الانتخابات التشريعية المغربية
ليوم 07شتنبر 2007
أي ميزات لأي جدوى؟
المصطفى صوليح
1 ــ الميزات الأساسية للانتخابات التشريعية ليوم 07 شتنبر 2007 .
1.1 ــ اقتراع عام رقم 25 : في يوم 07 شتنبر 2007 ستكون الهيئة الناخبة المغربية على موعد مع الاقتراع العام رقم 25 و هو الاقتراع التشريعي العام رقم 08 و الثاني في عهد الملك محمد السادس ، و ذلك بغض النظر عن باقي الاقتراعات الجزئية ، الجماعية المحلية أو التشريعية، الأخرى حيث عرف المغرب ، بعد أربع سنوات على نيله لاستقلاله السياسي ، أي منذ 29 ماي 1960 إلى غاية 12 شتنبر 2003 أربع و عشرين عملية انتخابية تتوزع إلى : ثمان ( 08 ) انتخابات جماعية و 07 انتخابات تشريعية و تسع ( 09 ) استفتاءات .
و مقارنة مع الانتخابات التشريعية ليوم 27 شتنبر 2002 ارتفع عدد الأحزاب السياسية المتنافسة من 26 إلى 33 حزب . و خلال الفترة الفاصلة بين الانتخابين ( أي خمس سنوات ) ارتفعت أعداد المسجلين في القوائم الانتخابية ( 18 سنة فما فوق) بما يزيد عن 01 مليون و 600 ألف ناخب (ة) إضافي (ة) لتصل إلى 15 مليون و 510 ألف و 505 ناخب (ة) ، يشكل الذكور بينهم 51.3% و تمثل الإناث 48.7% من مجموعهم .
و مقارنة دائما مع انتخابات 2002 زادت اللوائح الانتخابية المحلية ب 5.53% حيث وصل عددها إلى 1870 لائحة و 26 لائحة وطنية نسائية . و ستتنافس هذه اللوائح على صعيد 95 دائرة انتخابية محلية حول 295 مقعد من مجموع مقاعد الغرفة الأولى ( مجلس النواب ) ، و ذلك في حين تهم اللائحة الوطنية التنافس حول 30 مقعد مخصص للدائرة الوطنية . و في مقابل أربع لوائح فقط لمرشحين غير منتمين سياسيا شاركت في انتخابات 2002 بلغ عدد هذه اللوائح بالنسبة للانتخابات المرتقبة 13 لائحة من ضمنها لائحة السيد فؤاد عالي الهمة ، الموصوف بكونه أحد أقوى مهندسي ما يسمى بالانتقال الديمقراطي في البلاد ، الذي أثارت استقالته أو إقالته عديدا من التساؤلات من قبيل : هل حقا تخلى هذا الصديق الحميم للملك عن منصبه كوزير منتدب في الداخلية و ذلك فقط لكي يتحول إلى مجرد نائب برلماني ؟
كما تم إحداث 1139 مكتب إضافي للتصويت و 1529 مكتب مركزي إضافي ، حيث بمعدل 11 مكتب تصويت لكل مكتب مركزي ستتوزع الهيئة الناخبة المغربية يوم 07 شتنبر 2007 على 38 ألف و 687 مكتب للتصويت تتفرع عن 3659 مكتب مركزي . و قال مدير الشؤون الإدارية بوزارة الداخلية في ندوة إخبارية عقدت بالرباط يوم 29 غشت أن وزارة الداخلية عبأت 38 ألفا و 687 رئيس مكتب تصويت و 38 ألفا و 687 نائب رئيس ، و 116 ألفا و 61 عضوا ، و 21 ألفا و 362 عون سلطة ، و 77 ألفا و 356 رجلا من قوات الأمن ، و 22 ألف مكلف بإرسال النتائج عبر الرسائل القصيرة ، و 2100 موظفا بالعمالات و الأقاليم ، و 4721 موظفا بالقيادات و الدوائر . و قال إن وزارة الداخلية تسعى من خلال هذا التنظيم تجاوز سيناريو انتخابات 2002 نحو توفير المعلومة الانتخابية ، قدر الإمكان ، في إبانها .
و من الخاصيات العامة لوكلاء اللوائح و باقي المرشحين الحاليين ، أفاد بلاغ لوزارة الداخلية أنهم من حيث فئاتهم العمرية ينتمي 07%إلى الفئة العمرية24 -34 سنة.و 24% إلى الفئة35 -44 سنة، و 41% منهم إلى الفئة العمرية45 -54 سنة، و 28% إلى الفئة العمرية55 سنة فأكثر.و من حيث مؤهلاتهم التعليمية يتوزعون إلى 57% يتوفرون على مستوى تعليمي عالي و 30% على مستوى تعليمي ثانوي و 13%على مستوى تعليمي ابتدائي . أما من حيث انتماءاتهم المهنية فإن 23% يمنهم يشتغلون بالتعليم و القطاع العام، و 17% هم رؤساء لمقاولات أو تجار أو حرفيين ، و 14% يعملون بالقطاع الخاص، و 13 بمهن حرة ، و 08% في قطاع الفلاحة، و 25% في مهن أخرى متنوعة. و أما من حيث النوع ، فلا تمثل النساء سوى 03% من مجموع هؤلاء الوكلاء .
