الجيش العقائدي في سوريا
خالد الأحمد *
للجيش في سوريا ، وكثير من دول العالم الثالث ، أهمية كبيرة بل أساسية في الحياة كلها ، السياسية والاقتصادية ، وللتعرف على أي بلد في العالم الثالث لابد من التعرف في البداية على جيشه . ومن المتفق عليه في سوريا أن الإصلاح يبدأ من إصلاح الجيش الذي صار من أكبر مؤسسات الفساد حالياً .
الجيش السوري خلال الانتداب الفرنسي :
وجه الجنرال غورو قائد القوات الفرنسية إنذاراً لحكومة الملك فيصل العربية في دمشق ، يتضمن هذا الإنذار عدة شروط منها حل ( تسريح ) الجيش العربي الذي شكل فيها حديثاً ، وقد نفذت حكومة الملك فيصل هذه الشروط ومنها حل الجيش العربي .
ومما نعرف عن الجيش العربي أن التقاليد العثمانية التي ترسخت في العالم العربي تمنع الأقليات المذهبية ( كالنصارى والعلويين والدروز والإسماعيليين ) من الالتحاق بالجيش ([1])، لذلك عندما سمحت سلطة الانتداب الفرنسية لها بدخول الجيش أقبل عليه أبناء هذه الأقليات بكثرة للأسباب التالية :
1-الفقر المدقع الذي انتشر بين هذه الأقليات وخاصة في جبال العلويين .
2-رغبة النفس البشرية بكل ممنوع ، [ كل ممنوع مرغوب ] ، فقد حرمت هذه الأقليات طوال العهد العثماني من دخول الجيش ، ولما سمح لهم الفرنسيون أقبلوا بكثرة للتطوع في الجيش السوري .
3-نظرت هذه الأقليات إلى مكانة الجيش ، وخططت للسيطرة عليه ، ومن ثم على السلطة كلها ، وكان ذلك .
4-ساعد على ذلك زهد أبناء السنة في الجيش ، بل مازال في أذهان آبائهم ( سفربرلك ) أي الحرب العالمية الأولى ، عندما كان العثمانيون يجندون أبناء المسلمين السنة (فقط ) بالقوة ويسوقونهم إلى ساحات القتال في أوربا وأفريقيا ، ولم يعد كثير من هؤلاء الذين ذهبوا في (سفربرلك ) ، لذلك كانت نفوس المسلمين السنة في بلاد الشام تنفر من الانخراط في الجيش ، وصب ذلك في مصلحة الأقليات المذهبية في سوريا ، التي وجدت في الجيش الطعام واللباس الذي حرمت منه في حياتها القاسية في الجبال ([2]).
5-بعد الحرب العالمية الثانية دخلت أمريكا في اللعبة ، وأرادت السيطرة على العالم العربي بواسطة الجيش ، فدبرت المخابرات الأمريكية أول انقلاب في سوريا ( حسني الزعيم ) عام (1949م) ، ثم انقلاب ( عبد الناصر ) عام (1952م) ، ([3]) ، وصارت أمريكا تدير العالم العربي بواسطة وكالة المخابرات الأمريكية ([4])، وعملائها من كبار الضباط في العالم العربي ، وحالت أمريكا دون وصول الإسلاميين إلى الجيش ، لتتمكن من استخدامه كأداة في يدها لرسم سياستها وتنفيذها في المنطقة ، وقد نجحت أمريكا في هذا الجانب نجاحاً كبيراً ([5]).
يقول ( فان دام ) : ( فضل الفرنسيون تجنيد الأقليات الدينية والعرقية كالدروز والإسماعيليين والمسيحيين([6]) والأكراد والشراكسة فيما يسمى بالقوات الخاصة للشرق الأدنى ، والتي تطورت فيما بعد لتصبح القوات المسلحة السورية واللبنانية ) ([7]).
ويتابع (فان دام ) فيقول : ( إن العائلات العربية السنية الثرية صاحبة الأراضي والعائلات ذات النشاط التجاري التي قادت الحركة القومية العربية أثناء الاحتلال الفرنسي قد دعمت بصورة غير مباشرة الاتجاه نحو التمثيل القوي لأعضاء الأقليات في الجيش السوري ، وذلك برفضها إرسال أولادها للتدريب العسكري ، حتى كضباط ، في قوة لاح لها أنها تخدم المصالح الامبريالية الفرنسية ، كما احتقرت الجيش كمهنة ، واعتبرت الكلية العسكرية بحمص كما وصفها (باترك سيل ) مكاناً للكسالى أو المتخلفين أكاديمياً أو المغمورين اجتماعياً ، .... وقد فضل هؤلاء تسديد البدل النقدي لرسوم الإعفاء من الخدمة العسكرية ) ([8]) .
الجيش يسيطر على سوريا :
في ( 30 /3 / 1949م ) قام قائد الجيش الجنرال حسني الزعيم ([9]) بانقلاب عسكري ، اعتقل رئيس الجمهورية ، ورئيس الوزراء ، وقد ساعده في هذا الانقلاب أكرم الحوراني ، ثم حل المجلس النيابي الذي كان يرأسه فار س الخوري ، ثم أصدر أمراً في اليوم الثاني عين نفسه رئيساً للدولة ، ثم تولى السلطتين التشريعية والتنفيذية . والمهم أنه كان مدعوماً من الولايات المتحدة الأمريكية ( ولم تكن قوية يومها) ، بينما كانت معظم المنطقة خاضعة للنفوذ الانجليزي( [10]).
يقول أكرم الحوراني : ( لم يمض الأسبوع الأول على الانقلاب إلا وكانت جميع أبعاده الداخلية قد توضحت بصورة نهائية ، وذلك بقيام الحكم العسكري ، والقضاء على أي أمل بحكم دستوري ديموقراطي ، بل والقضاء على كل معالم الحياة الديموقراطية ، وإقامة أقسى أنواع الديكتاتوريات العسكرية ، وأصبحت البلاد تدار بشكل يشبه حتى بالأشخاص ماكانت تدار به في عهد مجلس المديرين أيام الانتداب الفرنسي ، وأصبح الزعيم يتمتع بما يتمتع به المفوض السامي ، ويدير البلاد بواسطة مجلس الأمناء العامين )([11]).
يقول أكرم الحوراني (2/943) : ( ...وكيف أن كوبلاند الذي ظهر فيما بعد أنه الموجه لانقلاب حسني الزعيم كما ذكر في كتابه لعبة الأمم كان من أبرز المدافعين في معركة التنافس بين الأمريكيين والبريطانيين في الشرق الأوسط .... وبعد إبرام اتفاقيتي التابلاين والنقد ظهرت بوضوح أغراض الانقلاب الفرنسية الأمريكية ...) .
ويقول خالد العظم في مذكراته : " ربما نظرت الولايات المتحدة بتعاطف إلى أي فرد يتعهد بزوال المعارضة في البرلمان ، ونيل التصديق على اتفاقية التابلاين، وقد تكون شجعت حسني الزعيم على تنفيذ انقلابه ". وقد بنى العظم استنتاجه على أن الزعيم سرعان ما صدق الاتفاقية في 16/آيار/1949، قبل انقضاء أقل من شهرين على وقوع الانقلاب . وأكد ذلك مايلز كوبلاند في كتابه ( لعبة الأمم ) ، حيث قال : " كان انقلاب حسني الزعيم من إعدادنا وتخطيطنا ([12])، فقد قام فريق العمل السياسي بإدارة ( الرائد ميد ) ، ومن خلال صداقته مع الزعيم ، بإيحاء فكرة الانقلاب العسكري ، حيث وضعت السفارة الأمريكية في دمشق كامل الخطة " ... ومن ثم وصف كوبلاند حسني الزعيم بقوله : " كنا ننشد ضالتنا في رجل متعطش إلى تسلم السلطة .. ولكن دراسة نفسية مجردة لسلوك الزعيم أظهرت أنه لم يكن - مجنون سلطة - إلى الحد المطلوب ، فقد كان يرضى بالمظاهر الخارجية ، وما كان ليقلقه أن يبقى تابعاً لنا طالما كنا نتمثل له قياماً كلما دخل علينا، ونخاطبه بلفظ( صاحب الفخامة )[13]) ).
الانقلاب الثاني : سامي الحناوي في (14/8/1949م) :
تحرك الجيش وقبض على حسني الزعيم ومحسن البرازي وأعدمهما حالاً ، وسلّم الحكم للمدنيين ، وبقي الجيش يشرف على الأمور ، ويراقب الحكم ، وكان الخط الجديد للحكم الاتجاه نحو العراق والعمل على وحدة الهلال الخصيب ، تحت النفوذ البريطاني ([14]). بعدما كانت سياسة حسني الزعيم واضحة الاتجاه نحو النفوذ الأمريكي . والحقيقة أن القيادة العراقية كانت قد رتبت للانقلاب، واتفقت مع الضابط السوري الطيار (عصام مريود)، لتكون طائراته على أهبة الاستعداد لنقل الانقلابيين إلى بغداد إذا فشلت تلك المحاولة، وسرت شائعة قوية بين الناس ورجال الصحافة أنّ اغتيال حسني الزعيم ومحسن البرازي، لم يكلف الوصي على عرش العراق(عبد الإله ) ونوري السعيد أكثر من مائة ألف دينار، وزعت بمعرفة أحد المقربين جداً من الحناوي، على المتآمرين، وقد انكشف دور العراق برد الفعل الفوري ، إذ أرسل كلٌ من الملك عبد الله، ونوري السعيد بتهانيهما مع وفودهما إلى الزعيم الجديد في دمشق فور نجاح الانقلاب ([15]) .
