لماذا حلق (الشيوخ) لحاهم وتركها آخرون
محمد حسن العمري
كاتب أردني مقيم بصنعاء
-1-
دخل معالي وزير الاوقاف الاردني الحالي الوزارة بغير لحية ، ولما ازدادت الانتقادات لوزارته اعفى معالي الوزير لحيته..!
بينما ظل المفكر الاسلامي الراحل كامل الشريف طوال وزارات الاوقاف التي تلقدها بغير لحية ، وكذا كان اذ تقلد العديد من المناصب الاسلامية الدولية ،
ولعل اخر رحلة حج له كانت عام 2005 وتشرفت بالسفرمجاورا له على ذات الرحلة بالطائرة كانت لحضور مؤتمر الحج العام بصفته عضوا برابطة العالم الاسلامي بدعوة من خادم الحرمين ، ولم يكن الرجل ملتحيا حتى ساعتها ، وكان يقوم على خدمة ابناء احدى بعثات الحج الاسيوية دون ان يقدم صك غفران بلحيته..!
-2-
كنت قد قرأت فيما قرأت ان ثلاث من العبادلة الاربعة الصحابة ، وقد صار احدهم خليفة وهو عبدالله ابن الزبير شهيد مكة ، كانوا يخففون لحاهم لدرجة انها لا ترتقي لقبضة اليد ، وهو ما ذهب اليه بعض اصحاب المذهب الشافعي في جواز حلق اللحية على الاكراه ، والامر مثار خلاف ومحله الفقه ، مع انني اليوم على قلة المجتهدين المسلمين لا اقرأ الا لبعضهم كمحمد عمارة و محمود سليم العوا وكلاهما غير ملتحٍ ، وكان كذلك المفكر الراحل انور الجندي ،وكذلك فهمي هويدي ،
ومعروف ايضا ان سيد قطب صاحب الظلال لم يكن ملتحيا كذلك ، فيما كان الشيخ محمد الغزالي بلحية خفيفة لا تكاد نظهر احيانا ، ومثله كان معظم قراء القران الكريم المعروفين في مصر كمحمد رفعت وعبدالباسط والمنشاوي والطبلاوي..!
-3-
في منتصف الثمانينات عندما نشبت ازمة سياسية واكاديمية في جامعة اليرموك شمال الاردن ، زجت ادارة الجامعة وعمادة الطلبة باللحية في المعركة القائمة ، فقد نشرت مقالا هشا يومها ادى الى دخول التيار الاسلامي الى الازمة بعد ان كان خارج اركانها ، وكانت اركان الازمة مقتصرة على ادارة الجامعة من جهة والتيار اليساري والطلبة المتضررين اكاديميا من جهة اخرى ، نشرت مجلة الطلبة التي تحررها عمادة شؤون الطلبة الموالية لادارة الجامعة مقالا عنوانه ( الفئران الملتحية) ، وتبين فيما بعد بزوال اسم الكاتب حتى اليوم وخروجه من دائرة الضوء ان الاسم لم يكن سوى اداة في الصراع ليس اكثر ، صحيح ان الكاتب الاسلامي الراحل حسن التل والذي كان يمتلك صحيفة اللواء قد كتب مقاله –الكلاب الضالة- وحمل القرية التي انجبت الطالب والتربية مسؤولية مقال هش كهذا ، لكن ما اتضح اليوم بعد نحو ربع قرن ان مقال اللحية ذلك ، كان عنصرا من عناصر المواجهة السياسية وان من كتب المقال تحت اسمه ، ربما لم يسمع بالمقال الا بعد نشره..!
-4-
لما تكون اللحية على غير المتدينين فهي شأن خاص ، وتلحق احيانا بالموضة والصرعات المتقلبة ، وكانت يوما ما من رموز الشيوعية العتيدة ، لكنها عندما ترتبط بالدين فان من راى وجوبها اعفاها ومن راى غير ذلك يحلقها ، لكن دون ان تكون صورة كرتونية تتقلب مع المواقف والمصالح و الصراعات..!