مفتاح المفاوضات مع الجنرال دايتون !
يا سادة :
أ.د. حلمي محمد القاعود
بدأ أصدقاء الفتى دحلان في القاهرة يهاجمون منظمة حماس بوصفها العقبة الكأداء في طريق التفاهم الفلسطيني الداخلي ، ورأى بعضهم أنها لا تريد للسفينة الفلسطينية أن ترسو على بر !
العقيد دحلان رجل صريح في ولائه للسادة الأميركان وقاعدتهم النازية اليهودية في فلسطين المحتلة ، وصار يتلقى أوامره من الجنرال كيت دايتون الذي عين مسئولا عن تطبيق الطرف الفلسطيني لالتزاماته التي فرضتها اللجنة الرباعية ، وأبرزها استئصال المقاومة الفلسطينية ، وإخضاع الفلسطينيين تماما للإرادة النازية اليهودية الغاصبة ، والرجل يقيم في رام الله ويساعده عدد من الضباط الإنجليز والكنديين يزيدون عن العشرين ، ويبلغونه بتحركات الشعب الفلسطيني كله بما فيه المقاومة ، ومن ثم يبلغها بدوره للغزاة النازيين اليهود.
ومن المعتاد أن يأمر الجنرال السادة المليونيرات في السلطة الفلسطينية المفترضة ؛ بالتصرف المطلوب حيال المنظمات الفلسطينية التي لاتنفذ أو تستجيب لإرادة الغزاة ، فعلى سبيل المثال أمر دايتون قوات عباس بقتل فدائيي حماس في قلقيلية ، وملاحقتهم في أماكن أخرى ، فضلا عن أوامره بإلقاء القبض على الناشطين الفلسطينيين ،واعتقالهم في سجون المقاطعة ،في الوقت الذي كان فيه الفرقاء الفلسطينيون في القاهرة يتفاوضون حول الإفراج عن المعتقلين ، والاتفاق على عدم المس بالمقاتلين من الفصائل ، ودايتون بعد ذلك وقبله سيد القوم في السلطة وصاحب الرأي الأول والأخير فيما يتعلق بالمفاوضات الجارية بين الفصائل في القاهرة ، وهو الذي يحول دون وصولها إلى اتفاق ، وكلما أبدت منظمة فتح مرونة في المفاوضات لاتعجب الجنرال ، فإنه يأمر بالتراجع ، والقاهرة تقع في حرج أمام الفصائل الأخرى ، وهو ما جعل بعض المحللين يرون أن التفاوض يجب أن يكون مع الجنرال دايتون مباشرة ، وليس مع سلطة عباس الذي لا يملك من أمره شيئا !
وقد وردت الأخبار مؤخرا أن الجنرال دايتون أجرى تنسيقا أمنيا مع العقيد دحلان بوصفه رئيسا سابقا للأمن الوقائي في الضفة الغربية بهدف إنهاء سيطرة حماس على قطاع غزة بالقوة ، وهو ما عبر عنه السيد دحلان في تصريح صحفي بأنه يستطيع القضاء على سيطرة حماس في أقل من ساعتين .. ويقتضي التنسيق الذي أقره دايتون مع دحلان تشكيل ميليشيات مسلحة في غزة يقودها دحلان وأبو شباك تكون مهمتها إضعاف سلطة حماس ، مع شن حملة اغتيالات لقادتها الكبار ، وفي الوقت نفسه تشيع الميليشيات الاضطرابات والقلاقل في أرجاء القطاع، وتعطل أي تقدم في مجال الإعمار مما يثير المواطنين الغزاويين ضد حماس وسياستها .. كما يقضى التنسيق بعدم إعطاء أية فرصة للتقارب بين فتح وحماس مع تأجيل الانتخابات في الضفة إلى سنوات قادمة حتى تتمكن الميليشيات من هزيمة حماس ..
ويحظي هذا التخطيط بدعم سلام فياض رئيس وزراء المقاطعة نكاية في أحمد قريع ، وعزام الأحمد اللذين رفضا تسميته رئيسا للوزراء .