الانقلاب الثالث : حركة العقداء أو انقلاب الشيشكلي ([16]) الأول :
في (17/12/1949) وحد عدد من الضباط الكبار (عقداء ) صفهم بقيادة العقيد أديب الشيشكلي ، واعتقل سامي الحناوي وعديله أسعد طلس ، والهدف هو قطع الطريق على مشروع الهلال الخصيب ( الوحدة مع العراق الملكية ) ، تحت اسم المحافظة على النظام الجمهوري . وشكلت وزارة مدنية كان أكرم الحوراني وزيراً للدفاع فيها . واستمرت الأمور بيد المدنيين حتى الانقلاب الرابع .
الانقلاب الرابع : أديب الشيشكلي (2/12/1951م) :
انقلب الشيشكلي على العقداء وجعل نفسه رئيساً للجمهورية وشكل حركة التحرير ، وأراد الشيشكلي أن يقضي على النفوذ الانجليزي ، ويحقق المصالح الأمريكية ، بالاتساق مع ثورة مصر (1952م)( [17]). وحل الشيشكلي الأحزاب ، واضطهد قادتها ، وخاصة الإخوان المسلمون .
وبعد ازدواج الصلاحيات بين الجيش والسلطة المدنية، أُعلن في راديو دمشق في 29/تشرين الثاني/1951م، البلاغ رقم (1) ، تسلم بموجه الشيشكلي زمام السلطتين التشريعية والتنفيذية، وحل البرلمان واعتقل أعضاء الوزارة الجديدة، برئاسة الدواليبي، وعين اللواء فوزي سلو رئيساً للدولة، وشكلت وزارة جديدة ([18]) . وقد وقع اختيار الشيشكلي على فوزي سلو، ليتسنى له من خلاله أن يمارس الحكم المطلق، دون أن يظهر تحت الأضواء الكاشفة ([19]) .
الانقلاب الخامس : _(25/2/1954م)
قاده النقيب مصطفى حمدون حموي من أتباع أكرم الحوراني ، وكان بإمكان العقيد أديب الشيشكلي سحق قوات الانقلاب ؛ لكنه فضل عدم إراقة الدماء ، وغادر البلاد .
واجتمع الشيشكلي بمستشاريه وأركان قيادته ولاسيما الزعيم ( شوكت شقير ) رئيس الأركان العامة ، في 25/شباط/1954، فأشار معظمهم بسحق المؤامرة، وكانت تؤيدهم قوات ضخمة، ترابط في درعا والسويداء وقطنا والقابون والجبهة، إضافة إلى قوات الهجانة • إلا أن الرئيس الشيشكلي آثر الاستقالة حقناً للدماء، وطلب من أنصاره التفاهم مع الآخرين . وغادر دمشق مع مجموعة من أنصاره، متوجهاً إلى لبنان، ثم توجه إلى السعودية فالبرازيل وأذيع نص الاستقالة ؛ الذي بعث به لدى مغادرته، إلى رئيس مجلس النواب وفيها : " رغبة مني في تجنب سفك دماء الشعب الذي أحبّ، والجيش الذي ضحيت بكل غال من أجله، والأمة العربية التي حاولت خدمتها بإخلاص صادق، أتقدم باستقالتي من رئاسة الجمهورية، إلى الشعب السوري المحبوب ، وقد أغفلت إذاعة دمشق إيراد الأسطر الأولى من رسالة الاستقالة التي وضح فيها، بأنه قادر على إلحاق الهزيمة بالثائرين، ولكن على حساب إحداث تمزقات في الجيش ، ومما جاء في الرسالة أيضاً : " قام بعض ضباط الجيش مدفوعين بتأثيرات حزبية بالثورة، في بعض المناطق السورية في محاولة لإسقاط النظام الدستوري الحاضر، وكان من الميسور أن أقمع هذه الحركة... "( [20]) .
كان قسم كبير من الضباط المتمردين من الدروز والعلويين وكان العلويون حاقدين لمقتل أحد زعمائهم غيلة وهو الضابط محمد ناصر في شهر تموز/1950م، كما عانى الدروز من قمع ثورتهم على يد الشيشكلي ([21]) .
وعادت البلاد إلى الحكم الدستوري كما كانت قبل الشيشكلي . واستمر الحكم الديموقراطي في سوريا ، تحت توجيه الجيش حتى قيام الوحدة حيث حلت الأحزاب ، وأقام عبد الناصر حكماً فردياً شمولياً .
والحقيقة أن الجيش أصبح حجر الزاوية في الحياة السياسية السورية ، منذ عهد حسني الزعيم، وأضحى سبباً من أسباب التسلط والإرهاب، في وجه السياسيين والأمة عموماً ... فقد أصبح كل ضابط مهما تكن إمكانياته ، يمني نفسه باحتلال مبنى الإذاعة ، وإذاعة البلاغ رقم (1) لو تيسرت له شلة من الأصحاب ([22]).. ومن ثم تسلل ضباط البعث والأقليات ليحكموا البلاد حكماً تعسفياً، في العقود التالية .
وخلال هذه المرحلة، بدأت تكتلات كبار الضباط تبرز بقوة .. فهم يكرهون حزب الشعب، ولذلك لجأوا إلى الرئيس عبد الناصر لإقامة الوحدة بين مصر وسوريا، وليتخلصوا من الصراع بين كتل الضباط، فذهبوا سراً ودون علم الحكومة، وألحوا على عبد الناصر إعلان الوحدة وبسرعة ([23]) . وكان قد تم اتفاق بين الضباط لاقتسام المراكز الأساسية في الجيش على النحو التالي([24]) :
- العقيد عفيف البزري : رئيساً للأركان - العقيد أمين النفوري : نائباً لرئيس الأركان - المقدم مصطفى حمدون : رئيساً للشعبة الأولى (شؤون الضباط) - المقدم عبد الحميد السراج : رئيساً للشعبة الثانية (أمن القوات المسلحة) - المقدم أحمد عبد الكريم : رئيساً للشعبة الثالثة (العمليات والتدريب) - المقدم أكرم ديري : قائداً للشرطة العسكرية ، وكان هؤلاء يمثلون التكتلات الثلاثة الرئيسية كتلة النفوري وفيها طعمة العودة الله ، وأحمد عبد الكريم وجادو عز الدين،كتلة السراج ومعه البعثيون كتلة الضباط الدمشقيين : وتضم أكرم ديري ورفاقه ([25]) .
كما تضاعف عدد المنضمين للكلية العسكرية في حمص خلال فترة الاستقلال (1946 - 1958م) ، والقادمين من الأرياف ، والطبقات الفقيرة وخاصة من أبناء الأقليات الطائفية ، فقد وجدت هذه الفئات من الطوائف (العلوية - الدروز – والإسماعيلية) فرصتها الذهبية في الانضمام لتلك الكلية العسكرية في حمص ، نظراً لضيق المجالات الأخرى السياسية والاقتصادية أمامها([26]) ، ولذلك أصبحت أغلبية المنضمين إليها من أبناء هذه الأقليات الطائفية ، بينما انشغل أهل السنة وشبابهم في العمل التجاري ، الذي كان يدر عليهم أرباحاً كبيرة .. كان وجود هؤلاء النفر في إدارة الكلية ، قد جعلهم يتحكمون في سياسة القبول للمتقدمين الجدد ، بذلك صارت الأكاديمية العسكرية في حمص بؤرة خطيرة للنمو والتوالد في النفوذ الطائفي ، وهذا لم يمنع بطبيعة الحال وجود بعض الضباط السنة في الكلية المذكورة .([27]) .
الانقلاب السادس : انقلاب الانفصال (28/9/1961م)
قامت مجموعة من الضباط الدمشقيين بانقلاب عسكري فصلوا فيه الوحدة التي قامت بين سوريا ومصر واستمرت ثلاث سنوات ونصف . ثم سلمّ الحكم للمدنيين ، انتخب مجلس نيابي شاركت فيه كافة القوى السياسية ( الإخوان المسلمون ، حزب البعث العربي الاشتراكي ، الشيوعيون ، المستقلون ) .
وكانت هذه آخر الفترات الديموقراطية التي عاشتها سوريا حتى اليوم .
ويتميز انقلاب الانفصال بأنه يختلف عن غيره ، بأن الانقلابيين كان هدفهم فصل الوحدة ، ولم يكن هدفهم استلام الحكم ، وقد اتضح ذلك خلال فترة الانفصال التي دامت سنة ونصف فقط .
وهذا لايعني تبرئتهم من الذنب ([28]) ، فلو بقيت الوحدة على مآسيها لجنبوا سوريا ويلات السبعينات والثمانينات التي راح ضحيتها قرابة مائة ألف مواطن سوري أو يزيد ، معظمهم من خيرة أبناء البلد .
كما أن استمرار الوحدة وترسيخها مطلب إسلامي وعربي وإقليمي([29])، ومعنى ذلك أن قادة انقلاب الانفصال سُخروا بوعي أو غير وعي من أعداء هذه الأمة للقضاء على أول وآخر وحدة شهدناها في حياتنا . وبالتالي فإن الجيش السوري كان وبالاً على أمتنا العربية ، حرمنا من هدف غال كنا نسعى إليه وهو الوحدة ، كما أنه جر على سوريا الخراب والفساد كما سنرى .