1.2 ــ بيئة سياسية روتينية ، لكنها بمواقف و برامج انتخابية حزبية و إجراءات قانونية جديدة : رغم أن الانتخابات ليست هي المطلوبة في حد ذاتها بقدر ما أنها وسيلة ضرورية و أساسية لأنها أحد المفاتيح لدخول الديمقراطية و ترسيخ عمارتها و تنمية الإمكانات التي تتيحها أمام الناس أفرادا و مجموعات من أجل استرجاع مواطنتهم المتساوية و تعزيز القدرات على المساهمة في تدبير شؤون البلاد و تسيير أجندتها و كبح كل الانزلاقات التي قد تعصف بحريات و حقوق كل الناس المتأصلة فيهم فإن السقف الذي يبلغه النقاش السياسي في المغرب بموازاة مع الانتخابات التشريعية قيد الإنجاز لا يصل إلى حدود البحث في مدى جدوى الانتخابات عموما و الانتخابات التشريعية خصوصا ، بل إنه لا يتجاوز درجة الرغبة في إقامة انتخابات حرة و نزيهة يثق المغاربة في مقتضياتها و مخرجاتها و لا تبقى محط طعن دائم فيها بالتزوير و استعمال المال الحرام و التدليس و الغش و الرشوة و التدخل السافر للإدارة في مسارها و نتائجها . و لا شك أن التجربة الانتخابية الرائدة القادمة من أفقر بلدان شمال إفريقيا و الشرق الأوسط هي موريتانيا قد كان لها أثرها البالغ في تأجيج هذه الرغبة و الدفع بالسلطات المغربية و باقي الهياكل ذات الصلة إلى تبني عديد من المعايير الضامنة لحرية الانتخابات و نزاهتها مع التمسك بإرادة التحكم في تفاعلات الخريطة السياسية المنبثقة عنها :
أ ـ على المستوى الرسمي : في إحدى فقرات الخطاب الملكي بمناسبة عيد الشباب لسنة 2007 قال محمد السادس : " وبعون الله، فقد تمكنا جميعا من توفير إطار عصري وفعال، محفز على المشاركة المواطنة، من معالمه البارزة : مدونة انتخابية حديثة، تفسح مجال المشاركة المتكافئة لكل الأحزاب في الاقتراع، قانون جديد لتأهيل الأحزاب وتمويل شفاف لعملها، حياد إداري إيجابي وحازم، مراقبة قضائية مستقلة، حضور فاعل للمجتمع المدني، ولوسائل الإعلام، في التوعية والمتابعة، فضلا عن التمثيل النسوي، الذي نريده أكثر إنصافا للمرأة. "
و الواقع أنه ، باستثناء الجوهر المتمثل في " المشاركة المواطنة " و " المشاركة المتكافئة " ، تم التحضير للانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها يوم 07 شتنبر على الصعيد القانوني بإصدار : ــ قانون للأحزاب ، يرى البعض أنه رغم منحاه الرامي إلى تحديث العمل الحزبي السياسي ، إنما جاء بغرض الحد من سطوة الأحزاب ذات الخطاب الديني أو الجهوي و من أجل إعادة التذكير بأن صلاحيات الأحزاب تتلخص في تأطير المواطنين و لا تتعدى ذلك إلى الوصول إلى السلطة . ــ تعديل مدونة الانتخابات ، و ذلك بمبرر تمكين الجالية المغربية المقيمة في الخارج من المشاركة في الانتخابات ، و هو التبرير الذي بصدده رفع " التحالف العالمي لمغاربة المهجر " في يوم 24 يوليوز من الرباط مذكرة إلى عديد من الجهات جاء فيها " أن الحكومة المغربية قد أقصت مغاربة المهجر من استحقاقات 2007 ". و إلى ذلك ، فإن البعض يرى أن مقتضيات هذه المدونة تسعى في أصلها إلى الدفع بالأحزاب الصغرى إما إلى حل نفسها تلقائيا أو إلى الانصهار في أقطاب حزبية كبرى قد لا يتعدى مجموعها قطبين أوحدين. ــ ملاءمة التقسيم الانتخابي مع الخريطة الإدارية للمملكة ، إلا أن تعديل التقطيع الانتخابي المنوه عنه هنا لم يهم سوى أربع جهات فقط من التراب الإداري للبلاد ، و هي الجهات بالضبط التي كشفت الانتخابات التشريعية 2002 و الانتخابات الجماعية 2003 أن معظم دوائرها الانتخابية توفر هيئة ناخبة مضمونة لحزب العدالة و التنمية ، و قد استهدف التعديل إياه تشتيت هذه الهيئة . و بالإضافة إلى الدعوة اللفظية من قبل الحكومة لدعم تمثيلية النساء و لإخراج قانون تحكيمي إلى الوجود تمت ، بالفعل ، مراجعة استثنائية للوائح الانتخابية نجم عنها بحسب وزارة الداخلية التشطيب على ما مجمله 576 ألف و 539 حالة تسجيل غير صحيحة ، و قد بلغت ، بحسب نفس الوزارة ، نسبة الناخبين الذين استخرجوا بطائقهم الانتخابية إلى حدود هذا الأسبوع الأخير من شهر غشت 75% من مجموع المسجلين في هذه اللوائح. و إذا كانت نتائج هذه الانتخابات ستعلن " بمن صوت فيها " ، فهل ستتجاوز نسبة المصوتين 02% إلى 25% من المسجلين التي راوحتها طيلة النصف قرن الماضي من الانتخابات التي بلغ عددها أربعة و عشرين انتخابا ؟
و على الصعيد الإجرائي ، فكما هو الحال بخصوص انتخابات سابقة تفرد مدونة الانتخابات قسما منها لتجريم عديد من الأفعال و التنصيص على عقوبات حبسية أو تغريمية أو هما معا ضد مرتكبيها . و في سبيل الحد من إفساد الانتخابات واصل المجلس الدستوري إصدار مزيد من قرارات إلغاء انتخاب أعضاء الغرفة الثانية ، حيث من بين مجموع 38 من الطعون التي توصل بها بخصوص انتخابات 08 شتنبر 2006 المتعلقة بتجديد ثلث أعضاء البرلمان تم على حدود نهاية شهر يوليوز 2007 إلغاء انتخاب 10 مستشارين . و أصدرت وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية مذكرة حول " حياد المساجد و القائمين عليها خلال الانتخابات التشريعية المقبلة " تطالب هؤلاء القيمين الدينيين بتفادي كل ما قد يفهم منه صراحة أو ضمنا القيام بدعاية ضد أو لفائدة مرشح أو هيئة سياسية أو نقابية ، و تشير إلى أنه " .. على الأئمة و الخطباء و الوعاظ الراغبين إما في