لا فرق بين دموية داعش ودموية الصهاينة

ودموية السيسي وبشار والمالكي

فبأي منطق تحارب دموية دون أخرى ؟

محمد شركي

العالم بأسره استهجن دموية داعش واعتبرها همجية وبربرية ، والجميع رحب باستئصال شأفتها ، وما تناطح في موضوع محاربتها كبشان ولا عنزان كما يقال إلى درجة انتفاء التناقض بين من كانوا دائما على طرفي نقيض في موضوع محاربة إجرام داعش . ومعلوم أن الذي جعل العالم يغضب من داعش هو دمويتها وإرهابها الأعمى من جز للرقاب وهتك للأعراض وطرد للعباد ، وسطو على الأموال والممتلكات بذريعة الجهاد والانتساب للإسلام من أجل تشويهه .

والغريب أن هذا العالم الذي ثارت ثائرته ضد داعش وهو يعقد العديد من اللقاءات والمؤتمرات من أجل جمع أكبر تحالف ممكن لمواجهة هذا الوباء الإجرامي المنتشر في بلاد الشام والعراقي والمهدد لباقي البلاد العربية والعالمية قد غض الطرف عن دموية بشار الأسد في سوريا ودموية من يقاتلون إلى جانبه من عصابات حزب اللات الشيعي الرافضي ، وعصابات الحرس الجمهوري الصفوي الإيراني ، وعصابات الروس ، وعصابات المرتزقة من مختلف دول العالم . وما سفكه بشار من دماء لحد الساعة لا يعدله أي سفك للدماء في العالم بما في ذلك سفك الدماء من طرف العصابات الصهيونية في فلسطين المحتلة ، وقد صرح بذلك الناطق الرسمي لجيش الاحتلال في قناة الجزيرة معقبا بقوله : لماذا لا يسلط الضوء الإعلامي على جرائم النظام السوري كما يسلط على جرائم الكيان الصهيوني ؟ ولقد بلغت دموية بشار حد استخدام الأسلحة الكيماوية المحرمة دوليا ، وقد أقر بها بعدما كان ينفي امتلاكها وبعدما ثبت استعماله لها ضد المواطنين العزل والأطفال الأبرياء . وقد عقدت اللقاءات الدولية في العواصم الغربية والعربية دون أن يتخذ قرار بمحاربة بشار كما اتخذ قرار بمحاربة داعش مع أنهما يشتركان في الدموية والإجرام بل يفوق إجرام بشار إجرام داعش بمسافات لا تقارن ولا تقاس لمجرد أن الروس والصينيين استخدموا حق النقض الفيتو من أجل تشجيعه على الإجرام وسفك الدماء وارتكاب الجرائم الفظيعة ضد الإنسانية .

ومعلوم أن الروس أصحاب الفيتو الذي يحتمي به بشار قد أثبتوا دمويتهم في أوكرانيا وهو أمر لا ينكره الغرب الساكت على جرائم بشار . وليست دموية وإجرام بشار وحدها في منطقة الشرق الأوسط بل هناك دموية السيسي متزعم الانقلاب على الشرعية والديمقراطية في مصر ، وهو انقلاب طبخ في العواصم الغربية وبعض العواصم العربية وفي تل أبيب نكاية في الإخوان المسلمين الذين ربحوا رهان الانتخابات ديمقراطيا ، ونكاية في حركة المقاومة الإسلامية حماس المحسوبة إيديولوجيا على حركة الإخوان المسلمين . ولا زالت المنظمات الحقوقية في العالم ترفع عقيرتها مطالبة بفتح تحقيقات في مجازر رابعة وغيرها من الساحات التي كانت تعرف اعتصامات سلمية ، وفيما يحدث في سجون ومعتقلات نظام الانقلاب من تعذيب وتنكيل وقتل واغتصاب ، وفيما يصدر عن القضاء المصري الذي صار أداة قمع في يد الانقلابيين من أحكام جائرة وقاسية لم يعرف القضاء مثلها . وأكثر من هذا يعتبر الغرب متزعم الانقلاب في مصر حليفا مهما وضروريا له ولا يمكن الاستغناء عنه في محاربة إجرام داعش مع أن إجرام السيسي من سنخ إجرام داعش بل يفوقه حدة ودموية .

وهنا يغيب المنطق الذي يتعامل به الغرب مع الإجرام حيث يدين نوعا ويؤيد نوعا آخر مع أن الإجرام واحد ليس فيه مرفوض ومقبول . وعلى غرار دموية وجرام داعش والصهاينة وبشار والسيسي نجد إجرام ودموية المالكي الطائفي الرافضي في العراق حيث لا زالت أصوات المنظمات الحقوقية في العالم تطالب بفتح تحقيقات في الجرائم البشعة التي ارتكبها في حق سنة العراق ، ولا زالت سجونه ومعتقلاته تعج بالمعتقلين الذين يعانون الويلات بسبب التعصب الطائفي ، ولا نتحدث عن الانتهاكات التي حصلت في هذه السجون العراقية خلال وبعد الغزو الغربي الأطلسي للعراق حتى صار سجن أبو غريب نموذجا للمعتقلات الرهيبة في تاريخ البشرية . ومن دواعي السخرية أن الغرب لا يعتبر ما ارتكبه من إجرام وفظائع خلال غزوه للعراق إجراما ، ولا يعتبر ما يقوم به الصهاينة في فلسطين إجراما في حق الإنسانية بل يضفي الشرعية عليه.

وإذا كان الغرب يظن أنه يستغفل شعوب العالم فإنه واهم لأن شعوب العالم لا تميز بين الإجرام بل تعتبر إجرام داعش كإجرام الصهاينة كإجرام السيسي كإجرام الأسد كإجرام المالكي ككل إجرام في العالم ، وهي تستغرب التحالف من أجل محاربة نوع واحد من الإجرام دون محاربة الأنواع الأخرى بل تستغرب التحالف مع إجرام ضد آخر مع تجاهل قيم العدالة والقيم الأخلاقية . ولا شك أن ما يصرح به الغرب دائما ليس هو ما يمارسه على أرض الواقع ، ذلك أن المخابرات الغربية هي من صنعت داعش من أجل إجهاض مقاومة الشعبين العراقي والسوري وتحديدا المقاومة الإسلامية السنية . ولا يمكن للغرب أن يطبخ انقلابا ضد الإسلاميين في مصر و في المقابل يجيز الثورات الإسلامية الحقيقية وغير المزيفة في سوريا والعراق لهذا لطخ سمعتها بعصابات داعش التي تضرب عصفورين بحجر ، من جهة تجهض ثورتي العراق وسوريا الشعبيتن الإسلاميتين ، ومن جهة أخرى تشوه الإسلام لصالح التيارات المعادية له . ولا شك أن الغرب يطبخ طبخات جديدة من أجل استئصال الإسلام من أرضه بذريعة محاربة داعش الإجرامية التي هي من صنعها وصدرتها إلى العراق والشام.