هكذا يكون النُبلاء!!

محمد فتحي محمد فوزي

هكذا يكون النُبلاء!!

محمد فتحي محمد فوزي

[email protected]

مما لاشك فيه أن توقيع الرئيس المبارك مبارك على خروج الكادر الخاص للمعلمين إلى النورلمحة تاريخية تجسد النُبل والشجاعة التى هى من مميزاته فقد حُسبت لرئيسنا المغوار كما حُسبت له ضربته الجوية الساحقة ضد العدوان وحسبت له إنجازاته فى شتى المجالات الإجتماعية والثقافية والإقتصادية والعمرانية والعسكرية والتعليمية فظل عهده بحق عهد الإنجازات وعهد التكنولوجيا المتطورة فقد ضرب الرئيس مبارك أروع الأمثلة فى النُبل والوفاء وليس بغريبين عليه فقد وعد فأوفى بعهده وإهتم بهذه الطبقة الكادحة ألا وهى طبقة المعلمين فأصبح الشعلة الكبرى لحملة مشاعل العلم. لقد كان الكادر الخاص حلما لهذه الطبقة المطحونةالتى تعانى من شظف العيش ثم أضحى حقيقة لا خيالا بفضل الرئيس مبارك الذى سجل له التاريخ روائعه التى ستخلد على مر الزمان والعصور. وعلم جموع الشعب المصرى أن التعليم كما قال الرئيس والزعيم مبارك- عماد مسيرة التنمية الشاملة وركيزة المستقبل الأفضل والإنتقال من الإتاحة إلى الجودة ولابد للإلتزام من أن يقابله إلتزام مثله وجميع المعلمين سيظلون على إلتزامهم وسيزيدونه ليرتقوا بالعملية التعليمية وليثبتوا للعالم أجمع أن مصر المحروسة هى منبع الحضارة ومهد التاريخ فى ظل القيادة الحكيمة الُمحكمة للرئيس مبارك.

 وإذا كتبت عن المعلمين  أقول ، قال العزيز الحكيم فى محكم آياته:"يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات0"11 المجادلة0 وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"تعلموا ا لعلم وتعلموا له ا لسكينة والوقار وتواضعوا لمن تتعلمون منه"، وقال :"طلب العلم فريضة على كل مسلم".

وأضاف فضل العالم على العابد كفضلى على أدناكم" وقال " إنما بعثت معلما"0ووضح الإمام على إبن أبىطالب- كرم الله وجهه- العلم لكميل بن زياد رضى الله عنهما قائلا:" يا كميل العلم خير لك من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، والعلم حاكم و ا لما ل محكوم عليه،     المال  تنقصه النفقة والعلم يزكو على الإنفاق"0 ومن ثم يكاد يكون هنا ك إجماع على أن المعلم هو محور العمليةالتعليمية التربوية؛ فالمعلم الجيد  حتى مع المناهج المختلفة يمكنه أن يحدث أثرا طيبا فى تلاميذه وعن طريق الإتصال بالمعلم يتعلم التلاميذ كيف يفكرون، وكيف يستفيدون مما تعلموه فى سلوكهم ومهما تطورت تكنولوجيا التعليم والتربية وأستعملت وسائل مثل التلفزيون التعليمى فلن يأتى اليوم الذى نجد فيه شيئا يعوضنا تماما عن وجود المعلم؛ فالمرونة فى سير الدرس، وتهيئة فرص النقاش ، ومراعاة المستويات المختلفة، ونحو ذلك  أمور لا تتيسر إلا فى دروس يديرها المعلم ذاته، وعليه يتضح أن الإهتمام بالمعلم وتطوير إعداده إحدى القضايا الدائمة فى محيط التربويين 0