الترشيح أو القيام بحملة انتخابية لفائدة أو ضد بعض المرشحين التقدم بطلبات إعفائهم من مهامهم الدينية شهرا على الأقل قبل فتح باب الترشيح" . و مع حلول شهر يوليوز 2007 أعلنت وزارة الداخلية أنها شرعت في اتخاذ مجموعة من الإجراءات التأديبية و غيرها ضد عديد من موظفيها و أعوانهم ( قياد ، مقدمين ، أفراد من القوات المساعدة ،،، ) إثر تأكدها من تورطهم في حملات انتخابية لفائدة مرشحين أو لوائح انتخابية معينة . كما أعلنت ، في نفس الآن ، أنها شرعت في تعبئة المصالح الأمنية و في التنسيق مع النيابة العامة بمختلف المحاكم ، و كذا في التحقيق في كل ما تنشره وسائل الإعلام أو يتداوله الرأي العام ، بخصوص تحركات مشبوهة قد تسيء لمسار انتخابات تشريعية من المفروض أن تضمن " التنافس الشريف بين كافة المرشحين " . و في خرق واضح للمادة 108 من مواد الفصل المتعلق بمكافحة الإرهاب من قانون المسطرة الجنائية التي تحدد إجراءات التنصت على المكالمات الهاتفية أو الاتصالات الأخرى المنجزة بوسائل الاتصال المغايرة تكثف مصالح الدرك الملكي و الإدارة العامة للأمن الوطني و الاستخبارات المدنية من حملة واسعة لالتقاط مكالمات معظم المرشحين للانتخابات التشريعية الحالية و ذلك بشكل مباشر و خارج إشراف قضاء التحقيق أو وكلاء الملك أو رؤساء محاكم الاستئناف ، و يتخذ بعض مرشحي أحزاب الكتلة الديمقراطية من نماذج من تسجيلات لبعض هذه المكالمات الفاضحة لاستعمال المال الحرام خلال الفترة السابقة للحملة الانتخابية ذريعة لإجازة هذا الخرق ، و ذلك خاصة و أن المجلس الأعلى للقضاء سبق له و أن أقر بشرعية إخضاع مرشحين لانتخابات تجديد ثلث الغرفة البرلمانية الثانية للتنصت رغم تبرئتهم استئنافيا . و في يوم الجمعة 10 غشت داهمت الأجهزة الأمنية " فيلا " السيد عمر البحراوي عمدة مدينة الرباط المنتمي لحزب الحركة الشعبية فألقت القبض على أزيد من 80 شخصا كان قد دعاهم للإعداد للانتخابات و التحضير لعمليات دعم ترشحه لها . و في هذا الإطار وجهت للجميع ، العمدة و من ضبط رفقته ، تهمة القيام بحملة انتخابية سابقة لأوانها و استغلال أملاك الدولة ، مثل حافلات بلدية الرباط و موظفين يعملون بنفس البلدية، للمصلحة الشخصية و الحزبية . لكن المتتبعين غالبا ما لا يعطون أهمية كبرى لمثل هذه الإجراءات و دليلهم في ذلك البطء الكبير الملاحظ بالنسبة لصدور الأحكام القضائية و ذلك في حالة عدم تبني الطعون بدعوى عدم كفاية الأدلة أو انعدامها و تدخل سلطات أخرى في أشغال القضاء كما حدث في قضية السيد عمر البحراوي التي أرجأت المحكمة النظر فيها إلى أجل غير مسمى ، و كذا إعمال المكيالين تجاه نفس القضايا المتشابهة حيث لم يتم إخضاع ثلاثة وزراء على الأقل من الحكومة الحالية للمساءلة على أفعال شبيهة بتلك التي ارتكبها البحراوي ترددت مزاعم كثيرة على أنهم كانوا ضالعين فيها .
و حول إسماع صوت المتنافسين بشكل متساو و منصف اعتبر المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري ( الهاكا ) أن القرار رقم 14.07 الصادر عنه ، المتعلق بتوزيع الحصص الإعلامية على الأحزاب السياسية بخصوص الانتخابات التشريعية لعام 2007 و الذي دخل حيز التنفيذ يوم صدوره بالجريدة الرسمية بتاريخ 25 ماي ، هو قرار غير ملزم للقنوات و الإذاعات الخصوصية . و قد تعهد المجلس إياه بضمان مبدإ الإنصاف لولوج الأحزاب السياسية مختلف وسائل الإعلام السمعي البصري العمومي خلال الفترة الانتخابية التي حددها من يوم 13 يونيه إلى يوم 06 شتنبر 2007 ، و هي الفترة التي تم تقسيمها إلى فترتين رئيسيتين هما فترة ما قبل الحملة الانتخابية ، تبتدئ يوم 13 يونيه و تنتهي يوم 24 غشت ، و فترة الحملة الانتخابية ، تنطلق يوم 25 غشت و تتوقف يوم 06 شتنبر . أما أجرأة توزيع حصص هاتين الفترتين بين الأحزاب السياسية فتتمثل في استفادة الأحزاب الثمانية ، أي الأحزاب التي تتوفر ، حاليا ، داخل غرفتي البرلمان على مقاعد بالعدد المطلوب لتشكيل فريق برلماني ، بالتساوي من 40% من مدة البث الإجمالية المفردة لبرامج الفترة الانتخابية، كما تتمثل في استفادة باقي الأحزاب الممثلة في البرلمان بالتساوي هي أيضا من 30% من مجمل مدة البث و استفادة الأحزاب غير الممثلة في البرلمان من نفس المدة ، أي 30% ، و بالتساوي كذلك من ذلك المجمل . و أما توزيع الغلاف الزمني لهذه الحصص بين التدخلات المذاعة عبر الإذاعة الوطنية و تلك المتلفزة عبر القناتين الأولى و الثانية فتمت أجرأته إلى 09 دقائق بالنسبة لكل من أحزاب المجموعة الأولى و 07 دقائق بالنسبة لكل من أحزاب المجموعة الثانية و 05 دقائق بالنسبة لكل من أحزاب المجموعة الثالثة . و هنا أيضا ، و بغض الطرف عن النقد الذي وجهته بعض الأحزاب الثمانية لـ " الهاكا " بدعوى أنها ساوت بينها و بين أحزاب أخرى حديثة التأسيس في توزيع حصص التدخل الإعلامي ، لا بد من رصد أن الأحزاب المقاطعة صراحة للانتخابات قد تم إقصاؤها بشكل مطلق من هذا التوزيع ، و في هذا السياق دعا حزب النهج الديمقراطي إلى وقفة احتجاجية يوم 31 غشت للتعبير عن حقه في الإعلام كباقي الأحزاب السياسية و قد تزامنت هذه الدعوة مع حملة الاعتقال التي تعرض إليها بعض من أعضائه يوم 30 غشت بمدينة سلا بسبب توزيعهم لمنشورات تدعو إلى مقاطعة الانتخابات .
