لماذا ينتظر الرئيس السوري
د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري
سؤال يطرح دائما , حول طبيعة النظام في سوريه:
وهو من يحكم سوريه؟
هل شخصية بشار الأسد هي المسيطرة على كل مقاليد الأمور في سورية , أم أن بشار الأسد وموقعه الرئاسي ليس إلا :
رئيس محكوم هو الآخر من قبل أطراف أخرى ليست ظاهرة للعيان , وتسيره من وراء الكواليس ؟
فلقد كتب الكثير عن الرئيس وشخصيته وفكره المنطلق والمتحرر من القيود القديمة والتي تمثلت في والده , وكانت البداية في يمين القسم عندما تولى منصب الرئاسة . في فتح منابر الحرية ومحاربة الفساد بشتى أشكاله .
وقد لاحظنا تحركه في البداية في هذا الإتجاه , ومن خلال الندوات الثقافية في سورية والعمل على إيجاد أفضل السبل للنهوض بالدولة السورية من جميع النواحي والذي تمثل في حراك منتديات المجتمع المدني , وربيع دمشق .
ولكن لم تمض على حكمه سنة حتى عادت الأمور أسوأ مما كانت عليه من قمع للحريات , وزيادة في عمليات الفساد الإقتصادي وسيطرة المنتمين للعائلة على مقدرات الأمور الإقتصادية في سوريه .
وقد طرح مبدأ الإصلاح وأن يتم الإصلاح بشكل تدريجي والإهتمام بالإصلاح الإقتصادي ليعقبه بعد ذلك الإصلاح السياسي .
ولقد انتظرنا طويلا , ومضى عقد على تلك الوعود وكانت النتيجة:
تقدمت سورية إلى الوراء من حيث الشفافية وترتيبها بين دول العالم لتحتل المرتبة 142 بعد أن كانت في المرتبة 137 قبل سنه من هذا العام مقارنة بدول العالم , ومن رقم 14 إلى 17 مقارنة بالدول العربيه .
وعلى صعيد الحراك المدني وحرية الرأي :
لم تزل سورية تمثل المرتبة الأولى في القمع السياسي والحراك المدني مقارنة بالدول العربية , وعلى مستوى العالم تتماثل مع نظام كوريا الشمالية .
والمتمثلة في قضايا حقوق الإنسان , ولا زالت تحكم الناس بالقوانين الجائرة والتي همشت المجتمع السوري بكامله وجعلته , مجتمع لاحراك فيه .
ولقد ازداد الفقراء فقرا وزاد عددهم وقل الأغنياء عددهم وازداد من بقي في الوسط مسيطرا وفي يده كل مفاتيح الإقتصاد السوري والمقربين من الرئيس .
وعمت البطالة البلد , وانتشرت الجرائم وزادت نسبة الإنتحار في صفوف السوريين وزادت الرزيلة لتصبح سلعة يقدم فيها أعراض السوريات خدمة للسواح والأغنياء واستغلال الفقر والحاجة .
وقد أصبحت سورية إقطاعيات يديرونها عدد محدود من المقربين للرئيس والمحسوبين عليه , وازداد نهب أموال الدولة وكثرت أموال المفسدين في البنوك الخارجية .
ومع كل هذا تطلق الشعارات وينادى بها في كل مكان , والخلود والتحيات المباركات للرئيس . ومع كل هذا الحب الذي يراه من شعبه ويتصوره موجود ..!.
وهنا لابد من الحبيب أن يقدم شيئا جميلا لمن يحب .
وهناك طريقان للرئيس السوري بشار الأسد إن كان يشعر بذلك الحب المتبادل بينه وبين شعبه :
1- إن كان هو من يسيطر على الأمور وبيده الحل والربط بما يتمتع بها من امتيازات الحكم , أن يعي حقيقة أهمية الموقع الذي يحتله ويعمل جاهدا وبكل قوته لإسعاد شعبه .
ولن يتم ذلك إلا:
بإطلاق الحريات العامة للمواطنين ومساعدة المجتمع المدني وجمعياته للحراك السياسي وإلغاء كافة القوانين القمعية والتي جعلت الأمور كلها بيد السلطة الأمنية وهدم تلك الإمبراطوريات الوبائية المتعددة في الوطن .والعفو عن المعتقلين السياسيين وحرية العمل الحزبي داخل الوطن .
2- أما عندما تكون السيطرة ليست له وهو يملك ولا يحكم . وعنده تلك الثقافة المتحضرة , ووصفه بالشخص الطيب والمحب لشعبه ووطنه فمن الواجب على الشخص الذي يحمل تلك المواصفات ويمتلكها , فما حاجة شخص كهذا لتحمل مسؤولية ذلك الفساد والظلم والقمع , وتخريب مقدرات البلد والعودة به لصراعات مستقبلية عنيفة تظهر بوادرها من الآن داخل المجتمع السوري , من تشكيلات تنظيمية سرية منها وعلانية . ومبنية على الحقد العرقي والديني والمذهبي في سورية ليعمها الخراب المطلق .
فالشخص الذي يحمل تلك المواصفات الحسنة , عندما يجد في نفسه أنه غير قادر على تقديم الخير لوطنه , وغير قادر على مجابهة أعداء الوطن , فيكون أمامه طريقين لاثالث لهما :
1- أن يقف بقوة ويحارب الفساد السياسي والإقتصادي مدعوما من قبل الشعب المخلصين وهم الغالبية من الشعب السوري , وتحديد الهدف الواضح وهو:
إما الفضيلة والنصر على الفساد, أو انتصارهم هم عليه وبذلك يكون قد برأ نفسه من كل الخطايا المكالة إليه شخصيا.
2- وعندما يجد الشخص أنه لن يكون قادرا على تحمل المسؤولية والتي وكلت إليه فليترك الأمر لغيره ولا يورط نفسه أكثر لكي لايتحمل وزر الأيام القادمه.ووزر دمار وطنه ووطن السوريين جميعا وقلب الوطن العربي .
فهل ننتظر تحركا إيجابيا من الرئيس , وهل سينتظر الرئيس كثيرا ليعي حقيقة ما هو عليه ليصل لوضع مأساوي لايمكن التكفير عنه بعد ذلك ؟