وعند تناول عمل المعلم يقرر أمرين: أولهما أن لهذا المعلم دورا أو وظيفة يؤديها وليست له رسالة ، وثانيهما أن الدور الذى ينهض به هذا المعلم بالغ التعقيد والصعوبة، بحيث يجعل من العسير وضع حدود نهائية له بل يجعل من الصعب الوصول إلى تصور صيغة لإعداد المعلمين ترضى جميع ا لمهتمين بشئون التربية والتعليم0

وإذا  عدت إلى الأمرين المقررين آنفا فالأول منهما-وهو أن للمعلم وظيفة وليست له رسالة فقد تأكد نظرا لما تكرر وروده من التحدث أو الكتابة عن"رسالة المعلم" فقد تلاحظ فى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية أنه كثر التحدث عن" رسالة المعلم" من غير المعلمين0 وتلاحظ أيضا أن المعلمين يؤكدون أن المعلم رسالة ولفظ" الرسا لة" يرتبط عادة بمثل ومبادىء يراد تحقيقها، كما يرتبط بسلوك قيادى ونوع من التوجيه يمارسه صاحب المثل والمبادىء من أجل جعلهما واقعية ، ومن أجل تغيير ماهو واقع فى نفس الوقت ، وصاحب الرسالة يسعده أن يسير فى تحقيقها مهما كلفه ذلك من تضحيات000 والتساؤل الذى يطرح نفسه الآن هو:أصحيح بعد ذلك أن للمعلم رسالة من هذا النوع؟0ويبدو أن تأكيد المعلمين أنفسهم لموضوع "رسالة المعلم" أخذ يقوى حين وجدوا أن مركزهم الإجتماعى قد بدأ يهتز ،وكان المعلم فيما قبل يدخل ضمن دائرة ضيقة من المتعلمين تنظر إليهم مجتمعاتهم باعتبارهم صفوة القوم أو عليتهم، وكانت مهنته تدر عليه من المال الكثير ما يضمن له حياة كريمة، وكانت سبل الترقيات له لا تجعله يتأخر عن زملائه فى المهن الأخرى0 ثم تغيرت الظروف، ولم تعد للمعلم تلك الميزة التى تجعله يتبوأ مقاعد الإجلال بالنسبة لمن حوله، فيما عدا بقية له من ذلك نلمحها فى الأماكن المختلفة بالدول النامية كما هو الحال فى محيط الريف العربى0

أما فى المدن العربية فإن المعلم الآن يجد نفسه كما يجد زميله فى المجتمعات المتقدمه –لم يعد يستمتع بميزة كونه من القلائل ؛ فالتعليم الجامعى المتخصص قد إنتشر وإتسع وهناك مهن قفزت إلى الطليعة وتخلفت أمامها مهنة التعليم ؛ ثم وجد المعلم نفسه وقد  فقد ميزته الإقتصادية،وبدا من جانبه يطالب دون أن تجاب له كل  المطالب ،وأخذ الضغط على كلمة"رسالة التعليم" يتزايد ،وأخذ المعلمون من جانبهم بؤكدون أن لهم رسالة ، وكأنهم وجدوا فى هذه اللفظة شيئا من العزاء عما فقدوه إقتصاديا وإجتماعيا ، وأخذ الرسميون أو بعضهم يؤكدون أمر رسالة المعلم وإتخذ بعضهم من ذلك وسيلة لتبرير عدم إنصافهم ماديا0

والواقع أن القائم بالتعليم ليس شخصا أوحى إليه، أو نذر نفسه لإنقاذ قومه من واقعهم إلى واقع آخر، وإنما هو إنسان يمارس عملا يؤجر عليه0 وقد إتخذ لنفسه هذا العمل ليشق به طريقه فى الحياة وهو يتركه إلى غيره متى سنحت له فرصة لعمل يعتبره أحسن لنفسه، وصاحب الرسالة أو الدعوة لا يكون كذلك.  

