ربيع طهران
وأهمية الدور الأحوازي في المتغيرات الجارية في إيران
(2)
أبو شريف الأحوازي
أكمل الشعب الفارسي سلسلت الثورات و الإنتفاضات التي بدأت بشكل لا لبس فيه من أرض الأحواز المحتلة في الجنوب من الجغرافية السياسية الإيرانية في 15 نيسان 2005 ‘ حيث شهدت الساحة الأحوازية إنتفاضة عارمة شارك فيها عشرات الآلاف من المواطنين الأحوازيين بمظاهرات سلمية مطالبين بحقوقهم القومية و الإنسانية . مطالبين بوقف الإستيطان و مصادرة الأراضي و الهجرة الممنهجة للأحواز بهدف التغيير الديمغرافي للأحواز المحتلة . ما لبثت السلطات الإيرانية الا و قامت بقمع الإنتفاضة الأحوازية السلمية وعسكرتها والتعامل معها بطريقة وحشية ودون أدنى مراعاة لحقوق الإنسان و الحقوق المدنية و الإعلان العالمي لحقوق الإنسان , حيث قامت بإطلاق النار المباشر على الشبان العزل واستشهد راضي العبياوي و على البتراني و غيرهم من الشبان اليافعين في اليوم الأول و الثاني من الإنتفاضة برصاص العدو الإيراني . و أصبحت تفبرك الحقائق و تنسب الإنتفاضة للخارج و الدوائر الغربية و الإسرائيلية كي تجهز لإرتكاب جرائمها بحق شعبنا و نضاله السلمي الذي بداء يوصل بصوت قضيتنا الى المحافل الدولية .
رفعت أعمدت الصلابات كي ترقص عليها شبابا يافعين بتُهم لا حقيقة لها ( إعدام أول شهيدين للانتفاضة النيسانية وهم الشهيد البطل مهدي الناصري و الشهيد البطل على العفراوي ) لترهب من خلال عملها الشنيع هذا الشارع الأحوازي و زرع الخوف بين صفوف معارضيها. وكان هذا متوقعا لما للأحواز من مكانة فوق إستراتيجية للحفاظ على وحدت التراب الإيراني من جانب و للحفاظ على النظام الحاكم من جانب أخر . كانت تدرك السلطات الإيرانية جيدا ان أي تغلغل أمني في الأحواز سوف يؤدي الى انتشار واسع الى كل القوميات الغير فارسية وسوف يؤثر بشكل مباشر على مطالب القوميات الغير فارسية لما للأحواز و الأحوازيين من إمكانيات ذاتية و إقليمية ودولية يمكنهم يؤثرون بها على كل الإحداث في إيران اذا ما استخدموها الأحوازيين بشكل صحيح .
أولا: على الصعيد الداخلي
يعتبر الأحواز الشريان الرئسي للإقتصاد و للدخل الإيراني . حيث يشكل بترول وغاز الأحواز الركيزة الأساسية للإقتصاد الإيراني المبني من الأساس على دخل النفط و مشتقاته . أي إخلال ( اضرابات, تفجيرات.......) في أنابيب النفط في الأحواز يشكل خطرا كبيرا على دوامة الإقتصاد الإيراني المرتبط تماما بنفط ومشتقاته ومن هنا يمكن اعتبار نفط الأحواز سلاحا ومفتاحا أحوازيا هاما لضرب الدولة والإقتصاد الإيراني اذا ما تمكن الأحوازيين السيطرة عليه بطرق المناسبة
ثانيا : على الصعيد الدولي
تنتج السلطات الإيرانية أكثر من أربع ملائيين برميل يوميا من النفط الخام من أبار نفط الأحواز و تعتبر الدولة الرابعة في سلسلة الدول المنتجة للنفط بعد المملكة العربية السعودية ‘ روسيا و الولايات المتحدة الأمريكية ويشكل إنتاج إيران للنفط 5% من كل الإنتاج للنفط في العالم يوميا و تصدر ما يقارب نسبة 5. 8% من النفط المصدر يوميا للأسواق الدولية . وهذا يعني ان نفط الأحواز مرتبط ارتباطا مباشر بسوق العالمي ويؤثر بشكل مباشر على القرار السياسي في العديد من الدول و أركان الإقتصاد العالمي في أروبا و أمريكا و اليابان و الصين و الهند فى اي إخلال في إستقرار الأحواز و أمنه سوف يؤثر بشكل مباشر على إقتصاديات الدول العظمى و يجعلها تتحرك للحفاظ على مصالحها و للبحث عن من يؤمن له تلك المصالح. وهذا يعني يمكن إدخال القضية الأحوازية في السياسة الدولية بكل سهولة كما يدخل نفطهم في كل اقتصاديات العالم .
ثالثا: التحرير مطلب الأحوازيين التاريخي
ان مطالب الأحوازيين عبر نضالهم المرير في العقود الثمانية الماضية كان ولازال نضالا تحرريا مقدسا للأرض و الإنسان الأحوازيين. خلافا للقوميات الأخرى مثل الأكراد الذين طالبوا خمسين عاما بالحكم الذاتي و اليوم انتقلوا الى الفدرالية وهم يقودون تيار الفدراليين في جغرافية إيران على قرار الأكراد في العراق . خطر التوجهات النضالية الأحوازية على ما يسمونها وحدت التراب الإيراني يجعل السلطات الإيرانية تتعامل بشكل قمعي و عنصري مع أي تحرك سياسي أحوازي سلمي كان او عسكريا. ان التوجهات الأحوازية ومطالبتهم بحق تقرير المصير و تأسيس دولتهم المستقلة على أساس الشرعية و القوانين الدولية و الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و تمسكهم بحقوقهم الوطنية و القومية هدد الكيان الإيراني وإمبراطوريتهم الوهمية و انتشر بشكل واسع بين القوميات الغير فارسية في إيران حيث تأسست العديد من التنظيمات في العقد الآخير تطالب بإستقلال اذربايجان الجنوبية كما تأسست تنظيمات كردية في كردستان تنادي بتحرير والإستقلال للشعب الكردي بعد سيطرة الحزب الديمقراطي الكردي الإيراني على الساحة الكردية ومطلبه التاريخي بالحكم الذاتي لفترة ستين عاما .
