سأعود يا وطني الحزين بإذن الله

سأعود يا وطني الحزين بإذن الله

مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن

[email protected]

من خيمتي ، تلك التي ، صمدت على مر السنين ، سأعود ياوطني الحزين بإذن الله ياوطني الحبيب

 كاتب هذه الأبيات احد العائدين إلى سورية بعدما غُرر به عن غربة طالت ، وهو يقبع الآن في سجون النظام وبحكمً جوريً لاثني عشرة سنة ، حيثُ تفاعل مع القضية الفلسطينية على طول المدى وغنّى لها الأناشيد ، وقال لي حينها عندما لحنها وأنشدها بأنه كان يقصد حالنا نحن المنفيين ، وأنه عندما كتبتها كان يُعبر فيها عن آلامنا التي تتطابق مع ألام الشعب الفلسطيني ، ولكن فقط علينا أن نحذف الشعب الفلسطيني ونضع السوري لتطابق االألام والأحزان والمآسي والمواقع والمحن والكروب

ثُمّ يتابع قصيدته

 سأعود ياوطني الحزين ياوطني الحزين ، يا أيها الشعب الفلسطيني لا تلقي السلاح ياشعب ، حينها قال لي هذا الشاعر والمُنشد والأديب والمفكر الفذ ، بان مايُميزننا عن إخواننا الفلسطينيين ، بأن سلاحنا هو القلم والقرطاس والكلمة الحرّة والصدور العارية ،ثُم يُتابع ... وتصدى للطغاة في مكان ياشعب " حيثُ كان يُقارن بما يُعانيه شعبنا السوري وما يُعانيه شعبنا الفلسطيني ، ولكن من خوفه على عائلته وأهله وحتى من قتله ، لأنّ في تلك الفترة نشطت فرق الاغتيال ، قال لي بأنه حورها تماماً إلى الفلسطيني ، ومنها قوله إنّ اليهود استأسدوا في قدسنا ولهم نُباح ؟ وعندها سألته بانّ هذا المقطع يختلف ، فهؤلاء أعداء وقتلة وسفاكي دماء وغاصبين ، قال لي "وظلم ذوي القربى أشد مضاضة *** على النفس من وقع الحسام المهنّد"

 أسكته ياشعب العقيدة بالملاحم والفخار !! هكذا ختم قصيدته قاصداً بأن الشعب السوري شعب الإباء والرفعة والرفض للضيم ، وهو يأبى ما يُمارس عليه من صنوف القهر والإذلال ، وأنه شعب العقيدة المؤمنة بالحرية وحقوق الإنسان ، وهو لن يسكت عمّا يجري من انتهاكات أبدا ، وسيستخدم كل الوسائل السلمية التي لم يستخدم سواها منذ الثمانينيات لإحقاق الحق والعدل، لأن من يواجههم هم أبناء الوطن ، الذين لا يرجوا لهم إلا الصلاح ، بينما العدو الصهيوني علينا أن نُخرسه بكل الوسائل المُتاحة لرفع يده عن شعبنا الحبيب

 نعم عندما يكون الظلم واقع من أخيك ابن البلد ، فإنه يكون اشد وقعاً من الحسام المُهند ، هذا الأخ الذي مددنا إليه أيدينا بكل وسائل السلم والكلمة الطيبة ، وحتى أنّي تكلمت باسم تيّاري الإسلامي الديمقراطي الحر والمستقل بمقالة " اللي مابيجي معاك تعال معه " فيها طالبت النظام المُنتصر علينا نحن المُشردين المنفيين في الأرض مادياً وليس معنوياً ، لأن جباهنا لا تزل لغير خالقها ، والمُنتصر أيضاً على جميع معتقلي الرأي الذين لم يكونوا يملكون سوى ضمائرهم التي يُعبرون فيها عن مأساة سورية من الفساد المُستشري والظلم الواقع على مُعظم أبناء شعبنا ، والمُنتصر على من سُحقوا بكل تلك التجارب ، ومن غُيبوا في السجون ، بأن يُملي علينا جميعاً شروط الاستسلام ونصره الذي يُفاخرُ به علينا نحن الضُعفاء ولم يفعل