وأما فيما يتصل بتعقيد وظيفة المعلم وصعوبة دوره ؛ فيكفى لتوضيح ذلك أن نشير إلى سمتين رئيسيتين من سمات الغير فى  عا لمنا ا لمعاصر وهما: التطور العلمى والصناعى ، ثم التطور الإجتماعى الذى شكل ثورات إجتماعية تطورية فى كثير من أجزاء عالمنا المعاصر0

فمن ناحية التطور العلمى الصناعى نجد من المتعارف عليه أنه كلما تقدم العلم تقدمت معرفتنا وسيطرنا على العالم الطبيعى، وإزدادت سعة حصيلتنا من الحقائق ويؤثر العلم عن طريق التصنيع فى الإقتصاد حيث يتيح الفرصة لظهور حرف وأعمال جديدة ويضيق الفرصة على  بعض الحرف والأعمال القديمة أو يقضى  عليها، ويغير الإطار العام لشكل الوظائف وأنواع الموظفين ؛ فقاد العلم التصنيع إلى مزيد من التخصيص فى المعرفة ومزيد من التخصص فى العمل ، ومزيد من التفريع فى نظم العلم والتعلم، وصحب ذ لك قلق يسود صفوف الناشئين بسبب مستقبلهم: ماذا يناسبهم؟ أى الفرص المتاحة تعتبر أحسن لهم ؟0

ومن ثم خلق العلم والتصنيع مشكلات متعددة كثيرة جدا كتلك التى تتصل بنمو السكان وزيادة وقت الفراغ وإنتشار اليسر وتنوع وسائل التسلية، وزيادة خطر معدات التدمير000 إلخ0

كل هذه أنواع كانت لها إنعكاسات تربوية واسعة: ما نوع التربية اللازمة لزماننا؟ ما مدى المسئولية التربوية للمعلم؟ ما نوع المعلم المناسب لمثل عصرنا؟0

إن على مدرسة اليوم أن تفكر فى تربية تلاميذها بحيث يستطيعون التكيف لما قد ينكشف عنه الغد من أحداث لا يستطاع التنبؤ بها0سيعيش شباب الغد فى عالم غير الذى ولدوا فيه، وسيموت الشيوخ فى عا لم غير الذى عملوا به0 وبالنسبة للتطور الإجتماعى فإننا نجد أن هناك مشكلات إجتماعية يرجى أن  يضلع  المعلم بالدور الأساسى فى علاجها ؛ ففى المجتمع  ا لعربى نجد مثلا بين الجوانب التى نريد علاجها كظاهرة السلبية تجاه المشكلات، وظاهرة شيوع الخرافات، وبعض ظواهر التفكك الناجم عن التعصب السياسى أو الدينى أو المذهبى فالأمل كبير فى التخلص من ذلك بالمدرسة0 وذلك يعنى أن دور المعلم لن يقف عند هذا الحد لإيصال بعض المواد المعرفية إلى تلاميذه، ولكنه سيتخطى ذلك إلى تربيتهم على أن يكونوا إيجابيين تجاه مايواجههم من مشكلات وإلى أن يساعدهم على تكوين الإتجاهات العلمية ، وإلى تربيتهم على التسامح وعلى تقدير حرية الفرد فى عقيدته ومذهبه باعتبار ذلك من الشئون الشخصية للإنسا ن 0

وكما قال الرئيس مبارك:"إن التعليم قاطرة التقدم والتنمية المجتمعية ومحور الأمن القومى للمجتمع، والهدف النهائى له تحقيق مبدأ التعليم  المتميز والتميز للجميع والذى لايتأتى إلامن خلال تحقيق الجودة الشاملة فى التعليم"

فقد إتسم عالمنا المعاصر بسمات عدة، أهمها الإنفجار السكانى وتطور العلوم والتكنولوجيا وإنعكاسها على المجتمع , فمثلاالعلم أدى إلى إيجاد المذياع، ثم