ب ــ على مستوى الأحزاب المتنافسة : خلال الندوة الصحفية التي تم عقدها يوم الجمعة 24 غشت 2007 بالرباط و عممت وكالة الأنباء المغربية تقريرا موجزا عنها ، أوضح السيد شكيب بنموسى وزير الداخلية أن " عدد الأحزاب التي قدمت لوائح محلية في أكثر من50 في المائة من الدوائر على المستوى الوطني بلغ18 حزبا، أي أكثر من نصف الأحزاب المشاركة " . وأضاف أن الترشيحات " تتوزع بحسب الانتماء الحزبي لوكلاء اللوائح كالتالي : حزب الاستقلال95 لائحة، حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (95)، حزب العدالة والتنمية (94 )، جبهة القوى الديمقراطية (94)، حزب التقدم والاشتراكية (92)، حزب التجمع الوطني للأحرار (91)، حزب الحركة الشعبية (90)، حزب الاتحاد الدستوري (80)، الحزب العمالي (69)، الحركة الديمقراطية الاجتماعية (69)، الحزب الاشتراكي (68)، حزب البيئة والتنمية (63)، حزب النهضة والفضيلة (59)، مبادرة المواطنة والتنمية (56)، الاتحاد المغربي للديمقراطية (56)، حزب الوسط الاجتماعي (54)، حزب التجديد والإنصاف (53)، حزب الإصلاح و التنمية ( 51 ) " . وأشار إلى أنه بالنسبة لباقي الأحزاب " فنسبة التغطية لديها تتراوح ما بين9 و47 دائرة، مضيفا أن تحالف حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي والمؤتمر الوطني الاتحادي والحزب الاشتراكي الموحد وضع73 لائحة مقابل72 لائحة لتحالف الحزب الوطني الديمقراطي وحزب العهد. أما بخصوص الترشيحات المستقلة، فقد تم تقديم13 لائحة من طرف مرشحين غير منتمين سياسيا مقابل4 لوائح خلال انتخابات2002 " . وأشار إلى " أن13 عضوا في الحكومة الحالية قدموا ترشيحاتهم بالإضافة إلى مسؤولين حزبيين و13 عضوا في المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية " .
و خلال هذا الأسبوع الأخير من شهر غشت ، فوجئ حزب الأمة ، الذي واصلت وزارة الداخلية رفضها الترخيص له بدعوى عدم إيداعه لملف التأسيس لدى مصالحها المختصة ، بمقال افتتاحي من المحكمة الإدارية بالرباط لفائدة وزير الداخلية يطلب بمقتضاه إبطال تأسيس الحزب . و في انتظار فحوى الحكم الذي ستنطق به هذه المحكمة التي حددت له تاريخ 04 شتنبر 2007 يفسر الأمين العام لهذه الحزب سلوك وزارة الداخلية تجاه حزبه بالإصرار على إقصائه من المشاركة في الانتخابات التشريعية الحالية ، و يضيف بأنه في حالة الاستمرار في هذا المنع سيوجه دعوة إلى الشعب المغربي لتصويت احتجاجي يرفع من نسبة الأوراق الملغاة .
و مقارنة بانتخابات 2002 تقلص عدد الأحزاب الداعية بشكل مباشر أو غير مباشر لمقاطعة الانتخابات إلى ثلاثة أحزاب هي : حزب النهج الديمقراطي ( ماركسي لينيني – حاز أخيرا على شرعيته القانونية ) و العدل و الإحسان ( أصولي إسلامي – ينشط بشكل علني رغم عدم نيله للشرعية القانونية ) و الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي و ذلك بعد انخراط حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي في الانتخابات الجارية . و يبدو أن حزب النهج الديمقراطي قد اختار ، تلافيا لنتائج قمعية تجاه المزيد من رفاقه كما كان الحال سابقا تجاه رفاق حزب الطليعة ، القيام أثناء فترة الحملة الانتخابية بأشكال غير مباشرة للتعبير عن مقاطعته لهذه الانتخابات و لتحفيز الناخبين على هذه المقاطعة .
