة أو مجرمة أو عشيقة : المرأة في الإعلام العربي .. دمية لإشباغ غرائز المراهقين وترويج المنتجات .. وتجاهل تام لقضاياها ومشاكلها الحقيقية )).

" محاولة للبحث عن مأزق الإعلام العربي ووضع المرأة في هذا الواقع الإعلامي ، لن نحاول تجميل الصورة أو تزيينها إنما ننقلها كما هي فقط بعيداً عن نمطية المعالجة وتقليدية التناول ، وصورة المراة في الإعلام العربي كانت محورًا لكثير من الندوات واللقاءات في بلادنا العربية خلال الأعوام القليلة الماضية ، لكنها أصبحت تأخذ بُعدا مختلفا خلال العامين الأخيرين، وتحديدًا منذ عقد أول قمة عربية للمرأة في نوفمبر 2000م، وما تبع هذه القمة من منتديات عُقدت في تونس والبحرين والأردن، وأخيرًا في الإمارات. والصورة تتطلب تغييراً جذرياً ضروريا. وضرورة تغيير هذه الصورة أصبح أمراً حتمياً تفرضه المصالح الدولية والعربية " .

أما انعكاس هذا النوع من الجاهلية على الفتاة  ولأنها تمكث في المنزل دائماً ، تكون اكثر تأثراً بهذا ، لأن الملل الذي يرافقها يجعلها تتطلع على هذه الفنون الساقطة ، فتتفتح شهوتها الغريزية أمام ما يقدمه الفنان من حركات ، وهي كذلك تكون شديدة التأثر بالمغنية ، فيصبح كل طموحها أن تكون مثلها ، فتقلدها في الصوت المظهر واللباس والحركات السخيفة التي تدلي بها ، حيث تقطع الصلاة والعبادة وتقضي وقتها تتابع الأغاني ، والحفلات الغنائية ، وتفتح أذنيها لسماع أخبار الفنانين .

بهذا عزيزي القارئ ، عزيزتي القارئة يكون لدينا فكرة بسيطة عن عالم الغناء الذي أصبح جاهلية بحد ذاتها تغزو إعلامنا العربي ، حيث أصبح لعالم الفن والغناء برامج خاصة ، واهتمام كبير ، بل أيضاً صحف وإذاعات ومحطات تلفزة خاصة وكل هذا جاهلية ، فوالله العظيم لا يهتم الإعلام العربي ولا ينفق ولا يبث من أمور الإسلام وأهله بقدر ما ينفق ويهتم ويبث من أمور الفن والغناء وأهله السفهاء والجاهلية هُنا تظهر نفسها قبل أن أظهرها ، ففي العصور الجاهلية          (( عصور ما قبل الإسلام )) ، كان الناس يعبدون الأصنام ويشربون الخمور ويتخذون الَقْينات أي المغنيات ويهتمون بالغناء ، وفي حقيقة الأمر لا يوجد وجه خلاف بيننا ، ولكن بما أني أتحدث عن جاهلية الإعلام العربي المعاصر ، فإن الاهتمام بالغناء والأصنام المعاصرة أي أهل الغناء من قبل الإعلام العربي هو إحياء لما كان في الجاهلية من عادات محرمة ، وبالانتقال إلى ظاهرة أخرى من مظاهر جاهلية الإعلام العربي فيما يخص الفن والغناء ، وهي برامج المسابقات الغنائية التي ظهرت على الفضائيات العربية كبرنامج " سوبر ستار العرب " ، ففكرة البرنامج غربية من الأساس وإدخالها إلى العالم العربي جاهلية ، والاهتمام الإعلامي الكبير بهذا الحدث في الصحافة ونشرات الأخبار وغيرها جاهلية ، وإنفاق الأموال الطائلة من أجل إنجاح البرنامج جاهلية ، والانتقال من بلد إلى بلد لاختيار المشتركين جاهلية ، واختلاط الجنسين في الغناء جاهلية ، والدعوة إلى التصويت جاهلية وفساد وإهدار للمال ، والجاهلية في الإعلام هنا تولد الجاهلية عند المشاهد العربي ، لكني لا أعلم سبب الاهتمام بمثل هذه البرامج وإعطاؤها حقها أكثر من اللازم ، فماذا تعني لنا هذه البرامج التي تعد المُغني ، أمام برامج القرآن التي تعد لنا رجل من ورثة الأنبياء ؟ بالتأكيد هي لا تعني لنا شيئاً سوى أن فلاناً اشتهر وأصبح ذو معرفة بين الناس ، وهذا أيضاً ما يُعني مقدم البرنامج ، وما يعني عارض البرنامج شهرة المؤسسة الإعلامية ، وجلب المشاهدين ولفت الأنظار ، عزيزي القارئ الكريم ، عزيزتي القارئة الكريمة ، حاول أن تنظر معي إلى حجم المبالغ التي تُنفق على هذه النوع من البرامج بين إعداد وتحضير وسفر وأجرة فندق وغيرها ... ، وحاول أن تتفكر أيضاً لو أُستبدلت فكرة هذا البرنامج برنامج جديد اسمه " مسح الدموع " وقُسمت الأموال التي ينفقها البرنامج الأول الذي يعنى بشؤون الفن والغناء على الفقراء والمساكين والمنكوبين في برنامج " مسح الدموع " فيا ترى كم عائلة تُفرح ، وكم دمعة تُمسح ، وكم جائع تُشبع ، وأنظُر أيضاً إلى نظرة المشاهد تجاه مقدمين البرنامج ففي البرنامج الأول ينظر إليهم الجميع بنظرة استحقار ، فكيف يا ترى تكون نظرتهم إليه في البرنامج الثاني ، ستكون بالتأكيد نظرة حب وأمل بإعلاميين عربيين من فاعلي الخير بالإضافة إلى كسب الأجر ونيل رضى الله عزّ وجّل ، ولو قارنا نسبة التصويت بين البرنامج الأول و البرنامج الثاني لوجدناها في الثاني أعلى لأن المصوت إلى البرنامج الثاني يهدف إلى عمل الخير ومسح الدموع الحزينة .

