النظام السوري وحالة العقم

النظام السوري وحالة العقم

طريف السيد عيسى

[email protected]

منذ أكثر من أربع سنوات انطلقت في سورية دعوة الاصلاح على لسان رأس الدولة وذلك في خطاب القسم وتفاءل الناس خيرا وقالوا جاء الشاب المتنور والذي اطلع على تجارب الغرب وعايشها عندما كان يتابع تخصصه في بريطانيا .

وتلقف المثقفون والنخب وتيارات المعارضة هذه الدعوة انطلاقا من مد يد العون لهذه الصحوة وبدأو بعملية التصويب والتقريب والتقييم والنصح فكانت خيبة أمل وضربة قاصمة وجهت لؤلاء وتم تتويجها باعتقال جماعة ربيع دمشق واحالتهم لمحاكم أمنية وصدرت بحقهم الأحكام الظالمة الجائرة ,ولم يتوقف الأمر عند هؤلاء بل طالت الاعتقالات كل من حاول النقد انطلاقا من مصلحة الوطن حتى أن الاعتقالات طالت من تصفح موقعا على صفحات الأنترنت  المحجوب من قبل دعاة الاصلاح ( أجهزة الأمن والمخابرات ) وهكذا ياسادة ياكرام انطلت اللعبة على النخب والمثقفين , ولسان حال هذا النظام يقول للشعب السوري ويحكم ألم تتعلموا من تجربة سابقة ألا وهي تجربة الحركة التصحيحية والتي قامت بها الخلية الأم وما أنا الا انشطار عنها , وكون ذاكرة الشعوب العربية تنسى بسرعة فلقد نسيت أن الحركة التصحيحية ايضا أطلقت دعوات الاصلاح ووعدت باخراج الناس من حالة عدم الاستقرار ومن حالة البؤس والاحباط الى نور الأمن والتقدم والحرية وفعلا كان الاستقرار الموعود حيث تم التعامل مع الشعب على أنه قطيع غنم تعود ملكيته للمستبد والطاغية .

ثم كرر الشاب المتنور والمعجزة والملهم والقائد الضرورة دعوات الاصلاح فما من تصريح أو مقابلة صحفية الا ويركز فيها على عملية الاصلاح ومع طول الوقت بدأ الناس يقولون ( نسمع جعجعة ولا نرى طحنا), فهذه السياسة التي يتبعها النظام تجعلنا يائسين منه لان القضية بكل بساطة لاتحتاج الى هذا التعقيد أكثر ما في الأمر أن يضع الحصان أمام العربة وليس العكس كما يفعل الأن .

ومن حقنا كمواطنين أن نسأل هل يعقل أن يتم تغيير احد مواد الدستور خلال دقائق ويتم ترتيب أمور النظام خلال وقت لايتجاوز أيام معدودة بينما هناك قوانين وتعليمات عصية على التغيير مثل قانون الطوارئ والأحكام العرفية وقانون (49) سئ الصيت والسمعة والذي سيبقى سبة عار في صفحات حزب البعث ومجلس الشعب وكل من كان وراء هذه القانون .

كما أنه من حقنا أن نسأل القائد الضرورة والمعجزة هل العدل والانصاف والمنطق يجعلك تعلن أنك مستعد للمفاوضات مع بني صهيون بدون قيد أو شرط بينما تضع كل العراقيل أمام أبناء الوطن .

من خلال ماتقدم نصل إلى نتيجة لا تقبل القسمة ولا الجمع والطرح أن هذا النظام عصي على الاصلاح لأنه مصاب بالعقم الدائم والسبب هو فكر النظام وعقليته ومرجعيته لذلك لايؤمل من عملية ولادة للحرية في سورية .

كما أننا لا ننفي أن النخب الثقافية وتيارات المعارضة أيضا مصابة بالعقم وان كان عقم غير دائم ويؤمل لو عرضت نفسها على لجنة طبية متخصصة لوجدوا لها حلا مناسبا .

وأمام هذا الوضع المحتقن لابد لإرادة الشعب أن تأخذ دورها لتتحرك بعزيمة وعندها لن يقف بوجهها أحد لأنها إرادة تنحاز إلى الحرية  وهنا يصدق فينا قول الشاعر

إذا الشعب يوما أراد الحياة             فلابد أن يستجيب القدر

وعلى هذا النظام أن يدرك حقيقة ثابتة أن القوي لايبقى قوي والضعيف لايبقى ضعيف وأن الشعوب لابد منتصرة على المستبد وستنتصر  لحريتها ولايغرن هذا النظام حالة امتداد فترة حكمه فقد يتأخر  تحرك الشعب لسبب ما لكن عندما يتحرك تزول كل أصنام الطغيان .

وأخيرا وليس آخرا نقول لابناء  هذا الوطن ( ارفعوا رؤوسكم يامواطنين واصرخوا بأعلى الصوت لا للحزب الواحد لا للقائد الأوحد لا للظلم لا للقهر لا للأستبداد )

25-1-2005