الانقلاب السابع : انقلاب البعثيين (8/3/1963م)
لم يدم العهد الديموقراطي في سوريا سوى سنة ونصف فقط ، كانت من أجمل سنوات سوريا الديموقراطية ، إذ كان للإخوان المسلمين نشاطهم العلني ، وصحيفتهم اليومية ( اللواء ) ، وكان للبعثيين نشاطهم العلني ، وصحفهم كذلك ، وكان للشيوعيين مثل ذلك ، ومن قلب هذه الحالة الديموقراطية ، أراد بعض الضباط الدمشقيين بقيادة العميد صدقي العطار القيام بانقلاب ، ثم تسلم السلطة للإخوان المسلمين فرفض الأستاذ عصام العطار ( المراقب العام يومذاك ) وقال : الحكم الذي يأتي على ظهر دبابة تأخذه دبابة أخرى ، ولم يقبل استلام الحكم بانقلاب عسكري ، لأنه طريق غير ديموقراطي[30] ، وبعد ذلك ببضع شهور قام البعثيون بانقلابهم ، وحلوا المجلس النيابي ، وعطلوا الحياة الدستورية ، وأقاموا حكماً عسكرياً ، مازال يحكم سوريا حتى اليوم .
يوم الثامن من آذار (1963م) :
يقول باترك سيل :
كان من الواضح أنه على اللجنة العسكرية أن تجد حلفاء مناسبين ، لأن شبكتها تتألف من ضباط صغار ، وكان في الجيش خمس تكتلات من الضباط : الدمشقيون ، وكتلة أكرم الحوراني ، والناصريون ، والمستقلون ، وأخيراً البعثيون . وقررت اللجنة الاستفادة من الناصريين ، وربما المستقلين أيضاً ، واتصلت بالعقيد راشد القطيني رئيس المخابرات العسكرية ، والعقيد محمد الصوفي آمر لواء حمص ( من الناصريين ) ، واتصلت بالعقيد زياد الحريري آمر قطاع الجبهة مع العدو الصهيوني وهو من المستقلين ، وعرضوا عليه قيادة حركتهم ، وهكذا تجمعت عصبة من ستة رجال وهم : الأسد وعمران وجديد والحريري وقطيني والصوفي ، وتقرر القيام بالانقلاب يوم (7/3/1963م) وقبيل ساعة الصفر داهمت قوة من المخابرات العسكرية الشقة التي كان المخططون يجتمعون فيها ، فألقي القبض على بعضهم ، واختبأ البعض الآخر ، وتمكن الأسد بوسائل اتصال هزيلة من إبلاغ الوحدات التي كانت على أهبة التحرك بأن الانقلاب أرجئ يوماً واحداً .
وفي ليلة (7 8) آذار بدأت الدبابات والمشاة من الجبهة تتحرك بأمر العقيد زياد الحريري نحو دمشق ، كما تحرك لواء من السويداء باتجاه العاصمة ، وانحصر اللواء الخطير السبعين بين فكي كماشة فاستسلم قائده المقدم عبد الكريم عبيد ، واستولى محمد عمران على اللواء السبعين . وهكذا استثمرت الكسوة ، وحيدت قطنا بتعاون وداد بشير من مركز اتصالات الجيش ، وهذا مكن قوات الحريري من الوصول إلى دمشق وأقامت حواجز في المدينة ، واستولى سليم حاطوم على الإذاعة ، واعتقل اللواء زهرالدين ، وسيطر الانقلابيون على قيادة الجيش ، وفي الصباح وصل صلاح جديد على دراجة هوائية لتسلم مكتب شئون الضباط .
وكانت اللحظة المظفرة للأسد هي استيلاؤه على قاعدة الضمير الجوية ، وقد أرسلت بعض الطائرات لقصف الانقلابيين ، وقاد الأسد سرية دبابات أوقفها على بعد ثلاثة كيلومترات عن القاعدة الجوية ولايزال الأسد بالملابس المدنية ، وبعد أن هددهم بالقصف جاء ضابطان للتفاوض يقول الأسد : فذهبت معهما إلى آمر القاعدة وقلت له : انتهى كل شيء لكم ، ولانريد أن نقتل أحداً ، وكانوا جبناء فاستسلموا .
وفي البلاغ التاسع أعيد الضباط ( اللجنة العسكرية ) إلى الخدمة ، مع ثلاثين ضابطاً آخرين ، ورفع النقيب حافظ الأسد إلى رتبة مقدم ([31]) وعين آمراً لقاعدة الضمير الجوية .
شكل مجلس قيادة الثورة من عشرين عضواً منهم إثنا عشر بعثياً وثمانية من الناصريين والمستقلين ، ثم ضمت مجموعة من المدنيين منهم ( عفلق والبيطار ومنصور الطرش ، وقادة مجموعات ناصرية )، وكانت السلطة الحقيقى بيد العسكر فقط .
رفع العقيد لؤي الأتاسي ( ناصري ) إلأى رتبة فريق ؛ وأطلق من السجن وعين قائداً عاماً ، كما رفع العقيد زياد الحريري إلى رتبة فريق أيضاً وحصل على رئيس الأركان .وأعطي محمد الصوفي وزارة الدفاع ، وراشد القطيني نائب رئيس الأركان ، أما البعثيون فكانوا يمسكون المفاصل الحقيقة للقوة ، ووسعت اللجنة العسكرية فصارت ( 15) عضواً ، وصارت (مجلساً داخل المجلس ) .
حصل عمران على قيادة اللواء المدرع الخامس في حمص ، ومن ثم انتقل إلى قيادة اللواء المدرع السبعين في الكسوة ، وهو حامي نظام البعث قبل سرايا الدفاع ، وشرع صلاح جديد في مكتب شئون الضباط في تطهير الأعداء ، وترفيع الأصدقاء ، وأعاد إلى الخدمة الفعلية أعداداً كبيرة من ضباط الاحتياط البعثيين ، وسرحت الدورة من الكلية العسكرية ودعيت دورة سميت دورة البعث الأولى كان رفعت الأسد أحد أفرادها .
أما حافظ الأسد فصار القائد الفعلي للقوة الجوية . كما بحثوا عن واجهة كبيرة فوجدوا محمد أمين الحافظ (صديق للحزب ) وسلموه وزارة الداخلية .
والملاحظ أن الجيش السوري كان ينقض على الحكم كلما سارت البلاد في طريق الديموقرطية ، أو لما قامت الوحدة ، ويقيم بدلاً منها حكماً فردياً استبدادياً ، بتوجيه من المخابرات الأمريكية ، وكانت الأمور تتناوب على الشكل التالي :
1-حكم دستوري ضعيف قبل 1949 .
2-انقلاب الزعيم ( أمريكي ) وأقام حكماُ فردياً شمولياً وألغى الحياة الديموقراطية .
3-انقلاب الحناوي ( بريطاني ) وترك الحكم للمدنيين ، واكتفى بتوجيه دفة الحكم .
4-انقلاب الشيشكلي الأول ( حركة العقداء ) وإخراج سوريا من الاتجاه نحو النفوذ البريطاني .
5-انقلاب الشيشكلي الثاني ، وتسلم الحكم الفردي الاستبدادي المدعوم من أمريكا .
6-انقلاب مصطفى حمدون ، وعودة الحياة الدستورية حتى قيام الوحدة ،مع توجيه السياسة السورية من قبل الضباط ، وانتهت برمي الضباط سوريا بين يدي عبد الناصر ، دون علم القيادة السياسية فيها .
7 انقلاب الانفصال الذي أعاد الحياة الدستورية إلى سوريا ، بعد أن فصل أول وآخر وحدة عايشناها في عمرنا .
8 انقلاب البعثيين ( 8 آذار 63 ) الذي ألغى كل مظاهر الحياة الدستورية والديموقراطية وأقام في سوريا حكماً فردياً عسكرياً مازال حتى اليوم .
الجيش السوري في عهد البعثثين
في الثامن من آذار (1963م) قامت ثورة البعثيين ، نفذها ضابط حموي اسمه العقيد زياد الحريري ، كان قائد لواء في الجبهة ، ترك الجبهة واحتل العاصمة دمشق ، وساعده ضابطان ناصريان هما لؤي الأتاسي ، وراشد القطيني ، أما زياد الحريري فليس له انتماء سياسي محدد .
1 ومنذ الأسبوع الأول تم تسريح ما لا يقل عن سبعمائة من كبار الضباط السنة، بعد انقلاب 8/3/1963م، وتم تعيين مثل هذا العدد لملء الفراغات من أبناء الطائفة العلوية وقليل من الدروز والإسماعيليين، فصارت قيادة اللجنة العسكرية بين ثلاثة من الضباط العلويين : ( عمران - جديد – الأسد )([32]) .
وفي الأسبوع الأول سرح طلاب الكلية العسكرية في حمص ، وطلبت دفعة على عجل سميت ( دفعة البعث ) منها رفعت الأسد وعبد الله طلاس وغيرهم ، ومكثت هذه الدفعة سنة ونصف فقط بدلاً من سنتين ، وكان معظمها من العلويين ، ثم الدروز والإسماعيليين .
2 في انقلاب الناصريين الذي قاده العقيد جاسم علوان من دير الزور يوم (18 /7/ 1963م ) وقد فشل الانقلاب بعد وقوع عدد من الضحايا الأبرياء من سكان دمشق حيث تحركت الدبابات نهاراً وأطلقت نيرانها . في ذلك اليوم وبعده سرحت اللجنة العسكرية ([33]) التي كانت تحكم سوريا من وراء ستار ، سرحت مئات الضباط من أهل السنة بحجة أنهم ناصريون .
