دردشة حول التطبيع والمطبّعين
دردشة حول
التطبيع والمطبّعين
عبد الله الطنطاوي
يقول دعاة التسوية والسلام والتطبيع مع الكيان اليهوديّ المغتصب:
- إن (إسرائيل) قوة عظمى لا قِبَل للعرب بها، فرجالها كانوا يعملون ليل نهار في بنائها، وتأسيسها، وتحصينها، وبناء مفاعلاتها النووية، فيما كان حكام العرب مشغولين بشعوبهم، يبنون لهم السجون والمعتقلات، وينصبون المشانق، ويستدينون، ويسرقون القروض، والهبات والمساعدات، وينهبون ثروات الوطن وخيراته، ويطردون أصحاب الكفاءات والعقول، ويعطلون الصناعة، ويضعون العراقيل في طريق التنمية، ويقضون على سائر مقومات الديمقراطية، فلا حريّات، ولا أحزاب، ولا صحافة حرّة، ولا إعلام، ولا قضاء، ولا برلمان، ولا انتخابات.. مسخوا كل هذه، ورجعوا بالبلاد القهقرى عقوداً إلى الوراء، حتى صار الذين عاشوا أيام الاستعمار، وتحت وطأة الاحتلال والانتداب، يترحمون على تلك الأيام التي كان المواطن فيها حراً، يعبر عن رأيه في المظاهرات والمحاضرات، والخطابات، وإذا اقتيد بعضهم إلى السجون، عوملوا معاملة كريمة، وعدهم المستعمر مناضلين، وليسوا خونة ولا متآمرين ولا مخربين، كما فعل ويفعل بعض حكام العرب منذ برزت إلى الوجود العربي، تلك الأنظمة (التقدمية الثورية) الانقلابية، التي خربت الضمائر وأذلت الكرامات، وسجنت، وعذبت، وقتلت، واغتالت، ونهبت، واغتصبت، وفعلت الأفاعيل باسم فلسطين، والقضية الفلسطينية.. لقد تاجروا بفلسطين، وما زالوا يتاجرون، في بازارات الشرق تارة، والغرب تارات..
ويمتدح أولئك المطبعون الكيان الملعون، حيث الديموقراطية، والحرية، واحترام حقوق الإنسان، واحترام كرامته، وماله، وعرضه، وحريته في التعبير..
2 – -
وعندما عاتبنا بعض أصدقائنا في السلطة الفلسطينية، قالوا لنا:
- نحن نحب أن نراكم، لنعاتبكم، ولنكلفكم بإقناع إخوانكم في الأرض المحتلة، ليكونوا معنا في إبرام اتفاقيات السلام والتسوية النهائية، وليتركوا المزايدات الفارغة، باسم العمليات الجهادية والاستشهادية ضد الإسرائيليين، فنحن وهم لا نستطيع أن نفعل شيئاً مع أولئك الصهاينة الجبابرة الذين يملكون أفتك الأسلحة، وفي مقدورهم أن يدمّروا العواصم العربية مجتمعة في لحظات، ولا يستطيع العرب جميعاً الوقوف يوماً واحداً في مواجهة إسرائيل.
وقال مناضل آخر من السلطة:
- كنا مستعمَرين لاثنتين وعشرين دولة عربية، وهذه الدول مجتمعة ترضخ لإسرائيل وحليفتها أمريكا، ونحن أردنا أن نختصر الطريق، فنكون عملاء لإسرائيل وأمريكا، كما هم، وبلا وساطة من أحد.
ثم تبسّم ضاحكاً وقال:
- وبهذا نكون قد تحررنا من استعمار اثنين وعشرين نظاماً عربياً، وزعيماً عربياً، وصرنا معهم سواسية في الخضوع لأمريكا أو إسرائيل أو كلتيهما.. و.. ألا ترى في هذا إنجازاً عظيماً يا أيها المجاهد البطل؟ إننا استقلنا من النضال والجهاد وسائر أشكالهما وتفرّعاتهما، ونرجوكم، ونلحّ في الرجاء أن تستقيلوا مثلنا، وأن تحاوروا إخوانكم المجاهدين عندنا في الضفة وغزة، فلا فائدة ولا جدوى مت معاداة إسرائيل وأمريكا في هذه الأيام النَّحسات.
وتذكرت قول زعيمه يوماً، وكنا مدعوّين عنده على عشاء:
- إن تسعين في المئة من الشهداء الفلسطينيين قُتلوا بأيدٍ عربية.. وعشرة في المئة على أيدي اليهود.