و خلافا للانتخابات السابقة أعلنت مختلف هذه الأحزاب خلال فترة ما قبل الحملة الانتخابية عن برامج تعد الناخبين بأنها ستطبقها في حالة فوزها و مشاركتها في الحكومة المقبلة ، و رغم أن هذه البرامج و في مقدمتها تلك التي أطلقتها أحزاب الأغلبية الحكومية الحالية قد تميزت بكونها جاءت مرقمة فإن عديدا من المتدخلين لم يستبعدوا أن يكون إعطاء الأولوية في هذه البرامج لنفس القضايا المجتمعية ، و من بينها البطالة و السكن و التعليم ، التي دأب الملك الراحل الحسن الثاني و يواصل خلفه محمد السادس " الاعتناء " بها بمثابة عملية استباقية تحاول أن تجعل من المتتبع لا يلاحظ أي تناقض بين البرامج الانتخابية لهذه الأحزاب و برامجها الحكومية ، و ذلك للالتفاف على إحدى القواعد الأساسية للحكم في المغرب و هي أن الحكومة لا تنفذ إلا البرامج المملاة عليها من قبل الملك بعد تعيين أفرادها و خلال اجتماعات مجالس الوزراء التي يرأسها الملك .
و بشكل لافت للانتباه ، يفتر الحديث عن الإصلاح الدستوري بموازاة مع الانتخابات قيد الإنجاز ، و في الحالات النادرة التي تثيره بعض المنابر الحزبية فإن هذا الحديث لا يتجاوز نفس الصيغة الملتبسة التي تطالب بالزيادة من صلاحيات كل من البرلمان و الوزير الأول دون التصريح باسم السلطة التي من المفروض التقليص من صلاحياتها لإعمال تلك الزياد و تفعيلها .
و باستثناء أحزاب التحالف اليساري و جرائدها ، فإن باقي الأحزاب الأخرى ، عدا في بلاغات صحفية متفرقة ، لم تول اهتمامها ، سواء قبل الحملة الانتخابية أو خلالها ، للمحنة التي يتكبدها الحق في حرية التعبير و إبداء الرأي في البلاد . و رغم الصلة الوثيقة بين وضعية هذا الحق و مدى حرية الانتخابات و نزاهتها لم تبرمج هذه الأحزاب أية أنشطة ضمن حملتها الانتخابية للضغط في سبيل إطلاق سراح معتقلي فاتح ماي و إنصاف الصحافة المستقلة التي تخضع هيئة إدارة و تحرير أربعة منها هي " الأسبوع الصحفي " و " نيشان " و " تيل كيل " و " الوطن الآن " ، خلال مدة قصيرة ، لأحكام قاسية .
1.3 ــ ملاحظة للانتخابات داخلية و " دولية " مشروطة و محدودة : رغم أن المعايير الدولية للانتخابات الحرة و النزيهة تنص على أن تقر الدول بضرورة إتاحة الفرصة أمام الهياكل الوطنية و الدولية لحقوق الإنسان غير الحكومية و غيرها من الهياكل الأخرى ذات الصلة بالانتخابات أو المهتمة بها من أجل رصد عناصر البيئة السابقة و المتزامنة التي تجري الانتخابات في سياقها و توثيق المسار الذي أنجزت داخله و تسجيل خلاصات هذا الرصد و إعلان نتائجه فإنه و إلى حدود شهر يوليوز 2007 ، و بعد لقاءات بين مكونات جمعوية غير حكومية و السيد الوزير الأول ، كان من المتوقع أن تبادر الحكومة المغربية إلى إحداث قانون يسمح لمنظمات حقوقية و أخرى ، وطنية و أجنبية ، معنية بحرية الانتخاب و نزاهة عملياته بمراقبة أو ملاحظة مسار مختلف المراحل و العمليات المرتبطة بالانتخابات التشريعية ليوم 07 شتنبر المقبل و ينظم حقوق و واجبات كل من تلك المراقبة أو الملاحظة ، لكن الجميع فوجئ بتحويل هذا الاختصاص إلى المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الذي قرر اعتماد ثلاثة مؤسسات كوسطاء لرصد الانتخابات معتبرا إياها مخاطبا و إطارا مدنيا للمشاركة في عملية الملاحظة ، هي : أ ـ النسيج الجمعوي ، و هو شبكة لجمعيات مغربية متعددة و متنوعة غير حكومية . ب ـ المعهد الوطني الديمقراطي الأمريكي . ج ـ المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان نفسه . و في حين لم تبد أغلب الأحزاب المشاركة في التباري الانتخابي أي تعليق على هذا القرار فإن المركز المغربي لحقوق الإنسان أعلن رفضه التنسيق مع المعهد الوطني الديمقراطي الأمريكي بدعوى عدم استقلالية هذا المعهد عن الإدارة الأمريكية ، كما أعلن تجنده بشكل مستقل عن المجلس الاستشاري و النسيج الجمعوي لرصد جميع العمليات الانتخابية المقررة . و فيما استكملت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان معظم الترتيبات ( تدريب مكونين ، تكوين ملاحظين، إعداد جذاذات الرصد ،،، ) اللازمة لملاحظة الحملة الانتخابية و دور الإعلام و ملاحظة سير عملية التصويت و عملية إعلان النتائج و تتبع مسار الطعون ، و ذلك بالخصوص في دائرتين انتخابيتين اثنتين إحداهما حضرية و الأخرى قروية ، تجعل العوائق التي وقفت أمام تجربة المركز المغربي من أجل ديمقراطية الانتخابات في المساهمة في مراقبة انتخابات 2002 لا يتوقف عن إبداء تشككاته في وجود إرادة سياسية حقيقية للسماح للمراقبين أو الملاحظين بالتتبع الحر للعمليات الانتخابية المرتقبة و خاصة داخل مكاتب التصويت ، و قد أعطى هذا المركز عديدا من التصريحات الصحفية في هذا الشأن كما لم يفته مراسلة عديد من الجهات بما فيها القصر الملكي من أجل تحسين وضعية حقوق الإنسان في البلاد لضمان انتخابات حرة و نزيهة . أما الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ، فعلى إثر " تدارس مكتبها المركزي مستجدات استعداد النسيج الجمعوي لملاحظة الانتخابات " أكدت في بلاغ لها أن مشاركتها " في هذه العملية تتم على أساس ضمان شروط الملاحظة الفعلية والحقيقية وغير الشكلية والمستقلة التي ستمكن من إنجاز تقرير موضوعي حول مدى نزاهة وشفافية هذه الانتخابات. " و ذلك دون أن يفوتها التذكير بأن هذه الانتخابات " ستتم في إطار دستور غير ديمقراطي وفي إطار القوانين واللوائح الانتخابية والتقطيع الانتخابي المعتمدين في السابق من طرف الدولة للتحكم في المسار العام للعملية الانتخابية." .