لن يغير الغضب المصري من أمر هذا المخطط شيئا ، فالقوم يعلمون أن دايتون هو مفتاح المفاوضات والحل والربط في كل ما يتعلق بسلطة رام الله ومليونيراتها ، وهو ما جعل المصريين فيما يبدو على اقتناع بأن المفاوضات لن تثمر شيئا ، وأن المسألة ستمتد إلى أمد بعيد ، يستمر فيه حصار القطاع ، وتزداد المشكلات بين الفلسطينيين وبعضهم ، ويفيد من ذلك عباس المنتهية ولايته وبقية المليونيرات ، فضلا عن دحلان صاحب الطموح إلى قيادة الشعب الفلسطيني البائس بمباركة دايتون والغزاة اليهود !
ولا أظن أن ما نشر مؤخرا من محضر خطة اغتيال ياسر عرفات التي شارك فيها عباس ودحلان مع آرئيل شارون ستغير من الأمر شيئا . فقد ركزت السلطة وأبواقها على مهاجمة فاروق القدومي آخر الشخصيات التاريخية الفاعلة في منظمة فتح ، وكان الرجل قد نشر محضر الاغتيال ليكشف طبيعة زعماء السلطة الفلسطينية الحاليين الذين تخلصوا من الختيار أو الزعامة التاريخية للمقاومة ، أعني ياسر عرفات ؛ تمهيدا لاستيلائهم على المقاطعة وتنفيذ إرادة العدو النازي اليهودي الذي يصر على ابتلاع القدس ورفض العودة ،وإبقاء المستوطنات وإذلال من تبقى من الشعب الفلسطيني .
وبالطبع فإن جريمة عباس ودحلان ومشاركتهما في قتل ياسر عرفات ، لن تؤثر عليهما كثيرا ، حتى وإن أغضبت قيادات فتح غير الملوثة ، فدم عرفات كان مطلوبا من جهات عديدة أجنبية وعربية بحجة فتح الطريق أمام التسوية مع العدو ، ثم إن حماس صار دمها أيضا مطلوب عربيا ويهوديا وأجنبيا ، ولذا سيغض الأطراف جميعا الطرف عن هذه الجريمة ، مكتفين بالنفي ، والهجوم على فاروق القدومي !
وفي الوقت نفسه فإن العدو يمارس لعبته المفضلة في تهويد ما تبقى من فلسطين عربيا ، وقد أصدر مؤخرا مرسوما بقضي بتهويد الأسماء العربية للقرى والمدن والمؤسسات الفلسطينية ، وإطلاق أسماء عبرية عليها ، بالإضافة إلى العمل الدائب في بناء المغتصبات على امتداد الضفة ، وإحكام الحصار على القطاع ، والحواجز في الضفة .. وما زال بعض العرب والفلسطينيين يحاولون بشيء من السذاجة أو الطيبة المفرطة إقناعنا أن قيادة العدة العدو ممثلة في السفاح نتينياهو قد تغيرت ، في حين أعلن والده بن تسور - وهو إرهابي عريق – أن ابنه لم يتغير ، فهو يؤمن بأرض إسرائيل الكبرى ، ويرى المغتصبات حلا استراتيجيا لتعمير أرض إسرائيل ، ويرفض عودة أي فلسطيني، فضلا عن إيمانه العميق بوحدة القدس بوصفها عاصمة أبدية وموحدة للكيان الصهيوني الغاصب .
من المؤكد أن هدف الجنرال دايتون – وهو هدف صهيوني بامتياز – يصب في تمييع الواقع الفلسطيني ، وكسب المزيد من الوقت لينفذ الغزاة القتلة أهدافهم الاستعمارية والصهيونية ، وترك المجال مفتوحا أمام الفلسطينيين للاقتتال بيد دحلان أو أبو شباك أو عباس أو غيرهم من أزلام السيد دايتون ، وأتباعه المخلصين.
ولعل ذلك يبعث في وجدان المخلصين لفلسطين والقدس من يسعى لتوحيد الفصائل المقاتلة في كيان واحد وقيادة موحدة ، مع تزويدها بالسلاح ، ودعمها بالمال لتواجه القتلة الغزاة اليهود يدا واحدة ، ومن يطلب الشهادة يجب ألا تفرقه الرؤى السياسية أو الفكرية ، فذلك خير وأبقى من مفاوضات يتحكم فيها الجنرال دايتون ، ولن تصل إلى نتيجة أبدا . والله المستعان .