وبعد هذا النظر والتفكر عزيزي القارئ لا بدّ من الحكم الآن على البرنامجين ، فأين الجاهلية ، وأين عين العقل ؟ بالتأكيد الجاهلية واضحة في البرنامج الأول الذي يهتم بشؤون الغناء ، وعين العقل تتضح في برنامج الخير والمحبة " مسح الدموع " ، ثمّ تخيل عزيزي القارئ لو استمر البرنامج الأول مدة عشرة سنوات فكم فاجر وفاجرة يضع في الأمة ، ولو استمر البرنامج الثاني كم دمعة سيمسح ؟

أترك الإجابة هُنا إلى رجال الإعلام وأسياده ليختاروا ما به خيراً لهذا الوطن الغالي والحبيب وطننا العربي الواحد الكبير الذي جمع أجدادنا ، وما زال يجمعنا على الخير والتعاون والمحبة إن شاء الله ، لا على تشتت الشمل والصفوف وشيوع ما يسمى بالجاهلية الإعلامية المعاصرة .

وفي نفس هذا النوع من الجاهلية ظهور ما يسمى بالأكاديميات الإعلامية ، وخير مثال " برنامج ستار أكاديمي " الذي بثته الفضائية اللبنانية ، وخصصت له محطة خاصة أيضاً ، فلو نظرنا في فكرة هذا البرنامج التي لربما أصبحت واضحة في مخيلة كل واحد منكم ، نجد أن تجمع هؤلاء الشباب وعيشهم في بيئة واحدة بيئة خصبة للمنكرات والفواحش ، كما أن وجود محطة خاصة لبث هذا البرنامج ليلاً ونهاراً جاهلية كبرى أيضاً ، وحينما كنت أراها على الشاشة كنت أسميها     " بقناة الجاهلية " فماذا يهمنا ما يقوم به هؤلاء من حركات موسيقية غربية ، وماذا يعني لنا ما يلبسون ، وما يأكلون وما يشربون ، وكيف ينامون ، وأين ؟ أليس هذا جاهلية كبرى ، وبما أن الكثير منا اطلع ولو لقليل على هذا البرنامج ، يجد أن نفقاته كبيرة على الطعام والشراب والمكياج واللباس وغير ذلك من مستلزمات ، فيا ترى لو وضعنا بهذه الأكاديمية أطفال أبرياء ممن فقدوا أبويهم ، أو ممن حلت بهم النكبات والأزمات وأنفقنا عليهم ما أنفقناه على المشاركين السابقين من مغنيين وممثلين وغيرهم ، ولو خصصنا المحطة التي خصصت للمشاركين الأولين لهؤلاء الأيتام والمحرومين ، أو لمجموعة شباب من حفظة الكتاب والسنة ، واستفدنا من خبراتهم الدينية وحكايات الإسلام التي يتبادلونها بينهم كان ذلك خير لنا وأبقى في برنامج اسمه " أكاديمية الرحمة " أي رحمة الشعوب ودعوتهم إلى الحق من خلال حياة هؤلاء الصالحين ، تفكر عزيزي القارئ أي الشيئين أفضل في الدنيا والآخرة ؟ ، وأترك الإجابة هنا ثانية إلى كبار الإعلام العربي .