3 في حركة (23 شباط 1966م ) سرحت اللجنة العسكرية للبعث مئات الضباط من أهل السنة بحجة أنهم من البعث اليمين ( العفن كما قالوا ) ومنهم الفريق محمد أمين الحافظ ، والنقيب الحموي مصطفى العبدو . وغيرهم .
يقول (فان دام ) وفي (23/2/1966م) تمت الإطاحة بالرئيس محمد أمين الحافظ بانقلاب عسكري قاده سليم حاطوم (الدرزي ) وعزت جديد (العلوي ) . وكانت الوحدات القربية من دمشق مؤيدة لأنها منتقاة بعناية ، أما الوحدات المعارضة للانقلاب فكانت بعيدة في حماة واللاذقية وحمص وحلب ، وأسفر الانقلاب عن تصفية بعض الضباط السنيين البارزين ([34]).
العلويون يتخلصون من باقي الطوائف في الجيش
إكمالاً لمخططات الطائفة بعد إقصاء أمين الحافظ وعصابته، وبعد إكمال سيطرة العلويين على الجيش والحزب وأجهزة الأمن، جاءت المرحلة الثانية من المخطط العلوي، التي استهدفت إبعاد من تبقى من الضباط البارزين من أهل السنة، ثم التخلص من أبناء الأقليات الأخرى وإبعادهم عن القوات المسلحة ومراكز الدولة الحساسة وتم ذلك على النحو التالي :
1- إبعاد الضباط المسلمين عن مراكز القوة ([35]) :
ما بين الأعوام (1963 - 1966م) كانوا قد تخلصوا من أبرز ضباط أهل السنة تحت مسميات مختلفة ، واستمرت هذه التصفيات بعد انقلاب (23/شباط/1966م) ففي أوائل عام 1967م، تمت محاكمة عدد من الضباط المسلمين بتهمة الاشتراك في انقلاب خططت له القيادة القومية . فاستقال العديد من قادة الفروع والشُّعَب والفرق من حزب البعث احتجاجاً على الهيمنة العلوية على جهاز الحزب والقوات المسلحة، وخاصة في منطقة حوران .
وفي تلك المرحلة كان قد تم تسريح كبار الضباط السنة من أهالي حوران من الجيش عام 1966م، أمثال موسى الزعبي ومصطفى الحاج علي، وكانا عضوين في اللجنة العسكرية البعثية ، وقد هددت بعض القيادات الحزبية في محافظة درعا، بالاستقالة إذا استمر صلاح جديد وحافظ أسد على نهجهما الطائفي ، فاستقال ثلاثة وزراء هم : محمد الزعبي ، وصالح محاميد (من أهل السنة) ، ومشهور زيتون (نصراني من حوران )( [36]) .
كما أن الطائفة العلوية بدأت تتخلص من معظم العناصر الحورانية بعد حرب حزيران عام 1967م، وكانت الكتلة الحورانية داخل الجيش ، تكتسب قوتها دائماً من خلال التحالف مع صلاح جديد وسليم حاطوم .. فتخلصت منها، كما تخلصت من القيادات الحزبية البارزة من المدنيين من محافظة درعا ،وفي15 شباط عام 1968م، أعفي اللواء أحمد السويداني - رئيس الأركان - من منصبه، بعد أن اتهم بمحاولة انقلابية في شهر آب/1968م، وكان فيما سبق من أبرز أنصار صلاح جديد، وهو ضابط يعتبر من أهل السنة في حوران، ثم اعتقل في شهر أيلول/1969م ، كما اعتقل كثير من أنصاره ... وأودع سجن المزة، حتى شهر شباط/1994م ، بعد أن قضى في سجنه حوالي 25 عاماً ( [37]) . وبذلك تم إبعاد معظم الضباط المسلمين، ضمن مخطط رهيب مدروس ..
الجيش السوري في حرب (1967م ) :
من قراءة كتاب سقوط الجولان وغيره مما كتب عن دور الجيش السوري في حرب (1967م ) ، وخاصة المقابلات مع العسكريين الذين شاركوا فيها ، وقد التحقت بخدمتي العسكرية بعدها ببضع سنين ، وتحدثت مع كثيرين من ضباط الصف والجنود الذي حضروها ، وأستطيع أن ألخص دور الجيش السوري بما يلي وسوف أركز على الجانب العسكري فقط ولا أتطرق إلى النوايا :
1 كان النظام السوري هو المحرض على الحرب ، وقد صرح حافظ الأسد ([38]) ويوسف زعين ([39]) وغيرهما وهذه التصريحات مودعة في الصحف السورية يقولون ما خلاصته أن الجيش السوري مستعد وقد أكمل استعداداته ليوم التحرير ، وقد حرض البعثيون عبد الناصر على طرد قوات الطوارئ الدولية من شرم الشيخ ، ومضائق تيران ؛ ليبدأ الحرب ، وكأنهم يهدفون إلى توريطه وكسر شوكته في الحرب من قبل إسرائيل ، وقد تم ذلك فعلاً .
3 صباح الخامس من حزيران طلب الملك حسين من الطيران السوري الساعة التاسعة صباحا ًأن يقوموا بهجوم مشترك سوري عراقي أردني على مطارات العدو ، عندما كانت جميع طائراته منشغلة بتدمير السلاح الجوي المصري ، ولكن القيادة السورية تقول : لقد فوجئت بالحرب !!!؟ وأن مطاراتهم في يوم تدريب عادي !!!؟ وريثما يوقف البرنامج التدريبي ، وتجهز المطارات للهجوم تحتاج إلى ساعة . ثم قبل العاشرة طلبت تمديد المهلة إلى نصف ساعة أخرى ، ثم نصف ساعة أخرى أيضاً ( على ذمة الملك حسين ) في كتابه : حربنا مع إسرائيل وقد وزع في لبنان ، يقول الملك وفي الحادية عشرة يئسنا من السوريين وقمنا بالهجوم وحدنا بإمكاناتنا المتواضعة ([40])[ وينتبه إلى أن الطيران الصهيوني في الحادية عشرة أنهى معركته بعد تدمير السلاح الجوي المصري ] ، وكانت أول غارة يقوم بها الطيران السوري في الثانية عشرة ظهراً على مصفاة حيفا . وبنفس الوقت تقريباً كانت الطائرات الصهيونية تدمر مدرج مطار المزة في دمشق ، وأسقطت المدفعية السورية ميراجاً أحضرت منها قطع إلى حديقة جامعة دمشق . وفي نهاية اليوم الأول كانت مدارج المطارات السورية مدمرة كلها .
4 أما القوات البرية فقد احتفظ النظام بالوحدات القوية الفعالة لحماية دمشق ، وجمع لواءين من الاحتياط على عجل ، وطلب من الألوية المدافعة على الخط الأول الانسحاب ، في الوقت الذي زج فيه بألوية الاحتياط المهاجمة [ وهذا إن لم يكن ( .....!!!) يكون سوء فهم للقتال لأن معظم الضباط الأكفاء سرحوا من الجيش واستبدلوا بضباط احتياط علويين ( معلمي مدارس ) لاخبرة لهم في القتال ] . يقول مصطفى خليل : واختلط الحابل بالنابل ، قوات منسحبة وأخرى تدخل مكانها ، في حين انشغلت كثير من آليات الجيش بترحيل أسر العسكريين العلويين من القنيطرة والجولان .
( وكان آخر فوج من المسرحين في الشهر الخامس من عام 1967م وبلغ مجموع المسرحين أكثر من ألفي ضابط ( !!!!) وهذا العدد كاف لشل قدرات الجيش السوري ) ([41]) .
رواية الضابط اللبناني :
قال ضابط لبناني في مرصد مشترك مع السوريين :
( في الساعة العاشرة من يوم (9/6/1967م ) تحرك لواء مدرع اسرائيلي بعد التمهيد من الطيران والمدفعية بدأ بالتحرك ومعه جرافات بالجنازير وبرج لحماية السدنة إلى ( تل قاضي ) المنطقة الأقل تحصيناً لأنه لايخطر في بال سوري أو لبناني أو عربي دخول القوات منها لوعورتها وارتفاعها الحاد ، وكان المفروض أن يتصل الضابط السوري بقيادته ليعين لها زوايا وجود اللواء المدرع الصهيوني بواسطة المنظار المكبر ، لكن سرعان ماتبين أنه لايعرف استعمال هذا المنظار ، لقد كان من أشد المتحمسين للنظام ، ولكنه كان معلم مدرسة لم تمض عليه في الخدمة أكثر من ستة شهور في الجيش ) ... ( وعندما وصلت الدبابات الاسرائيلية سفح ( تل قاضي ) منهكة وفي منتهى الارهاق ، توقعت أن يخرج لها اللواء السوري المدرع الموجود بالقرب منها في تحصيناته التي لم يؤثر عليها التمهيد المدفعي ، ولا الطيران ، توقعت أن يقوم بهجوم معاكس عليها كما تعلمنا في الكلية العسكرية وفعلاً رأينا الدبابات السورية تخرج من مخابئها ، وبدأت أرقص فرحاً وحمية ، ولكن المفاجأة أذهلتني ، عندما رأيت الدبابات السورية تخرج من تحصيناتها لتتجه نحو القنيطرة هاربة ، لا لتقوم بهجوم معاكس ([42]).
وشاء الله عزوجل أن تتعطل إحدى الدبابات في آخر الرتل ، فاضطر قائدها للقتال ، ووجه مدفعه نحو العدو وبدأ بالاشتباك ، فدمر ست دبابات ، وأوقف الهجوم الاسرائيلي حتى وصل الطيران الصهيوني فيدمر هذه الدبابة بصاروخ جو أرض .