إلى"التلفزيون" ثم إلى الأطباق الفضائية، وهذا ما يطلق عليه yٍScience.Technology.Societالذى أدى بدوره إلى تغيير المجتمعات فى قيمها, وعاداتها , وتقاليدها, وتقنياتها بظهور الحاسب الآلى وغيره 0 وتفجرت المعرفة بشكل لم يسبق لها مثيل مماأدى إلى تأثر الجوانب الإجتماعية والإقتصادية بهذه الظواهر, والتعليم هو الآخر كيفية ألوان النشاط  يتأثر بها؛ بل ويؤثر فيها إلى حد كبير0

ولقد مر التعليم خلال الحقبة الماضية بعدة مفاهيم أثرت على فلسفته وتخطيطه وإدارته ، وأيا كانت هذه المفاهيم, فقد ظل التعليم يستهدف أغراضا معينة, يتطلع إليها المجتمع وينشدها من ورائه, وتتمثل هذه الأغراض فى تحقيق التعليم للوظائف الإجتماعية والإقتصادية والثقافية والقومية والحضارية للمجتمع, أو بمعنى آخر تحقيق التعليم لوظائفه فى مجال التنمية الشاملة0

وفى محاولة سريعة لتوصيف الوضع الحالى للتعليم، سواء فى بلادنا أو فى العالم العربى, تبرز أمامنا قضية مصيرية ألا وهى قضية" الإنسان" الذى أصبح هدفا للتنمية, بعد أن كان مجرد وسيلة له0 وبديهى أن الإرتفاع  بمعدلات التعليم سواء من ناحية "الكم" أو من"الكيف" يتطلب نفسية معينة لترشيد سياسات التعليم وطبيعته وإدارته , والإشراف التربوى والفنى فيه من أجل إعداد "الإنسان" إعدادا طيبا ومتكاملا0

إن المعدلات المرتفعة للنمو السكانى فى بلادنا تتطلب مواجهة هذا السيل المتدفق من السكان على أساس نظام تعليمى يتسم بالكفاءة  ويتزايد عائده الكمى والنوعى وتقل فيه نسبة الفقد والتسرب والإهدار , وهنا يكون من الضرورى أن نطرق فى العملية التعليمية سبلا ثلاثة فى وقت واحد وهو:-

· السعى الجاد إلى تنمية التعليم طبقا لإستراتيجية حضارية شاملة0

· ترشيد السياسات التعليمية بقصد الملاءمة بينها وبين سياسات التنمية0

· تطوير نظم الإدارة التعليمية خروجا من الأنماط الحالية لها0

وإنطلاقا من طبيعة المعلم ودوره المهنى،سيكون الحديث عن مهنة التعليم وإعداد المعلمين بتناول عدة نقاط بالشرح  وهى:-

· المعلم وسيط حى لنقل المعرفة0

· المعلم ينبغى أن يلم بالطرق المختلفة لتعليم مادته0

· ريادية المعلم ولايمكن تربويا إعفاؤه منها0

· المسئوليات الإدارية للمعلم بصفته عضو فى هيئة التدريس بالمدرسة0

· تعدد المسئوليات للمعلم كعضو فى المجتمع0

وأبدأ الحديث عن النقطة الأولى وهى المعلم كوسيط حى لنقل المعرفة؛ فيجب على المعلم أن يكون ملما بمادته إلى الحد الذى يجعل تلاميذه يشعرون على الأقل بأنهم أمام رجل يمكنهم أن يستفيدوا منه  وأن يرجعوا إليه فيما يواجههم من من مشكلات هذه المادة؛ وعليه أن يكون على صلة مستمرة بما يجد فى ميدان تخصصه وإلا تأثر مركزه الإجتماعى والثقافى أمام العناصر الذكية من تلاميذه, وكثيرا ما تظهر هذه المشكلة بصفة خاصة فى حالة مدرسى الصفوف النهائية بالمرحلة الثانوية الأكاديمية؛ حيث تكون مقدرة التلاميذ على المقارنة والتمييز أوضح وأنضج.                    