جاهلية الإعلامي العربي

يقول أحد القضاة الشرعيين في المملكة الأردنية الهاشمية : " من أبشع حالات الطلاق التي شهدتها في حياتي كقاضي ، طلاق امرأة إعلامية ضحت بحياتها الزوجية وتخلت عن أبنائها مقابل أن تبقى مذيعة تظهر على التلفاز بصورة غير لائقة ، وكان سبب خلافها مع زوجها صورتها البشعة التي تظهر بها على الشاشة " كما روى لنا الشيخ نفسه عدة حالات طلاق لعدد من الإعلاميات وكان السبب الأول للطلاق بين هؤلاء وأزواجهن على الهيئة التي تظهر بها المرأة على الشاشة ، ويعود هذا إلى جاهلية أخرى كنت قد ذكرتها لكم سابقاً ، وهي اشتراط بعض المؤسسات الإعلامية على المرأة الإعلامية أن تظهر على الشاشة مكشوفة الشعر ، وفي الحقيقة أن الكثير من المؤسسات الإعلامية تُظهر جميع النساء العاملات بها مكشوفات الشعر متبرجات ، وقد نهى ديننا الحنيف عن التبرج .

ولعل أهم جاهلية يسعى لها الإعلامي العربي ( الشهرة ) ، ذلك المرض النفسي الخطير الذي يدق في نفوس إعلاميينا وإعلامنا هذه المدة.

وللتحدي الجاهلي (( الشكل والمظهر والجمال )) دور كبير في إبراز الجاهلية الإعلامية ، وكثيراً ما يكون هذا عند الإعلاميات ، فهن يحرصن على الظهور بالمظهر الجميل بغض النظر عن قيمة الفائدة التي تُقدم إلى المُشاهد ، والكثير من  الإعلاميات يرهقن أنفسهن في عمليات التجميل ، والعدسات اللاصقة الملونة ، والشعر الاصطناعي وغير ذلك من وسائل تجميلية وكل هذا جاهلية ، فلو قارنا ما تهدره المرأة الإعلامية على مظهرها بقيمة الفائدة التي تقدمها ، لوجدنا أن ما تهدره على جمال مظهرها يكون أحياناً أكبر من قيمة الفائدة التي تقدمها للمشاهد .

ويدعونا هذا إلى الانتقال إلى الجاهلية الإعلامية التي تشترك بها كافة المؤسسات الإعلامية المحلية والعربية بما يتعلق بمظهر الإعلامي والإعلامية ، فدعوني أضرب لكم هذا المثال لأُريكم مدى الجاهلية الإعلامية .

مثال

ذات يوم دخلت على مؤسسة إذاعة وتلفزيون محلية خاصة في إحدى الدول ، دخلت على مبني التلفزيون أولاً فدققت النظر بشخصيات وأشكال الإعلاميين والإعلاميات ، وحينما دخلت إلى مبني الإذاعة دققت النظر أيضاً بشخصياتهم وأشكالهم ، فوجدت أن الإعلاميين في التلفزيون يتميزون عنهم في الإذاعة بحسن المظهر فقط علماً بان الكثير منهم في الإذاعة أوسع معرفة ممن هم في التلفزيون ، والكارثة الكبرى أني وجدت ميزة ظالمة بين الإعلاميات في التلفزيون والإعلاميات في الإذاعة وهي أن جميع الإعلاميات في ذلك التلفزيون مكشوفات الشعر ومتبرجات ، وفي الإذاعة يوجد عدد لا بأس به من المتحجبات ، وكان سبب إبعادهن عن الشاشة هو التحجب.