وتابع الضابط اللبناني : إن كثيراً من الضباط السوريين من رتبة ملازم إلى رتبة نقيب ، يتمتعون بمزايا حزبية عالية ، ولكنهم لايتمتعون بمزايا عسكرية مماثلة ([43]) .
وشاع الخبر أن القيادة أعطت أمراً بالانسحاب ، فترك معظم العسكريين أسلحتهم ، وهربوا ، حتى قائد الجبهة العميد أحمد المير ( عضو اللجنة العسكرية للبعث ) هرب على ظهر حمار بشكل راعي غنم كي لايقع في الأسر .
البلاغ رقم (66) عن سقوط القنيطرة :
ثم أذيع نبأ سقوط القنيطرة في اليوم العاشر من حزيران ، وكان عبد الرحمن الأكتع وزير الصحة يومذاك في جولة ميدانية جنوب القنيطرة ، يقول سمعت نبأ سقوط القنيطرة يذاع من الراديو ، وعرفت أنه غير صحيح لأننا جنوب القنيطرة ولم نر جيش العدو ، فاتصلت هاتفياُ بحافظ الأسد وزير الدفاع وقلت له : المعلومات التي وصلتكم غير دقيقة ، نحن جنوب القنيطرة ولم نر جيش العدو !!! فشتمني بأقذع الألفاظ ومماقاله لي : لاتتدخل في عمل غيرك يا ... ، فعرفت أن في الأمر شيئاً !!؟
ويقول الدكتور سامي الجندي : ( ... أسئلة كثيرة ترد إلى الأذهان : لماذا لم يطلب الحكم السوري وقف إطلاق النار مع مصر والأردن مادام الاستمرار في القتال مستحيلاً !!!؟ كما يقول الجندي : إن إن إعلان سقوط القنيطرة قبل وصول العدو لها بأكثر من يوم ، أمر لايمكن فهمه بتأويل حسن .
وخلاصة القول في حرب (1967م) أنها كانت مسرحية ، هدفها كسر شوكة عبدالناصر ، واحتلال الجولان من قبل الصهياينة ، واحتلال الضفة الغربية والقدس ، وقدتم ذلك كله . وممايؤكد ذلك أن خسائر الجيش السوري كانت (115) عسكرياً فقط ([44])، وهم الذين لم يتقيدوا بأمر الانسحاب ، فضلوا أن تمر الدبابات الإسرائيلية على أجسادهم ؛ كما حصل في تل العزيزيات([45]) .
2- إبعاد الضباط الدروز :
على إثر انقلاب 23/شباط كان قد تم تعيين حافظ الأسد وزيراً للدفاع، وقد لاقى ذلك انتقاداً شديداً وخاصة من قبل أبناء الطائفة الدرزية، إذ كان من المتوقع أن يشغل هذا المنصب (حمد عبيد) ، وذلك أنه شغل هذا المنصب أيام حكومة زعيّن، وكان من أبرز أعوان صلاح جديد، ولم يُعَدُ انتخابه عضواً في القيادة القطرية، فخطط لانقلاب معاكس باء بالفشل وأدى إلى اعتقاله، واعتقال المشاركين معه ، أما سليم حاطوم، فلم يكافأ على دوره في انقلاب23/شباط وإسقاط أمين الحافظ، وما أعيد انتخابه عضواً في القيادة القطرية الجديدة، فشرع بإقامة تنظيم عسكري سري بقيادة اللواء فهد الشاعر - درزي - ضم عدداً من الضباط ولم يقبل فيه أي علوي ، ومن ثم قام بمحاولة انقلابية أخرى انتهت بالفشل في 8/أيلول/1966م ، هرب على أثرها حاطوم وطلال أبو عسلي إلى الأردن، كما أبعد اللواء الدرزي فهد الشاعر عن القوات المسلحة، وأجبر عشرات الضباط الدروز على مغادرة سوريا، وشل تنظيم الحزب في منطقة جبل الدروز، وفي شهر آذار/1968م ، حوكم الكثير من أبناء الطائفة الدرزية ، بتهمة المشاركة في انقلاب على السلطة ، والتحريض على الحرب الأهلية، وصدرت قرارات تقضي بإعدام وسجن مجموعة منهم، وإبعاد ضباط آخرين إلى مواقع غير مهمة ([46]) .
وكان من نتائج محاولة حاطوم الفاشلة تصفية كتلة الضباط الدروز، والضباط الباقين من أهل السنة، والجماعات الأخرى، فلم يعد لها القدرة على تكوين كتل قوية منفصلة يمكنها أن تهدد النظام بصورة خطيرة ([47]) ، ولقد شكل الضباط العلويون أعلى نسبة في المؤسسة العسكرية حيث وصلت إلى (49 %) بعد انقلاب الثامن من آذار/1963م، ثم ارتفعت هذه النسبة حتى بلغت ذروتها (63.2 %) في عهد صلاح جديد (ما بين 1966 - 1970م)([48]) . وكانت هذه النسب العالية هدفاً أساسياً من أهداف مؤتمرات الطائفة العلوية تسعى إليها القيادة الدينية والعسكرية للطائفة .
وقد صرح سليم حاطوم لصحيفة النهار (15/9/1966) قائلاً : ( إذا سئل عسكري سوري عن ضباطه الأحرار سيكون جوابه أنهم سرحوا وشردوا ولم يبق سوى الضباط العلويين ، وإن الضباط العلويين متمسكون بعشيرتهم وليس بعسكريتهم ، وهمهم حماية صلاح جديد وحافظ أسد ، وإن الاعتقالات الأخيرة شملت مئات الضباط من جميع الفئات إلا العلويين ) ([49]) .
3- إبعاد الضباط الإسماعيليين :
قبل انعقاد المؤتمر القطري الاستثنائي (في دمشق في آذار/1969م) بفترة وجيزة أحاط أنصار حافظ الأسد العسكريون بمقر العقيد عبد الكريم الجندي، الذي يعد أحد الأنصار المتحمسين لصلاح جديد، والذي كان يشغل منصب رئيس الأمن القومي والاستخبارات العامة، واختطفوا عدداً من مساعديه وأنصاره، مما دفع الجندي إلى الانتحار، وبانتحاره وبإبعاد أحمد المير عن الجيش والسلطة يمكن القول: إن دور الإسماعيليين قد أصبح هامشياً في السلطة ، وخاصة بعد تسلم حافظ الأسد لها ([50]) .
وبذلك صفيت الأقليات الطائفية من الدروز والإسماعيليين ، بعدما استخدمت من قبل العلويين لتصفية أهل السنة من الجيش ومؤسسات الدولة .
الصراع على الجيش ضمن الطائفة العلوية :
بعد الانتهاء من محمد عمران (اللواء العلوي) بسبب استعجاله للمخطط لدى الطائفة وانكشاف أمره، ونفيه إلى لبنان، انتقل الصراع إلى القوى المتنفذة داخل الطائفة العلوية ، وبعد سقوط القيادة القومية في شباط/1966م، بدأ التنافس بين صلاح جديد وحافظ أسد في الجيش والحزب ، فكان صلاح جديد يمارس علاقات شخصية كثيرة مع الضباط العلويين ، واهتم بالحزب ، أما حافظ أسد الذي كان آنذاك وزيراً للدفاع، فقد كان في وضعية ملائمة لطموحاته، حيث استطاع من خلال منصبه أن يؤثر ويستميل أعداداً كبيرة من الضباط العلويين ، إذ كان منذ عام 1964م قائداً لسلاح الجو، وخلال عملية ملء الشواغر بعد انقلاب شباط/1966م، استطاع أن يعين أنصاره بشكل كثيف في إدارة ذلك السلاح ، وفوق هذا كله كان الأسد ولسنوات عديدة مسؤولاً - أو أحد المسؤولين - عن المكتب العسكري للحزب ([51]).
وعقد المؤتمر العاشر لحزب البعث في (أكتوبر -1970م) وذلك للبحث مجدداً في أزمة الحزب، فأمر الأسد أيضاً باعتقال مجموعة من أنصار جديد، ليكسر معنويات منافسيه من العلويين داخل المؤتمر، رغم أنه بدا واضحاً خلال المؤتمر أنه ليس للأسد من أنصار سوى بعض الشخصيات الباهتة من أمثال مصطفى طلاس، ( وزير الدفاع ، ومؤلف كتاب فن الطبخ ) أما صلاح جديد فقد استطاع أن يؤثر على مجموعة كبيرة من الحزبيين، أما في الجيش فقد كانت الساحة حكراً لحافظ أسد .
وعندما أصدر المؤتمر قراره الشهير بضرورة إعفاء حافظ أسد من منصب وزير الدفاع، ومصطفى طلاس من منصب رئيس الأركان ، أمر حافظ أسد الجيش باحتلال كافة فروع الحزب، واعتقال صلاح جديد ورئيس الجمهورية نور الدين الأتاسي، ( وكان المنفذ ضابط حموي هو الرائد ( علي مدني ) قائد الشرطة العسكرية في دمشق ([52]) ، وذلك في 16/تشرين الثاني/1970م وفرَّ كثير من أعضاء المؤتمر إلى لبنان تفادياً للاعتقال ، واستمروا في معارضة النظام السوري الجديد من هناك( [53]) . وبقي اللواء صلاح جديد في سجن المزة حتى وفاته في 19/آب/1993م، ودفن في قريته في اليوم التالي قرب اللاذقية، أما نور الدين الأتاسي، فقد أطلق سراحه بعد أكثر من عشرين عاماً قضاها في السجن، ومات بعد ذلك بقليل ، وقد لقي العديد من البعثيين (المدنيين والعسكريين) المعارضين لحافظ أسد نفس المصير ، وانفرد حافظ الأسد في السلطة، وأصبح أول رئيس للجمهورية السورية من الطائفة العلوية عام 1971م .
