معركة واتا ستتوقف لشهرين
مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن
نعم سنتوقف حملتنا ومعركتنا الأخلاقية والإنسانية لشهرين كاملين والأسى يملأ قلوبنا من تعنّت هذا النظام الذي لم يرعوي لنداءات الضمير والنداءات الإنسانية ولا إلى صرخة المثقفين والأحرار والمفكرين والعقلاء في كل مكان ، وأبى إلا الاستكبار والاستعلاء على شعبنا الأعزل بأغلبيته السُنّية إمعانا في معاني الكراهية والحقد ، وكيف له أن يُدير حوار معهم وضحاياه ليسوا إلا منهم .. من المنفيين عشرات الآلاف من السُنّة ، ومن المغيبين منهم في المُعتقلات منذ عقود بعشرات الآلاف من السُنّة ، ومن قتلى تدمير المدن الأبرياء بعشرات الآلاف منهم ، والمُدن التي تئن من وطأة ظلم النظام هي مُدنهم من حلب وحماة وحمص وادلب ودير الزور والحسكة ومناطق الأكراد و....، ونسبة ال 65% من الذين صاروا تحت خط الفقر من السُنّة وهذه كلها إحصائيات وليست تجنّي ، ومع ذلك نمد للنظام يد السلام وغصن الزيتون وهو يرفض ، ويمده هو إلى الصهاينة القتلة المجرمين ، ولن أُعقب على ذلك كثيراً ، ولكننا لن ننتظر طويلاً ، فإمّا أن نسمع من الأخبار مايُبشر ، وإلا ليس لنا إلا المُضي إلى آخر الطريق في تعريته أمام الخلائق
وفي الحقيقة لم نتحدث بعد عمّا في جعبتنا كاملاً بل ليس بأكثر من 5% ، وحديثنا طويل وفيه من المرارات والعذابات والآلام بدوافع حقد الماضي وكراهية السنين ودوافع الضغينة واللؤم التي يحملها هذا النظام لأهلنا السُنّة الذي دحّر بنيانهم ومزق روابطهم كُلّ مُمزق ، ولو أنني متأكد بأنّ النظام لن يُحدث شيء من باب ولا ترجوا السماحة من لئيم .. فما في النار للظمآن ماء ، ولكننا نقول من باب عسى ولعلّ ، فلم نفتح بعد أسرار القصور ولا أبواب أركان النظام ، ولا أسماء وأفعال كبار الضباط الجنرالات ، ولا عن مآسي السجون وأقسام التعذيب ، وما يتعرض له المعتقلون وخاصة ماكان يجري في سجن تدمر الصحراوي ، ولا التعدي على العقائد وعلى الله وتدنيس القرآن ، ولا عن أرقام النهب والتفاصيل بالأرقام ، وما يمُكننا أن نُقدمه لمحاكم العدل الدولية بأسماء الضباط والأشخاص المتورطين بأعمال القتل الجماعي
وكذلك لم نتحدث عن الأقسام الإستخباراتية وفروعها ورجالاتها والملف طويل ، ودعونا نأخذ راحة لشهرين كإعطاء فرصة وكاستراحة المقاتل ، ونحن في نفس الوقت قلوبنا تقطر دماً وحزناً وأسىً من وراء هكذا وضع ، وتصوروا على الصعيد الشخصي قُتلت أُمّي كمداً لفراقي ، وقُتل ابن أختي وعمره سنتين لأنهم كانوا يريدونه كرهينة عنّي ، وتضررت عائلتي بسببي كثيراً ، ومات أبي وأمي وجدي وجدتي وأعمام لي وأقرباء كثر وأصحاب وأحباب ، ولم أستطع أن أُلقي عليهم نظرة وداع ، أيحسب هؤلاء الحاكمون بأن البلد ملك أبيهم خسئوا وانتكسوا ولا ردّ الله كل ظالم ، ونسأل الله إمّا أن يُعجل بهلاكهم او يُصلحهم ،ونتمنى لهم الثانية ، اللهم آمين آمين آمين
وكان من نتائج معركتنا الأخلاقية والإنسانية في سورية المُستعبدة أن تعرفنا على الكثير من الرجال أصحاب الرأي والشجاعة ، وفي مقدمتهم هذا الرمز الكبير عامر العظم ومن وراءه جمعيتة الدولية للمترجمين واللغويين العرب ، هذا الرجل الذي ضحّى بوقته وماله ليس لنزوة شخصيىة أو مكسب خاص ، بل استشعاراً منه بضرورة وقوفه إلى جانب شعب مظلوم وقوله للحق في وقت عزّ فيه الرجال وأصحاب الضمائر الحية البعيدين عن المصالح الشخصية ، وإيمانا منه بضرورة