لعلي أبين لك عزيزي القارئ مدى الجاهلية الإعلامية في هذا المثال ، فماذا يحصل لو ظهر على الشاشة أصحاب الأشكال البشعة ؟ وماذا يحصل أيضاً لو ظهر على الشاشة نساء متحجبات ؟ بالتأكيد لا شيء ، الفائدة الإعلامية التي تُقدم إلى المُشاهد ستبقى كما هي وربما تزداد ، ونحرر المشاهدين من الجاهلية التي وضعناها في أذهانهم ، خاصة أننا استبدلنا صورة الفساد في التبرج ، بصورة أخرى جميلة في التحجب ، ونكون أيضاً حررنا إعلامنا من بعض مظاهر الجاهلية .

وأود أن أطرح سؤالاً أوجه إلى مؤسسات الإعلام العربي المختلفة وهو ، ماذا يجري لو استبدلنا جاهليتنا الإعلامية المتمثلة بصورة التبرج والفساد  بوعي يتمثل بصورة التحجب في شخصية المرأة الإعلامية ، واستبدلت المرأة الإعلامية موضتها الفاتنة بموضات إسلامية بعيدة عن التبرج ؟ ، ألا يطرأ تغير سنلحظه في حياة المشاهد أيضاً حيث ستميل الكثير من الفتيات إلى التحجب ؟ ، ألا تقل نسبة الجاهلية في إعلامنا العربي المعاصر ؟ ، ألا تقل نسبة التأثير الإعلامي السلبي الذي تركناه في شخصية المشاهد ؟ ....

أترك إجابات هذه الأسئلة إلى مؤسساتنا الإعلامية العربية المختلفة ، وإلى الإعلاميين والإعلاميات في العالم العربي ، راجياً من الله عزّ وجل أن يأخذوا حكمة الحياة ممن  رأوا الخطأ ، ودلوهم على الصواب .

ومظهر آخر من مظاهر جاهلية الإعلام العربي بات يأخذ مساره على الشاشات والإذاعات وفي صفحات الصحف وهو ما يسمى " الاحتكار الإعلامي " ، لا أريد أن ألوم بعض المؤسسات الإعلامية في هذا النوع من الجاهلية لأنه لا يحقق العدالة أحياناً ، لكن أوجه اللوم وأركز على أن هذا المظهر الجاهلي بات يسيطر على الصحافة العربية في البلاد العربية المختلفة ، وأبرز مثال على ذلك ثبات أصحاب الآراء في الكثير من الصحف العربية حيث يبقى بعضهم يدلي بوجهات نظره لعقود من الزمان ، دون أن يتيح فرصة إلى غيره ، وما يزيد هذه الجاهلية كبار المسؤولين والمفكرين الذين يحتكرون زوايا الصحافة لمدة طويلة ، ولا أريد أن أورط نفسي مع هؤلاء بذكر أمثلة ، لكن هذا المظهر من الجاهلية يبدو واضحاً في الكثير من الصحف العربية ، وخاصة المحلية منها .

ومن جاهلية الإعلامي العربي ، عدم الإلمام بمتطلبات المهنة أحياناً ، وخاصة ما يتعلق منها بالجانب اللغوي ، إذْ تتعدد أخطاء الإعلاميين ، وخاصة مقدمي النشرات الإخبارية ، ، كما أن تدني مستوى الثقافة العامة للإعلامي وعدم اطلاعه الواسع ، وعدم إلمامه بالأحداث والتطورات والمستجدات المختلفة جاهلية تنعكس سلباً على الإعلامي والمؤسسة الإعلامية التي ينتمي إليها ، وعلى المشاهد في الكثير من الأحيان ، وبهذا يضرب لنا الأستاذ أحمد عبد الملك في كتابه ((كيف تكون مذيعاً ناجحاً ، تجارب وقواعد)) حكاية ظريفة :  " لقد كان لنا زميل (مذيع) منذ أوائل السبعينيات ، وكان دائم التذمر والشكوى مع ضعف لغته العربية ، وتدني ثقافته العامة..وحصل أن قدمنا شكوى لأحد كبار المسؤولين في الإعلام نشكي الحال..وعد التقدير..التفت المسؤول الكبير لزميلنا المذيع والذي يراه عبر الشاشة وقال له : صار لك خمسة عشر عاماً تخطئ في القراءة!!شعر زميلنا بحرج كبير....الخ "