أما إلمام المعلم بالطرق المختلفة لتعليم مادته فيكون فى حدود معرفته وخبرته بإستطاعة إقرار الطريقة المناسبة أو الموضوعات ؛ بحيث تجذب إنتباه التلاميذ وتدفعهم إلى النشاط 0ويعتبر المعلم ناجحا فى طريقته أو فى إجتذا ب تلاميذه إذا إستطاع أن يجعلهم يرغبون من جانبهم فى تعلم ما يريد أ ن يعلمه لهم0 وهذا يعنى أن على المعلم تهيئة الظروف لإيجاد علاقة بين التلاميذ والعمل الذى أمامهم 0والمعلم يختار طريقة التدريس التى يجيدها ومن الخطأ أن تفرض عليه السلطات طريقة لا يقتنع بها أولا يحسن التدريس وفقا لها، والمعلم المتطور فى طريقته هو الذى يختار من طرق التدريس ما يناسب كل وحدة من وحدات مادته ، ثم هو الذى يحاول أن يلم بما يظهر من الطرق الجديدة وينهض بتجريبها 0

· وعلى المعلم بعد ذلك دورا رياديا لا يمكن تربويا إعفاؤه منه؛ فهو يسهم فى إرشاد  التلاميذ وتوجيههم ، والمدرسة من أجل ذلك تجعل نشاط المعلم فيما يتصل بتربية تلاميذه يمتد إلى عدة مجالات خارج الصف ؛فتربية جانب خلقى أو تكوين عادة أو السير ببعض سمات الشخصية فى طريق النضج مثلا أمر يتطلب للتلاميذأن نتيح لهم فرص متنوعة فيها سماتهم, وعاداتهم , كما يتطلب بالنسبة للمدرس أن يتعرف على تلاميذه خارج حجرة الدراسة، وفى غير أوقات تدريس المواد ،ومن متطلبات هذا إسهام المعلمين فى الإشراف على الفرق والجماعات المدرسية ، وإشراك المدرسين مع التلاميذ فى وضع بعض القواعد التنظيمية لبعض نواحى النشاط المدرسى ، وإجتماع معلمى الصف الواحد أو معلمى المدرسة ككل لمناقشة مشكلات التلاميذ وما إلى ذلك00إلخ0

· والمسئوليات الإدارية للمعلم بصفته عضو فى هيئةالتدريس بالمدرسة لا تقف عند الأمور التقليدية المتصلة بحضور التلاميذ , ومراعاة النظم, وتنظيم الإمتحانات000ولكنه يتجاوز ذلك إلى الإشتراك مع الإداريين والعاملين بالمدرسة فى تصريف أمور الشئون الموكولة إليهم ؛ فلكل مدرسة تشكيل رسمى للسلطة بدءا من مديرها إلى أقل درجة فيها0

ولكل من أعضاء هذه السلطة مسئولية رسمية معينة يقع عليها وزر أى خطأ أو إهمال فيها, ولكن ذلك لا يعنى أن نكون جامدين إزاء هذا التشكيل الرسمى للمسئولية؛فكثير من النواحى الإدارية يمكن الإستعانة فيها بذوى الرأى أو ذوى الخبرات الخاصة من المدرسين؛ لأنهم أكثر إتصالا بالتلاميذ وأكثر دراية بمشكلاتهم وهم يستطيعون تهيئة الجو المدرسى العام لحى يتقبل النظم واللوائح0

· ومسئوليات المعلم متعددة بصفته عضو فى المجتمع؛ فعليه أولا أن يعمل على تقوية صلته بالمحيط البيئى ومعرفة تركيبه الإجتماعى ؛ فهذا يعينه على أداء عمله بالمدرسة, ويفسر له الكثير من مشكلات التلاميذ ويساعده على حلها , وعليه ثانيا أن يتذكر أنه أحد القادة المحليين , وثالثا أن يعد تلاميذه لمجتمع الكبار ؛ فهو مسئول عن تطبيعهم إجتماعيا عن طريق النقل للعادات والتقاليد والقيم الموجودة فى ثقافة المجتمع بقدر ما يسمح به مستوى النضج عند التلاميذ0