ويتضح أن الجيش هو صاحب السلطة وليس الحزب ، وقد صار هذا من البدهيات خلال عهد حافظ الأسد الذي دام ثلاثين سنة ، ثم ورّث الحكم لولده الطبيب بشار ، وهو زاهد فيه .
حرب تشرين 1973
يقول باترك سيل :
كانت حرب تشرين أكبر مشروع عسكري عربي في العصر الحديث ، وبدلاً من أن يحقق الآمال الزاهية كان كارثة سياسية وضعت العرب على طريق التفكك والتمزق . ففي اليوم الأول نقل المصريون مائة ألف جندي وأكثر من ألف دبابة عبر قناة السويس وحطموا خط بارليف بسرعة وأنشاوا خمسة مواقع دفاعية كنقاط انطلاق جديدة . وزجت سوريا خمسة وثلاثين ألف جندي وثمانمائة دبابة واجتاحت الحدود وكادت أن تصل إلى طبريا . وقد تحقق في اليوم الأول تحطيم أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لايقهر . ومن حماسة الأسد نسي أن السادس من أكتوبر (1973) هو عيد ميلاده الثالث والأربعين .
وفي صباح اليوم السابع كانت إسرائيل قد خسرت (300) دبابة ، وفي يوم الثامن خسروا في الهجوم المعاكس الذي قاده شارون (260) دبابة أخرى ، وكانت هذه أكبر خسائر في تاريخ الجيش الإسرائيلي .
وفي اليوم الأول في الجولان تكبدت الفرقة التاسعة والسابعة في القطاعين الشمالي والأوسط ؛ تكبدتا خسائر فادحة في خندق الدبابات الذي حفره الصهاينة ، والسوريون يتفرجون عليهم ، وحصلتا على مكاسب متواضعة ، بينما تقدمت الفرقة الخامسة من الجنوب وطردت الصهاينة من أجزاء كبيرة من الجولان الجنوبي والأوسط ، وفي اليوم الثاني زجت الفرقة الأولى في القطاع الأوسط ، وهي من أقوى الفرق للجيش السوري ولديها دبابات (ت 62 ) .
في اليوم الأول والثاني للحرب نفذت خطة إجبار الصهاينة على القتال في جبهتين معاً . وكان هذا هو الصفحة المشرقة في حرب تشرين .
ثم لم تتقدم مصر بعد تجاوزالقناة كما توقع السوريون ، بل قاتلت سوريا أسبوعاً كاملاً وحدها ، وهكذا تغلبت إسرائيل كعادتها على الجبهتين واحدة بعد الأخرى .
وعندما تنبهت إسرائيل إلى أن أهداف مصر متواضعة ، عندما رأت القوات المصرية تحفر وتستحكم في مكانها شرقي القناة ، لذلك أمر ديان سلاحه الجوي بالعمل فوراً ضد السوريين ، وبدأ الطيران الصهيوني يواجه الدروع السورية ، وخطوط الإمداد والتموين ، وواجهت القوات السورية في يوم (8، 9 ) نيران سلاح الطيران الصهيوني بكامله ، وسيطر العدو على سماء المعركة ، وكانت عدد طلعاته تتراوح يومياً بين (500 600) طلعة ضد القوات السورية ([54]) . وأقل من خمسين طلعة في سيناء . وهكذا أوقف التقدم السوري ، ثم أعيد القهقرى . في مساء اليوم التاسع .
وفي يوم (11/10) اخترق العدو الدفاعات السورية ، وكان قد فقد السوريون (800) دبابة أي كامل قوتهم المدرعة ، وستة آلاف رجل ، ومئات السيارات المصفحة ، وأضرار بثلاثة مليارات ونصف دولار .
انفراد الأسد بالجيش واعتماده على عشيرته وأقاربه
بعد الحركة التصحيحية في 16/11/1970م ، استطاع حافظ أسد أن يوسع نفوذه في أوساط الجيش بشكل سريع ؛ يساعده مجموعة من الأنصار المؤازرين في الجيش مثل : أخيه رفعت الأسد، وعلي حيدر قائد القوات الخاصة، وعلي دوبا رئيس المخابرات العسكرية، وعلي الصالح قائد الدفاع الجوي في أول الفترة، وفي عام 1975م، كان هؤلاء هم اللجنة العسكرية المسؤولة عن تنقلات الضباط ( [55]) وقد عُيّن بعض الضباط السنة أولاً تغطية للتوجه الطائفي ، أمثال : مصطفى طلاس الذي عين وزيراً للدفاع، ويوسف شكور - نصراني من حمص - عين رئيساً للأركان ، كما عين اللواء ناجي جميل في قيادة سلاح الجو ، عُيّن هؤلاء لأنه ليس لهم أتباع في الجيش، وبغرض تهدئة أهل السنة، وتبديد الانطباع العام حول سيطرة العلويين ، على أن الأسد لم يعتمد على هذه العناصر، بل كان اعتماده الفعلي على حفنة من الضباط العلويين الموالين له ، أمثال : علي دوبا، وعلي أصلان، وحكمت إبراهيم .. وكان الأسد يخشى من قيادات أخرى قبلية داخل الطائفة ، كانت تتعاطف مع صلاح جديد، وتثق به، وخاصة أن الأسد قد ساءت سمعته بسبب مواقفه السيئة والدموية داخل الطائفة .. فهو المسؤول عن اغتيال اللواء (محمد عمران).
وبدأ الأسد يهتم بإخوته، ويقلدهم المناصب الرفيعة، فعين رفعت أسد قائداً لسرايا الدفاع، التي كانت ترابط قرب دمشق لحماية النظام، في عام 1970م، كما عين عضواً للقيادة القطرية في المؤتمر القطري السادس في شهر نيسان لعام 1975م، وعُيّن أخوه جميل الأسد في مجلس الشعب ، كما عين عضواً في المؤتمر القومي الثاني عشر لمنظمة الحزب الحاكم ، وكان إخوته الآخرون أعضاء عاملين في الحزب، وشغلوا مراكز بارزة في الجيش ومؤسسات الحزب والدولة ، حتى يقوموا بمراقبة التطورات الداخلية في الحزب ومؤسساته .
وقد اعتمد الأسد بشكل كبير على أفراد عائلته الآخرين وعلى أبناء قبيلته وقريته وما يجاورها، فأصبحت سوريا الثورة مزرعة لآل الأسد وأقاربه ! ذلك أن التحديات لنظامه، نبعت من داخل الطائفة العلوية في المراحل الأخيرة من حياته السياسية ([56]) ، ومنذ ذلك الوقت تمت السيطرة للأسد على الجيش ومن ثم على مقدرات البلاد، بواسطة إرهاب العسكر، والتفاف بعض عناصر طائفته، وجميع أسرته وعشيرته ، فقد بات كثير من الطائفة يعتقد أن سبيل نجاتها في سوريا لن يكون إلا بسحق بقية الطوائف ( [57]) .
الصراع بين حافظ ورفعت :
واستمر الصراع على السيطرة في الجيش بين حافظ أسد وشقيقه ، بل ذراعه الأيمن رفعت الأسد قائد سرايا الدفاع الذي حمى حكم حافظ الأسد وثبته خلال عقد السبعينات . وظهر هذا الصراع عندما تأكد رفعت أن شقيقه يمهد لنقل السلطة إلى ولده باسل ، المهندس الرائد قائد أحد ألوية الحر س الجمهوري الذي أعده حافظ الأسد لينافس سرايا الدفاع التي يقودها رفعت الأسد ، والتي لاتنفذ غير أوامره .
وفي عام (1984) حاول رفعت الأسد القيام بانقلاب عسكري ، وحرك دبابات سرايا الدفاع في العاصمة دمشق ، وكانت خطته قصف العاصمة دمشق بالمدفعية من أجل إرهابها ( كما يقول مصطفى طلاس ) ، ولكن حافظ الأسد بمعاونة مصطفى طلاس ، وعلي دوبا ، وشفيق فياض ، وعلي حيدر .... وكلهم من المنافسين الكارهين لرفعت الأسد ، والطامعين في الحكم مثله ، استطاع حافظ الأسد أن يجندهم ضد شقيقه ويبطل محاولة الانقلاب التي قام بها رفعت عام (1984م) ، ومن ثم أجبر أخاه على مغادرة سوريا ، بعد أن بعثر ضباطه ، وحل سرايا الدفاع ، ووزع أفرادها على وحدات الجيش ، ورضي رفعت أن يغادر سوريا شريطة أن يحصل على المبلغ الذي يطلبه ، وقد وافق حافظ الأسد وأعطاه كل ما يوجد في المصرف المركزي من قطع نادر ، بل حصل حافظ على مبلغ آخر من العقيد القذافي أشبع فيه نهم شقيقه رفعت ؛ كي يترك سوريا لأخيه حافظ ويسافر إلى أوربا مع مائتين من حراسه الشخصيين ([58]) ، وتم ذلك كله بمساعدة روسيا التي ترى رفعت من تلاميذ أمريكا وممن يكرهون الماركسية .