إلى هنا عزيزي القارئ أتمنى أن  أكون قد قدمت الأدلة الكافية على الجاهلية التي يشهدها إعلامنا العربي المعاصر الذي يعكس صورتنا ، ويؤثر علينا فيما يعرضه من أخبار وبرامج وأحداث ، ثمة حاجات تلح علينا بضرورة الحد من هذه الجاهلية ، خاصة أن الإعلام شيئاً أساسياً يسكن في بيت وقلب كل واحد منا .

دور القوانين التي تفرضها الحكومات في جاهلية الإعلام

لكل عمل يجري على أرض الدولة قانونه الخاص به ، فهل يا ترى لهذه الأنظمة التي تفرضها الحكومات على الإعلام دور في الجاهلية التي يعيشها الإعلام العربي ، وكي لا أورط نفسي كثيراً في هذا الموضوع ، أكتفي بضرب بعض الأمثلة عليكم وسأعلق تعليقاً بسيطاً على كل واحد منها .

مثال 1

حينما يقول المرء حقيقة مسكوت عليها في برنامج منبر الجزيرة ، تقول له المقدمة : شكراً لك نعتذر عن مواصلة الحديث في هذا تعدي على قانون منبر الجزيرة ، أو نرجو بعدم تلفظ أو إساءة باسم .

أيقن تماماً أنه لو كان بمقدور المحطات الإذاعية والتلفزيونية الإخبارية الخاصة التكلم عن الحقيقة لما رفضت ولتكلمت بكل الحقيقة ولأبرزت كل وجهة نظر صادقة ، لكن خوف هذه المحطات من حرمانها بعض حقوقها أو معاقبتها يدعوها إلى الابتعاد عن وجهات النظر الساخنة ، وإن كانت لا تخفي بعضها ، وقد أُغلقت بعض المكاتب لمؤسسات إعلامية معينة  في بعض الدول العربية ، وربما لهذا دور في الجاهلية التي يعيشها الإعلام العربي المعاصر ، ولكن في الحقيقة حرص الدول العربية على النظام والأمن والسلام هو الذي دعاها إلى فرض بعض الأنظمة التي ربما ساعدت أحياناً على ظهور الجاهلية التي يعيشها الإعلامي العربي المعاصر ، ولكن الواجب المنوط بمؤسسات الإعلام العربي هي تجاوز هذه الجاهلية بأشكال مختلفة من الحوار البناء ، ففي حقيقة الأمر المحطة الإعلامية التي تعرض قضية معينة تعرف حقيقتها وهنا يجب عليها أن تتخذ بالتعاون مع ضيوف الحوار الأشكال المناسبة لعرض هذه القضية خاصة إذا كانت قضية تحظى باهتمام شعبي كبير ، وأن تتخذ وسائل أخرى لعرض وجهات النظر الساخنة بترجمة الفكرة إلى ما يسمى بالتورية في علم البلاغة في اللغة العربية ، أو التوسع في إنشاء غرف الحوار الإلكترونية لعرض هذا النوع من وجهات النظر (( كزاوية حوار )) في صحيفة القدس العربي ، وأحياناً تتخذ العديد من المؤسسات الإعلامية أساليب أخرى لعرض الحقائق الواقعة .

مثال 2 

في بداية رمضان لعام 2004 عُرض مسلسل بعنوان  (( الطريق إلى كابول )) ، وبعد مدة وجيزة مُنع هذا المسلسل من العرض .

الطريق إلى كابول ، ظهر من هذا العنوان إنه يحتوي على أحداث سياسية ووقائع خطيرة مشكوك بصحة بعضها ، وأفكار ساخنة منها من يدعو إلى العصيان ، ومنها من يدعو يثير المشاهد ، فربما كان هذا سبب منعه ، لكني لا أعلم إن كان منع مثل هذا النوع من المسلسلات والبرامج يشكل جاهلية في الإعلام العربي المعاصر ؟ 

لكن الجاهلية هذه يجب تعديها بأساليب ووسائل أخرى ، وقد قامت بعض الشركات الإعلامية والمحطات والصحف بإتباع أساليب أخرى ، ربما كان له دور في التخفيف من الجاهلية التي يعيشها الإعلام العربي ، في محاولة تحرر من الجاهلية التي تفرضها عليه بعض الأنظمة القانونية ..