يعنى ذلك للمعلم أنه يؤدى دورا يتصل جانب منه بالمحافظة على العناصر الثقافية التى نريد  الإبقاء عليها, بينما يتصل جانب آخر منه بتطوير العناصر التى تحتاج إلى تطوير ؛ ويعنى ذلك تهيئة الجو الذى يساعد على الإنطلاق  فى سلوكهما الإجتماعى بشكل يوضح مدى تحقق ما نريده من مبادىء وقيم؛ ومن ثم يقتضى أن يهتم المعلم بجوانب النشاط المدرسى وفى الإشراف على تلاميذه بعد الإنتهاء  من الحصص الدراسية ثم يغادرون الصفوف فيكونون أكثر إنطلاقا وأبعد عن الجو المصطنع السائد داخل الصف0

ها هى الملامح الخمسة للدور المهنى للمعلم وطبيعته0ودراسة دور المعلم والإلمام بالأبعاد التى تمتد إليها وظيفته أمر له أهمية فى تقرير ما ينبغى الإلمام به والتدريب عليه فى فترة الإعداد المهنى ،

وله أيضا أهمية  فى إستشفاف المعايير التى نسترشد بها فى تقويم عمل المعلمين وتحديد القوة وجوانب القصور فيهم , ثم له أهمية فى إعداد البرامج التى تساعد على النهوض بمستوى الأداء وهى المعرفة ببرامج التدريب أثناء الخدمة، والواقع أن دور المعلم صعب ، وأن واجباته مضنية ولكن إنعكاس ذلك على النظرة إليه وعلى تقديره مازال محدودا

وإذا تحدثت عن إعداد المعلمين وتدريبهم باعتبار أن التعليم مهنة فذلك يتطلب إعداد المعلم فى معهد عال أو فى دراسة جامعية , وباستعراض النظم المتطورة لإعداد المعلم فى إطارالتعليم العالى نجدها تمد نا بنوعين من الإعداد وهما :

· الإعداد التكاملى: وهو النوع أغذى يتلقى فيه الطلاب مواد الإعداد الممنى ومواد التخصص الدراسى جنبا إلى جنب , والنوع الثانى هو

· الإعداد التتابعى: وفيه يكمل الطلاب دراستهم العملية العلمية أو الأدبية بعد حصولهم على البكالوريوس أو الليسانس يتابعون دراستهم المهنية فى المواد التربوية والنفسية لمدة عام دراسى على الأقل ولكل من النوعين مزاياه وعيوبه0

النظام التكاملى

النظام التتابعى

المزايا:  أن الطلاب يعرفون منذ إلتحاقهم بالكلية أنهم سيتخرجون مدرسين فيتكيفون بمهنتهم ويتربون فى تقاليدها ومستلزماتها ويثقفون أنفسهم بكل ما يساعدهم على النجاح فيها لفترة تمتد إلى عدة سنوات0

أ ن الطالب يصل فى مادة تخصصه إلى المستوى الجامعى المتعارف عليه أولا ثم يدرس المواد المهنية فى فترة تكرس لها وحدها دون أن تكون هناك مواد أخرى تلقى عليها ظلالا توحى بأنها ثانوية أو إضافية0

أن هذا النظام يمكننا من القبول فى فروع التخصصات المختلفة الأعداد التى تفى بحاجة المدارس دون التعرض لمنافسة خارجية على إجتذاب الخريجين إلى مهن أخرى

أن هذا النظام يهيىء الفرصة لتدريب الأعداد التى نحتاج إليها من خريجى الكليات الزراعية ،والتجارية, والهندسية, وما إليها للتدريس بالمدارس الثانوية الفنية حيث لا يتيسر إعداد هؤلاء فى كليات تسير على النظام التكاملى دون رتكاليف ضخمة يتطلبها إنشاء أقسام لإعدادهم 0