الجيش السوري في عهد حافظ الأسد وولده بشار
تستهلك المؤسسة العسكرية أكثر من (60 % ) من الميزانية السنوية ، ناهيك عن دخل النفط السوري الذي لايدخل الميزانية ، بل يذهب إلى جيب حافظ الأسد مباشرة ؛ كي ينفق منه على الجيش ( شراء أسلحة ) ، ومصاريف الأجهزة الأمنية ، ومكافآت أزلامه وأقاربه الذين يحمون عرشه ، ويتردد لدى الشعب السوري حتى المثقفين أن الجيش يستهلك (80 % ) من الدخل القومي السوري .
ولايطلع الجيش الحكومة على حساباته ، ولاتخضع لرقابة وزارة المالية أو التفتيش ، بل ترتبط مباشرة برئيس الجمهورية القائد الأعلى للجيش ، ويمكن أن نجد الملاحظات التالية :
1 تزيد نسبة الضباط العلويين على (90 % ) في الجيش بشكل عام ، أما في الوحدات الخاصة فتصل إلى (95 % ) وفي سرايا الدفاع تصل إلى (99 % ) ، بينما تصل نسبة العلويين في الجنود المتطوعين ( جنود وضباط صف ) إلى(90 % ) ، وسرايا الدفاع والوحدات الخاصة هي التي نفذت مجازر وحشية مثل مجزرة جسر الشغور (1980) ، وحلب (1980) وسجن تدمر ( 1980 ) ومدينة حماة (1982) .
2 الجيش السوري وتجارة المخدرات :
في ظل هدوء كامل على جميع الجبهات السورية مع العدو الصهيوني ، انصرف الضباط إلى كسب المال الحرام ، وخاصة من تجارة المخدرات ([59]):
[ تشير العديد من الأدلة إلى تورط عدد من الضباط السوريين في الجيش وأجهزة الأمن في تجارة المخدرات الدولية، حيث يتم إنتاج كميات كبيرة من الأفيون في سهل البقاع اللبناني الذي كانت تزرع فيه نبتة القنب (الكانابيس) بكثرة قبل التدخل السوري عام 1976. ويتردد في معظم المصادر اسم رفعت الأسد - نائب الرئيس السوري وشقيقه في نفس الوقت - كشخص مهم في هذه التجارة الدولية. وكانت مجلة الإكسبرس الفرنسية قد ادعت (في عددها الصادر في شهر مايو 1987، ص 34 - 41) بأن هناك صلة للسلطات السورية في تجارة المخدرات اللبنانية وأن نائب الرئيس السوري رفعت أسد ضالع في تسويقها لدى شبكات التجارة العالمية. وفي شهر مايو 1985 قامت السلطات الإسبانية بطرد القنصل العام والمسؤول الأمني في السفارة السورية بسبب انكشاف دورهم في شحنة هيروين تم مصادرتها، وادعت الصحافة يومها بأن للسفير السوري في إسبانيا (وهو شخص مقرب من رفعت أسد) دور في هذه الصفقة كذلك.
وتوفر تجارة المخدرات مصدر تمويل رئيسي للمسؤولين في أجهزة الاستخبارات السورية مما يساعدهم في تقوية مواقعهم ودعم سلطتهم. فقد نقلت مجلة الإكسبرس الفرنسية عن إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية ( DEA) أن تجارة الأفيون وحدها قد وفرت للمسؤولين السوريين مكاسب تقدر بمليار دولار في عام 1986، وقد نتج عن ذلك تضاعف إنتاج هذه المادة إلى خمسة أضعاف. ووفقاً للتقرير السنوي الصادر عن إدارة متابعة تجارة المخدرات الدولية الحكومية (INCSR) عام 1989 فقد تضاعف إنتاج لبنان من الأفيون عام 1988 بصورة كبيرة بحيث أصبحت لبنان منتجاً رئيسياً لهذه المادة. وكان إنتاج لبنان في ذلك العام (1988) 600ر48 طن من القنب (الكانابيس) و700 طن من الحشيش و30 طن من الأفيون الخام، وتعتبر هذه زيادة كبيرة حيث لم يتجاوز الإنتاج اللبناني للأفيون عام 1987 عن 6 أطنان. وبالإضافة إلى ذلك فقد تم إنتاج 5 أطنان من الهيروين عام 1988، كما أصبحت لبنان منذ ذلك العام مركزاً رئيسياً لتصدير الكوكائين. وتذهب صحيفة اللوفيغارو في عددها الصادر بتاريخ 11/6/1988 بأن المزارع اللبنانية تنتج 60 طناً من الأفيون الخام سنويا حيث توجد مختبرات سرية لتصنيع المخدرات، وبأن الأرباح - التي تقدر بمئات الملايين - يتم اقتسامها بين المزارعين والمنتجين والمسوقين والقوات العسكرية السورية. وقد أشار التقرير السنوي ل (INCSR) عام 1990 بأن المساحة الكلية للأراضي المخصصة لزراعة الأفيون قد تضاعفت بين الفترة 1988 و 1989 من 2000 إلى 4500 هكتار، ونتج عن ذلك تضاعف إنتاج الأفيون تباعاً من 30 إلى 45 طن يتم معالجته بعد ذلك لتصنيع مادة الهيروين في مختبرات سرية في لبنان وسورية.
وبالرغم من وجود مناطق عدة في لبنان لزراعة الأفيون فإن منطقة سهل البقاع الخاضعة للقوات السورية تعتبر المركز الرئيسي لهذه النبتة، حيث يشير التقرير السابق بأن القوات السورية هي التي تقوم بحراسة هذه المواقع، وتشرف كذلك على إصدار التصاريح اللازمة لمرور الشحنات عبر مواقع التفتيش السورية، بينما تقوم شاحنات النقل التابعة للجيش السوري في كثير من الحالات بنقل شحنات المخدرات، وتضيف مجلة الإكسبريس بأن طائرات الهيلوكبتر العسكرية التابعة للجيش السوري تستخدم كذلك لنقل المنتج الخام إلى المختبرات التي يتم فيها معالجة الأفيون لتحويله بعد ذلك إلى مادة الهيروين تمهيدا لبيعه في السوق العالمية. ومع وجود عدد من المختبرات في سهل البقاع فإن المدينة الرئيسية التي يتم شحن الأفيون إليها لمعالجته هي مدينة حلب حيث يوجد العديد من المختبرات المهمة التي يمكن تتبع المزيد منها في دمشق وحمص وحماة. وبالنظر إلى التواجد الكثيف للمخابرات داخل سورية فإنه يستحيل وجود هذا العدد من المختبرات دون علم السلطات السورية بها، بل إنه من غير المتصور أن تتم هذه التجارة بأسرها دون أن يكون للسلطات السورية ضلوع فيها].
هكذا إذن الطائرات العمودية التي دفع الشعب ثمنها من لقمة خبز أولاده ، استخدمت في قتل المواطنين الأبرياء في جسر الشغور ، وجبل الزاوية ، وحماة ، وتدمر ، واستخدمت أيضاً في نقل المخدرات من المزارع إلى المصانع المبثوثة في مدن سوريا تحت حراسة المخابرات العسكرية .
[ووفقاً لتقرير (INCSR) لعام 1990 فإنه يتم شحن المخدرات اللبنانية عن طريق سورية وإسرائيل والموانئ اللبنانية على البحر المتوسط وأبرزها طرابلس. وبينما تعتبر مصر من أكبر مراكز استهلاك الحشيش فهناك كميات كبيرة تصدر كذلك إلى سورية وتركيا، ويقدر التقرير بأن 40% من الهيروين و 20% من الحشيش اللبناني يصل إلى الولايات المتحدة سنوياً.
وفي حين تلمح المصادر الحكومية في أمريكا إلى تورط النظام السوري دون تأكيد هذه المعلومات فإن أحد المحققين السابقين في ملف المخدرات اللبنانية قد صرح بأن الحكومة الأمريكية تعلم أكثر مما هو منشور، وبأن النظام السوري متورط في هذه التجارة بشكل قطعي. وقد نص على ذلك تقرير عام 1990 المذكور آنفا بقوله: "يعتقد المسؤولون الأمريكيون بأن عدداً من الجنود والضباط السوريين المتمركزين في سهل البقاع – بالإضافة إلى ضباط كبار في قيادة الجيش السوري - متورطون في تجارة المخدرات" (ص 367). وفي إشارة أخرى إلى الدور السوري يقول التقرير: "وباستثناء الحزام الأمني الإسرائيلي في جنوب لبنان والأماكن الخاضعة للنصارى فإن 65% من البلاد تخضع للقوات السورية بما فيها سهل البقاع الذي يعتبر المركز الرئيسي لإنتاج المخدرات، ولدينا قناعة بأن السلطات السورية تجيز إنتاج وشحن المخدرات في المناطق الخاضعة لسيطرتها وتستفيد من ذلك" (ص 362).
وفي عدد 19 نوفمبر 1989 ادعت صحيفة التورنتو ستار الأمريكية بأن مسؤولين أمريكان وفرنسيين قد تورطوا في هذه التجارة مقابل الإفراج عن الرهائن ولتحقيق مصالح أخرى. وادعت الصحيفة بأنه في عام 1988 أوفدت فرنسا عالمين في مجال الكيمياء للإشراف على إنشاء مختبرين لإنتاج الهيروين في لبنان تابعين لرجل الأعمال السوري منذر الكسار الذي يمارس كثيرا من أنشطته التجارية في أوروبا ويتمتع بعلاقة جيدة مع رفعت أسد. وقد زعمت الصحيفة كذلك بأن مسؤولين في وكالة الاستخبارات الأمريكية قد سهلوا صفقة مخدرات في أمريكا مقابل "مساعدات" قدمها لهم منذر الكسار. جدير بالذكر أن شقيق الكسار متزوج من ابنة رئيس المخابرات العسكرية علي دوبا.