وفهمنا منذئذ أن هناك طبخة لإنهاء القضية الفلسطينية، أو أنهم مستعدون لإبرام صفقة مع العدو اليهودي تنهي القضية، وتريحهم من النضال والجهاد.
إذن.. الهجمة من أجل التسوية، على أيّ صورة، كبيرة، وقد قال أحد كبراء السلطة يوماً في إحدى جلساته، ووعد بكتابة ما قال في مذكراته أو مقال له:
- بعد أن أعلنا الثورة، وأطلقت (فتح) الرصاصة الأولى للتحرير، ذهبنا إلى القاهرة، وقابلنا الرئيس جمال عبد الناصر، بدعوة منه، وكنا فرحين مبتهجين متفائلين بنصرة العرب، ورائد القومية العربية خاصة.. وبعد حديث طويل عريض، قال لنا الرئيس:
- الصلح مع إسرائيل مفروض ومقرّر، وهم يبحثون عمن يوقّع..
وسكت لحظة يتفرّس في وجوهنا، ثم قال:
- أنا.. لا أستطيع أن أوقّع.. سيأتي غيري ليوقّع.. وليس في اليد حيلة.
قال ذلك المناضل الكبير:
- فهمنا، من تلك الكلمات، أنّ أيّ نضال عبث، فقد تقرّر الصلح، وجفّت الأقلام، وطُويت الصحف.
وقال قائل بني صهيون:
- الأنظمة (الرجعية) ضعيفة، ولا تستطيع أن تبطش بشعوبها، لاعتبارات تهمّها، ولهذا، لابدّ من استبدال أنظمة (تقدمية ثورية انقلابية) بتلك الأنظمة الرجعية الضعيفة، على الرغم من التصاقها بنا، وبرغم سيرها في ركابنا.
وهكذا كان.. وجاءت الأنظمة (التقدمية) على ظهور الدبابات، وبطشت بطشاتها الكبرى، فأجهضت سائر الحركات الوطنية والإسلامية العاملة بجدّ للنهوض، والتنمية والتحرير الحقيقي.. وقتلت روح المقاومة والتضحية والبذل في نفوس أبناء الشعب المقموع المدجّن الذي أنسوه الوطن والمقدسات، وصار يلهث خلف رغيف الخبز المغموس بالعرق والدم، و(الانقلابيون) الثوريون التقدميون يستأثرون بكل شيء، ويخلّفون وراءهم الفُتات.
- 3 -
وقلت وأقول لأولئك (المناضلين) عن بُعْد:
1 - إذا كانت الهجمة اليهودية والصهيونية كبيرة، فهذه تعني أن تكون استعدادات الأمة مساوية لها، أو قريبة منها، لتكون المواجهة معقولة، لا أن ننادي المجتمع الدولي، وزعيمته أمريكا المنحازة كلياً لليهود وكيانهم، أن يُخلوا منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، وهذه لا تملكها إلا دولة اليهود.. فلا المجتمع الدولي، ولا أمريكا، ولا إسرائيل.. هؤلاء جميعاً لن يستجيبوا لهذا الطلب، بل هم يسخرون منّا عندما نطالبهم به، فهم لم يساعدوا إسرائيل على بناء تلك المفاعلات الرهيبة، ويقدموا لها مئات المليارات من الدولارات من أجل أن يستجيبوا لمثل هذا الطلب السخيف.. فحكام العرب كانوا –وما زالوا- يغنّون القصائد أيام الحصائد، وحكام إسرائيل ساهرون على قضيتهم، باذلون لها وفي سبيلها ما يستطيعون، ولم نسمع أن واحداً منهم سرق أموال (الشعب) اليهودي، وهرّبه إلى أوربا وأمريكا، كما لم نسمع أن أحد زعمائهم في ليلة خضراء أو حمراء، خسر بضعة ملايين من الدولارات، وشعبه يتضوّر جوعاً.
2 - العدو الذي يصافح بيد، يستعدّ لعملية غدر باليد الأخرى، ويعمل على نشر الفساد والإفساد، والتمزيق، فيما يتشدّق المخططون الممزقون، بالوحدة الوطنية، ولا يرون الهُوّات الوسيعات بينهم، وبين شعوبهم المقهورة المسحوقة التي لا تتمنى لهم إلا كل شر، ومن أيّ الجهات يكون ويأتي، كما رأينا وسمعنا من مناضلي السلطة الفلسطينية، ثم من المعارضة العراقية.