و لأن عديدا من المتتبعين كانوا ينتظرون من المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الاكتفاء بتسخير فعالياته الحقوقية من أجل وضع معايير متوافق عليها لإنجاح عمليتي المراقبة و الملاحظة ، الوطنية و الدولية على غرار التجربة الموريتانية ، يعيبون عليه أنه أولا أقحم نفسه في إنجاز مهمة سياسية لن تضمن له وضعيته غير المستقلة أن يكون موضوعيا في رصد نتائجها بشكل حيادي ، و يعيبون عليه ثانيا هذا الإقحام بالنظر إلى أن أغلب عضويته هم إما مشاركون في هذه الانتخابات بشكل مباشر أو مدراء لحملات انتخابية أو مساهمون في حملات انتخابية للوائح انتخابية للأحزاب التي يمثلونها داخله ، و يعيبون عليه ثالثا أنه قرر ألا تهم عملية مراقبة مجريات التصويت داخل مكاتب التصويت إلا ما يسميه باللحظة الكافية لذلك .
و في نفس السياق أصدرت شبكة الانتخابات في العالم العربي ( تضم 55 منظمة مجتمع مدني من 14 دولة عربية ) بيانا تشجب فيه رفض المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان مشاركتها في مراقبة الانتخابات التشريعية المغربية بدعوى تأخرها في تقديم طلبها إليه ، و ذلك رغم أن التاريخ الذي وجهت فيه هذه الشبكة طلبها إلى وزارة الداخلية عبر السفارة المغربية في الأردن يعود إلى 12 يوليوز 2007 .
و أمام إصرار بعض جمعيات المجتمع المدني المغربي على إفراد قدر كبير من مواردها البشرية و المالية و اللوجستيكية الضعيفة أصلا لرصد مدى نزاهة العمليات الانتخابية في دائرة ابن جرير حيث وضع السيد فؤاد عالي الهمة ترشيحه كوكيل للائحة تضم إلى جانبه اثنين آخرين من الأطر العليا للتنافس من أجل الفوز بثلاثة مقاعد نيابية ، يعبر أعضاء من جمعيات أخرى عن قلقهم تجاه هذا الإصرار لأنه من وجهة نظرهم سيقلص ، من جهة ، من قدرات ضبط الخروقات في الدوائر النائية و سيمنح ، من جهة أخرى ، شهادة مسبقة عن حسن السيرة لموظف سامي كان قد انتهى قبل بضعة أسابيع فقط من استقالته أو إقالته من صناعة و إعمال حيثيات و مسارات هذه الانتخابات . و يضيف هؤلاء بأن هذا الوزير المنتدب قبل مدة قصيرة لدى وزارة الداخلية ليس هو ، مهما يكن الحال ، إدريس البصري المتوفى أخيرا الوزير الأسبق في الداخلية في فترة حكم الحسن الثاني ، إذ من المفروض أن يخضع سلوكه و سلوك الإدارة المحلية لنفس معايير الملاحظة التي يخضع إليها باقي وكلاء اللوائح و غيرهم من المرشحين ، كما يضيفون قائلين ، في إطار تبريرهم لموقفهم هذا ، إن أي تركيز استثنائي على هذا الوكيل لن يمثل في الواقع سوى دعما انتخابيا له خاصة و أنه يخوض حملة دعائية سهلة باعتبار خبرته الانتخابية السابقة في منطقة الرحامنة و تنازل عدد من المرشحين الموصفين بـ " أصحاب الشكارة " لفائدته و تطوع أشخاص من أبناء قبيلته و صحبته القديمة لمساندته و شيوع أفكار بين سكان دائرته الانتخابية مفادها أن الملك قد بعث إليهم بأقوى أصدقائه حاملا لبركاته الشريفة من أجل تيسير شظف عيشهم و تسهيل إخراجهم من بوتقة الفقر المدقع إلى الرخاء الأوسع .
2 ــ مهما جاءت درجة حرية و نزاهة الانتخابات التشريعية ليوم 07 شتنبر ، ما الجدوى ما دام الملك هو وحده السيد و الحاكم ؟
رأيان متعارضان : في إطار ندواتها الإخبارية ، صرح مدير الشؤون الإدارية بوزارة الداخلية يوم 29 غشت أن الغلاف المالي الذي رصدته هذه الوزارة لتنظيم الانتخابات الجارية بلغ 500 مليون درهم ( ما يعادل حوالي 60 مليون دولار ) صرف منها 240 مليون درهم لتغطية نفقات التنظيم المادي و اللوجيستيكي و 200 مليون درهم أفردت لتمويل الحملة الانتخابية للأحزاب و 60 مليون درهم خصصت لتعميم بطاقة التعريف الوطنية و مراجعة اللوائح الانتخابية . و في مراجعة لبعض المختصين في اقتصاديات الانتخابات القلائل جدا في البلاد عبر أحدهم عن استغرابه من كون أن البلاد ما تزال رغم تجربة نصف قرن من الانتخابات لم تحسم بعد في الأمور اللوجستيكية لانتخاباتها خاصة و أنه لو يتم اعتماد بطاقة التعريف الوطنية وحدها في التصويت سيقلص بنسبة مهمة من هذه النفقات و سيحد بشكل كبير من إمكانيات إفساد الانتخابات و بالتالي يقلص أكثر من نفقات و تبعات أخرى ، و أفاد آخر إن مبلغ 500 مليون درهم هو في حد ذاته غير قيمة ، لكن النظر إليه في سياق سؤال ما الجدوى المنتظرة من هذه الانتخابات ؟ سيجعل منه مبلغا ذا قيمة لا يستهان بها .