أننا يمكننا أن نوسع دائرة إختصاص الطالب فيتخصص فى تدريس مادتين أو اكثر بحيث إذا عين الخريج فى إحدى المدارس الصغيرة وجد من العمل ما يكتمل به نصابه

أن وجود كليات أو أقسام جامعية للتربية يعطيها مسئولية محددة تستطيع معها أن تنطلق فى تطوير نفسها وأن تمارس أجزاء البحوث والدراسات التى يقوم بها الطلاب للحصول على درجات عليا وأ ن تقوم بعمل دبلومات تخصصية متنوعة0

العيوب : من عيوب النظام التكاملى أن الخبرة تدل على أن الطلاب فى هذا النظام ينظرون إلى مواد الإعداد المهنى على أنها مواد إضافية ولا يعطونها من الإهتمام ما يعطونه لمواد التخصص, ومن ثم تهدر الجوانب المهنية والتربوية مما يضعف المهنة0

أن الإقتصار على النظام التتابعى يحرم التعليم من إستيفاء حاجته من بعض التخصصات التى يجد خريجو الجامعة فيها سوق عمل رائجة بعيدة عن مهنة التعليم حيث بلتحقون بهذه الأعمال المتاحة مباشرة دون ما حاجة إلى الإلتحاق بكلية أو قسم التربية , خاصة أن مهنة التعليم لا تتيح الفرصة لكسب مادى ممتاز0

أن الإعداد الأكاديمى فى مواد التخصص فى النظام التكاملى فد يتأثر بوجود مواد إضافية مثل المواد المهنية ؛ فلا يصل إلى نفس المستوى الذى تحققه الكليات الجامعية المتخصصة, وإهتزاز هذا المستوى الأكاديمى فى كليات إعداد المعلمين على النظام التكاملى يكون أمرا محققا وإذا كانت هناك تخصصات واسعة يختار فيها الطالب مادتين أو أكثر.

وحتى تتكامل الكفتان وتتوازن بين التعليم التكاملى والتتابعى فيجب على الحاصل على بكالوريوس أو ليسانس التربية أن يحصل على الدبلومة المهنية فى تخصص المادة ومدتها سنتان حتى يتزن الشقان التربوى والأكاديمى، أما الحاصل على المؤهل العالى الغير تربوى فعليه أن يحصل على الدبلومة العامة فى التربية ومدتها سنتان وبذلك يكون الأول درس ستة سنوات دراسية بما فيها الدبلومة المهنية والآخر درس ستة سنوات دراسية بما فيها الدبلومة العامة فى التربية وبذلك يتحقق العدل بين الخريجين ويتم صقل المواهب ويكون المعلم مستحقا للكادر الخاص.

ويظهر الحل المناسب للصراع بين النظامين متمثلا فى الأخذ بالنظامين معا ؛ فيمكن أن تكون هناك كليات لإعداد معلمى المرحلتين الإبتدائية والثانوية على النظام التكاملى , ويمكن تهيئة النظام التتابعى مستقلا أو متعاونا مع هذه الكليات، وبذلك الإجراء يحدث تخفيف للمشكلات التربوية المترتبة على الأخذ بأحد النوعين وحده0 ومهما يكون التجديد أو الإجادة فى إعداد المعلمين فلن يتم التوصل فى يوم ما إلى معلم يعتبر نموذجا كاملا أو نهائيا0 فالمعلم باعتباره متخصصا فى مادته يكون شأنه شأن المتخصصين الآخرين الذين عليهم أن يتابعوا ما يطرأ على مجالات تخصصهم 0 ومسئولية ذلك كبيرة وخطيرة فى زماننا؛ فنحن نعيش فى عصر تفجر معرفى  وإكتشافات متلاحقة وفى النهاية يجب أن تكون للمعلمين نقابة تجمعهم وتمنع غيرهم من دخولها حتى لا يؤدى إلى إختلاط الحابل بالنابل بالإضافة إلى نقابة المهن التعليمية التى تجمع الجميع.