وقد تكون العملية حرباً يحضّر لها العدو اليهودي، ليشنّها على من صالحوه ومن لم يصالحوه بعد، فطبول الحرب تدقّ في كواليس الليكود والعمل، في الكنيست والمستوطنات، وفي أوساط الحاخامات واليمين واليسار، وفي سائر مجالي الحياة اليهودية في الكيان المغتصب، وفي الكونغرس اليهودي، وفيما سواهما، وليس شارون وحده الذي يسعى إلى ذلك.
العدو اليهودي يستعد للحرب، وحكام العرب يستعدون للسلام والاستسلام، نهجاً استراتيجياً لا يحيدون عنه، والشعوب المغلوبة لا تملك من أمرها سوى الحوقلة والاسترجاع، ويبقى رجال المقاومة من شيب وشبان، ومن أطفال وأبطال، ونساء مقاومات، يبقى الشعب الفلسطيني الأسطورة والمقاومة العراقية الباسلة، في فوّهات المدافع، وقوداً يتلهّب، ليحرق ويحترق، وعليّ وعلى أعدائي يا ربّ.
- 4 -
مقارنات:
أولاً: أجيال اليهود
الجيل الأول: المؤسسون. وقد هلكوا بعد أن بذلوا وسعهم من أجل قضيتهم.. قدّموا الأموال الطائلة، والجهود الهائلة، حتى هلكوا وهم مطمئنون إلى ما حققوه.
الجيل الثاني: أقلّ حماسة وبذلاً من المؤسسين، وهم في طريقهم إلى الانقراض.
الجيل الثالث: جيل عابث، ماجن، يفتك به الجنس والمخدرات والخمور والحياة المترفة التي أخذها عن البيئات التي وُلد ونشأ فيها، في أوربا وروسيا وأمريكا وسواها، قبل أن يأتي إلى الكيان اليهودي، حيث العسل واللبن، وليرتكب أخسّ الجرائم، كما فعل الجيلان اللذان سبقاه.
ثانياً: أجيال العرب:
الجيل الأول: جيل مقاوم، ولكنه كان مجاهداً، تمثّل في العلماء وأتباعهم، وبعض قادة الحركات الإسلامية والوطنية والشعبية، ولكن المؤامرات عليه، في الداخل والخارج، كانت أكبر منه وأعتى. فقدّم التضحيات.. أرواحاً زكية، ودماء نقية، وشباباً غضاً، وأوقف الغزاة إلى حين.
الجيل الثاني: يائس، أقنعه الساسة والأحوال المحيطة به، بأن الكلّ يتآمرون عليه، وأن اليهود لا غالب لهم، ويستشهدون بهزائم العرب في حروبهم: 1948-1956 – 1967 – 1973 - 1982 إلخ..
الجيل الثالث: جيل لا يعرف الهزائم، ولا يعترف بها، فهو لم يُهزم، ويعتقد أن الحكام هم الذين هُزموا، لا الشعوب المسحوقة، جيل لا يعرف اليأس، جيل زاهد، يرضى بالقليل، مسلّح بالإيمان، وحبّ الجهاد والاستشهاد.. هذا الجيل سوف يهزم الجيل الثالث من اليهود، بإذن الله، برغم ما يعانيه من حكامه.. برغم سياسة التجهيل، والتيئيس، والتجويع، والقهر، والقتل.
ثالثاً: قدرات العرب:
1 - نملك ثروة بشرية كبيرة.. ربع مليون عربي على الأقل، ومليار ونصف المليار من المسلمين.
2 - نملك مساحة هائلة من الأراضي، أوسع من مساحات أمريكا وكندا والصين.
3 - نملك مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، فالسودان وحده يملك مئتي مليون فدان.
4 - نملك ثروة مائية لا تقدر بثمن، فلدينا ثلاثة أنهار من أكبر عشرة أنهار في العالم، هي: النيل، ودجلة، والفرات.
5 - نملك 65% من بترول العالم.
6 - نملك ثروات معدنية هائلة.
تقولون: أين هذه الثروات الهائلة؟ ولماذا لا نستفيد منها؟
والجواب عند الحكام والنخب، فالعيب في الأنظمة والنخب، وفي نوعية السكان أيضاً.
رابعاً: قدرات اليهود (إسرائيل):
1 - عدد سكانها خمسة ملايين نسمة.