ويتضح من قراءة التقرير أن المخابرات الأمريكية والاسرائيلية مضطلعة على تورط النظام السوري في تجارة المخدرات ، وزراعتها وانتاجها في لبنان وتصديرها إلى دول كثيرة منها أمريكا نفسها ، ويفهم هذا على أساس فقه الموازنات الأمريكية والصهيونية ، فليزرعوا ويتاجروا بالمخدرات ، ولينشغلوا عن تحرير الجولان ، حتى صار تمديد وجود قوات الأمم المتحدة للفصل بين سوريا وإسرائيل يتم دورياً وبشكل تلقائي كل ستة أشهر ، كما نسمع في الأخبار ، منذ فصل القوات عام (1974) وحتى اليوم . وقد نجح مخطط المخابرات الأمريكية والصهيونية في القضاء على الجيش السوري (العقائدي ) بهذه الطريقة .
كما أدخل الضباط سيارات صغيرة وسيارات نقل بدون جمارك ، وبدون لوحات تتنقل في سوريا ولبنان كيفما تشاء تنقل بضائعهم المهربة ومنها المخدرات . وبذلك تحولت المؤسسة العسكرية التي يهيمن عليها حافظ الأسد وولده بشار من بعده ، وأزلامهما ، تحولت إلى جهاز ضخم يمتص خيرات البلاد ويستهلك ثلاثة أرباع الميزانية ، دون تحقيق أي مردود اقتصادي أو أمني ، بل أنه على العكس من ذلك ، بالاضافة إلى هذا النهب ، قتل عشرات الألوف من المواطنين الأبرياء العزل ، بدلاً من المحافظة على أرواح المواطنين .
المخابرات:
إن الوسيلة الوحيدة التي تستطيع بها أقلية لا تتجاوز نسبتهم( 5 % ) من المجتمع وهم جزء من الطائفة العلوية وليس كلها أن تحكم سيطرتها على أنظمة الحكم ومؤسسات الدولة والجيش ؛ الوسيلة الوحيدة لذلك هي تطوير أجهزة القمع ، فقد كانت حياة النظام مرهونة منذ تأسيسه باثنتي عشرة مؤسسة أمنية، يشرف على أعمالها رئيس الجمهورية من خلال جهاز أمن القصر الذي يشكل مكتباً مركزياً للتنسيق بين مختلف القطاعات المدنية والعسكرية والسياسية. وتعتبر جميع الوظائف العليا في هذه الأجهزة حكراً على أبناء الطائفة، حيث كان يتربع على قمتها علي حيدر، ومحمد الخولي، وعلي دوبا حتى استبدلوا مؤخرا بآصف شوكت وبهجت سليمان وغيرهم من "الجيل الجديد". ولضمان ولاء هذه المؤسسة القمعية تم استيعاب معظم أبناء الطائفة القادمين من الجبل بحثاً عن وظائف في المراكز الرئيسية في دمشق وحلب ومختلف فروع الأمن المنتشرة في أنحاء القطر السوري.
وتتراوح تقديرات الموظفين في هذه المؤسسة الرهيبة بين 000ر200 و000ر300 (أي بمعدل مخبر واحد لكل 60 مواطن سوري) يستخدمون 000ر17 سيارة، ويمتلكون أحدث تقنيات الغرب من أجهزة تصنت وتجسس وتعذيب ([60]) . وقد استطاعت إحدى منظمات حقوق الإنسان أن تحصي أكثر من ثلاثين سجناً رئيسياً تابعاً لأجهزة الاستخبارات في مدينتي دمشق وحلب فقط، بينما تتسع أروقة المخابرات في دمشق وحدها للتحقيق مع أكثر من ألف شخص في وقت واحد.
ويتميز كبار الموظفين في المخابرات عن غيرهم بالرواتب المجزية والقروض التي تقدمها لهم الدولة بالإضافة إلى المساكن الفارهة وبدلات السفر والإعفاء الضريبي، وغيرها من الميزات كالسماح لكبار ضباط الأمن باستخدام عدد من الموظفين لخدمتهم الشخصية ومرافقتهم في كل مكان.
وفي ظل غياب الرقابة والحسابات الرسمية يقدر بعض المطلعين بأن ثلث الميزانية العسكرية يذهب للمؤسسة الأمنية، أي ما يعادل 750 مليون دولار في السنة. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل أشبعت كل هذه الامتيازات جشع مسؤولي هذا الجهاز القمعي العتيد؟
الجواب هو: لا، فقد اشتهر عن ضباط المخابرات أخذهم الرشاوى من المواطنين على كل عمل يقومون به، فتصريحات المغادرة، والموافقة الأمنية لإصدار جواز السفر، وكذلك رخص الاستيراد لا تصدر إلا بمبالغ كبيرة يدفعها المواطن الذي لا حول له ولا قوة. بينما يلجأ عدد من الضباط للإثراء عن طريق تحصيل مبالغ كبيرة من كبار التجار نظير التستر عليهم في المخالفات التجارية وحمايتهم من القانون. وبالنسبة للسجون السورية التي يصعب حصرها ينتشر سوق آخر لضباط الأمن يتمثل في حصولهم على مئات الدولارات من كل مواطن يرغب في زيارة قريب له في السجن، ويحصل كذلك صغار موظفي السجون على الهدايا التي يطلبونها بوقاحة شديدة من أهالي المعتقلين، وفي معظم الحالات يتم نهب المساجين وتجريدهم من الملابس والمأكولات التي يجلبها أقاربهم لهم. أما طريق الكسب السريع بالنسبة لهؤلاء الضباط فيكون عن طريق عرض الإفراج عن أصحاب التهم البسيطة لقاء مبلغ كبير يعجز عنه معظم المواطنين، حيث تم تسجيل حالة دفع فيها أهل المعتقل ( 000ر51 ) دولار لقاء الإفراج عنه ([61]) .
وآخر ما توصلت له حملة مكافحة الفساد بقيادة بشار أسد، الحكم على المدير السابق لإدارة المخابرات العامة اللواء محمد بشير النجار بالسجن 15 عاما وتغريمه مليار ليرة سورية (حوالي 20 مليون دولار) عن تجاوزات أمنية ومالية، فكم ستكون فاتورة التجاوزات المالية بالنسبة لكبار الضباط العلويين في المخابرات العسكرية والأمن الداخلي ومخابرات سلاح الجو والاستخبارات العسكرية والأمن الخارجي وغيرهم ممن سمح لهم الرئيس السابق حافظ أسد بالاحتفاظ بأرصدتهم وقصورهم وممتلكاتهم بعد التقاعد حرصاً على موازين القوى في دمشق؟ ([62]).
أهم العلويين الذين تولوا مناصب بارزة في المرحلة الأولى في الجيش السوري ( 1963-1970)
م |
الاسم |
المنصب |
1 |
صلاح جديد |
رئيس الأركان ثم الأمين العام المساعد لحزب البعث |
2 |
محمد عمران |
آمر الفرقة 70 المدرعة ثم وزير الدفاع |
3 |
عثمان كنعان |
عضو القيادة العليا للجنة العسكرية لحزب البعث |
4 |
سليمان حداد |
عضو القيادة العليا للجنة العسكرية لحزب البعث |
5 |
علي مصطفى |
قائد كتيبة في اللواء 70 المدرع |
6 |
كاسر محمود |
قائد كتيبة في اللواء 70 المدرع |
7 |
عزت جديد |
قائد كتيبة في اللواء 70 المدرع |
8 |
محمد ابراهيم العلي |
قائد الحرس الوطني |
9 |
محمد نبهان |
أحد الضباط المشاركين في انقلاب 1963 |
أبرز العلويين في المرحلة الثانية الذين تولوا مناصب داخل المؤسسة العسكرية وأجهزة الاستخبارات في الفترة 1970 2000م
م |
الاسم |
المنصب |
1 |
حافظ أسد |
رئيس الجمهورية/ القائد الأعلى للقوات المسلحة |
2 |
رفعت أسد |
قائد سرايا الدفاع حتى عام 1984/ نائب الرئيس لشؤون الأمن الوطني حتى عام 1998 |
3 |
الرائد باسل حافظ أسد |
رئيس أمن الرئاسة/ قائد لواء مدرع في الحرس الجمهوري |
4 |
اللواء علي دوبا |
نائب رئيس هيئة الأركان/رئيس شعبة المخابرات العسكرية (أحيل إلى التقاعد) |
5 |
اللواء محمد توفيق الجهني |
قائد الفرقة الأولى عام 1975 |
6 |
اللواء شفيق فياض |
قائد الفرقة الأولى عام 1982/ عضو اللجنة المركزية لحزب البعث |
7 |
اللواء علي ملاحفجي |
قائد القوى الجوية والدفاع الجوي (أحيل إلى التقاعد عام 1994) |
8 |
اللواء محمد الخولي |
نائب قائد القوى الجوية ورئيس مخابرات القوى الجوية (أحيل إلى التقاعد) |
9 |
اللواء علي الصالح |
قائد قوات الدفاع الجوي |
10 |
اللواء محمد عيد |
القائد العسكري للمنطقة الشمالية |
11 |
اللواء اسكندر سلامة |
قائد سلاح الهندسة |
12 |
اللواء علي حيدر |
قائد القوات الخاصة (أحيل إلى التقاعد) |
13 |
اللواء علي حبيب |
قائد القوات الخاصة منذ عام 1994 |
14 |
مدير إدارة شؤون الضباط |
* كاتب سوري في المنفى