 فلقد دحضت  لمُتشددي النظام  في مقالة اللي مابيجي معك تعال معه  كل مزاعمهم علينا ، وقلت لهم بحسب تصريحات اخوانية سابقة بأنهم على استعداد ليحلوا أنفسهم ، وأنهم على استعداد للعودة لسورية فُرادى وليس تحت أي مُسمى ، وأنهم لا يسعون إلا لهدف واحد مهم وبالغ الأهمية وهو حل المشكلة الإنسانية التي يُعاني منها عشرات بل مئات الآلاف من المنفيين من أبناء الشعب السوري منذ عشرات السنين ، والذين يُلاحقهم قانون 49 لعام 1980 ، المُطبق الى يومنا هذا ، وإن لم يُعدم من يُدان به ظُلماً ، بل يُكتفى لمن يُلقى القبض عليه بالتعذيب المستمر والشديد بكل أنواع التعذيب القهرية والمُذّلة والمؤلمة والفاقدة لإنسانية الإنسان لعدة سنوات ، ومن ثُمّ لُحكم عليه بموجب قانون الرأفة باثني عشر عاماً قابلة للتمديد ، ومن اجل ذلك فهم يدعون بأنه لم يُعمل به في وقتنا الحاضر ، واثني عشر عاماً لا تعني لهذا الحيوان عفواً الإنسان صاحب الكرامة والقداسة الإلهية والإنسانية شيئاً

 فإلى متى سيستمر هذا الظلم وهذا الجوى ، ومتى سيقتنع المُنتصرون من أبناء بلدنا وجلدتنا علينا بأن لا سبيل إلا إلى الحوار ، وانّ مايجري من هتك الكرامات والاستئساد على الضعفاء ، وإهانة الكرام وانتشار الفساد بفعل تلك السياسات الرعناء التي لاتنصر مظلوماً ، ولا تُعينُ مسكيناً ، ولا يشعر المواطن بالأمن والآمان في أحضان بلده ، بل يبحث عنه في كل مكان ، ومئات الآلاف من الأسر تبحث عن الهوية والوطن والدفء ، ومن يجب عليه أن يكون في المقام الأبوي هو يزيد في الإمعان في المأساة وتعميقها ، عبر القرارات التي تصدر تباعاً تستهدفنا ونحن في الخارج ، وتستهدف أولادنا وعوائلنا ، من قوانين جزية الإغتراب ، الى القوانين المُتشددة الجديدة بحقنا لمنعنا من الاستفادة من التأجيل أوالإعفاء من خدمة العلم التي يترتب عليها عدم التمديد للجوازات ومنحنا الوثائق المطلوبة ، بعدما حُرمنا منها لأكثر من خمسة وعشرين سنّة ، لتُسلب منّا من جديد عبر الطرق الالتفافية ، ولا أدري ماذا يُريدون بعد ؟ وماذا سيكتب التاريخ عنهم في يوم من الأيام ، إنها مأساة بلدي وشعبي ومأساتنا جميعاً ، وإننا مُصممون على العودة لحضننا الدافئ مع أهالينا وذوينا وأحبتنا مهما بلغت التضحيات ، آملين من الله العون ، ومن جماهير شعبنا الحبيب المؤازرة ، وجماهير أُمتنا العربية والإسلامية الدعم والسؤدد ، وإنّا لمنتصرون لأننا أصحاب حق لن يضيع مادام وراءه مُطالب ، وإذا متنا في الغربة ، فقد اعذرنا الى الله بتقديم جهدنا ، لكن التاريخ لن يرحم الظلمة والمتواطئين ، وسيستحقوا حينها لعنة اللاعنين.