2 - مساحتها سبعة وعشرون ألف كيلو متر مربع.
3 - ليس لديها ثروات طبيعية ولا بشرية.
- 5 -
كانت أمّتنا، وستبقى، عصية على التطبيع مع الغزاة على مدى الزمان، واسألوا الصليبيين، والتتار، والمستعمرين الإنكليز والفرنسيين والطليان وسواهم، ولن يكون اليهود أقدر من أولئك، برغم كل المتغيرات والمستجدات التي كانت لصالحهم.. فدنيا الكفر كلها معهم.. الصليبيون الجدد، والملاحدة، والوثنيون.. الشرق والغرب، والأذناب والعملاء، والتكنولوجيا والأقمار الاصطناعية، والمفاعلات النووية.. كلها في خدمتهم.. الكل يتسابق لخدمتهم، ومع ذلك، سوف تبقى لنا صحراؤنا ليتوه اليهود فيها.. في ذرات التراب المجبول بدماء أطهر الخلق، من جيل الصحابة والتابعين ومن تبعهم، وسار على نهجهم حتى يوم الناس هذا.
لن ينجح التطبيع مع أصالة أمتنا التي ألبستها مناعة تتكسر على صخراتها رؤوس الداعين إلى التطبيع مع العدو اليهودي.
وهذه مصر، ظئر العروبة والإسلام، قد مضى على تصالح حكامها مع اليهود أكثر من ربع قرن، فهل استطاع المطبعون فعل شيء ذي بال بهذا الشعب العربي المصري الفقير إلا من رحمة الله تعالى، وإلا من نعمة الإيمان بربه، وبنبيه، وبعروبته وبإسلامه؟
لم ينجح دعاة التطبيع على حمل الشعب المصري عليه، فانعكس هذا الاستعصاء على ذلك الفريق المهزوم والمأزوم، فتراجع بعضهم، وانحصر التطبيع في دائرة ضيقة من الموغلين في توجهاتهم وعلاقاتهم باليهود والصهيونية، وعالنوا بها، ولكنهم لم يلقوا من يستمع إليهم، وظلوا منبوذين من الشعب المصري الأصيل.
- 6 -
وسائلهم في التطبيع:
1 - في مجال التعليم:
سوف يسعون إلى تشذيب الكتب والمناهج المدرسية، ووضع بصماتهم عليها، لتجميل الصورة الشوهاء لليهود، وتشويه التاريخ العربي الإسلامي، وما حفل به من مواقف ومعارك جهادية وبطولية، وسوف يشطبون كل ماله علاقة بالمخططات التوسعية للكيان الصهيوني، حتى تبدو (دولتهم) مسالمة، ديموقراطية، يتساوى فيها العرب مع اليهود، ولو كانت الحوادث اليومية تكذّب هذه الادعاءات الوضيعة المكشوفة.
2 - في مجال الثقافة والإعلام:
سوف يدبّجون المقالات، ويصدرون الكتب والمجلات، ويُعدون البرامج الإذاعيّة والتلفزيونية، والمسلسلات والأفلام السينمائية، لإيجاد ثقافة مشتركة، تظهر فيها (إسرائيل) دولة محبّة للسلام، وكذلك العرب، وسوف يقدّمون نماذج للتعايش العربي – اليهودي في العصر الجاهلي، في المدينة المنوّرة، وربّما جمح بهم خيالهم إلى مكّة المكرّمة، والطائف، وبلاد نجد وعسير، وسواها من البلاد العربية، وسوف يزعمون أن هذا التعايش كان سمناً على عسل، إلى أن جاء (الأصوليون) المتطرفون المتعصبون، يقودهم رجل ذو مطامع ومطامح واسعة، اسمه: محمد بن عبد الله –صلى الله عليه وسلم- فأفسد العلاقة بين العرب واليهود.
وسوف يزعمون أن أتباع محمد –صلى الله عليه وسلم- اليوم، من الأصوليين المتطرفين، سوف يفسدون علائق الحبّ والودّ بين أبناء العمومة.. اليهود والعرب..
وسوف يهمل الإعلام المطبَّع أيَّ حديث عن الاحتلال اليهوديّ وجرائمه منذ وطئت أقدامه تلك الأرض الطاهرة، كما سيهمل الحديث عن اللاجئين، لأن أهل البلاد (اليهود) عادوا إلى (بلادهم) التي اغتصبها الأصوليون منذ أربعة عشر قرناً..