رابعا: الجوار العربي للأحواز
يعتبر الأحواز جزء لا يتجزاء من الوطن العربي بحكم الجغرافيا والتاريخ والإرتباط القومي و الحضاري ولا يفرق بين الأحواز و الأمة العربية الا حدود وهمية وضعتها السلطات الإيرانية بقوة السيف و النار و الحديد . و عبر الأحوازيين في كل المناسبات القومية من انتصارات و انكصارات في العصر الحديث ان انتمائهم القومي و الحضاري مرتبطا إرتباطا كاملا بالأمة العربية ولا يعنيهم إيران إلا كدولة احتلال تمارس ضدهم سياسات بقوة القهر . مهما حاولت إيران طمس هويتهم بكل الوسائل عبر عقود الاحتلال الثمانية اثبتوا الأحوازيين إنهم أقوى من سياسات الاحتلال و حافظوا على هويتهم العربية و إنتمائهم القومي رغم التعتيم الإيراني الفارسي ومحاولة عزله للأحوازيين من مكانتهم الطبيعية كجزء من الوطن العربي . وهذه الخصوصية الأحوازية لا توجد أيضا عند أي قومية غير فارسية اخرى في إيران . حيث ان الأكرد ليس لديهم أي دولة كردية تدعمهم في مطالبهم القومية ودول الجوار تجتمع في قمعها للأكراد كتركيا وسوريا و إيران و العراق فى أي تحرك كردي قومي وطني كان و لا يزال يقمع بكل السبل من قبل الدول الأربع كما هو حال البلوش والتركمن , إما أتراك اذربايجان الجنوبية كانا قبل استقلال جمهورية اذربايجان من قبل الاحتلال الروسي كانا يقودون الحركات الإيرانية اليسارية وهم يشكلون الذراع القوي للسلطة في زمن الملكية و حتى ما قبل بروستريكة غرباتشوف الذي أنهار على أساسها الاتحاد القمعي الروسي في عام 1991 و تأسيس جمهورية اذربايجان الذي بدأت نهضة قومية وطنية في اذربايجان وهي اليوم تشكل الظهير الأساسي للمطالب القومية لاذربايجان الجنوبية .
تدرك إيران ان مطالب الأحوازيين قومية و خصوصيات الأحواز الهامة فريدة بين الشعوب الغير فارسية في إيران و يجعل لها مكانة هامة و إستراتيجية على الأصعدة الداخلية وإلاقليمية والدولية و خصوصا في نضال الشعوب الغير فارسية وصراعها من أجل إسترجاع حقوقها القومية والإنسانية في مواجهة سلطات الاحتلال الإيراني . على الأحوازيين ان يدركوا هذه الخصوصيات التي تمنحهم دورا هاما في أي تغيير في إيران ولاعبا أساسيا في أي خارطة سياسية قادمة .
بعد ما ذكرنا أهمية ومكانة الأحواز لأي تغيير في الخارطة السياسية الإيرانية نسأل كيف تعامل الأحوازيين مع المتغيرات الهامة الجارية في إيران .؟؟
تعامل الأحوازيين مع الإحداث الجارية في إيران على النحو التالي
أولا: من خلط الأوراق بين الإيراني و الأحوازي و أصبح إيرانيا أكثر من الإيرانيين ‘ يستصرخ الأحوازيين الإيرانيين !!! للمشاركة الى جانب أنصار الموسوي وبحجة إسقاط النظام الحالي ولم يسمع له أحد لأن لا يوجد في الأحواز احوازيين من اصل ايراني كي يشاركون لاسقاط النظام العمامة السوداء ليستبدلوها بعمامة خضراء كما و الفرس لا يفهمون العربية الذي ينطق بها بعض المتأيرن!!
ثانيا: من بقي متفرجا داعيا الشعب الأحوازي الى مشاهدة عراك الفرس و أنفسهم و اعتبر هذا صراعا فارسيا إيرانيا لا شأن لنا به ( نارهم تأكل حطبهم ) و ينتظر سقوط النظام او يحمى التنور كما يقول ابو المثل حتى يخبز خبزة طبعا اذا سمحوا له الحكام الجدد !!
ثالثا: من طالب بنزول الأحوازيين وتسيرهم لمظاهرات و تجمعات و أضرابات مستقلة رافعين شعارات و هتافات و أعلام أحوازية حتى لا تخلط الأوراق بين النضال من أجل التحرر و حقوق الإنسان و النضال من أجل إسقاط الديكتاتورية و وتغيير النظام كما طالبوا التمسك بثوابت الوطنية و القومية و إستثمار الظروف الجارية. ولكن لن تسمع هتافات هذا الفريق بسب ضعف قدراتهم الإعلامية و عسكرة السلطات الإيرانية للأحواز وعدم تعويض ما خسرت الثورة الأحوازية بعد الإنتفاضة النيسانية من قيادات ميدانية و مناضلين مخلصين لم يعوضوا بعد !!! وبهذا نشهد و للأسف الكبير رغم مكانة الأحواز الهامة في أي تغيير في ساحة ما تسمى بجغرافية إيران السياسية ان الأحوازيين غير قادرين ان يكونوا قوة مؤثرة في المرحلة الراهنة رغم سرعة التغييرات و أهميتها .
يتبع