محاولة الإعلام العربي التحرر من الجاهلـية التي تفرضها عليه الأنظـمة القانـونية

يقول رمضان الرواشدة الكاتب في صحيفة الرأي الأردنية ، وضمن احتفالات بمرور 35 عاماً على صدورها ، في زاوية الكاتب ، رأي آخر ، : "أمور عديدة لا يعرفها الكثير من الأردنيين ، وخاصة من الجيل الجديد من قراء ((الرأي)) عن هذه الصحيفة التي تحتفل ، هذا اليوم ، بمرور 35 عاماً على صدورها. من هذه الأمور أن الجريدة جرى إغلاقها عدة مرات بسبب من أخبار جرى نشرها ، وأن مندوبا لها جرى حبسه ثلاثة أيام لمجرد أنه نشر خبرا عن زيادات متوقعة لرواتب المتقاعدين العسكريين والمدنيين ، مما اعتبرته الحكومة ، آنذاك ، سراً خطيراً من أسرار الدولة ولا يجوز نشره....ومنها أن الحكومة وضعت بنداً في قانون المطبوعات والنشر يمنع الجمع بين رئيس مجلس الإدارة ورئاسة التحرير..وكان المقصود الرأي.

مما يؤدي بالمؤسسات الصحفية والإعلامية إلى اللجوء إلى أساليب أخرى في نقل الخبر ، أو في الترويج الإعلامي للأمور المختلفة ، أو في التعبير عن الآراء المختلفة ولعل من هذه الأساليب : الرمز ، والتلغيز...

مثال

تعمد بعض المسلسلات العربية إلى المزج بين الفكاهة والسياسة والتشبيه في كثير من الأحيان والهدف هو إبراز القضية السياسية ووجهة النظر الساخنة بطريقة غير مباشرة ، ومثالها المسلسل الاجتماعي (( مرايا ))، ومسلسل     (( ب س م ا ت و ط ن )) .

وغالباً ما يدعو أصحاب الأفكار التي تجسد على الشاشة الإعلامية بهذه الطريقة هو خطورة وجهة النظر لو عرضت بمجرد الحديث عنها بصراحة ، فيعمد كتاب السيناريو والمخرجين إلى الطرق الغير مباشرة التي تعرض وجهة النظر بأساليب هدفها الانتقاد أو التعبير عن الحقيقة ، ومن الأمثلة على هذا ما عرضه المسلسل الذي بثته الفضائية اللبنانية    (( lbc ))بعنوان (( بس م ا ت و ط ن )) ففي إحدى الحلقات وموضوعها الرئيسي قلة رؤية وظهور رئيس مجلس الوزراء اللبناني السابق الشهيد رفيق الحريري ، حيث عمد الممثلين إلى تشبيهه بالمريخ الذي يظهر كل بضعة عقود مرة ، حينما وضعوا صورة الحريري في وسط المريخ ، ونظروا بواسطة التلسكوب إلى المريخ الذي تتوسطه صورة الحريري ، وقالوا : المريخ يظهر كل بضعة عقود مرة كالحريري ، "يا الله المريخ شو بشبه الحريري ! "

فلا شك أن خوف المؤسسات الإعلامية من إظهار الحقيقة بصورة مباشرة جعلها تلجأ إلى هذه الأساليب كي لا تتورط وتضع نفسها أمام المسائلة القانونية ، فهل يا ترى اللجوء إلى مثل هذا يخفف من حدة الجاهلية التي يعيشها هذا الإعلام ، كاللجوء للتشبيه والرمز والذي يقول فيه الأستاذ الدكتور عصام الموسى في كتابه ((تطور الصحافة الأردنية 1920 – 1997 )) :