سوف يحاولون غزو الشخصية العربية المسلمة؛ فهذه هي معركتهم الكبرى التي ستفتح لهم سائر الأبواب المغلقة، فيما لو ربحوها، لا سمح الله.
3 - في مجال الحوار:
أقاموا، وسوف يقيمون المؤتمرات السياسية، والندوات الفكرية والثقافية والأدبية، والمهرجانات الفنية، والملتقيات الشعرية، وسوف نرى اللاهثين وراء الأضواء، والمال الحرام، يتسابقون إليها وإلى التعبير عن سعادتهم بما عرفوه في إسرائيل، من ألوان الديمقراطية والتقدمية والحضارة الإنسانية.
4 - في مجال الاقتصاد
حيث التجارة والصناعة والاستثمار.. وسوف تُفتح الأسواق لبضائع اليهود، قبل أن تُشْرَع لهم أبواب المؤتمرات الاقتصادية، ليلجوها من أوسع الأبواب، وليس من الأبواب الخلفية، وسوف تُسلَّط الأضواء عليهم، وسيكون المطبّعون العرب في استقبالهم، ولا يرضون بغير العناق والتقبيل لهم بلايلاً..
5 - وفي ميادين السياسة والدبلوماسية: تنشط الجاسوسية عبر الاتجار بالرقيق الأبيض والأشقر والأسمر، حسب الطلب، وحسب الذوق (العربي) الذي يؤثر اليهوديات على سواهنّ.
- 7 -
من أهداف التطبيع:
1 - كسر الحواجز النفسية لدى أبناء الأمة، تحقيقاً لشعور اليهود بالأمان حيث حلُّوا وارتحلوا في بلاد المطبّعين العرب.
2 - تحقيق خطوة كبيرة في اتجاه نسيان فلسطين وقضيّة التحرير، وتسفيه فكرة الجهاد الذي هو فريضة شرعية على كلّ مسلم احتلّ العدوُّ أرضه.
3 - فتح أسواق العرب للبضائع اليهودية تحت مسمَّى (السوق الشرق أوسطية) ومناطق الكويز QIZ .
4 - فتح مجالات مهمّة وحسّاسة بالنسبة لليهود الذين سيعملون خبراء ومستشارين فنيين في أكثر البلدان العربية، وخاصة في دول الخليج.
5 - تغيير مناهج التربية والتعليم، تمهيداً لخلق أجيال بلا هوية، تعجز عن تشكيل المستقبل، وتتجه لحلّ مشكلاتها عبر الاستسلام والاستهلاك.
6 - إجبار الحركات الإسلامية على السير في طريق الاستسلام، والتخلّي عن مبادئها.
7 - الإبقاء على حالتي التجزئة والتخلف في الوطن العربي، والعمل على مزيد من التمزيق والتفتيت.
8 - نشر الثقافة اليهودية، بكل ما فيها من قيم اجتماعية فاسدة، وأعراف ضارة، من خلال غزو فكري يستهدف قيمنا وتاريخنا ومبادئنا، وكلَّ ما نعتزّ به في القديم والحديث.
- 8 -
كيف نقاوم التطبيع؟
نقاوم التطبيع -ببساطة- كما قاومه آباؤنا وأجدادنا من قبل، حين تعرّضوا لهجمات التتار والصليبيين في القديم، وللاستعمار في العصور الحديثة؛ فقد استعصوا على الذّوبان في حضارات الغزاة، بل استطاعوا التأثير في الغزاة.
نقاوم التطبيع بالوسائل التالية:
1 - الاعتصام بهذا الدين العظيم، نأرز إليه، ونتحصّن في حصونه، ففيه المناعة والقوّة والغلبة.
2 - ومع الدين أخلاق رفيعة لا تساوم على مبدأ أو أرض أو عرض، ولا توقّع الاتفاقيات الجائرة على أفخاذ المومسات، وعلى صفحات الشيكات، ولا تحت أي تهديد ووعيد.
3 - ومع الدين والأخلاق ثقافة أصيلة تستعصي على الهزيمة، فليس من الضروري أن تستتبع الهزائمُ العسكرية هزائمَ ثقافيّة، وحضارية، ونفسية، وروحيّة، كما نقرأ ونسمع عن بعض النخب الليبرالية التي تدّعي الانتساب للعرب.
