وتوالت علينا النكبات بعد نكبة حزيران

وتوالت علينا النكبات بعد نكبة حزيران

هيثم عياش

[email protected]

تحل علينا بعد أيام ذكرى سقوط القدس أسيرة في يد الصهيونية الماكرة أُلعوبة الصليبية الجديدة كما ذهبت مع القدس الجولان وسيناء والضفة الغربية ذلك السقوط والاحتلال والاسر الذي أطلق عليه زعماء السقوط من النظامين السوري والمصري بأنه نكبة حزيران من عام 1967 تلك النكبة التي تبعتها نكب كثيرة لن تنتهي الا بعد عودة المسلمين الى رشدهم من جديد .

كانت الأنظمة العربية  في تلك الايام قد أخذت على عاتقها تحريرفلسطين باسم العروبة والقومية العربية التي رفع رايتها الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناس فذهبت تلك الراية مع صاحبها الى قبره  ، كنتُ في تلك الايام لا أزال طفلا الا انني لم أنسى يوم إعلان  الهزيمة والاحتلال دعوة الشيخ زهير الشاويش حفظه الله دعوة الذين شردهم النظامين السوري والمصري من حملة الفكر الاسلامي اللجوء الى الصلاة والدعاء وذلك في منزله العامر ببيروت ولن أنسى وبالرغم من صغر سني قول الاستاذ الداعية مالك بن نبي رحمه الله بأن الله لم يكن لينصر  قاتل سيد قطب كان ذلك اليوم يوما عصيبا اذ زرفت الدموع له وكثر الدعاء والضجيج الى الله تعالى ليرفع الغمة عن المسلمين وفك أسر القدس ، فقد ضاعت فلسطين  بأكملها والجولان وغيرها  على يدي وزير الدفاع السوري حافظ أسد الذي اصبح فيما بعد رئيسا لسوريا جزاء خدمته لاحتلال الجولان عندما أمر الجيش السوري من الانسحاب من الجولان  قبل السيطرة عليه بساعات طويلة كما أكد ذلك خبراء عسكريون  وسياسيون واكبوا تلك الفترة وقد صدق الله : وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون .

لقد توالت على أمتنا النكبات منذ سقوط فلسطين ذلك السقوط الذي نجم عن خيانة وجهل بعض السياسيين العرب الذين لم يأخذوا الخطط التي كانت تحاك ضد أمتنا  بعين الاعتبار  بل أن الأسوأ من ذلك الجهل خيانة النظام السوري بشكل خاص اذ عمد النظام السوري الى مساعدة الكيان الصهيوني في احتلاله لبنان عام 1982 اذ لم يحرك هذا النظام ساكنا عندما اجتاح الصهاينة لبنان من جنوبه الى شماله ومن شرقه الى غربه بالرغم من وجود الجيش السوري في ذلك البلد بل قام الجيش السوري على محاصرة قوات فتح في طرابلس عندما لجأ اليها ياسر عرفات   من البر يساندون القوات الصهيونية التي هاجمت المدينة من البحر هذا النظام الذي استباح حرمة الشعب السوري واللبناني وارتكب مجزرتي حماة وتدمر  بدل من تحرير فلسطين  كما أنه لم يكن لخير يُرجى من رجل قتل مروان حديد .

لقد نجم عن تلك النكبات ازدياد ظاهرة الانهزام التي كانت تشبه الى حد بعيد الهزيمة النفسية التي لحقت ببعض زعماء المسلمين زمان احتلال الصليبيين لبلاد الشام فقد ظن منهزمو تلك الايام بأن الصليبيين باقون فأقاموا علاقات معهم بل تعاضد بعضهم معهم ضد القيادات الاسلامية التي لم تخلد الى الراحة والنوم من أجل تحرير القدس وقد تم ذلك بعد مكوث القدس أسيرة لمدة تزيد عن التسعين عاما كما اعتقد منهزمو فترة الهزيمة امام التتار الذين اجتاحوا العالم الاسلامي من أقصاه الى أقصاه بأن التتار أصبحوا سادة يجب الخضوع لهم بعد ان قاموا بهدم بغداد عاصمة الخلافة العباسية وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكانت كما وصفها شاعر :

يـا  بـؤس بغداد دار iiمملكة
أمهلها  الله ثقم عاقبهــــا
ورق بها الدين واستخف بذي
وصار  رب الجيران iiفاسقهم



دارات  عـلى أهلها iiدوائرها
لـمـا  أحاطت بها iiكبائرها
فـضل وعز الرجال iiفاجرها
وابـتز أمن الدروب iiفاجرها

الا أن منهزمي تلك الفترة باؤا بخيبة أمل عندما انهزم التتار أمام المسلمين في عين جالوت وما بعدها من الوقائع التي سجل بها المسلمين نصرا بعد نصر وذلك بعد عودتهم الى الله تعالى .

ان الهزيمة التي يعاني منها المسلمون حاليا تكمن في اعتراف بعض الدول العربية بفلسطين دولة للكيان الصهيوني ونية حكوماتهم بالعيش بسلام مع الصهيونية شرط الانسحاب من القدس والجولان والضفة الغربية لأنهم يظنون بأن الصهيونية باقية في المنطقة وذلك لأن منهزمي هذه الايام نسوا بأن الله لن يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلا  وسيتعرضون أيضا لخيبة أمل اذ ان فلسطين ستعود ولا بد أن تتحرر القدس من أسرها .