و هكذا ، و في شأن هذه الجدوى تتعدد الآراء في المغرب ، لكنها آراء يمكن تلخيصها في رأيين كبيرين و متعارضين ، و ذلك كالتالي :
أ ــ رأي أقلية من النخبة السياسية ، يذهب إلى :
● أنه بالرغم من أن النخبة السياسية في المملكة المغربية هي على يقين بالغ بأن العامل الخارجي ما يزال هو الفاعل الرئيسي في تحقيق التغييرات الإيجابية المرصودة خلال العقد و النصف عقد الأخيرين على مستوى العلاقة بين الحكم و كل من المعارضة السابقة و المعارضة الحالية و كذا في العلاقة مع باقي وجهات النظر المنبثقة بين الفينة و الأخرى عن هذا أو ذاك المكون من مكونات المجتمع الحضاري المغربي حول طبيعة النظام السياسي أو حول نوع أو قيمة أو مآل الإصلاحات الدستورية و التشريعية و المؤسساتية و الإدارية و التربوية ذات الصلة بالحسم النهائي في تبني الديمقراطية و إقرارها كنهج ، لا يستثني أحدا أو مؤسسة ، في شتى المناحي العمودية و الأفقية من الحياة العامة و المعيشية العادية أو الاستثنائية للمجتمع المغربي ،،، فإنه يبدو أن هذه النخبة بسبب طول مدة الصراع حول الاستيلاء على السلطة لكن دون جدوى و الشيخوخة التي آلت إليها أعمار من ما يزال حيا من مناضلي الأمس و اكتظاظ طوابير المطالبين بنصيبهم من كعكة الاستقرار السياسي الذي أحكم الملك الراحل بالقوة تارة و بالحفاظ على شعرة معاوية تارة أخرى أواصره ،، و كذا بسبب تقلص إلى انعدام مناصب الإرشاء الكبرى التي كانت متاحة للملك إياه قبل خصخصة جل المكاتب الوطنية و مؤسسات عمومية أخرى ،،، لم تعد تجد من اختيار آخر لضمان قدر من المصالح الشخصية سوى التباري لحيازة منصب نيابي أو استشاري داخل البرلمان و الطموح إلى منصب وزاري مريح مع ما يترتب عن ذلك من امتيازات أخرى أكثر نفع و استدرار لغنى غير متوقع ؛
● أن تزييف مجمل نتائج الانتخابات السابقة لم يكن الغرض منه تصفيف حاكمين تشاركيين متوافقين مع نظام الحكم السائد في البلاد و راضين عنه و مدافعين عن أجندته بقدر ما كان و يكون هو تحويل شرعية هذا النظام من شرعية الغالب إلى شرعية مستمدة من قبول الشعب المغربي عبر الانتخابات للقائلين بشرعيته التاريخية و الدينية و الوطنية ؛
● أن الدستور الممنوح الذي يتم الاستناد إليه في شرعنة هكذا نظام سياسي ما هو في الواقع سوى وثيقة وضعية تمت صياغتها و مراجعتها بعد ذلك عدة مرات بطلب من الملك الراحل ، الحسن الثاني ، بواسطة فقهاء فرنسيين في القانون الدستوري ، مؤدى لهم ، تؤله المؤسسة الملكية و توهم الناس بأن ظروفا خاصة بالمغرب تحتاج إلى ملك بمواصفات الفصل 19 من الدستور تماثل مؤسسة الجيش في كل من الجزائر و تركيا لحماية مبدإ أن الدولة للجميع و الحكم للتناوب عليه ؛
● أن المؤسسة الملكية لا يمكنها بأي حال أن تكون حكما ، محايدا ، أعلى بين مكونات المجمع الحضاري المغربي و ذلك بالنظر إلى كونها تنفرد وحدها بامتلاك 28% من القدرات الإنتاجية الاقتصادية المغربية ، علما بأنه إلى حدود استقلال البلاد لم يكن القصر يملك سوى دارا عبارة عن " فيلا " بحي المعاريف بمدينة الدار البيضاء ؛
● أن مؤسسة البرلمان التي اختارت مكونات الحركة الوطنية بزعامة عبد الرحمان اليوسفي الانخراط فيها ابتداء من سنة 1999 أو عبر نتائج انتخابات 2002 و تواصل أخيرا باعتبارها تمثل معارضي الأمس و معها معارضو اليوم اختيارها الحصول عبر الانتخابات التشريعية الحالية على مقاعد الأغلبية في غرفتها الأولى ( مجلس النواب ) ، لن يمكنها بأي حال اقتسام السلطة مع الملك سواء في مجال التشريع أو في مجال التنفيذ أو في مجال الارتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة بالتمام و الكمال عن باقي السلطات الأخرى ؛
● أن النظام الانتخابي المعتمد في المغرب منذ تجربة انتخابات 2002 ، المبني على النسبية عبر اللائحة في دورة واحدة هو نظام لا يخول لأي حزب استيفاء ما يزيد عن 80 مقعد من مقاعد مجلس النواب و ذلك مهما اتسعت القاعدة الانتخابية لهذا الحزب ؛
● أنه حتى في حالة إعطاء القصر الملكي الضوء الأخضر للأحزاب الفائزة في الانتخابات الجارية لإحداث تحالفات من أجل إنشاء أغلبيات في مجلس النواب يعتمدها الملك في تسمية الوزير الأول المقبل لن يكون في وسع هذا الوزير الأول اقتراح سوى لائحة الوزراء الذين يبقى للملك وحده الحق في قبولها أو طلب تعديلها ؛