 "حفلت كتابات هذه المرحلة بمشاعر معاناة الصحفيين , مما نجده منشورا على صفحات الصحف بأقلام محرريها أنفسهم . وها هو بدر عبد الحق , المحرر وكاتب المقالة في جريدة الرأي اليومية, ومدير تحرير مجلة أفكار ذات يوم ,يكتب مقالة بعنوان(عقول الحالمين وقلوب العاشقين) يبين فيها كيف أنه يضطر طيلة الأسبوع لطرد أفكار شيطانية لا لسبب إلا لأنها: (تنجح دائما إلى الاقتراب من المحظورات والمحارم,وتلح على البحث عن المخفي ,الذي لا بد أن يكون اعظم دائما . ومع استمرار هذه الأزمة نشأت لدي عادة قبيحة ,تتلخص في الابتعاد ما أمكن عن الموضوعات الحساسة, تجنبا للمشاكل وإثارة الضجيج . أي إني باختصار,آثرت أن أكون من الذين يغلقون أبوابهم في وجه الريح  أو من الذين (يمشون الحيط بالحيط ويقولون يا رب الستر). وكان من نتائج هذه العادة , أنني وجدت نفسي اركب المركب السهل)

كذلك كتب إبراهيم أبو ناب أن (جزءا لا بأس به من جهدي انصب على محاولة الاحتيال على الرقيب) الأمر الذي دفعه للجوء إلى (أسلوب التلغيز حينا أو أسلوب ما بين الهزل والجد حينا آخر)".

أهم أسباب جاهلية الإعلام العربي المعاصر

1.     الضغط على المؤسسات الإعلامية المختلفة من قبل الأنظمة القانونية.

2.     الغزو الثقافي والفكري الذي جلبه الاستعمار الأوروبي للوطن العربي ، وبقيت آثاره إلى الآن .

3.     عدم وجود قانون موحد للإعلام العربي .

4.     أهداف بعض المؤسسات الإعلامية المناقضة للقيم الأخلاقية والبعيدة عن الأحكام الإسلامية .

5.     شخصية الإعلامي العربي ، وتم الحديث عنه سابقاً .

6.     عدم استقلالية المؤسسات الإعلامية العربية ، وخاصة أن الكثير منها قائم بفضل الدعم الذي تتلقاه من جهات أخرى .

7.     سير الإعلام العربي على النمط الغربي ، ويعود السبب في هذا إلى ضعف القوانين الإعلامية في البلاد العربية ، وسيطرة الإعلام الغربي بمنجزاته على الإعلام العربي .

8.     عجز الإعلام الإسلامي عن لفت انتباه المشاهدين إليه ، وتقيد هذا الإعلام بقوانين تجعله عاجزاً عن انتقاد الجاهلية الإعلامية .

سلبيات جاهلية الإعلام العربي المعاصر

1.     تشويه صورة الإعلام العربي وعجزه عن مواجهة التحديات.

2.     طمس معالم الشخصية العربية مقارنة بالشخصية الأجنبية.

3.     إبعاد الشعوب العربية عن مشكلاتها الرئيسية .

4.     عدم خدمة القضية العربية والشعوب والحضارة والتراث العربي بالشكل المطلوب .

5.     المساهمة في إنجاح المؤامرات الخارجية على عالمنا العربي ، بما فيها مؤامرات العدو .

6.     عدم معاصرة العولمة بالشكل الصحيح ، مما زاد من جاهلية الشعوب العربية في الانسياب وراء الشهوات والملذات .

7.     إبعاد الشعوب العربية عن الدين الإسلامي ، والمشاركة في غزو الدين .

8.     ظهور ما هو شبيه بالإرساليات التبشيرية وهي البرامج الغنائية وأمثالها التي حلت محل الثقافة العربية والإسلامية في الإعلام العربي .

ومن الجدير بكتابي هذا عزيزي القارئ عزيزتي القارئة أن لا يقف بمجرد الوقوف على هذه الجاهلية التي يشهدها إعلامنا العربي المعاصر ، بل وأني جعلت أهم أولوياتي في هذا الكتاب هي كيفية التخلص من هذه الجاهلية ، لذا سأفرد فصلاً كاملاً للحديث عن كيفية التخلص منها ، وعن الطرق والأساليب المناسبة التي نستطيع خلالها اجتياز هذه الجاهلية.

[1]  المقياس الإعلامي : هو مقياس تقاس به قيمة البرنامج الإعلامي بقيمة الفائدة التي يقدمها للمشاهدين .

[2] رواه البخاري في صحيحه تعليقاً عن أبي عامر وأبي مالك الأشعري وهو برقم91 في "الصحيحة".