4 - إصدار الفتاوى الشرعية التي تحذّر وتحرّم التعامل مع اليهود، كما فعل الأجداد في الأزهر، وكما فعل الشيخ بدر الدين الحسني، والشيخ علي الدقر، والشيخ كامل القصاب وسواهم من مشايخ دمشق خاصة، ومشايخ سورية عامة، في مواجهة التطبيع مع المستعمرين الفرنسيين، وكما فعل مفتي فلسطين المجاهد الحاج أمين الحسيني، والشيخ المجاهد عز الدين القسام في فلسطين، وسواهما كثير.
5 - شنّ حرب إعلامية تحذّر من فساد اليهود، حَمَلَة الإيدز والجنس والمخدّرات والخمور وسائر الموبقات الأخرى كتلك التي خرّبوا بها الزراعة في مصر، بما صدّروه إليها من أسمدة ومبيدات جلبت إليها الهرمونات والأمراض التي فتكت بالحيوانات والنحل والقطن والنخيل وسواها، كما جلبوا مئات الملايين من الدولارات المزيفة، وعملوا على تخريب الاقتصاد المصري. والضمير المصري.. وما فعلوه في مصر، سيفعلون مثله وأكثر منه في كلّ بلد يصالحهم، ويسعى إلى التطبيع معهم.. سوف يعملون لسرقة شباب رجالنا، وجهودنا، وثرواتنا، وكلّ ما عندنا.. ولكن.. خسئوا..
نحذّر الناس من اليهود في سائر الوسائل الإعلامية المتاحة؛ في المساجد، والصحف، والنشرات، والبيانات، والكتب، وفي إعداد البرامج الإذاعية والتلفزيونية، وعبر أشرطة الفيديو والكاسيت، ومن خلال القصص والرويات والمسرحيات.. بحيث نضعف ثقة الناس بهم وبأدبياتهم ووسائل إعلامهم، وبضائعهم.
وبتذكير الناس بالتضحيات الكبيرة التي قدمّها الأجداد من أجل فلسطين.. وبتذكيرهم بجرائم العصابات اليهودية في كفر قاسم، وقبية، ودير ياسين، وفي الخليل وغزة، وفي صبرا وشاتيلا وقانا، وفي القدس.. وفي مئات القرى الفلسطينية التي محوها من الوجود.
بتذكيرهم بمقدّساتهم.. بالأقصى وقبّة الصخرة والحرم الإبراهيمي.. بأن نرفع شعار: )لتجدنَّ أشدَّ الناس عداوة للذين آمنوا: اليهود والذين أشركوا(.
بأن نفعل كلّ ما نستطيع لإقامة حواجز نفسية كبيرة بين شعوبنا وبين اليهود، ونغرس في نفوس أبنائنا إرادة المواجهة على الصُّعُد كافة، وذلك بتوطيد العلاقات مع القوى العربية والإسلامية والوطنية المناوئة للتطبيع، لحشد كلّ ما نستطيع من طاقات للمواجهة.. نشحذ الهمم، ونذكي العزائم، من أجل المحافظة على ما عندنا من قوى بشرية، ولإعادة التائهين والشاردين واليائسين والمنحرفين والمهزومين من الداخل.. نعيدهم إلى شعوبهم، باستحياء عناصر الأصالة في نفوسهم، تلك التي ورثناها عن سلفنا الصالح.. بإذكاء النيران التي خُيِّل إليهم أنها قد خمدت بفعل المظالم والفقر والتناقضات التي تعشش في ديار العرب والمسلمين..
وبالقضاء على روح السلبية واللامبالاة، فيما الأمة مقبلة على أحداث جسام من مستجدات التطبيع مع عدوّ مفطور على الغدر والخسّة والخيانة والرذائل والكفر والعهر.
وإذا لم نستطع أن نقوم بكثير أو قليل مما تقدّم، لأسباب معروفة، فإننا نلجأ إلى المقاومة السلبية، بعدم التعايش مع اليهود، اقتصادياً، واجتماعياً، وثقافياً، مستذكرين ما فعله المصريون في مقاومة نابليون وجيشه الغازي، فقد قاطعوا حتى الاحتفال بالمولد النبويْ الشريف، وحتى الاحتفال بمولد الحسين، وحتى الاحتفال بوفاء النيل، ما دامت هناك مشاركة فرنسية في تلك الاحتفالات.. قاطعها المصريون، وتركوها للفرنسيين والمرتزقة والأوباش المحسوبين على الشعب المصري الأصيل.