● أن لائحة أعضاء الحكومة ( الوزير الأول و الوزراء ) التي ستحظى برضا الملك ، لن يكون أمامها إلا قبول وجود أعضاء آخرين داخلها ( وزراء ) غالبا ما يسمون وزراء سيادة حزبيين أو تقنوقراطيين ؛
● أنه ، كما دأبت العادة التي ترسخت خلال عهد الحسن الثاني و وزير داخليته المتوفى إدريس البصري ، يبادر الملك إلى تعيين كتاب عامين للوزارات قبل استلام وزراء الحكومة لمفاتيح حقائبهم و ذلك ليكون هؤلاء الوزراء رهائن لدى أولئك الكتاب العامين ؛
● أنه حتى في حالة تمكن حزب ما من حشد أغلبية نيابية لصالحه من أجل إسقاط الحكومة المسماة من قبل الملك لن يمكنه ذلك لسبب بسيط هو أنها ستكون حكومة للملك الذي يستحيل على أي مشارك في البرلمان محاولة القيام بمعاكسة المشيئة الملكية؛
● أن الحكومة في صيغتها النهائية سيكون على أعضائها نسيان البرامج السياسية للأحزاب السياسية التي ينتمون إليها و استمدت شرعيتها من نتائج الانتخابات التشريعية التي انبثقت عنها ، و ألا يمتثلوا سوى إلى البرنامج الحكومي الذي سيوصيهم الملك بالعمل على تنفيذه ؛
● أنه و بناء على هذه الحقائق ، المذكورة أعلاه و غيرها ، تصبح الحاجة ماسة الآن ، بعد استنفاذ الدستور الحالي إلى كل قدراته الإنشائية على تحمل المزيد من التعديلات ، إلى دستور جديد متوافق عليه يحد من صلاحيات الملك بناء على قاعدة أن يسود الملك و أن يكون معيارا لاحترام باقي السلطات لكن على أساس أن يحال الحكم على من ينيطه الشعب المغربي بكامل حريته عبر انتخابات حرة و نزيهة مأمورية هذا الحكم ، و على أساس أن يخضع الجميع للمساءلة و المحاسبة ،،،،،،
:ب ـ رأي أغلبية هذه النخبة ، و مفاده :
● أن انخراط القوى الوطنية و الديمقراطية و التقدمية في تجربة التناوب ابتداء من سنة 1998 يشكل انخراطا واعيا بضرورة زحزحة قدرات البلاد و إمكانياتها لتجاوز وضعية الجمود و " الاختناق و التكبيل التي كانت تسم الوضع العام على مستوى الدولة و المجتمع و تعرقل أداء قواه السياسية الحية . إنها قناعة بالحاجة إلى تجاوز وضعية كانت تنذر باستفحال الجمود و ضعف الأداء و تراكم مظاهر التخلف الاقتصادي و العجز الاجتماعي " ( من مقال تصدر الصفحة الأولى من جريدة الاتحاد الاشتراكي – عدد 8652 ليوم 31 غشت 2007 )؛
● أن ظروف سنوات الرصاص الطويلة و العصيبة ، بالإضافة إلى المحاولتين العسكريتين الانقلابيتين ، كان لها تأثيرها القوي في تلاشي أواصر الثقة بين القصر و الحركة الوطنية و الديمقراطية و التقدمية ، و أنه إذا كانت تجربة التناوب قد مكنت من استعادة هذه الثقة فإن ترسيخها لم يعد يحتاج إلا إلى بعض آخر من الوقت ، لن يتجاوز كيفما كان الحال الفترة التي يتطلبها تعزيز قدرات البلاد على التصدي للإرهاب و تعميم التعليم و التخفيف من أسباب الفقر و آثاره ؛
● أن الانتخابات التي أنجزت منذ سنة 1999 و منها الانتخابات التشريعية الحالية و التي تمت و تتم باسم وزارة الداخلية هي استحقاقات قامت بالتحضير لها و بالإشراف على حريتها و نزاهتها أغلبية حكومية يتقدمها وزراء ينتمون إلى أحزاب كانت توصف خلال السنوات إياها بأحزاب المعارضة المعادية للنظام السياسي الذي ساد في عهد الملك الراحل الحسن الثاني ؛
● أن منتوج و أداء كل من البرلمان و الحكومة على مدى الفترة التي أعقبت الشروع في التناوب عززا من شأن الحريات في البلاد و ساهما في ردم شقة الريبة التي كانت مستشرية بين المواطنين و أجهزة الدولة وسعا من دائرة المشاركين في صناعة المبادرات المتعددة و المتنوعة الأبعاد و كان لهما صداهما الكبير في شتى المحافل الدولية و الجهوية ؛
● أن الانتخابات التشريعية ليوم 07 شتنبر 2007 ستكون بمثابة القنطرة لعبور سلس من مرحلة الانتقال الديمقراطي إلى مرحلة تثبيت الديمقراطية و تنميتها ، و هي بالإضافة إلى ذلك تفتح الباب واسعا أمام جيل جديد من القادة و الفاعلين السياسيين ليكون لهم موقعهم المستحق لهم في مختلف مناحي الحياة العامة ؛
● أن هذه الانتخابات ، بالنظر إلى أن الجميع و في مقدمتهم ملك البلاد يراهن على أن تكون حقا انتخابات حرة و نزيهة ، ستكون أيضا حافزا أمام مجلس نواب و حكومة يتمتعان بمصداقية عالية للإبداع في إطار توافق رصين مع الملك من أجل تعاقد دستوري و مؤسساتي حداثي ،،،
المصطفى صوليح El Mostafa Soulaih من المغرب ، كاتب ، باحث ، و مؤطر ، في مجال التربية على حقوق الإنسان و المواطنة – من أطر اللجنة العربية لحقوق الإنسان ( باريس / فرنسا ) .