الوقوف مع مُضطهدي سورية ونصرة قضيتهم بعدما اطلع العالم على هول المصائب والكوارث مما تنوء من حمله الجبال في هذا البلد ، وهو بذلك قد أعطى للكثير الدروس ليتحملوا مسؤوليتهم الأخلاقية المُلقاة على عاتقهم ، ولاسيما تلك المنظمات والنقابات والجمعيات البائسة والمتخصصة بهذه الشؤون ولم يفعلوا أيّ شيء تجاه شعب يُذبح ومُنتهك الحقوق ولا سيما بأغلبيته السُنية المسحوقة ، ولو قامت تلك المُنظمات بواجبها على أكمل وجه ، هل كُنّا سنشهد غطرسة النظام إلى هذا الحد ؟
لو أن مؤتمري الأحزاب امتنعوا عن الحضور مثلا أليس يعتبر ذلك لطمة قوية توقظ هذا المتغطرس ؟
ولو أن مؤتمري النقابات والجمعيات أيضاً امتنعوا فهل ممكن أن نتصور النتائج
على كل حال كانت المعركة الأخلاقية والإنسانية ناجحة على كل الصعد حيث كانت مواجهة النظام في السابق من السوريين المعارضين فقط ، وبعد هذه المعركة صارت مع مثقفي وأحرار الجماهير العربية ، الذين قالوا بالفم الملآن ماكنا نعرف أنّ هذا النظام بهذه البشاعة
وكُنا قد دخلنا المعركة كمعارضين منبوذين من قبل إخواننا في الداخل السوري ، حتى بتنا إخواناً ومُعترفين لنا بكامل حقوقنا
دخلنا المعركة كأعداء وانتهينا في مرحلتها الأولى كأصدقاء
وكنا في بداية المعركة في مواجه مع مُثقفي الداخل ، وفي نهايتها صرنا في مواجهة مُباشرة مع النظام دون أن نرى أحداً يُدافع عنه ، وصرنا نرى في المرحلة الأخيرة أعداد القراء يزداد باضطراد كبير ، أي لفتنا انظار المثقفين الى قضيتنا العادلة بكل اقتدار ، وصرنا نرى تململ النظام من وراء الدعوات الكثيرة لوقف المعركة
في هذه المعركة برز قادة حقيقون ولاسيما من العنصر النسائي الذي لفت انتباهي بكثرته ، وأذكر منهم لمن استمر حتى النفس الأخير كالأخت علياء الطباع وفائزة عبدالله وتسنيم الشجاعة وسهام نعمان وهيام ضمرة وأُخريات كثير لم تحضرني اسمائهن الآن ، والكبيرة دائماً السيدة سهير الأتاسي رئيسة منتدى الأتاسي بما تعنيه برمزيتها ومن معها من المناضلين الأحرار الأشراف ، ورأينا وجوهاً كثيرة وجميعها تستحق التقدير ولاسيما الدكتور الكبير حسان النجّار حفظه الله الذي استفدنا منه كثيراً
وكان من أبرز الخاسرين هو النظام السوري المُتعنت الذي جرى تعريته أمام الحاضرين ، والفائز في هذه المعركة هو الضمير الحر الذي انتصر لإرادته فعبر عنها بكل ارتياح
واتوقع أن يكون لهذه المعركة المردودات الكثيرة في القريب العاجل ، وأتوقع ان تُحدث بعض التغير ، والأيام القادمة ستنبئنا بما خفي عنّا
ونحن بهذه المناسبة لازلنا نمد أيادينا كمعارضة للمصالحة ، ونمد غصن الزيتون ، فهل هذا كافياً لإعادة الوئام والحياة الطبيعية لسورية ، وإزالة كل الالتباسات ، وإعادة الحقوق إلى أهلها وإلغاء كل القوانين الاستثنائية الظالمة ، نأمل من الله ذلك
أنت في قلوبنا يامنديلا وعلم سورية الأشم القاضي المحامي الحقوقي هيثم المالح ..، لن ننساك أيها الشيخ الجليل الثمانيني ، واعتقالك يُمثل انتكاسة أخلاقية وإنسانية تُضاف إلى سجل هذا النظام ، قلوبنا معك أيها الحبيب الصامد ، أيها الرجل المقدام ، لم تنل من عزيمتك الشيخوخة ياسيدي ، وأنت سيد الرجال ، ولنُسطر اسمك في التاريخ رمزاً من أعظم الرجال ، فاق مانديلا وغاندي ، بل ولُنسمي انتفاضتنا الفكرية والثقافية والأخلاقية باسمك أيها العملاق ، بوركت وبوركت البطن التي أنجبتك ياسيد الأحرار ، ياسيد الشجعان يارمز الرجولة والعلو والافتخار.